أسامة المصري - ما بعد ألف ليلة وليلة.. قصة قصيرة

وعندما أدرك شهرزاد الصباح، وسكتت عن الكلام المباح، خلدت إلى النوم طوال النهار، ومعها زوجها الملك شهريار...
استفاقت العامة من الناس، ساعية وراء الكد والمراس.. وفي مدينة ساحلية تدعى حيفاء، عاشت صبية جميلة وهيفاء، ممشوقة القد ميساء، أحبها أهل المدينة والغرباء.. ولم يجرأ احد من الشباب، على المجاهرة بما تكنه الألباب، فأصبحت بعيدة عن قصص الحب والأحباب.. إلى أن جاء إلى المدينة زائر غريب، قلبه يهوى البعيد والقريب، وبأمور العشق لبيب.. لكنه لم يحظى بحبيبة حقيقية، تحبه مع عيوبه الظاهرة والمخفية...
وفي ذلك الصباح، بعد ليالي شهرزاد وشهريار الملاح.. التقى الغريب ويدعى ضرار، بالحسناء هيفاء في أول النهار، فوقع بينهما المحظور، وعرف بحبهما جميع الحضور، ومن يومها اتفقا على الالتقاء، بحجة انهما أصدقاء.. فاختارا يوما لحل الموضوع، هو السادس من كل أسبوع...
استمر اللقاء أسابيع وأسابيع، ونهر الحب يتدفق من قلبهما ينابيع.. وكان بينهما تصريح وتلميح، وكل يرى الآخر مليح..
استيقظت شهرزاد، وحكت في الليلة الثانية كلاما معاد، واستمر هذا الحال، على نفس النمط والمنوال.. وفي كل صباح يعود، كان العاشقان ينتظران اليوم السادس الموعود..
وفي أحد أيام العيد، كان يمر من فوق المدينة جنّي يدعى الرعديد، فشاهد هيفاء بثوب جديد.. فعشقها في الحال، وأخذ يفكر بالوصال، فحول نفسه إلى تاجر جميل، يبدو عليه الجد والتفكير الأصيل.. أقترب من هيفاء وهي تسير بين مقاهي المدينة، وعرض عليها بضاعته الجيدة والمتينة، وبدأ يأخذ معها في الكلام، حتى ارتاحت له بالتمام، عندها عرض عليها ان تزور متجره القريب، ليعرض عليها هدايا تقدم للحبيب، فذهبت معه وهي لا تدري ما يبيت لها، وماذا سيفعل الذئب بالمها...
هذا ما كان من أمر هيفاء والجنّي رعديد، اما العاشق ضرار البعيد، والذي كان ينتظر اللقاء كطفل ينتظر العيد.. وبقي ينتظرها أيام وشهور، وهو من الحزن والهم مقهور.. وداهمت التعاسة حياته، ولم يفارق الأسى مباته...
أما ما كان من أمر هيفاء، فقد استفاقت في المساء، بعد ان استطاع الجني ان يخدرها ببنج الجبناء، وطار بها إلى جزيرة بعيدة، معتقدا أنها ستكون معه سعيدة، وعندما عرفت ما ألم بها من بلاء، قررت ان تتخلص من الجني بدهاء، بعد ان رماها في بلاد الغرباء...
وما زالت هيفاء تحاول الرجوع إلى حبيبها، سنوات وهي تبكي نصيبها، والحبيب بدأ يعتاد الفراق، بعد ان اعتمد كثيرا على مساعدة الرفاق، رغم ما أصابهم من انشقاق...
وعندما أتى المساء وولى النهار، نادى على شهرزاد زوجها الملك شهريار، وطلب منها ان تكمل قصة الأمس، التي بدأتها منذ ألف أمس وأمس...
انتهت قصص شهرزاد، وما زالت المعشوقة تحن إلى البلاد، تريد ان تنتهي قصتها الطويلة، بعد ان فقدت كل طريقة وحيلة...

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى