رسائل الأدباء خمس رسائل بين محمد كرد علي ومارون عبود

1
سيدي الأستاذ الجليل

أطالع نقداتك في جريدة الأحد، فأُسرُّ بأسلوبك العذب النقي، وأُكبِرُ حريتك الأدبية.

أرسلت إليك هدية «الأجزاء الأربعة» من مذكراتي. أرجو أن يتسع لك الوقت فتطالعها وتكتب فيها نقدًا لا تقريظًا.

أتمنى لك دوام التوفيق والصحة.
محمد كرد علي
دمشق
٢١ / ٧ / ١٩٥١

****

2

سيدي الأخ

عرفت رجلًا اسمه إبراهيم مصور، كان رئيس التراجمة في نظارة الأشغال في مصر فصادقته، وكان من زحلة، درس في الجامعة الأميركية وخُصَّ بقلم بليغ، حتى كانت أوامر الوزارات المصرية كلها تصدر بلغة ركيكة إلا وزارة الأشغال التي كان يرأسها المصور؛ فإنها كانت سليمة من الخطأ وبليغة. وقد ترجَم «كتاب الدليل إلى ورود أعالي موارد النيل» ترجمة رائعة، ووضع ألفاظًا في المياه وغيرها كانت مجهولة فأحياها. والرجل مات في مصر ولم أسمع أن أحدًا ترجم له، فهل لك أن تساعدني على جلب مواد تصلح للترجمة إحياءً لذكره، وخدمةً للأدب.

وأشكر لك سلفًا، وأرجو أن تغض عن تعجيزي لك.

هذا وسلامي إلى من عندك من العيال وصحتي لا تشكر ولا تذم. أمتعك الله بالعافية.

ودمت لأخيك.
محمد كرد علي
دمشق
٢ شباط ١٩٥٣

***

3

سيدي

تحيات واحترامات فائقة، وبعد: فعملًا بإشارتكم الكريمة، كلفت أمين سر مدرستنا البحث عن كتاب الدليل لإبراهيم مصور فلم يجده، ولكنه وجد له كتابين في دار الكتب اللبنانية؛ وهما: كتاب الري، وكتاب الخزانات، ثم كلفت من يبحث عن كتاب الدليل في خزانتي الجامعة الأميركية والآباء اليسوعيين، حتى إذا وجدناه أتوجه إلى بيروت وأطَّلع على الكتب كلها، وأوافيكم بما يلزم لمشروعكم. جزاكم الله خيرًا عن خدمة العلم الجلي.

أما مقالكم عن إبراهيم اليازجي، فقرأته في دار الكتب اللبنانية، وكان أمين سر المكتبة معجبًا ومقدرًا في وقت معًا.

أما الصفحة المعدة للمذكرات فأشكركم عليها. وهذا فضلٌ جديد. أبقاك الله لنا ذخرًا.

سيدي

كنت عزمت على التشرف بزيارتكم في هذه الفرصة الربيعية، فإذا بشئون تستدعي ذهابي إلى ضيعتي، فإلى اللقاء في أواخر حزيران، إن شاء الله.

قدمت اليوم في البريد خمسة كتب: زوابع، أشباح ورموز، أقزام جبابرة، وجوه وحكايات، مجددون ومجترون. وحين أصل إلى البيت أبعث بما بقي.

تفضلوا سيدي بقبول أسمى احترامي وإجلالي لشخصكم الموقر — حفظكم الله ومتع الأدب العربي بطول بقائكم.

***

4

سيدي الأخ الأستاذ

حان الوقت الذي ضربته لي لزيارة الغوطة (أواخر حزيران)، فأنا في انتظار هذا الوعد الكريم، وأرجو تحقيقه وإعلامي عن يوم سفرك لأكون في جسرين، على أنني — إن أذن الله — أكون فيها يوم ٢٦ الجاري، وأُفضِّل أن توافيني رأسًا إلى قريتي، وبعد قضاء أيام فيها نعود إلى العاصمة للتعرف إلى أحبابي وأحبابك على البعد. اقرأ ما ينشره سيدي الأخ «من الجراب» الأحد، ومنها ما كان حقه أن ينشر في جريدة كبرى التي تطبع الملايين، ولكن هكذا حظ بلادنا.

هل وصلتك كتبي «الإسلام والحضارة العربية» و«أمراء البيان» و«رسائل البلغاء» التي كنت أرسلتها إليك في الشهر الماضي.

ألف قبلة على أمل اللقاء القريب.
محمد كرد علي
دمشق
٢٠ / ٥ / ١٩٥٢


===============

1
  • رسالة مارون عبود


سيدي

احترامات فائقة وأدعية حارة، وبعد: فلا تسل يا سيدي عن مبلغ تأثري بما كتبته إليَّ، وبما تفضَّلت به عليَّ من منشورات المجمع.

وصلت أمس الدفعة الأخيرة مما أمرتم بإرساله من الكتب النفيسة، وستبقى ذخرًا تعتد به خزانتي، وذكرًا من العلامة محمد كرد علي؛ لأنها هدية منه.

كم أكون سعيدًا إذ أتشرف بمقابلتكم، وأزور المجمع والمكتبة الظاهرية، وأتعرف إلى صحابتكم الكرام! ولعل ذلك يكون قبل زيارتكم في ضيعتكم، ودعوتكم لتشريف قريتي في الصيف.

سوف أكتب عن هذه الكتب النفيسة التي بعثتموها من مرقدها لأفيَ بعض ما يجب. أما العمر، والعمر كله إن شاء الله، فقد غاليت فيه؛ إظهارًا للفضل، وحثًّا للشباب. بارك الله في عمركم النافع للأمة والوطن.

سيدي

قليلون هم الرجال الذين نرى صورة قلوبهم في عيونهم وجبينهم. إنك أحدهم، وما خلتني أثناء وجودي عندكم إلا عائشًا بمحيط جديد يعجز قلمي عن وصفه. إنها لضيافة فردوسية، وما أحسب الغوطة إلا قطعة من جنة الله في أرضه. لا عيب في تلك المتعة الخالدة إلا أن عددها كان قصيرًا، وكذا تكون كواكب الأسحار.

فلأستاذنا الأكبر أجزل الشكر، وعليهِ أشرف التحيات. متعني الله بلقائه طويلًا في بيته الأصغر بلبنان، وما أيلول ببعيد إن شاء الله.

وختامًا، أقبلكم أحر القبلات الأخوية.
عين كفاع
٤ / ٧ / ١٩٥٢

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى