رسائل الأدباء رسالة من مارون عبود إلى شكيب الجابري

أخي شكيب

وصلتني مجلتكم «أصداء» فقرأتها ولم أخرم منها حرفًا. أعجبت بما فيها، وكان إعجابي بمقاصدها وعزمها أشدَّ، حقق الله الآمال.
هذا نبأ مهم. أما النبأ الأهم فهو ما قرأته في الصحف عن ترككم كرسي السياسة القلق؛ لتقعدوا على طنفسة الأدب الناعمة، مرحى للأدب ينصرف إليه من كانوا أدباء «من البابوج إلى الطربوش».
قد تستغرب إعراضي عن التهنئة بالوظيفة والتفاني إلى ما صرت إليه، لا تتعجب؛ فقد تعودت — وبهذا عرفت — ألا أُقبِلَ على تلاميذي وأصدقائي إذا تسلقوا جبال الحكم، أو تزحلقوا على ثلوجها طامحين إلى الفوز بكأس البطولة.
لا تقل لي: إنك تدوس كبرياء أرسطو بكبرياء أعظم منها. لا يا أخي، ولكنني أكره الحَوْم حول الكراسي، ولا أنظر إلى القيم الشخصية بمنظار غيري، وما أدراك؟ فقد يكون ولَّد فيَّ هذا الاشمئزاز غرور بعض الأصدقاء المبتلين بداء الكرسي؛ فاحمد الذي شفاك منه.
لقد ذقنا ثمارك الشهية في «نهم» و«قدر يلهو»، فعسى أن تحمل إلينا «أصداء» كل طريف زكي.
إنني أتمنى لها المرور في أطوار العمر حاشا السرار منها.
أتمنى أحر التمني أن تنجو «أصداء» من الأدب الخروبي — درهم دبس على قنطار حطب — وأن تسلم من داء الاجترار تعبيرًا وتفكيرًا؛ فالاجترار طاعون الأدب العربي.
سلمك الله، وأخذ بيدك، وسلمت لمن لا ينساك.

عاليه
١٥ / ١ / ١٩٤٥

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى