د. صبري محمد خليل خيري - المقاومة الشعبية كخيار استراتيجى للامة لنصرة القضية الفلسطينية : نحو مبادرة شعبية لتفعيلها

التفسير التكاملى"الوطنى – القومى- الدينى/ الحضارى" للقضيه والهوية الفلسطينية: ان التفسير الصحيح لمشكله فلسطين ”طبيعتها والحل الصحيح لها وطبيعة الصراع الذي تثيره“ هو التفسير الذي ينطلق من مذهب تكاملي للهوية الفلسطينية ، مضمونه ان الشخصية الحضارية العامة الفلسطينية هى شخصية حضارية ذات علاقات انتماء متعدده، العلاقة بينها علاقه تحديد وتكامل وليست علاقه تناقض وإلغاء. فهناك علاقه الانتماء الوطنيه “الفلسطينيه”، ذات المضمون الجغرافى – الاقليمى، وتشمل كل الفلسطينيين ”المسلمين والمسيحيين واليهود: الشرقيين – العرب – الفلسطينيين وليس القادمين من امم اجنبيه”. وهناك علاقه الانتماء القومية “العربيه” ، ذات المضمون الحضاري – اللساني غير عرقى، ومضمونها ان فلسطين جزء لا يتجزأ من الأمة العربيه. وهناك علاقه الانتماء الاسلاميه ولها مضمونين، الاول مضمون ديني “مقصور على المسلمين “، والثانى مضمون حضاري يتمثل فى ان الاسلام ليس دين فقط ، بل هو دين وحضارة ، وهو كحضارة غير مقصور على المسلمين ” الفلسطينيين او غيرهم”، بل يمتد فيشمل المسلمين وغير المسلمين.
اقرار الدلالات المتعدده للمسجد الاقصى كرمز: ويرتبط هذا التفسير بموقف محدد من المسجد الأقصى كرمز ، ودلالاته المتعددة. مضمونه ان المسجد الأقصى معنى وليس مجرد مبنى: اى انه رمز ذو دلالات:

اولا:تكليفية ”دينيه”: فهو أولى القبلتين وثالث الحرمين.
ثانيا: تكوينية (سياسية – وطنيه و قوميه): فهو رمز لوطن مغتصب يجب تحريره ،وحقوق وطنيه وقوميه يجب استردادها.
التفسير الصحيح لطبيعة مشكلة فلسطين فى ضوء التفسير التكاملى (الوطنى"الفلسطينى"- القومى "العربى "الدينى- الحضارى "الاسلامى" :
اولا: تاريخيا:

اتاحه الفرصه لبنى اسرائيل ليرتقوا الى طور امه وانتزاعها منهم: كانت بداية بني إسرائيل “عشيرة” إبراهيم(عليه السلام) في العراق ، ثم بدأت جولتهم إلى فلسطين ثم مصر ثم الحجاز ثم العودة إلى فلسطين.ثم يعود بني إسرائيل إلى مصر مرة أخرى بدعوة من يوسف بن يعقوب (عليهما السلام) الذي تولى منصب في حكم مصر ، وفي عهد موسى (عليه السلام) ذهبوا إلى سيناء من اضطهاد فرعون ، وفي هذه المرحلة كانوا قد دخلوا طور القبيلة بكل خصائصه، ثم عادوا إلى فلسطين تحت حكم أنبياء، وهذا يعني محاولة الاستقرار في الأرض (كشعب)، وفي هذه المرحلة كان حكم سليمان وداود (عليهما السلام).وقد أتاح الله لبني إسرائيل الفرصة ليرتقوا إلى طور الأمة، ويتضح لنا هذا من دعوتهم للاستقرار في الأرض ليختصوا بها فتكون ديارهم . ثم امر الله تعالى موسى (عليه السلام) أن يتجاوز لدعوته محيط قبيلته بأن يدعوا فرعون مصر فكان ذلك بشرى بعالمية الدعوة. غير أن بني إسرائيل لم يلتزموا بشروط الاستخلاف كأمة ، ويتضح لنا هذا من تحريفهم الدين بما يكرس خصائص الطور القبلي الذي يحيل القبيلة إلى كل مغلق. وهنا نزع الله تعالى من بني إسرائيل الفرصة التي أتاحها لهم ليرتقوا إلى طور أمة مستقرة في أرض معينة فهي ديارها . وقضى عليهم أن يكونوا أشتاتاً قبلية تنتمي إلى سائر أمم الأرض .
ثانيا: فى الواقع المعاصر:
الدور الاساسى للاستعمار الغربى كمظهر للنظام الراسمالى:
ولاحقا ولد في أوربا بعد الثورة الفرنسية النظام الرأسمالي ، الذي تطور من فرض عبودية كل أمة أوروبية على حدي طبقتها المترفة “البرجوازية” ، إلى فرض عبودية سائر أمم وشعوب الأرض للأمم الأوروبية ،باستغلال إمكانياتها لخدمة مصالحها، ليولد بهذا الاستعمار فى شكله القديم ،وقد استهدف ضمن من استهدف الامه العربيه المسلمه، واختار تجزئها لضمان استمراره ، وأراد إقامة إسرائيل كحارس لهذه التجزئة،.وبعد قيام الحرب العالمية الثانية تولت الولايات المتحدة الأمريكية قيادة الاستعمار فى شكله الجديد “الإمبريالي”، فتولت أمر إنشاء دولة عازلة صهيونية في فلسطين تحت اسم إسرائيل، واعترفت بها فور إعلان قيامها 1948م.
التمييز بين اليهودية كديانة والصهيونية كحركة سياسية قومية عنصريه " الصهيونية هي استكبار سياسي لبعض اليهود المعاصرين" : اما الصهيونية هي حركة سياسية غربية ، نشأت في أوربا نتيجة عوامل دينية واقتصادية وسياسية متفاعلة ، تهدف إلى تحويل الجماعات القبلية اليهودية ،التي تنتمي إلى أمم مختلفة ، إلى أمة واحدة بالاستيلاء على أرض فلسطين. فالصهيونية هي استكبار جزء من اليهود المعاصرين ، لأنها تتضمن إخراج العرب من ديارهم ويترتب على هذا وجوب التمييز – لا الفصل – بين الصهيونية كحركة سياسية قومية و اليهودية كديانة
الحل الصحيح لمشكلة فلسطين فى ضوء التفسير التكاملى (الوطنى"الفلسطينى"- القومى "العربى "الدينى- الحضارى "الاسلامى") :
أولا: ما ينبغي أن يكون :
1- المستوى العقدى"الدينى" :
ا/ عدم شرعية التنازل عن ارض فلسطين :
ان ملكية الأرض العربية"المتضمنه لارض فلسطين" – كما ملكية سائر الأراضي – لله تعالى وحده . وأن الله استخلف العرب فيها- وهوما يتضمن استخلاف الشعب الفلسطينى كشعب عربى فى ارض فلسطبن- فهي ديارهم- كما استخلف غيرهم من الأمم في ارضهم فهى ديارهم– فليس من حق كل العرب ،وليس من حق كل الفلسطينيين ان يتنازلوا عن أرض فلسطين – كما انه ليس من حق الأمم الأخرى إن تتنازل عن أرضها – لأنهم بهذا يتصرفون فيما لا يملكون، لذلك نهى الله تعالى عن إخراج الناس من ديارهم، فكل اتفاق يتضمن التنازل عن أرض فلسطين باطل شرعا.
ب/ الجهاد لاسترداد الحقوق الفلسطينية فرض عين": لان هنا تتحقق احدى الحالتين التى اذن الاسلام فيهما بقتال غير المسلمين وهما فتنه المسلمين فى دينهم بإكراههم على الردة ، و إخراجهم من ديارهم بغير حق. وقد اجمعت المذاهب الاسلامية على ان الجهاد فرض عين إذا دخل العدو بلاد المسلمين ففي الفقه المالكي ” ان دخل الكفار دار الإسلام تعين على كل من أمكنه النصرة “، في الفقه الشافعي ” الجهاد الذي هو فرض عين فإذا وطئ الكفار بلدة للمسلمين او اطلوا عليها ونزلوا بها قاصدين ولم يدخلوا، صار الجهاد فرض عين” ، وفي الفقه الحنبلي “إذا نزل الكفار ببلد ، تعين على أهله قتالهم ودفعهم”.
2-المستوى العملى :
ا/ الوحدة شرط استرداد الحقوق"
: ان استعادة الحقوق الوطنية والقومية والدينية للشعب الفلسطيني العربي المسلم، مشروط بتحقيق الوحدة الوطنيه والقوميه والدينيه ، فكل خطوه تجاه الوحده هى خطوه تجاه استرداد هذه الحقوق.
ب/عدم موالاه الصهيونية: ان مضمون الصهيونية هو محاولة تحويل الجماعات القبلية اليهودية ،المنتمية إلى أمم شتى إلى أمة واحده، بان تستولي على أرض فلسطين لتكون ديارها ، ولابد لكي تم ذلك من أن تستقر على الأرض وتختص بها، وهذا الاستقرار يقتضي توافر أمران هما الأمن والاعتراف.
ثانيا: الممكن : الممكن السالب والالتزام بقاعدة "النهي عن موالاة الذين أخرجونا من ديارنا":
يأخذ الممكن السالب شكل حرمان إسرائيل من الأمن والاعتراف ، حتى لا يتحول الصهاينة إلى امة، بالالتزام بقاعدة " النهي عن موالاة الذين أخرجونا من ديارنا" ،الثابته بنصوص قطعيه، ويأخذ هذا الالتزام أشكال كثيرة منها:
عدم التنازل عن الحقوق الوطنية والقومية والدينية للشعب الفلسطيني.
عدم الاعتراف بإسرائيل كدولة ومؤسسه سياسية تقوم على اغتصاب هذه الحقوق.
رفض مشاريع التسوية التي لا تقود إلى الاعتراف بهذه الحقوق.
مناهضة التطبيع مع الكيان الصهيوني وانشاء وتفعيل مباردات شعبيه لمناهضته.
مقاطعة دوله إسرائيل والدول والشركات والمؤسسات التي تدعمها.
الممكن الموجب والمقاومه الشعبيه كخيار استراتيجى والمبادره الشعبيه لنصره القضيه الفلسطينيه:
اما الممكن الموجب فيأخذ أشكال عديدة منها:
التاكيد المستمر والدائم على ان القضيه الفلسطينيه كانت ولازالت وستظل القضيه المركزيه لامه التكليف "الامه الاسلاميه " ، وامه التكوين "الامه العربيه – المسلمه".لاسباب كثيره اهمها انها تتصل تتصل – حاليا- بحق المسلمين في العيش على الأرض التي اسلموا فيها، أو حملهم إليها الإسلام منذ أربعة عشر قرنا الفتح الاسلامى.
اعتبار المقاومة الشعبيه- وليس الاستسلام الرسمى المسمى تمويها سلام- خيار استراتيجى للامه، وما يترتب على ذلك من دعم للمقاومة الشعبيه الفلسطينية ككل ، دون انحياز الى بعض فصائلها دون غيرها .ودعم توحيدها على مستوى الثوابت الوطنيه والقوميه والدينيه .
انشاء وتفعيل مبادرات شعبيه فى كل الدول العربيه لنصره القضيه الفلسطينيه بكل الوسائل الممكنه.دعم كل الوسائل التي تؤدي إلى الحصول على حقوق جزئية ، بشرط عدم استبدالها بالحقوق الكاملة.
العمل على إلغاء الحواجز بين فلسطين وأمتها العربية المسلمة حسب ما متاح وممكن.
الدفاع عن الحقوق الفلسطينية أمام المجتمع الدولي ومحافله ومنظماته.
إقرار ودعم حقوق الشعب الفلسطيني الوطنيه والقوميه والدينيه…

د. صبري محمد خليل/ أستاذ فلسفه القيم الاسلامية فى جامعة الخرطوم


.....................................................................
الموقع الرسمي للدكتور/ صبري محمد خليل خيري | دراسات ومقالات الموقع الرسمي للدكتور صبري محمد خليل خيري

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى