د. محمد عباس محمد عرابي - من معالم أسيوط القديمة.. (المجاهدين ومسجدها الشهير أنموذجًا)

إعداد د/محمد عباس محمد عرابي

مدينة أسيوط مدينة ذات تاريخ عريق لها مكانتها لبعلمية والتاريخية منذ فجر التاريخ وآثار البداري وتاسا التي يعود تاريخها لأكثر من أربعة آلاف سنه خير دليل ،وقد أحسن المؤرخ القدير/صلاح علي فراج بتناول الحديث عن أسيوط تاريخها آثارها مشاهيرها أعيانها آماكنها الشهيرة تحت عنوان "حكايات أسيوطية /ومما تحدث عنه حكاية " صلاح علي فراج

‏ ‏ميدان‏ ‏المجاهدين‏ ‏قلب‏ ‏أسيوط‏ ‏القديمة" لذا كان هذا المقال" من معالم أسيوط القديمة (ميدان المجاهدين أنموذجًا )(قراءة في كتابات منش المؤرخ صلاح فراج والأستاذ محمود عجمي ومحمود مالك)لمناقشة وعرض ما ورد في مقال المؤرخ الكبير صلاح فراج والأستاذ محمود عجمي ومحمود مالك حيث تناول في هذا المقال المحاورالتالية :

*المحور الأول :وصف منطقة المجاهدين:



‏وصف المؤرخ الكبير/صلاح علي فراج منطقة المجاهدين بقوله:"

فيما‏ ‏تبدو‏ ‏بعض‏ ‏البيوتات القديمة تحولت إلى أبراج عالية ‏الأبراج‏ ‏الأكثر‏ ‏حداثة‏ ‏والتي‏ ‏أصبحت‏ ‏

تشغل‏ ‏معظم‏ ‏المنطقة‏ ‏ ‏في‏ ‏تجوالي‏ ‏ ‏بغرب‏ ‏أسيوط‏ ‏تلك‏ ‏المنطقة‏ ‏الغنية‏ ‏في‏ ‏تراثها

‏ ‏الروحي‏ ‏الغائبة‏ ‏سياحيا‏.‏فهذه‏ حارة الشيخ صالح و ‏حارة‏ ‏العطارين‏ ‏يمينا‏ ‏حيث‏ ‏كنيسة‏ ‏الشهداء‏.‏ويسارا‏ ‏تبدو‏ ‏منطقة‏ ‏القيسارية‏ ‏الأثرية‏

‏هذا‏ ‏شارع‏ ‏السويقة‏ ‏الذي‏ ‏يصل‏ ‏إلي‏ ‏كنيسة ‏الشهيد‏ ‏أبادير‏ ‏وأخته‏ ‏إيريني‏.

‏ ويعد ‏موقع‏ ‏ميدان‏ ‏المجاهدين‏ ‏كمسار‏ ‏مهم‏ ‏للطريق‏ ‏التجاري‏ ‏القديم‏ ‏الشهير‏

‏عبر‏ (‏درب‏ ‏الأربعين‏) ‏وتذكر‏ ‏الكتابات‏ ‏التاريخية‏ ‏أن‏ ‏هذا‏ ‏المسار‏ ‏الشهير‏ ‏طولا‏ ‏كان‏ ‏يمتد‏ ‏ليصل‏ ‏إلي‏ ‏مدينة‏ ‏الخرطوم‏ ‏عاصمة‏ ‏السودان‏ ‏في‏ ‏رحلة‏ ‏تجارية‏ ‏تستغرق‏ ‏أربعين‏ ‏يوما‏.



المحور الثاني :سبب تسمية المنطقة بالمجاهدين :

يقول المؤرخ الكبير/صلاح علي فراج"

والمتبع‏ ‏لجذور‏ ‏هذه‏ ‏المنطقة‏ ‏تاريخيا‏ ‏وروحيا‏ ‏يجد‏ ‏أن‏ ‏ميدان‏ ‏المجاهدين‏ ‏الذي‏ ‏يتوسط‏ ‏

مساحة‏ ‏قرابة‏ 20 ‏فدانا‏ ‏يعد‏ ‏حلقة‏ ‏من‏ ‏حلقات‏ ‏الميادين‏ ‏التاريخية‏ ‏الشهيرة‏ ‏واكتسب‏ ‏شهرته‏ ‏الخاصة‏ ‏بأنه‏ ‏كان‏ ‏يضم‏ ‏. اكثر من مسجد و أكثر‏ ‏من‏ 8 ‏كنائس‏ ‏اندثر‏ ‏معظمها‏.‏وأثبتت‏ ‏بعض‏ ‏الحفريات‏ ‏أن‏ ‏جوفه‏ ‏يضم‏ ‏حاليا‏ ‏أسفل‏ ‏البيوت‏

‏القديمة‏ ‏بعض‏ ‏الكنائس‏ ‏تبدو‏ ‏بأعمدتها‏ ‏وتيجانها‏ ‏ورفات‏ ‏بعض‏ ‏الشهداء‏ ‏الذين‏ ‏كانوا‏

‏يطلقون‏ ‏عليهم‏ ‏المجاهدين‏ ‏من‏ ‏أجل‏ ‏الإيمان‏.‏

هذه وجهة النظر المسيحية لتسمية المنطقة بالمجاهدين .



لكن الثابت تاريخيا أن اسم

المجاهدين اسم مدينة أسيوط القديمة والتي يقع فيها المنطقة الأثرية القديمة والتي سكنها شعب أسيوط على مر العصور،

من فترة كبيرة وجد بعض الناس الذين حاولوا بناء منازلهم بهذه المنطقة بعض شهداء جنود من الفتح الإسلامي الذين فتحوا مصر في عهد ثاني الخلفاء الراشدين عمر بن الخطاب دفنوا بملابس القتال وكانت إلى جوارهم وثائق تاريخية للدلالة على أنهم شهداء جاءوا في عصر الفتوحات الإسلامية ومن هنا سُميت المنطقة بالمجاهدين. وبالمنطقة يوجد أقدم المساجد باسيوط على الاطلاق وهو مسجد المجاهدين"



المحور الثالث :أبرز مساجد منطقة المجاهدين بأسيوط :

‏يوجد بالمجاهدين أقدم مساجد أسيوط

مثل مسجد المجاهدين ومسجد القرماني

، وجامع القرماني جدده المرحوم سعيد باشا وجعل له مائة وخمسين فدانا والناظر عليه الشيخ الشطبي.

وجامع

الشيخ مرزوق بشارع غرب البلد

وجامع عبد العاطي وجامع عواجة

يعتبر مسجد المجاهدين واحدا من أقدم المساجد فى مدينة أسيوط وهو من المساجد المعلقة، حيث إنه يقع على ربوة عالية منذ نشأته عام 1708م؛ ومئذنته تعتبر أعلى مآذن الصعيد ارتفاعًا وهي من المآذن الممشوقة معماريًا، ويقع بميدان المجاهدين غرب مدينة أسيوط.

ويُعد من أقدم المساجد الأثرية بمدينة أسيوط ويرجع تاريخ تجديده إلى العصر العثماني عام 1120هـ - 1707 حيث قام بإعادة عمارته محمد بك الأمير، أحد أمراء الألوية في الدولة في العهد المملوكي على نظام العمارة العثمانية، والمشار إليه باللوحة التأسيسية الذي يعلو المدخل الرئيسي بالواجهة الشرقية للمسجد وله مدخلان أحدهما بالواجهة الشرقية وهي الرئيسية ومدخل آخر بالناحية الجنوبية، وأقيم المسجد وقت بناؤه على ربوة مرتفعة بمنطقة غرب البلد بمدينة أسيوط، وهي أقدم وأعرق منطقة في المحافظة.

وعن مسجد المجاهدين كتب عنه الأستاذ محمود عجمي مقالا في صحيفة اليوم السابع ومما أورده العجمي قول الدكتور أحمد عوض الصعيدي، مدير عام الآثار الإسلامية والقبطية بأسيوط، عن مسجد المجاهدين: "أنشأه الأمير محمد بك أمير اللواء السلطاني، وهو أحد أمراء الألوية من قبل الدولة العثمانية، في سنة 1120هـ/ 1708م، ويقع هذا المسجد في منطقة ميدان المجاهدين بحي غرب مدينة أسيوط، وشُيد المسجد على غرار المساجد العثمانية وله مئذنة مملوكية الطراز ترجع للعصر المملوكي، كما أن المسجد الحالي بُنى على أنقاض مسجد بُنى في العصر المملوكي ولم يتبق منه سوى المئذنة فقط".

المحور الرابع :وصف مسجد المجاهدين:

وحسب كتاب تاريخ العمارة الاسلامية، فإن التخطيط المعماري العام للجامع يتكون من مساحة مربعة الواجهة الجنوبية، وهي الواجهة الرئيسة، وهو من النوع التذكاري بحجر غائر، ويتوجه عقد مدائني، ويعلو المدخل عتب خشبي زخرف بأشكال هندسية بطريقة الحفر ويعلو العتب الخشبي لوحة حجرية.

وقد ذكر الأستاذ محمود العجمي في مقاله ما ذكره الدكتور أحمد عوض الصعيدي في وصف مسجد المجاهدين حيث يذكر " أنه يتكون التخطيط المعمارى لجامع المجاهدين من الداخل من مساحة يتوسطها 3 صفوف من الأعمدة الخشبية بكل صف 4 أعمدة، وجدار القبلة ينحرف قليلا جهة الغرب لتأخذ الاتجاه الصحيح للقبلة، كما يتوسط المسجد المحراب وهو عبارة عن حنية نصف دائرية يتوجها طاقية معقودة بعقد نصف دائري، وقد زخرف أعلى المحراب بزخارف هندسية قوامها أشكال نجمية نفذت بالطوب المنجور؛ كما يوجد على يمين المحراب المنبر وهو من الخشب المزخرف بزخارف هندسية بطريقة السدايب، أما دكة المؤذن فهى من الخشب وتقع بوسط الجدار الشمالي، وهى مستطيلة الشكل ترتكز على أربعة أعمدة ويصعد إليها بسلم خشبي.

وبين أن سقف جامع المجاهدين مسطح من الخشب عبارة عن عروق خشبية تحمل فوقها ألواح متراصة وتستند على 8 أعمدة خشبية وترتبط الأعمدة بينها بروابط لحمل أدوات الإنارة ويتوسط السقف شخشيخة من الخشب فتح فى جوانبها الأربعة نوافذ للإضاءة والتهوية، كما ألحق بالجامع مئذنة تقع بالزاوية الشمالية الشرقية وتبرز عن سمات الواجهة الشرقية، وأهم ما يميز مئذنة جامع المجاهدين تعتبر أعلى مآذن الصعيد ارتفاعًا وهى من المآذن الممشوقة معماريًا، حيث بنيت بالكامل بالطوب المنجور، وتتكون من قاعدة مربعة وأربعة طوابق مثمنة الشكل زخرفت جوانبها بدخلات مستطيلة تنتهى بعقود مدببة، وينتهى كل طابق بثلاثة صفوف من المقرنصات تحمل شرفة خشبية مثمنة ثم تنتهى المئذنة بدروة صغيرة ثم قمة مخروطية الشكل.

كما ألحق بالجامع قبة ضريحية تقع خلف الجدار الغربي على يسار الميضة، وهي عبارة عن مساحة مربعة الشكل يغطيها قبة قطاعها نصف دائرى وبأرضية القبة الضريحية تركيبة خشبية بسيطة وبالجدار الجنوبى حنية محراب صغير، كما كان توضع صناديق خشبية بها مصابيح للإضاءة حيث جرت العادة على أن تضاء مع المغرب وتطفئ في وقت الإمساك.

قد زخرف أعلى المحراب بزخارف هندسية قوامها أشكال نجمية نفذت بالطوب المنجور، وعلى يمين المحراب المنبر، وهو من الخشب المزخرف بزخارف هندسية بطريقة السدايب، أما دكة المؤذن فهي من الخشب وتقع بوسط الجدار الشمالي، وهي مستطيلة الشكل ترتكز على 4 أعمدة ويصعد إليها بسلم خشبي، وسقف الجامع من الخشب ويتوسطه شخشيخة من الخشب فتح في جوانبها الأربعة نوافذ للإضاءة والتهوية.

تطوير مسجد المجاهدين

يؤكد الدكتور الصعيدي أن مسجد المجاهدين تم الانتهاء من تطويره وترميمه لأول مرة فى تاريخه منذ إنشاء المسجد، حيث شملت ترميم مئذنة المسجد، التى تعد من أكبر المآذن فى أسيوط، وتجديد الأرضيات والكهرباء ودورات المياه، وترميم حوائط وأعمدة المسجد، وترميم المنبر مع الاحتفاظ بالمحراب (القبلة) كما هى لأثريتها، وتجديد البوابة الخارجية لتكون على الطراز الإسلامى، كما يتكون المسجد من مدخل ضخم يعلوه عقد ثلاثى الفصوص، واجهته من الطوب الأسود، وبه بئر ماء، ويحيط بحوائط المسجد زخارف خشبية منقوش عليها نهج البردة.

وفي عام ٢٠١٩ قامت الدولة بالانتهاء من أعمال تطوير مسجد المجاهدين بإشراف كامل من هيئة الآثار لكونه قيمة دينية وتراثية، شملت أعمال تطوير مأذنة المسجد والتي تعد من أكبر المأذن في أسيوط وتجديد الأرضيات والكهرباء ودورات المياه وترميم حوائط وأعمدة المسجد وترميم المنبر مع الاحتفاظ بالمحراب (القبلة) كما هي لأثريتها كما تم الانتهاء من تركيب تكييفات للمسجد ونجف جديد وفرش جديد بمساحة 304 متر مربع و تجديد البوابة الخارجية على نمط الطراز الاسلامي المتميز.

المراجع :

1- المؤرخ /صلاح علي فراج ، حكايات اسيوطية 22المجاهدين


2-باسمة‏ ‏وليم / أسيوط ،جريدة وطني العدد 2285 ،بتاريخ 9/10/2005 م

3-محمود عجمي ، مسجد المجاهدين ( عمره 311 عاما.. حكاية مسجد المجاهدين أقدم المساجد المعلقة فى أسيوط.. ) صحيفة اليوم السابع،السبت، 08 يونيو 2019

4-محمود مالك: مساجد تاريخية «المجاهدين».. أقدم المعالم الإسلامية بأسيوط، صحيفة أخبار اليوم

الأحد، 02 مايو 2021

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى