محمد محمود غدية - نزف على الورق

الرغبة فى الكتابة تعادل الرغبة فى الحياة، الوحدة والغياب سبب يدفعك لنزف الجرح على الورق، والتى لا تتوقف عن تفاصيل المشاعر التى تضربك فجأة،
أيامه المشحونة مع من أحبها، بردت وتقلصت وإستكانت فى ذاوية من نفسه، بعد أن أحب جمالها الفالت الغير قابل للقبض، تبدو كممثلة هوليودية، جميلة إلى حد التوحش، ترتدى فستان بللورى فى لون البحر، طلب منها أن تقص أظافرها الطويلة، فلم يعد يلائمها النبش فى جراحه، بعد أن إختارت غيره، إستطاع الإمساك بدموعه، التى تشكلت فى عينيه ولم تذرف بعد، لاذنب له فى رحيل والده، بعد صراع طويل مع المرض، كان لا بد له بالعمل لإطعام إخوته الصغار ووالدته، وتحوله الجامعى من الإنتظام للإنتساب،
مدهشة هى الحياة التى تجعلك ترتاب فى منطق الأشياء، فى آخر لقاء لهما، قابلته دون عواطف وبشعور مبغض محتقر، وبتمثيل صرف بعد موافقتها على عريس جاهز، وزحزحتها لحبها القديم وإبعاده عن طريقها، فهى لن تنتظر من لا يأتى، ستبقى بعض قوانين الطبيعة، مستغلقة على الفهم، قطرات المطر الغزير، ترقص رقصة الوداع على أسفلت الطريق، يشرب غربته مع شاى الصباح، الظلمة تغفو فى موقد غرفته، وصرير قلمه على الورق، يخدش سكينة الصمت، الكتابة هى الملجأ والمهرب من قسوة الغياب،
لماذا كل الجهات توصله بها ؟
فازت مجموعته القصصية، تداعيات موت مفاجئ بالنشر فى هيئة قصور الثقافة، والتى كانت بمثاية القمر الذى يسكب فضته، على ظلمة الحياة فيضيئها، رآها تجلس على نفس الطاولة بالمقهى الذى كان يجمعهما، تحصى ماسبق، أم تجمع حصاد القادم ؟
- لا يدرى !
وجد طفلا بائسا فى الطريق، ناداه واعطاه نقودا، بعد أن طلب منه :
أن يعطى الجالسة بالمقهى كتابه،
رآها تقلب فيه، ثم عند أول صندوق قمامة صادفها، ألقت به وإنصرفت، يتضخم بداخله الوجع، وينكسر الحلم، يلتقط كتابه من صندوق القمامة، ويمضى إلى الرصيف المحاذى لحزنه .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى