صديق الحلو - ذاكرة سوسو

هناك ثلاثة أشياء يمكن القيام بها مع إمرأة… ان تحبها وتتبادل معها الشغف. رغم أن الحياة هنا تمور بالعطن والعفن.
هل يمكن أن تندمل جراح النفس في مثل هذا الطقس. دائما ما تنزعني حمى الأدب من هذا الجو.
الهواء مشحون برائحة الفساد والمؤامرات. وقدصبغ فضاء الكدرو بحرارة لاهبه.
احاول أن أجمل الحياة بذاك الالق.
اوتعاني من أجلها المرأة الناضجة. الطازجة والمليئة بالوله. تتجذر في القلب كموسيقي وردي.
كان علي أن أعيد تشييد بحري من جديد. قضيب السكة حديد وصوت صافرة القطارات كل ثلاث ساعات وزحمة المواصلات ساعة الذروة.
كانت شفتي سلوى كأوراق الخريف زاهية وبهية.
اوتحيلها إلى مادة للادب.. سلوى بذاكرة آل باربون لايتعظون من اخطاؤهم الكارثية. تتجسد فيها الرغبة رغم المنغصات وتتعالى على الألم بالكتابة.
هل تتذكر طعم القبلة الأولى. و رعشة دفق ماء الحياة.
تبتسم سلوى في صفاء الذاكرين النازلة عليهم النفحات والاشراقات وذاك الهيام.
كم هو ممتع أن تمتلكك الدهشة إثر التجربة الأولى. الأعين تترجم كل الخلجات. لقد احست باصبعي يجوس فيها. تتلوي. تتشابك اللحظات. تتسرب. ونشرب من الرحيق والعسل. كل أمسية من اماسي الخريف الندية. والعالم يسير بنا الهوينا… لا يبالي بمسراتنا الصغيرة. تخيم على الرهبة عندما اتذكر أيامنا تلك. والناس هنا ميالون للانتقاد والبحث عن السلبيات. لايعجبهم شيء.
وصارت الأيام في بحري خاوية بعد رحيل سلوى.
صرنا نلعق جراحنا وصارت لحظاتنا مهجوره وتمتليء بالنتوءات. أصبنا بعوامل التعرية. وصرت معلقا كريشة في مهب الريح. تعس احيانا وسعيد مرات أخرى. ماجدوي القصص التي نكتبها. هناك بعض العزاء في استعادة الذكريات.
عيني سلوى اللامعتين أرى فيهما ذكاء مبكر لكن احس بهذا الأسى الذي يغشاها. غصت في ذكراها إلى الأعماق. هل يمكن أن يصير الألم أبداعا. احب ذاك الحماس في مقلتيها.. ان تكون وحيدا ياللاسي. بالرفقة تطيب الحياة. سلوى الجمال والذكاء طراوة ونداوة أنوثتها. والايام صارت بغيابها مجرد روتين ممل. ليس هناك مستحيل ان تتجدد.
وبحري صارت موحلة وداكنة وصوت الآذان يأتي مهيبا وعذبا ومتجددا من عدة مساجد.
كانت الألفة التي تجمعنا ودودة وحميمية واليفة.
وكانت سلوى تنظر في عيني وتعرف في ماذا افكر. ونصل لذات النتيجة في نفس الوقت. كانت علاقتنا قد شاعت وكنت اكره سماع الحقيقة وذاك الذيوع. الأقوياء والأشرار دائما يفوزون ويقع الطيبون فيها.
أجواء بحري صارت مرهقة وريح المساء تهب من تخوم الشمال. يغطينا الليل نغفو للحظة.
سعار التجار ورفعهم للأسعار كل يوم يقض مضاجعنا.
التصميم والاقدام من واجبات المبدع الحقيقي وبالمثابرة يصل لما يريد. قال لي طلب صديقي.. انك مغمور لايعرفك احد. قلت لاشك في ذلك. لقد كان بشعا. كرهت عدم معرفته بالنقاشات الأدبية. رغم ذاك الدفء الشفيف في عينيه.
قلت له انهم يكتبون عن المسكوت عنه والمبتذل والشائعات الفاضحة لذلك يشتهرون. كل الحب نوع من الأمتلاك.
والوطن مليء بالبلايا. الكرونا والملاريا وقطوعات الكهرباء. وزبالات أكياس النايلون في كل مكان. اتخيل ان يكون في مكانها حديقة غناء باشجار ورافة الظلال وازهار البنفسج والقولدمور
وذاك الشجن.
صارت سلوى تروح وتجيء في الأحلام.
ورغم حبي لها الذي لم يفتر الا إنني احس بمعاناتها وعنادها ومحاولات الحضور والغياب التي تمارسها بنوع من القلق.
وتلك الصور الواضحة في ذاكرة لاتنسى.


صديق الحلو

26 مايو، 2021

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى