محمد فائد البكري - إحداثيات النوم المبكِّر!

بهدوءٍ صار رجلا آخر
صار رجلا إلى ما لانهاية
لن يخاف بعد الآن من نقصان الذات
لن يعبأ بتآكل ظله
لن ينزعج من الوشايات
أو ارتفاع الأسعار
ولن يضطر للتصفيق لأي أحد
ابتسامته ستظل نظيفة وأنيقة
لن يشكو من نقصان رجولته
أو عطب الأحلام
ولن ينظر إلى الخلف ليسمي تلك الخيبات ذكريات
أو أيام الصبا رعاها الله.
نام على ظهره مستقيما
ودفن تحته كل الوقت
الوقت الجيد
والوقت المنتهي الصلاحية
الوقت الطيب
والوقت الذي يستعمله الآخرون.
الوقت الذي يخاف منه
والوقت الذي يخاف عليه.
نام على ظهره بوضوح
وأغمض خياله بإحكام
ليس وراءه الآن شيء
لا حياة يمكن أن تهينه
ولا فواتير الكهرباء
ولا أعداء محتملون
ولا زوجة مريضة بالتسوُّق
ولا أطفال يستهلكون شروده الشخصي
ويدفعونه لشد خصيتيه
ولعن اللذة القذرة.
الرجل الذي كان حظه بطيئا وأعمى
وصل أخيرا إلى الأبد بسلام.
الرجل الذي أخذ حصته من الهباء
عاش طيبا
ومسالما
ومحبا وغبيا.
ونام خارج جسده أخيرا.
الرجل أدرك الوصفة المناسبةلحزنه فمات.
ترك وراءه ذكريات كثيرة لا حاجة لنا بها، لكننا نلوكها من قبيل المزايدة على الحياة.
ذكريات ضيقة لا تتسع لتنهيدة
وأخرى مليئة بالكوابيس والندم.
الرجل الذي استطاع أن يكون المرحوم
وبقدرة قادرٍ مجهول هزم كل تفاهات الحياة وكل تفاهاته الشخصية
وأساطيره الشخصية أيضا.
نام ملء جثته ومدَّ رجليه في وجه العدم
لم يعد ينتظر شيئا
ولا يخاف أن يخسر شيئا
هو الآن يبصق على العالم ولا أحد يقوى على أن يصرخ بوجهه.
الرجل الذي أدرك مبكرا علاقة النوم المبكر بالسلام مع النفس ومع الآخرين.
هو الآخرون الآن
الآخرون الذين ليسوا هم الجحيم.
الآخرون الطيبون جدا.

2007/9/4

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى