أيمن مصطفى الأسمر - المرائي الأخيرة

على بعد لا يتجاوز مائة متر عن المنزل الذي يسكن بإحدى شققه سقط مغشيا عليه في عرض الشارع، على الفور تجمع حوله عشرات من أصحاب المحلات المتجاورة على طرفي الشارع الأهم بالمدينة وغيرهم من العابرين، كان ازدحامهم ولغطهم شديدا، اتصل أحدهم أخيرا بالإسعاف كي يرسلوا عربة لأخذه إلى أقرب مستشفى، استغرق الأمر دقائق لا تزيد عن الخمسة حتى وصلت عربة الإسعاف، كان خلال تلك الفترة ممددا على الأرض في هدوء وسكينة، عيناه مغلقتان لكنه يرى أشياء وأشخاصا وكائنات اطمأن لها، كما عبرت على ذهنه مشاهد موجزة من سيرة حياته، فرأى نفسه طفلا خجولا، وصبيا يافعا، وشابا ناضجا، ورجلا مثقلا بالهموم، كما رأى نفسه وهو في السنوات الأخيرة من حياته، كان مرتاحا لا يشعر بشيء مما يدور من حوله، وعندما اتصل أحدهم من هاتفه المحمول بآخر رقم اتصل به وكان رقم زوجته وصلت مضطربة بعد أن غادرت عربة الإسعاف التي تحمل جسده وقد فارقته الحياة.

أيمن مصطفى الأسمر
ديسمبر 2022

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى