نهاد عبدالملك - حديث الروح.. قصة قصيرة

خيَّمَ الظلام على المكان، وأسدل الليل ستائره.. بدأتْ تُحادث نفسها، والنوم عصيٌّ، لا يريد الاستسلام.
مُنْذُ عرفتُهُ، والمعارك تجتاح صدري، وكذبًا كانت قناعاتي، وفاشلة كل محاولاتي للهروب منه، فهو راسخٌ بداخلى.
يقولون إن الحنين هو اشتياق لقطعة من النفس، تسكن روحًا أخرى، فكيف الحالُ، وروحه تسكنني؟ تلك معضلة أخرى..

ثم نظرتْ لصورتِه، المطبوعة على مقلة عينيها، والنوم يسحب أغطيته.. قائلة:
"حبى لكَ مؤامرة ، تحاك ضد نفسي.. ثورة اسمها .. أنتَ".
"أيتها الروح.. اذهبي له الآن، فأنتِ لا تعدمين طريقة للوصول، ولكِ مدارٌ خارج الكون".
هدأت النفس، ونامت، وفي هدوء، تسللت الروح، وعبر مدار أثيري، ذهبت، وأمام روحه ارتسمت.

كالنسيم النقي مرت، وعبر موجات الحب، فاح العطر، فاستيقظت روحه، وانتبهت:
"ماذا أتى بِكِ الآن؟!".
ردَّت:
"جئتُ لأجد حلًا.. تعدَّينا مراحل الإعجاب، والتشابه، والتوافق، والتخاطر.. وصلنا للتناسخ".
وكفارس نبيل، طوَّقها بطوق من الياسمين، وأخذ بيديها، فاستقرا على سحابة بيضاء.. تسقى أرضها من عذب الروح، وسماؤها فجر، وصفاء.
"قُلْ الروح من أمر ربي.. من ذا الذي يعلم الغيب سواه؟ ليس لنا إلا شكره ، وطلب رضاه".. وسجدا لرب الكون شكرًا، وحمدًا ، ثم سارا معًا.

وبإشارة من يده، ألا تتحدث.. بادرها قائلًا:
"اترُكِي أحاديث البشر، فلغتنا بلا حروف.. كيف نصِفُ حبنا، والشعور من الإحساس، ونور المحبين بالقلوب.. هل نراه؟".
"قراءة العيون سِرُّنَا، وتهافت الأشواق مِلْكُنا.. فهل من حل للرموز؟!".
"ستبقى الروح تسكن الروح، ما دامت الحياة.. فدعينا لنتوه معًا في دنياه، ونترك النفوس نائمة في حياة البشر!".

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى