د. محمد عباس محمد عرابي - الرحلة في الشعر الأندلسي عصر الطوائف والمرابطين للباحثة إيناس الساعدي

الرحلة في الشعر الأندلسي عصر الطوائف والمرابطين (دراسة موضوعية فنية) رسالة تقدمت بها الباحثة /إيناس الساعدي إلى مجلس كلية التربية للبنات في جامعة بغداد، وهي جزء من متطلبات نيل درجة الماجستير في اللغة العربية وآدابها بإشراف أ.د/حميدة صالح البلدأوي 1424 هـ /2003م
مكونات الدراسة:
الدراسات السابقة:
-الرحلة في القصيدة الجاهلية) لـ وهب ابن رومية
- (الرحلة في الشعر العربي في صدر الاسلام والعصر الأموي) لـ سحاب محمد رشم
-دراسة الرحلة عند أحد الشعراء مثل (الرحلة في أدب ابي العلاء المعري)) لـ ماجد حميد فرج
*لماذا عصر الطوائف والمرابطين؟
فذلك لان هذا العصر يتمتع بكثرة شعرائه مع وفرة الدواوين وفي الوقت نفسه انتعاش هذه الظاهرة لأسباب سياسية واجتماعية تناولها الفصل الأول فكان لها أثر بين في الشعر ولاسيما شعر الرحلة مما شكل دافعا للخوض في دراسته وتقصي شواهده ومعرفة أهم خصائصه.
مصادر الدراسة:
من أبرز مصادر الدراسة:
المراجع القديمة:
(الذخيرة في محاسن اهل الجزيرة) لابن بسام الشنتريني
ونفح الطيب للمقري وقلائد العقيان لابن خاقان
(خريدة القصر وجريدة العصر/ للعماد الأصفهاني)
المراجع الحديثة:
- (تاريخ الأدب الأندلسي عصر الطوائف والمرابطين) للدكتور إحسان عباس.
-مقدمة القصيدة العربية في الشعر الأندلسي للدكتورة هدى شوكت بهنام
- رسالة الدكتور أحمد حاجم الربيعي (الغربة والحنين في الشعر الاندلسي)
*مكونات الدراسة:
تكونت الدراسة من:
تمهيد وثلاثة فصول وخاتمة
التمهيد:
اشتمل على مفهوم الرحلة لغة واصطلاحا ثم أوليات الرحلة في الشعر الأندلسي التي كونت الجذور الأولى للموضوع.
الفصل الأول: بواعث الرحلة:
تناول بواعث الرحلة التي تحددت بثلاث نقاط هي:
*الباعث السياسي: واشتمل على (الجلاء عن الوطن و النفي والطرد) *الباعث الاجتماعي: تضمن (طلب الرزق والشعور بالغربة النفسية) *الباعث الترفيهي على (رحلة الصيد و التنزه في الرياض و التنزه في الأنهار).
الفصل الثاني: الرحلة في الاغراض الشعرية:
اشتمل على مبحثين:
المبحث الأول: تناول غرض المديح
المبحث الثاني: اقتصر على غرض الغزل.
*الفصل الثالث: الدراسة الفنية:
واشتمل على أربعة مباحث: -
*المبحث الأول: عالج مضامين لوحة الرحلة التي اتضحت في الوداع والشوق والحنين ثم موقف الشاعر من الرحلة
*المبحث الثاني: واختص بتناول البناء الفني لشعر الرحلة
*المبحث الثالث: وجاء في دراسة اللغة والاسلوب
*المبحث الرابع: وجاء في دراسة الصورة الشعرية للوحة الرحلة.


نتائج الدراسة:
توصلت الدراسة إلى عدة نتائج نذكرها بنصها كما ذكرتها الباحثة على النحو التالي:
  1. أن مفهوم الرحلة يعني الانتقال والتحول من مكان إلى آخر، ولا يوجد فرق كبير بين المعنى اللغوي والمعنى الاصطلاحي وهذا الانتقال قد يكون ماديا أو ذهنيا مع ما يصاحبه من متغيرات شعورية ووجدانية في ذات الإنسان، فهي توفر كشفا للذات الانسانية وفهما للآخر، وأن حياة الانسان رحلة في الزمان والمكان بل هي انعكاس طبيعي لحركة الانسان في الحياة والسعي وراء أسباب البقاء والاستمرار.
  2. أن الرحلة ظاهرة حياتية عاشها المجتمع الاندلسي نتيجة لأمور متعددة منها اضطراب الحياة الاجتماعية في هذه الحقبة وكانت كثرة الحروب والفتن من اهم البواعث التي ساعدت على الهجرة والرحيل للخلاص من الذل والعذاب الناجمين عنهما وقد اتضحت صورة الرحلة في الاندلس في اقوى مظاهرها في حالة الجلاء عن الوطن اثناء سقوط المدن فوصف الشاعر هذا الجلاء وما يتركه من أثر عميق في نفسية الاندلسيين الراحليين عن ديارهم ومن الأمور الاخرى التي تجبر الشعراء على الرحيل. (النفي والطرد) عندما يقعون ضحية للدسائس والوشايات حيث يقصون خارج حدود الوطن وقد كان للظروف الاجتماعية الأثر الكبير في الهجرة طلبا للرزق فأخذ الشعراء يحثون غيرهم على الرحيل بحثا عن عيش رغيد وحياة أنعم وقد ظهر ذلك جليا في أشعارهم كما دفع الشعور بالغربة النفسية الكثير من الشعراء والأدباء الذين اصابهم الاهمال والغبن في بلادهم وقد عبروا عن شكواهم ونقدهم لواقعهم بألفاظ صريحة تفضل المغادرة. ولم يقتصر الامر على البواعث السياسية والاجتماعية فقد كان للباعث الترفيهي أثره في القيام برحلات التنزه بين الرياض والأنهار.
ولقد كانت رحلة الصيد وسيلة من وسائل المتعة واللهو في بيئة ثرية مترفة التزم الشاعر في تصويرها بتحديد وقت الصيد كما وصف ادوات الصيد من فرس وطير جارح وأشاروا إلى الحيوانات والطيور المستهدفة في الصيد وهي الغزلان وقطيع البقر وفيما يبدو ان الطيور كانت هي المستهدفة بشكل كبير وفي الوقت نفسه لم نعد نرى الصراع الدامي بين كلاب الصيد والثور الوحشي مع اهمال كلمة (اغتدي ) التي شاعت في الشعر الجاهلي فجاءت اغلب طرديات الاندلسيين مصورة المطاردة والملاحقة بإيجاز ولمحات خاطفة تنتهي دائما بقتل الطريدة وقد كانت الطبيعة الاندلسية الجذابة دافعا للرحلة والتنزه فيها فراحوا يصفون الروض ويصورونه بثياب من السندس قد وشيت معاطفه كما أشاروا إلى التنسيق والترتيب المنظم بين الأشجار والحدائق ولم يقتصر الأمر على ذلك فقصدوا القصور البديعة وما تضمنته من النوافير والمناظر الشائقة وأهم ما تميز به الأندلسيون تنزههم في الأنهار في جميع الأوقات لقضاء أوقات ممتعة معبرين عن روح الجماعة وقد تفردت هذه الرحلة بوصف الأنهار والزوارق فكان النهر بانعطافه يشبه بحركة الحية أو الأرقم في تثنيها وانسيابها كما استعانوا بأدوات الحرب ومعداتها مثل السيف والدرع أما الزوارق التي تتهادى في ضفة الأنهار فكانت في نظرهم كالهلال أو الطير الذي يحلق فوق الماء فالشاعر عبر عن جمال بيئته م نأنهار ورياض وقصـور .
  1. جاءت اللوحة الشعرية للرحلة ضمن غرض المديح إلا أن الشاعر الاندلسي قد خالف شعراء المشرق حين جعل رحلته برية تارة وبحرية تارة اخرى حيث نجد الشاعر في رحلته التقليدية يصف الناقة وهزالها وقد صور معالم الطريق في الصحراء إلا أنه لم يتعمق ولم يستفض في وصفهما الذي ألفناه عند الشاعر الجاهلي كما اهمل تشبيه الناقة بحيوانات الصحراء المعروفة أما في رحلته البحرية فنجده قد برع في مجال وصف السفينة وتفصيلها والتركيز على تصوير طريق البحر واهواله للوصول إلى الممدوح ، ويليه غرض الغزل الذي أكثر الشعراء من وصف رحلة الحبيبــــة وقومها المعروفة بـ ( رحلة الظعائن ) حيث أبدع الشاعر المشرقي في تصويرها تصويرا دقيقا في حين أخذت في الشعر الأندلسي شكلا جديدا ندر فيها تصوير الهوادج والثياب التي تكللها وصفا دقيقا كما لم نعد نرى صورة اللحاق بالظعائن وكذلك الحادي الذي يقودها ويرشدها وقد أهمل الشاعر الاندلسي صيغة التساؤل التقليدية التي لم تعد تتناسب مع الظرف البيئي والاجتماعي للأندلس لأن للواقع الجديد الذي يعيشه الشاعر أثره الفاعل في تبديل بعض المضامين استجابة لتغير الحياة بل الذي غلب هو وصف أثر الرحيل في نفوس المحبيين وما يثيره الفراق والوداع في نفوسهم وقد أشاروا إلى الأماكن المشرقية . أما رحلة الطيف فهي رحلة خيال الشاعر ومتعته حيث ينتقل إلى زمان ومكان آخرين وفي هذه الرحلة يتحقق مالم يتحقق في عالم الواقع حيث يستحضر الشاعر صورة المرأة قاطعة الأماكن الصعبة للتعويض عن حرمانه وقد كان الليل هو الوقت المناسب لطروق الطيف وإن لم يخل من تصوير طروق الخيال قبل الفجر وانتشار ضوء الصباح كما وظف الشاعر صور الطبيعة الأندلسية في هذه الرحلة الخيالية.
  2. ولقد تضمنت لوحة الرحلة تصوير لحظة الوداع وهي جزء من الرحلة عاكسة نفسية الشاعر الأندلسي التي تأبى الفراق والرحيل والتواقة إلى الاستقرار ، فوجدنا أن هناك من يكره يوم الوداع حيث الهلع والجزع وفقد الصبر ومنهم من يهوى هذه اللحظة لمعانقة ومصافحة من يحبونهم من غير خوف ولا تردد ، كما صور ما ينتاب المرتحل من شوق وحنين إلى وطنه وأهله وأحبائه وهو بعيد عنهم أما موقف الشاعر من الرحلة فقد وجد البحث فيه بعدا فكريا ، فالشاعر يطرح آراءه من خلال تجربته الخاصة وفي هذا الجانب انقسم الشعراء على قسمين : منهم من ذم الرحيل ووعظ الناس بعدم المجازفة أو التفكير به فجاءت معانيهم تتسم بتثبيط العزيمة وذكر فشل تجاربهم الذاتية وتفضيلهم البقاء في الوطن مع الشظف والفاقة ومنهم من فضل الرحيل ودعا إليه فقد كان في نظرهم مفتاح النجاح الذي يتحقق به كل شيء والدواء الذي يشفي النفس ولقد استخدموا الأمثال للدلالة على رأيهم وكذلك اتضح إيمانهم بالقضاء والقدر وهذه المضامين تعتبر من العناصر التجديدية في وصف الرحلة عند الشاعر الأندلسي .
  3. ومن خلال دراسة الباحثة للبناء الفني لشعر الرحلة تبين أنها لم تأت على شكل قصيدة مستقلة فقد حافظت على موقعها كمقدمة ضمن القصائد المختلفة الأغراض وقد وجد شعراء الاندلس في الرحلة البحرية وسيلة إلى التجديد في اجزاء القصائد وهم بذلك قد خرجوا على ما مضى عليه المتقدمون وما عهدوه حين رحلوا إلى الممدوح على الناقة فكانت صورة البحر طريقة يتخلص بها إلى غرضه.
  4. وقد جاءت اللغة واضحة قريبة أكثر اتصالا بحقيقة الواقع فاستطاع الشاعر الاندلسي ان يمزج بين الرقة والجزالة بعيدا عن التعقيد، وقد رصدت الباحثة جملة مفردات تصلح ان تكون معجما لغويا خاصا بألفاظ الرحلة وكانت لفظة (الرحيل) هي الأكثر ترددا في أشعار الرحلة.
  5. لجأ بعض الشعراء إلى الأسلوب القصصي القائم على السرد والحوار في نقل مضامين وافكار تجاربهم، والرحلة الشعرية من الموضوعات التي اتصفت بميل نحو السردية كما اعتمدت على عنصري الزمان والمكان بالدرجة الأساس فلا تخلو أي رحلة منهما لا نهما يساعدان على إيضاح الحدث وقد يصنع الشاعر في مخيلته شخصية تحاوره وهي ( المرأة ) تقوم على لومه وتقريعه وهكذا عمد شعراء الأندلس إلى الأسلوب القصصي لشد انتباه المتلقي .
  6. أما الصورة الشعرية فقد برع الشعراء في رسمها للتعبير عن مضامين رحيلهم موظفين العناصر الحية -في الأغلب – مثل الناقة والفرس فوصفوا هزال الناقة فضلا عن العناصر الاخرى كالصحراء والنجوم والليل كما استنبطوا صورهم من واقعهم فكانت السفينة الوسيلة التي توصلهم إلى الممدوح فأعطوا لها صفات القوة والمتانة وتناولوا الرهبة والخوف من ركوب البحر فكان في نظرهم قبر والماء كفن وقد كانت صورة البحر واضحة في صورهم فالماء الزاخر والمد المرتفع يشبهان عطاء الممدوح وفي الوقت نفسه طريقة يتخلص بها الشاعر إلى غرضه

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى