خالد الدامون - شراب الآلهة..

" لا تفش أسرارك للناس/ وداو أحزانك بكأس
فإن إبليس على ما به / أرأف بالناس من الناس"
أبو نواس



في ذاك النهار
من يوميات الجحيم كنت الظهيرة عارية
تنز هامتي أرواحا ضمآى
عند قدم سارية مهجورة
مظلات تلهث منتصف القيض
وامرأة على مرمى غواية
على ناصية حانة الصيف
تفك لغز العطش
تحرض الزبناء على الشرب
من كف الشمش شراب الآلهة!

*

كنت الظهيرة عارية
وكانت تلك المرأة مشتعلة
تلاعب ناري،
لم تكتف بساعة واحدة من السكر ..
أومأت برأسها للساقي ومالت جهة حضني
حتى إذا لسعتها أعشاب صدري الحارقة
اعتدلت اعتدال
الأنثى الثملة
اعتذرت بكلمات متمايلة
حتى أني أحببتها بكل حرائقي
أهديتها كأسي لتصحو
في انتظار عودة الساقي!

*

قالت رافعة كأسها تحية لكأسي، ما الدنيا؟
بعد صمت ثمل،
ما الدنيا؟
بعد نظرة ثملة،
قلت : ما الدنيا؟
قالت: كرمة في هيئة امرأة
وساعات خمر يا صديقي !

*
سأكرع ما تبقى مني كؤوسا
وبين الكأس والأخرى سأمجد النار
سأبتسم للجحيم بسعادة
في كل عقب سيجارة
في كل نفثة دخان!

*
المرأة تلك كانت مع ذلك
الزخم في الكؤوس
مكثفة العبارة،
أنيقة بكحل حزنها العميق
في العينين،
شرارة نهديها تقولان شيئا واحدا من شيئين:
إما أنها تنتقم لنفسها من ألم قديم
أو تلعن الحب
من خيانة رجل جديد!

*

في ذاك النهار من يوميات الجحيم
كنت الخارج مني محموما بصدر مرمري
مطعون بالهذيان!
تلك المرأة تقتفي أثري
صرنا معا نحرض الأمواج لتصير ملح الأنبياء
لتصير خمرا
محيطات أخرى لتنتشر في هذا الخواء،
أن تذرف من سنمها أكثر من وصية
أكثر من كتاب للنوارس،
أن تمنحني قلما كعصا موسى
أشطر البحر به قطعا من ملح النثر
أشطره نصفين وأكثر،
ليعبر الغاوون بالحلم
إلى حيث جزر الشمس
تبسط كفها بشراب الآلهة!

_____________________

* خالد الدامون.
_______________________

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى