د. صبري محمد خليل خيري - ظاهرة تنامى النزعات الشعوبية المعاصرة : أسبابها والقوى التى تقف ورائها وآليات مكافحتها

تعريف منهجي للشعوبية:

ا/ محاوله الارتداد الى طور تاريخى سابق ومعارضه التطور الاجتماعي : الشعوبية هي محاولة الارتداد بالشعوب ، التي أصبحت جزء من أمه تكوين معينه ، اى دخلت الطورالقومى ، إلى الطور الشعوبي السابق عليه. هذا التعريف يستند إلى تصور منهجي مضمونه أن الناس ينتمون إلى وحدات تكوين اجتماعي متعددة في المكان ، وهي ذات الوقت أطوار التكوين الاجتماعي ، وهي نامية خلال الزمان.

اشاره القران الكريم اطوار ووحدات التكوين الاجتماعى: وقد أشار القران الكريم إليها أو إلى معايير الانتماء إليها وهي : الأسرة قال تعالى ﴿ ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة أن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون﴾ ، ثم العشيرة قال تعالى﴿ وانذر عشيرتك الأقربين﴾ ، ثم القبيلة فالشعب قال تعالى﴿ وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا ﴾، ثم الأمة التي مناط الانتماء إليها : أولا: اللسان لا النسب قال الرسول (صلى الهق عليه وسلم ) ( ليست العربية بأحد من أب ولا أم إنما هي اللسان فمن تكلم العربية فهو عربي)، ثانيا:الأرض الخاصة (اى الديار بتعبير القران ) قال تعالى ﴿ لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم تبروهم وتقسطوا إليهم أن الله يحب المقسطين﴾ ( الممتحنة:8)…ثم العالمية.

ب/ إنكار علاقة الانتماء العربية : و طبقا لهذا التعريف فان الشعوبية موجودة في كل أمم الأرض . وهى تقوم في الامه العربية المسلمة ، على إنكار علاقه الانتماء العربية كعلاقة انتماء قوميه- ذات مضمون حضاري لساني” لغوى” – وليس عرقي- إلى أمه معينه هي الامه العربية، التي أوجدها الإسلام كأمه واحده، بعد أن كانت قبله قبائل وشعوب متفرقة.

ج / مناهضه الإسلام : كما تقوم الشعوبية في الامه العربية المسلمة على الدعوة إلى إلغاء أربعه عشر قرنا من التاريخ، أوجد فيه الإسلام للعرب أمة، ليعودوا إلى الشعوب السابقة على الفتح الاسلامى، فهي – موضوعيا- مناهضه للإسلام- وبصرف النظر عن النوايا- الذاتية- لأنصارها.

د/ الفشل والتخريب: والشعوبية فاشلة في تحقيق غايتها ، وهى الارتداد إلى الطور الشعوبي، لأنه لا يمكن إلغاء التطور الاجتماعي، و العودة إلى طور تكوين اجتماعي سابق، ولكنها تساهم في تخريب الوجود القومي، وتعويق التطور الاجتماعي”الوطني والقومي”.

أنماط الشعوبية: وللشعوبية نمطين هما:

أولا: الشعوبية التاريخية “الفارسية”: فهناك أولا الشعوبية التاريخية التي لازم ظهورها ظروف تاريخية معينه، تتمثل في انه عندما ظهر الإسلام كان الفرس في طور الشعب ، بينما كان العرب في قلب الجزيرة في طور القبائل- سيرتقى بهم الإسلام لاحقا إلى طور أمة – ثم حمل العرب الاسلام إلى الفرس ليرتقي بهم إلى أمة “مسلمة”، غير أن هناك من يرفض هذا الارتقاء، كما كان يستعلى على العرب حملة الإسلام ، فكانت الشعوبية الفارسية مناهضة للإسلام والعرب معا.يقول أبن قتيبه (إن الشعوبية بفرط الحسد ووغر الصدر تدفع العرب عن كل فضيلة ، وتلحق بهم كل رذيلة ، وتغلو في القول في الذم ،وتبهت بالكذب ،وتكابر العيان وتكاد تكفر، ثم يمنعها خوف السيف) (كتاب العرب أو الرد على الشعوبية– رسائل البلغاء ت. محمد كرد علي، ص ( 344 )

مظاهر الشعوبية الفارسية فى الراهن المعاصر استعمار اقليمى يحقق غايات الامبريالية والصهيونية: ورغم أن هذه الشعوبية التاريخية خفتت في مراحل تاليه ، إلا أنها استمرت في الظهور عبر تاريخ إيران، رغم تغيير الانظمه السياسية الايرانيه، أخذه في المرحلة الراهنة مظاهر متعددة ومنها: احتلال إيران لإقليم الاحواز العربي، ومحاولتها إلغاء هويته العربية، واحتلالها للجزر الإماراتية الثلاث ، وانتهاكها للسيادة الوطنية للعديد من الدول العربية ، بتدخلها المباشر وغير المباشر في شئونها الداخلية ، بحجه حماية الأقليات الشيعية فيها ، وتأجيجها للطائفية في المنطقة العربية، ومحاولتها نشر المذهب الشيعي في الدول العربية.. لتشكل هذه المظاهر للشعوبية الفارسية في المرحلة الراهنة شكل من أشكال الاستعمار” الاقليمى” لأجزاء من الامه العربية، والذي يحقق – فعليا- غايات الاستعمار الجديد ” الامبريالي” والاستيطاني “الصهيوني” في المنطقة العربية، بصرف النظر عن الشعارات- النظرية – التي يرفعها النظام الايرانى، وبهذا فان شعوبيه النظام الايرانى تشكل عائق اساسى يحول دون تحقيق اى شكل من أشكال التضامن أو الوحدة بين الأمتين المسلمتين الايرانيه والعربية،في مواجهه الكيان الصهيوني والامبريالية الامريكيه، اللذين يرفع النظام الايرانى شعار معاداتهم .

شعوبيات تاريخيه أخرى: غير أن هذه الشعوبية التاريخية لم تكن مقصورة على بعض الفرس، بل كان منها بعض من ينتمون إلى الشعوب العريقة التي ارتقى بها إلاسلام إلى طور أمة عربية كالنبط … (رسائل الجاحظ تحقيق عبد السلام هارون، ج1 ، ص 179 (

ثانيا : الشعوبية المعاصرة “الاجتماعية” : وهناك ثانيا الشعوبية المعاصرة ، التي لازم ظهورها ظروف اجتماعيه معينه، تتمثل في محاولة الارتداد بالجماعة التي دخلت طور أمة إلى طور الشعوب السابق، وطبقا لهذا المفهوم فان الشعوبية موجودة في كل أمم الأرض ، وهى تقوم في الامه العربية المسلمة ،على الدعوة إلى إلغاء أربعه عشر قرنا من التاريخ، أوجد فيه الاسلام للعرب أمة، ليعودوا إلى الشعوب العريقة كالقبط والفراعنة في مصر، والأكراد في العراق، والفينيقيين في الشام، و النوبة في السودان، والامازيغ في المغرب العربي… الخ، فأنصار الشعوبية طبقا للمفهوم الاجتماعي فى الامه العربية المسلمة إذا يعتبرون أن العرب ما يزالوا منذ ثلاثة عشر قرنا من التاريخ أو أكثر مغتصبا لما كان أجدادهم يملكون .

من أسباب ظهور الشعوبية المعاصرة فى الامه العربيه: وهناك عده أسباب متفاعلة أدت إلى ظهور الشعوبية المعاصرة “الاجتماعية” في الامه العربية منها:

ا/ تخلف النمو الاجتماعي والحضاري : السبب الاساسى لظهور الشعوبية هو محاوله الناس البحث عن حل لمشاكلهم ، من خلال علاقات أضيق من الامه (التي حال عوامل معينه “تخلف النمو الاجتماعي والحضاري”، دون أن تبرز كطور يمكن للناس من خلاله حل مشاكلهم)، أو الوطن(الذي حالت عوامل معينه دون أن يكون بالنسبة للقبائل الشعوب التي يضمها، بمثابة الكل للجزء ، يحده فيكمله ويغنيه ولكن لا يلغيه).

ب/ رد فعل على مذهب العصبية القبلية العربية”الاعرابيه” : وفي أحيان أخرى ظهرت الشعوبية كرد فعل ” متطرف” على مذهب العصبية القبلية العربية “الاعرابيه “، وهو المذهب الذي يرى أن العرب الحاليين- اى العرب كأمه – هم سلاله عرقية لعرب الجاهلية، ووجه الخطأ في هذا المذهب يكمن في انه يفهم العروبة – على المستوى القومي اى كعلاقة انتماء إلى امه – على أساس عرقي وليس لغوي حضاري . ومرجع ذلك انه يخلط بين العرب في الطور القبلي( ما يقابل الأعراب في القرآن)، والعرب في طور الامه، حيث أن مناط الانتماء في الطور الأول النسب، بينما مناط الانتماء في الطور الثاني اللسان، فهو يتجاهل التطور خلال الزمان. فهذا المذهب يتعارض مع تقرير الإسلام أن العروبة لسان وليس عرق ، قال الرسول(صلى الله عليه وسلم) (إنَّ الرب واحد، والأبُ واحد، والدَين واحد، وإنَّ العربيةَ ليست لأحدكم بأبٍ ولا أمّ، إنما هي لسانَّ، فمنْ تكلَّمَ بالعربيةِ فهو عربي)، يقول الإمام ابن تيميه عن الحديث بعد نقله نقد بعض العلماء لسنده ( … لكنَّ معناه ليس ببعيد) (اقتضاء الصراط المستقيم).فضلا عن نهى الإسلام عن العصبية بأشكالها المختلفة.

قوى تقف وراء الظاهره:

ا/ الاستعمار القديم:
عمل الاستعمار القديم” (البريطاني، الفرنسي، الايطالي..)على تجزئة الامة العربية المسلمة ( اتفاقيه سيكس – بيكو)، مما مهد الطريق أمام الشعوبية المعاصرة ،فالشعوبية هنا تشكل الأساس الفكري لتجزئة الامه العربية المسلمة، لأنها تقوم على الدعوة إلى عوده العرب إلى الشعوب السابقة على طور الامه.

ب/مشروع الشرق الأوسط الجديد “الامبريالي الصهيوني”: كما ساهم في إحياء الشعوبية في المنطقة العربية في المرحلة الراهنة مشروع الشرق الأوسط الجديد الامبريالي الصهيوني، الذي بدا تنفيذه بعد وفاه الزعيم الراحل جمال عبد الناصر 1970 ،وتولى السادات الحكم بعده، وارتداده عن سياساته المعبرة عن الاراده الشعبية العربية ،تنبيه لسياسات نقيضه بدعم من الغرب بقياده الولايات المتحدة الامريكيه ، والذي يهف إلى تفتيت الامه العربية إلى دويلات طائفيه،مع ضمان بقاء إسرائيل كحارس لهذا التفتيت.

ج/ دور الكيان الصهيوني (الموساد ومراكز الأبحاث الاسرائيليه): وفى هذا السياق فقد اثبت اكتشاف شبكات التجسس الإسرائيلية في العديد من الدول العربية ، استهداف إسرائيل للأمن القومي العربي بكل أبعاده السياسية والاقتصادية والعسكرية والاجتماعية… ويضاف إلى هذا كله مجموعة ضخمة من مراكز الدراسات والأبحاث، التي تساهم هي أيضًا في أعمال التجسس والتخريب والتشجيع على الانقسامات والفتن داخل العالمين العربي والإسلامي… وتعتمد الموساد ومراكز الأبحاث المشار إليها على مجموعة من النظريات والمخططات ،التي ترمي في آخر المطاف إلى تفتيت المجتمعات العربية ، عبر إثارة الفتن وتأجيج حالات التمرد والعصيان والتنازع، وذلك من خلال الاستعانة بالجماعات الإتنية والطائفية والمذهبية التي تعيش حالات من التذمر والغضب والنزوع نحو الانفصال والتقسيم. (دور الموساد ومراكز الأبحاث الإسرائيلية / إعداد: إحسان مرتضى/ قضايا إقليمية / العدد 321 – آذار 2012 / نقلا عن الموقع الرسمي للجيش اللبناني(

مذاهب تكرس للشعوبيه المعاصره:

  • مذهب إنكار وحدات وأطوار التكوين الاجتماعي : وهو مذهب قائم على افتراضين خاطئين :الأول هو أن الإسلام ينكر وحدات وأطوار التكوين الاجتماعي المتعددة،وهو افتراض يتعارض مع حقيقة إقرار الإسلام كدين لوحدات وأطوار التكوين الاجتماعي المتعددة كما اشرنا اعلاه. الافتراض الثاني ان الإسلام ينكر علاقات الانتماء الى هذه الوحدات والأطوار ،وهو ما يتعارض مع هذا الإقرار ومن أدله اقراره هذه العلاقات قوله تعالى (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ )(الزخرف : 44)، وفى السنة النبوية ورد في الحديث سأل واثلة قال: (يا رسول الله أمن العصبية أن يحب الرجل قومه) قال (لا ولكن من العصبية أن ينصر الرجل قومه على الظلم) (رواه أبن ماجه والإمام أحمد)
نماذج للمذهب:

ا/ مذهب التفسير السياسي للدين " الإسلام السياسي ":

تعريفه
: مذهب التفسيرالسياسى للدين- والذى يطلق البعض عليه خطا اسم الاسلام السياسى- هو مذهب معين في تفسير طبيعة العلاقة بين الدين والسياسة ، يقوم على إثبات العلاقة بينهما . ولكنه يتطرف في هذا الإثبات إلى درجه جعل العلاقة بينهما علاقة تطابق و خلط. ومرجع انه ظهر في المجتمعات المسلمة في العصور الحديثة والمعاصرة ، كرد فعل على الليبرالية والتي باستنادها إلى العلمانية نفت اى علاقة للدين بالدولة.



تناقضه مع المنظور السياسي الاسلامى:
وهذا المذهب لا يتسق مع المنظور السياسي الاسلامى ، الذي يجعل العلاقة بين الدين والدولة علاقة وحدة وارتباط " وليست علاقة خلط أو تطابق كما في الثيوقراطيه "، لان السلطة في المنظور السياسي الإسلامي مقيده بمفاهيم وقيم قواعد كليه ، مصدرها النصوص اليقينية الورود القطعي الدلالة "كالشورى والعدل والمساواة…. . وعلاقة تمييز"وليست علاقة فصل كما في العلمانية" ، لان الإسلام- ميز بين التشريع كوضع الهي ثابت والاجتهاد ككسب بشرى متغير. كما أن هذا المذهب يساوى بين الدين والسياسة في الدرجة، وقد يتطرف فيجعل السياسة أعلى درجه من الدين، حين يجعل الغاية هي الدولة – السلطة والوسيلة هي الدين، بينما الدين هو الأصل" الغاية" والسياسة هي الفرع" الوسيلة" ، وهو ما أشارت إليه كثير من النصوص كقوله تعالى (الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة واتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ...)( الحج).

ب/ بدعيه المذهب : فهذا المذهب هو بدعه في ذاته " اى يستند إلى مفاهيم بدعية ". وفيما يلزم منه، اى يلزم منه مفاهيم بدعية. ومن أهم هذه المفاهيم هو القول بان الامامه" بمعنى السلطة" أصل من أصول الدين وليست فرع من فروعه، وهو ما يخالف مذهب أهل السنة في الامامه ، والقائم على أن الامامه هي فرع من فروع الدين وليست أصل من أصوله–ويتفق مع المذهب الشيعي- يقول الامام الآمدي ( واعلم أنّ الكلام في الإمامة ليس من أُصول الديانات ، ولا من الأُمور اللابدِّيَّات … ) (غاية المرام في علم الكلام : ص 363).

تناقضه مع التدين الشعبي لشعوب الامه العربية المسلمه : وهذا المذهب باعتبار بدعيته يتعارض مع التدين الشعبي لشعوب الامه العربية ، لأنه سني - طبقا لمذهب الشمول الشرعي لمصطلح أهل السنه- .

التبنى النظرى لمذهب انكار وحدات وأطوار التكوين الاجتماعي :فالجماعات والحركات السياسية التى تستند – ايديولوجيا- الى هذا المذهب ، تبنت على المستوى النظري مذهب "إنكار وحدات وأطوار التكوين الاجتماعي" ،فرتبت على إقرار علاقة الانتماء الاسلاميه، إنكار علاقات الانتماء الأخرى، بما فيها علاقة الانتماء القومية "العربية" ، لأن هذا المذهب يجعل العلاقة بينهما علاقة تناقض وإلغاء- بينما العلاقة الصحيحة بينهما هي علاقة تكامل وتحديد . أما على المستوى العملي فقد تبنى كثير من أنصاره - مذهب العصبية القبلية العربية،والذي يجعل معيار العروبة معيار عرقي – وليس معيار لساني – ثقافي-كانعكاس كواقع اجتماعي متخلف- يتناقض مع الاسلام كدين - وليس كإيديولوجيه رسميه – وهذا ما جعل البعض يعتقد –خطا- أنها تقر –وتتبنى - بعلاقة الانتماء القومية "العربية كعلاقة انتماء ذات مضمون لغوى – وليس عرقي – مضمونها أن اللغة العربية هي اللغة القومية المشتركة للجماعات القبلية والشعوبية لشعوب الامه العربيه المتعدده، بصرف النظر عن أصولها العرقية ولهجاتها القبلية ولغاتها الشعوبية الخاصة.

ب/ المذهب الجمهوري فى السودان :
تعريفنا للمذهب:
يمكننا تعريف المذهب الجمهوري على المستوى النظري بأنه مذهب معاصر في ما أطلق عليه البعض خطا اسم " التصوف الفلسفي " ، والأصح تسميته بالتصوف الحلولى او البدعي لأنه نقيض للتصوف السني، والذي يستند إلى مفاهيم أجنبيه " كالحلول والاتحاد ووحده الوجود ". وتأخذ هذه المعاصرة شكل محاوله التوفيق بين هذا النمط من أنماط التصوف ،والكثير من مفاهيم الفكر الغربي الحديث والمعاصر. أما على المستوى العملي فانه يمكن تعريفه بأنه يلزم من هذا المذهب من نتائج تطبيقيه متعدده "مواقف سياسيه،اقتصاديه ،اجتماعيه...".

الموقف النقدى من المذهب: واستنادا إلى هذا التعريف فإننا نتخذ موقف نقدي من هذا المذهب على المستويين النظريوالعملي ، وفد فصلنا هذا الموقف فى العديد من الدراسات، واهمها دراسه بعنوان:(التغيير والنقد الايديولوجى (3) : قراءه نقدية للفكر الجمهوري .. بقلم: د. صبري محمد خليل / سودانيل / 29 - 07 - 2019 ).وملخص هذا الموقف النقدي – على المستوى الأول " النظري " طبقا لبعده الديني– تناول مفاهيم هذا الفكر من حيث اتساقها أو تناقضها مع أصول الدين ، التى مصدرها النصوص اليقينية الورود القطعية الدلالة ، وهنا يخلص هذا الموقف النقدى إلى انه إذا كانت بعض مفاهيم المذهب الجمهوري تتسق مع هذه الأصول،فان بعضها الآخر يتناقض معها (وأهمها مفهوم وحده الوجود وما يلزم منه “من أمكانيه الاتحاد بالذات الالهيه، وسقوط التكاليف “…)، أما الموقف النقدي من المذهب الجمهوري – على المستوى النظري طبقا لبعده الفلسفي – فينقسم إلى: أولا: نقد داخلي مضمونه تناول مفاهيم هذا الفكر من حيث اتساقها أو تناقضها مع بعضها البعض، وهنا يخلص هذا الموقف إلى انه هناك اتساق بين بعض هذه المفاهيم (وحده الوجود، وحده الأديان…)،كما انه هناك تناقض بين بعضها الآخر( بين الفردية المطلقة والجماعية المطلقة، وبين الليبرالية والماركسية، وبين الذاتية والموضوعية…)، وثانيا: نقد خارجي مضمونه تناول مفاهيم هذا المذهب من حيث صدقها الواقعي، وأوجه الصواب والخطأ فيها، وهنا بخلص هذا الموقف النقدى إلى أن أهم أوجه النقد الخارجي هي أن المذهب الحمهورى باعتباره شكل من أشكال الفلسفة المثالية الموضوعية ، التي تقول بالاولويه المطلقة للفكر أو الروح على المادة، ،انتهى إلى إلغاء أو التقليل من دور الإنسان في التطور الاجتماعي بقوله بالجبر، كما انتهى الى التركيز على العوامل الفكرية والروحية،مع إلغاء أو التقليل من دور العوامل المادية(كالاقتصاد)، والاجتماعية (كوحدات التكوين الاجتماعي المتعددة"كالعشيرة والقبيلة والشعب والامه، وعلاقات الانتماء إليها " كعلاقة الانتماء القومية..). أما مضمون هذا الموقف النقدي من المذهب الجمهوري– على المستوى الثاني " العملي" فيتمثل في بيان ما يلزم "موضوعيا" - وبصرف النظر عن النوايا الذاتية لمؤسس المذهب وأنصاره - من نتائج تطبيقيه من مواقف سياسيه،اقتصاديه ،اجتماعيه ، وهنا يخلص هذا الموقف النقدى الى أن هذه المواقف يلزم منها الإبقاء على الواقع السوداني خاصة والعربي عامه ، والقائم على الاستبداد " الداخلي "،والاستعمار القديم والجديد"الخارجي"، والتجزئة والتفتيت،والظلم الاجتماعي والتبعية الاقتصادية بدون تغيير،وأنها تتعارض مع أهداف وغايات الاراده الشعبية السودانية خاصة والعربية عامه،والممثلة في الحرية والوحدة والعدالة الاجتماعية. وأنها تخدم المشاريع الهادفة إلى إلغاء الإرادة الشعبية السودانية خاصة والعربية عامه ومنها مشروع الشرق الأوسط "الامبريالي الصهيوني".ثم يخلص هذا الموقف النقدى إلى ضرورة إجراء أنصار الفكر الجمهوري مراجعه شامله لهذا الفكر، تشمل مستواه النظري" وتضمن ضبط مفاهيمه النظرية بالضوابط الشرعية، ليتحول من مذهب في التصوف الحلولى البدعى- المسمى خطا الفلسفي إلى - مذهب في التصوف السني - وبهذا يلغى تناقضه الموضوعي مع التدين الشعبي السوداني- كما تشمل هذه المراجعة تصحيح مواقفه التطبيقية، لتتسق عن غايات الاراده الشعبية السودانية خاصة والعربية عامه ممثله في الحرية والوحدة والعدالة الاجتماعية.

الاستناد الى مذهب إنكار وحدات وأطوار التكوين الاجتماعي : يتبنى المذهب الجمهورى مذهب إنكار وحدات وأطوار التكوين الاجتماعي. لذا يرتب على إقرار علاقة الانتماء الاسلاميه (ذات المضمون الديني- الحضاري )، إلغاء علاقة الانتماء العربية (ذات المضمون اللساني-الحضاري"غير العرقى"). فعلى سبيل المثال لا الحصر ورد في رسالة (خطاب إلى جمال)( أن تنفض يدك فوراً من الدعوة الباطلة ـ دعوة القومية العربية ـ وأن ترجع بشعبك إلى الإسلام رجوعا واعياً، وأن تحاول بعث المعاني الإنسانية الرفيعة التي يذخر بها القرآن، وأن تصلح بها قومك أولاً) .فالنص يقرر بوضوح ان علاقه الانتماء العربيه "دعوه القوميه العربيه فى النص" تتنافض مع علاقه الانتماء الاسلاميه "الاسلام فى النص".والدليل على هذا التناقض ان القوميه العربيه طبقا لمنطوق النص "دعوه باطله تقتضى الرجوع الى الاسلام ".

مناهضه حركه التحرر القومي العربي بقياده الزعيم جمال عبد الناصر :اتساقا مع هذا الموقف النظرى ، ناهض الحزب الجمهوري فى السودان- على المستوى الهملى - حركه التحرر القومي العربي من الاستعمارالقديم والجديد"الامبريالى الامريكى " والاستيطانى"الصهيونى" بقياده الزعيم الراحل /جمال عبد الناصر(رحمه الله تعالى ).ومن مظاهر هذه المناهضة:

ا/معارضه تأميم قناة السويس: لا ينكر الجمهوريين أنهم عارضوا تأميم الزعيم الراحل جمال عبد الناصر لقناه السويس، وهو احد أهم انتصارات حركه التحرر القومي العربي من الاستعمار ، ولاقى تأييد اغلب الشعب العربي، وقد برر الجمهوريين هذه المعارضة بأنها ليست معارضه للتأميم فى ذاته ، ولكن فى طريقه التأميم ( لقد كنا أول من عارض تأميم الثورة لقناة السويس، وذلك غداة تأميمها، ولم يكن إعتراضنا منصباً على التأميم في حد ذاته، بقدر ما كان منصباً على الطريقة التي جرى بها التأميم...).

ب/ رفض سياسة " الحياد الايجابى" : كما رفض الجمهوريين سياسة الحياد الايجابي التي تبنى الزعيم الراحل جمال عبد الناصر مع زعماء آخرون "نكروما، تيتو.. "بهدف تأسيس كتله ثالثه ازاء الكتلتين الشرقية والغربية ، وقد برروا هذا الرفض بأنه تصحيح لرأى ناصر للمفهوم ، لأنه تضمن العداء للغرب بقياده أمريكا، ولان هذا المفهوم يجب أن يقوم على فلسفه الإسلام ( أن تصحح رأيك في الحياد الإيجابي.. فإنك، لن تستطيع الحياد إذا أسرفت في عداوة فريق من الفريقين. فإن الإسراف لا يورث الإعتدال ـ فأنت لا تجني من الشوك العنب.. وإنك لن تستطيع أن تكون "إيجابياً" في حيادك إلا إذا كنت تملك الفلسفة الإيجابية.. وما نرى لك فلسفة، بإزاء الرأسمالية، والشيوعية، غير الإسلام.) نصيحة الجمهوريين لجمال ، وهذا الراى يتجاهل ان الحياد الايجابي هو حلف بين مسلمين"دول عربيه واسلاميه " ، وغير مسلمين "دول العالم الثالث غير المسلمة "- وهو الأمر الذي اقره الرسول (صلى الله عليه مسلم)- اى جواز حلف المسلمين مع غير المسلمين لتحقيق غايات تتسق مع قيم الإسلام فى الحق والخير ورد الظلم..- ،وانه لا يمكن ان يتحقق الحياد الايجابي إلا بالتحرر من الاستعمار القديم والجديد .
تأييد الرئيس / محمد أنور السادات وردته السياسيه : كما أيد الجمهوريين الرئيس /محمد أنور السادات الذي تولى السلطة في مصر1970، والذي تبنى – بدعم من الغرب بقياده امريكا- سياسه تقوم على محاوله الارتداد عن مجمل سياسيات الزعيم الراحل من مناهضه الاستعمار القديم والجديد والاستيطاني، إلى التبعية للولايات المتحدة الامريكيه،وتوقيع اتفاقيه سلام مع الكيان الصهيوني”كامب ديفيد”، ومن اقامه تنميه مستقلة وتحقيق العدالة الاجتماعية، إلى تطبيق النظام الاقتصادي الراسمالى، تحت شعار الانفتاح الاقتصادي ،ومن التضامن العربي، إلى قطع العلاقات مع الدول العربية،ثم سارت عدد من الانظمه العربية في نفس هذا الخط.وشكل كل هذا مرحله هامه من مراحل تطبيق مشروع الشرق الأوسط الجديد "الامبريالي الصهيوني، والذي نحج أخيرا ، في الارتداد بالنظام السياسي العربي خطوات تجاه التفتيت على أساس طائفي ،فضلا عن انزلاق بعض أجزائه نحو الفوضى.

التفسير اللاهوتي لطبيعة القضية الفلسطينية: ويتبنى المذهب الجمهوري التفسير اللاهوتى لطبيعة القضية الفلسطينيه، وهو تفسير قائم على أن الصراع الذي تثيره مشكله فلسطين قائم بين المسلمين من جهة واليهود من جهة أخرى لمجرد أنهم يهود، فهي مشكله صراع بين الأديان. وانه قال بهذا التفسير الكنيسة الكاثولوكيه في أوربا في العصور الوسطي خلال فتره الحملات الصليبية.كما يمكن اعتبار التفسير الصهيوني شكل من أشكال هذا التفسير .. حين سُئِلَ محمود محمد طه عن مفهومه في قول الرسول "إنه سيأتي يوم سنقاتل فيه اليهود وسينطق الحجر ويقول للمسلم أنَّ ورائي يهوديًا فاقتله"، قال: . لا. نحن لن نقاتل اليهود لأن اليهود سيصبحون مسلمين! حلُّ المشكلة هو أن اليهود وكل الملل سيصبحون مسلمين. إسرائيل ستصبح دولة مسلمة. يقول تعالى: "هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا" الله سيهدي الناس كلهم. حلُّ مشكلة فلسطين في أن يسلم اليهود).

الدعوه للتطبيع مع الكيان الصهيونى: واخذ المذهب الجمهوري بهذا التفسير يفسر لنا ان الجمهوريين كانوا من أول الجماعات التي جاهرت بالدعوة إلى الاعتراف بإسرائيل – وهى الدعوة التي يترتب عليها الاقرار بمشروعيه اغتصاب الصهاينة لأرض فلسطين ،ونفى وجود اى حقوق وطنيه او قوميه أو دينيه للشعب الفلسطيني –لذا انه بعد عقود من اعتراف الفلسطينيين واغلب العرب بإسرائيل لم يحصل الشعب الفلسطيني على حقوقه ولم تحل القضية الفلسطينية . فتبنى بعض المسلمين لهذا التفسير اعتقادا منهم انه يمثل الفهم الاسلامى الصحيح للمشكلة وطبيعة الصراع التي تثيره وهو غير صحيح، لان الإسلام لم يأذن للمسلمين بقتال غير المسلمين إلا في حالتي إكراههم على الردة أو إخراجهم من ديارهم فالإسلام يحرم الاعتداء ولو كان من مسلم ويوجب قتاله ﴿ وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فن بغت أحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله﴾. أما الاحتجاج بكون الصراع ديني بلعن الله اليهود، فان الله تعالى قد حكم على اليهود بان لا يكونوا امة تختص بديار لأنه حكم تاريخي ينصب على سائر اليهود، أما لعنة الله لليهود فتنصب على من استكبر منهم بدليل تمييز القرآن بينهم. ﴿ ومن أهل الكتاب من أن تؤمنه بقنطار يؤده إليك ومن ان تامنه بدينار لا يؤده إليك إلا مادمت عليه قائما ﴾. (آل عمران : 75). وتحريفهم العقيدة الصحيحة لم يحول دون أن يقبل الرسول أن يكونوا مواطنين في دولة المدينة ( أن اليهود من بني عوف امة مع المؤمنين). فقضيه الصراع حول ارض فلسطين قضية المسلمين في جميع إنحاء الأرض لأنه صراع يتصل بمشروعية الفتح الإسلامي وحق المسلمين في العيش على الأرض التي اسلموا فيها أو حملهم إليها الإسلام منذ أربعة عشر قرنا. كما أن الإسلام أوجب على جميع المسلمين الجهاد إذا حدث اعتداء على ديار المسلمين.

مذهب الافريقانيه: يستخدم مصطلح “الافريقانيه ” بدلالات متعددة ، ونستخدمه في هذه الدراسة للدلالة على العديد من المذاهب التي تنطلق من إيديولوجيات مختلفة – لدرجه التناقض- لكنها تخلص إلى ذات النتيجة “الخاطئة”، وهى أن الأصل في علاقة الانتماء الافريقيه للشخصيات العامة الحضارية للأمم والشعوب والقبائل القاطنة في إفريقيا - ومنها الشعب السوداني - أنها علاقة انتماء اجتماعيه حضاريه . ووجه الخطأ في هذه النتيجة أن لعلاقة الانتماء الافريقيه مضمونين: مضمون رئيسي جغرافي قاري ، وهذا يعنى أن الأصل فيها هو كونها علاقة انتماء جغرافيه قارية ، ومضمون ثانوي اجتماعي حضاري ، اى وجود قيم اجتماعيه وحضاريه مشتركه بين الأمم والشعوب والقبائل القاطنة في أفريقيا، لم يصل إلى درجه تحقيق وحده اجتماعيه وحضاريه بينها،بحيث تصبح أمه واحده .

المذهب الماركسي الاصلى في علاقات الانتماء : هو مذهب يلغى- فى صيغته الاصليه التى وضعها كارل ماركس- التى كل علاقات انتماء الشخصية، خلاف علاقة انتمائها الطبقية، ، لأن انتماء كل إنسان إنما يكون إلى طبقته، وان شخصيه كل إنسان هي شخصيه طبقته، استنادا إلى المقولة المنهجية المادية القديمة أن أسلوب إنتاج الحياة المادية هو الذي يحدد الانتماء الاجتماعي حتما. فهو يلغى علاقة الانتماء الدينية (الاسلاميه) للشخصية استنادا إلى الموقف الماركسي المادي السلبي من الأديان.كما يلغى علاقة الانتماء القومية للشخصية استنادا إلى التحليل الماركسي الستالينى الذي يربط بين القومية والراسماليه ذات الجوهر العدواني(نتيجة لتعاصر النمو الراسمالى والنمو القومي في أوربا) ، وبالتالي يربط بين القومية والعدوان ، ويدعو إلى استبدال علاقة الانتماء القومي إلى أمه إلى علاقة انتماء اممى إلى الطبقة العاملة.

الهبوط بالماركسية من الامميه إلى القبلية: غير ان هذا المذهب يقوم فى شعوب الامه العربيه المسلمه ،على استبدال الصراع الاممي بين الطبقة البرجوازية السائدة والطبقة العاملة المسودة في ظل النظام الراسمالى، بالصراع القبلي والشعوبي بين الجماعات القبلية والشعوبية السائدة والجماعات القبلية المسودة ، ليهبط بالماركسية من الامميه إلى القبلية، ومن الانسانيه إلى العنصرية .

المذهب الليبرالي "الفردى": الليبرالية فلسفه فرديه ترى - استنادا إلى فكره القانون الطبيعي- أن الفرد ذو حقوق طبيعية سابقة على وجود المجتمع ذاته. وهى بهذا تتطرف في تأكيد وجود الفرد ، إلي درجه تلغى فيها وجود الجماعة

التعدد المطلق واضعاف علاقات الانتماء العامه والغاء المساواه فى المجتمعات الغربيه والتمهيد للتفكك والفوضى فى المجتمعات الناميه : فالفلسفة الليبرالية تقوم على التعدد المطلق على مستوى السياسي الاجتماعي ، وعلى مستوى الهوية ، بتأكيدها على حرية الأفراد المكونين للمجتمع ، على حساب وحده المجتمع والدولة كممثل لهذه الوحدة ، مما يؤدى إلى إلغاء أو إضعاف علاقات الانتماء العامه المتعددة للشخصية المعينة ( بما فيها علاقة الانتماء الأسرى) ، فيصبح انتماء الفرد إلى ذاته وولائه إلى مصلحته. كما يؤدى إلي إلغاء المساواة كما هو ماثل في تجارب المجتمعات الغربية. وقد يؤدى إلى الفوضى " تفكك الدولة،الانهيار الاقتصادي..." كما هو ماثل في تجارب المجتمعات الاخرى"الناميه"ـ التى تفتفر الى الوعى السياسى لشيوع الاميه القبليه والطائفيه...والدوله المؤسسيه، والخبره التاريخيه السياسيه والديموقراطيه والتقنيه..والاقتصاد القوى....

التكريس للشعوبيه والتجزئه والتغريب فى المنطقه العربيه والاسلاميه : ورغم أن الليبرالية تقر بالامه كوحدة تكوين اجتماعي – وان كانت تنظر إليها كوجود طبيعي(خالد) وليس كطور تكوين اجتماعي متطور – إلا أنها في المنطقة العربية ككل كانت تكرس لاستبدال الوجود القومي بالوجود الوطني" الاقليمى"، واستبدال الانتماء القومي بالانتماء الوطني، لتصبح ذات مضمون شعوبي مرتد إلى مرحله الطور الاجتماعي السابق. ومرجع ذلك أن الاستعمار" القديم والجديد" ، الذي هو احد إفرازات الراسماليه كنظام ليبرالي في الاقتصاد ،هو الذي اوجد التجزئة ويحرسها. كما أن الليبرالية في المنطقة الاسلاميه ككل تكرس للتغريب . أن ما سبق من تحليل يفسر تأييد بعض الشخصيات و التيارات الليبرالية للدعوات الانفصالية ، أو تبنى بعض الدعوات الانفصالية لليبراليه كايديولوجيه ، فى المنطقه العربيه والاسلاميه.

من آليات تجاوز الشعوبية المعاصرة : أما آليات تجاوز الشعوبية المعاصرة فتتمثل في:

العمل التدريجي المشترك على إلغاء تخلف النمو الحضاري والاجتماعي ومظاهره.

تأكيد المساواة بين الجماعات القبلية والشعوبية المختلفة ،ورفض كافه مظاهر التمييز بسبب اللون أو العرق أو المذهب أو الدين…

تفعيل الانتماء الوطني والقومي والديني.

نشر الوعي الاجتماعي …

عدم الانصياع للدعوات التي تهدف إلى بذر بذور التفرق والاختلاف والانقسام بين الشعوب العربية- مستغله احداث معينه - والتي لا تخدم إلا أهداف أعداء الشعوب العربية كالكيان الصهيوني والسياسات الامبريالية للحكومات الامريكيه المتعاقبة ، والتي لا تعبر –بالضرورة -عن توجه الشعب الامريكى،لان اغلبها.

عدم تعميم اى أحكام سلبية على اى شعب عربي بكامله ، استنادا إلى موقف سلبي من بعض مواطنيه أو بعض مؤسساته الاعلاميه أو السياسية أو الامنيه… أو حتى أنظمته السياسية .

العمل على حل الخلافات بين الدول العربية بطرق قانونيه سلميه.وإنشاء محكمه عربيه لحل هذه الخلافات.

تفعيل الروابط (الموضوعية) الدينية والتاريخية والحضارية والجغرافية… التي تربط بين شعوب الامه العربية

الالتزام بالتوجيه الاسلامى القائم على الحث على الوحده ونبذ التفرق والاختلاف والانقسام: قال تعالى (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ )(آل عمران103)،

اتخاذ كل الخطوات الممكنة لتحقيق الوحده الوطنية والقومية “العربية” والدينية “الاسلاميه”، بأسلوب واقعي –عملي ذو طبيعة سلميه / مؤسساتية / جماهيريه.

إلغاء اى التناقض بين الاهتمام باللغة العربية كلغة قوميه مشتركه ، و احترام اللهجات القبلية واللغات الشعوبية الخاصة.

التأكيد على أن الحضارة العربية “القوميه”لم تلغى الحضارات القبلية والشعوبية السابقة عليها، بل حددها كما يحد لكل الجزء فيكمله ويغنيه.

طبيعة الحضارات السابقة بين المنظورين الشعوبي والعربي- الاسلامى:وأخيرا فإننا نرفض المنظور الشعوبي لطبيعة الحضارات التي سادت في هذه المنطقة قبل ظهور الإسلام “كالحضارات الاشوريه والبابلية والنوبية والفينيقية والفرعونية … ، والقائم على افتراض خاطئ مضمونه انها حضارات قوميه شكلت أمم خاصة. ونرى إنها كانت عبارة عن حضارات قبليه متجولة ، أو حضارات شعوبيه مستقره على ضفاف الأنهار، ولكنها ليست حضارات قوميه شكلت أمم خاصة، قال تعالى (وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا) ، وان هذا الوجود الحضاري القبلي او الشعوبي لم ينتهي ، بل تحول من وجود حضاري كلى عام ، إلى وجود حضاري جزئي خاص ،يحده فيكمله ويغنيه ولكن لا يلغيه وجود حضاري عام (وطني وقومي و ديني “اسلامى”). إذا هذا المنظور القومى “العربي – الاسلامى” يرى أن الإسلام لم يلغى الوجود الحضاري القبلي والشعوبي السابق عليه، بل حدده كما يحد الكل الجزء. فكان بمثابة إضافة أغنت تركيبه الداخلي، وأمدته بإمكانيات جديدة للتطور. والدليل على ذلك اعتبار علماء الإسلام أن العرف هو مصدر من مصادر الشريعة التبعية استدلالا بقوله (صلى الله عليه وسلم) (ما رآه المسلمون حسن فهو عند الله حسن) ( رواة الترمزى وأبو داؤد)



د. صبري محمد خليل / أستاذ فلسفة القيم الاسلاميه في جامعه الخرطوم

[email protected]
______________________
للاطلاع على مقالات أخرى للدكتور صبري محمد خليل يمكن زيارة المواقع التالية:
1- الموقع الرسمي للدكتور/ صبري محمد خليل خيري | دراسات ومقالات الموقع الرسمي للدكتور صبري محمد خليل خيري
2- د. صبري محمد خليل Google Sites
https://sites.google.com/site/sabriymkh/‏

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى