أبو القاسم الشابي - يابن أمي

خُـلقتَ طليقًــا كــطيفِ النسـيمِ = وحـرًّا كنـورِ الضُّحـى فـي سـماهْ
تغــرِّد كــالطيرِ أيْـن انــدفعت = وتشـدو بمــا شـاء وحـيُ الإلـهْ
وتمـــرحُ بيــن ورودِ الصبــاحِ = وتنعَـــم بــالنورِ, أنَّــى تــراهْ
وتمشـي - كمـا شئتَ - بين المروجِ, = وتقطــفُ وردَ الــرُّبَى فـي رُبـاهْ

******

كـذا صاغَكَ اللـه, يـا ابـن الوجودِ = وألقتـك فـي الكـونِ هـذي الحيـاهْ
فمــالك تــرضى بــذلّ القيــودِ = وتَحــني لمــن كبَّلــوك الجبـاهْ؟
وتُسكِتُ في النفسِ صوتَ الحياةِ الـ = ــــقـويَّ إذا مـا تغنَّـى صـداهْ؟
وتطبـق أجفــانَك النـــيِّراتِ = عن الفجـر, والفجـرُ عـذبٌ ضياهْ؟
وتقنع بـالعيشِ بيـن الكهـوفِ, = فـأين النشـيدُ? وأيــن الإيــاهْ؟
أتخشـى نشــيدَ السـماءِ الجـميلَ؟ = أتـرهب نـورَ الفضـا فـي ضحـاهْ؟
ألا انهضْ وسـرْ في سـبيلِ الحيـاةِ = فمــن نــامَ لـم تَنتَظِـرْهُ الحيـاهْ؟
ولا تخــشَ ممَّــا وراءَ التــلاعِ.. = فمـا ثَـمّ إلاّ الضّحـى فـي صبـاهْ...
وإلا ربيــعُ الوجـــودِ الغريــرُ, = يطــرِّزُ بــالوردِ ضــافي رداهْ...
وإلاّ أريــجُ الزهــورِ الصِّبــاحِ, = ورقْــصُ الأشــعَّةِ بيـن الميـاهْ...
وإلاّ حَمـــامُ المــروجِ الأنيــقُ, = يغــرِّدُ, منطلقًــا فــي غنــاهْ...
إلـى النُّـور! فـالنور عـذْبٌ جـميلٌ = إلــى النــور! فـالنور ظِـلُّ الإلـهْ

[ 20 فبراير / شباط 1929 ، 10 رمضان 1347 ]
أعلى