الحبيب السايح - الكاتب العربي ومحنته مع إصداراته..

يعاتب بعض المتتبعين للشأن الأدبي (رواية وقصة وشعرا ونقدا) الكتاب الذين يروجون لأعمالهم، لاسيما عند صدورها وخلال تناولها بالمراجعة أو النقد، بل ويتهجمون عليهم أحيانا.
ويؤاخذونهم على قبولهم "حفل التوقيع" في أجنحة دور نشرهم؛ معللين ـ وهو أمر صحيح إلى حد كبير، ذلك كله بأن الترويج والإشهار والإعلان وما رافق صدور الكتاب من وظيفة دار النشر ومسئوليتها.
وينصحون الكتاب بالنأي بأنفسهم عما يلطخ كرامتهم، لأن دور الكاتب، في رأيهم، ينتهي عند تسليم المخطوطة والتوقيع على العقد (هذا إذا كان هناك عقد يضمن حقوق التأليف وغالبا ما يكون هناك عقد لا تحترم بنوده).
طيب. ليكن.
ولنتصور أن الكتاب التزموا بالأمر فمن ينوب، إذاً، عنهم في ظل هذا الوضع الذي، كنت علقت به على مقال الصديق الروائي أمير تاج السر، الذي نشره بجريدة القدس العربي، وقاسمه على صفحته بعنوان "ثقافة مراجعات الكتب".
وهذا نص تعليقي:
في عالمنا العربي يلاحظ تخلٍّ شبه كامل عن المراجعات.
أرجح أن تكون الأسباب، إضافة إلى ما ذكرته، حسابات دور النشر ـ إلا القليل جدا منها ـ (في الربح والخسارة) عندما يتعلق الأمر بترقية الكتاب (الرواية على الخصوص) ومرافقته بتوصيل النسخ الممنوحة لوسائل الإعلام (حسب ما تنص عليه بنود العقد بين دار النشر وبين الكاتب).
ثم هناك انحسار مؤلم لوظيفة الصحافة المكتوبة؛ ما تعلق منها على الخصوص بالصفحة الثقافية أو بالملاحق الأدبية التي كانت تصدرها.
وفوق الأمرين هذا الفيضان الداهم من "الطبع الروائي" على حساب المؤلف والذي غمر كل إرادة لدى المراجعين المحترفين وحتى النقاد أنفسهم (ففي أي إبرة يدخل المراجع خيطه!).
وأخطر ما في المسألة وأفظعه أن تستولي الوسائط (لا سيما فايسبوك الجماهيرية) على حقل المراجعة فاتحة باب الحرمة لجحافل "المراجعين والنقاد" الذين لا يقرأون، أبدا، إلا سماعا.
إنها محنة الكاتب العربي مع إصداراته.



أعلى