منصف سلطاني - يوميات

يجلس على كرسي هزّاز في شرفة مليئة بأصص النعناع و الحبق و الخزامى ... تطلّ على شارع مقفر... يتمطّى تحت شمس الخريف الكسولة ... يراقب قهقهات تلاميذ المدارس تأتي من بعيد و ما تبقى من العمر يمضي ... منفضة معبّأة بأعقاب السجائر ... بقايا شاي تقبع في أسفل الكأس ... رواية مهملة على طاولة صغيرة ... نغمات متسارعة لكنشرتو كمان تنبعث من ٱلة تسجيل قديمة في أحد الأركان ... يغمض عينيه ... يملأ رئتيه بالهواء المنعش البارد فتندلع نوبة من السعال و البصاق و رائحة التبغ الكريهة ...
تأتي عجوز سبعينية من وسط الشقة ... بخطى متثاقلة ... حاملة كوب من الماء و بعض الأقراص... ٱثار حسن قديم وراء نظارات موضوعة بحرص فوق ارنبة الأنف ... وضعت الدواء فوق الطاولة و رتبت الغطاء الصوفي فوق ركبتيه برفق ... أنبته حين لاحظت منفضة السجائر قائلة :
_ لا أعلم أين سيوصلك عنادك ... انت لا تستمع أبدا لما يقوله الطبيب ...
لم يجبها ... تنحّى قليلا و جذبها بلطف و أجلسها بجانبه ... طوّقها بذراعه و وضع رأسها على كتفه ...
إختفى السعال فجأة ... كذلك الشرفة و الشارع المقفر و التجاعيد ... اخضرّت شجيرات الحبق و أزهرت الخزامى ... و علت نغمات كنشرتو الكمان معلنة بداية حفل راقص .
منصف سلطاني

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى