محمد محمود غدية - فصل فى رواية

الشمس تشرق من شقائق خدها، تستقبل الصباح ببسمة حانية، مهوسان بالبحر مثل طائرين أليفين، فوق صخرة وحيدة عائمة فى بحر مضطرب،
لا يشتهى وطن سواها،
عيناه واسعتان سوداوان مشرقتان، تمنح الناظر لهما شعور بالسكينة والإطمئنان، روائح البلل والرطوبة تطوق الأماكن والملامح، يحاكيان البحر كل يوم، ويبحران فى صخب أمواجه، وجهها يشيع بهجة يكفيه ضوء الصباح، وألوان النسيم تشارك الأزهار والنبات، أعراسه وأفراحه، القناديل تنير البيوت بضوء شاحب، وحده يلملم الوجع المسافر فى شرايين الغياب، كل الأشياء حوله رمادية، حتى السماء أربدت غيوما كثيفة، والنجوم أوشكت على الإنطفاء، البحر يشاركه آلامه، يغضب وتثور أمواجه وتضرب كل مايقابلها،
قالت له فى آخر لقاء : لن تلقانى بعد اليوم، فالأسوار المشيدة حولى لا يمكن هدمها، أو حتى تسلقها، فقط إستيقظ صباحا، وإرتشفنى فى فنجان قهوتك، تقودك إلي رائحة الياسمين التى مازالت عالقة فى عروة قميصك، لست سوى قارب صغير عبر بحارك يوما، وغدا فى بحار أخرى، سيطول إنتظارك لمن لا تأتى فى كل موانى الدنيا، إسحب قواربك من كل شواطيء الترقب العقيمة، ستكتبنى فى دفاتر الحكايات، وتزرعنى وردة فى كل المواني والمحيطات،
وهى التى لم تتخلف يوما عن الحضور، يتقدمها جيش الإشتياق، وعطرها الذى يخترق كل مايلقاه ويصرعه، آية طلاسم وتعويذات تحملها امرأة بحجم الكون،
أفلست حياته بعد سفرها المفاجىء،
لايدرى الى أين ؟
وكلماتها الأخيرة :
لا تتبعنى
فقد إنتهت فصول الرواية، وأسدل الستار .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى