د. السيد إبراهيم أحمد - "ليالي الحلمية": مسلسل بين الريادة والعمادة..

على الرغم من أن مصر لم يكن لها قصب السبق والريادة في امتلاك أو إطلاق البث التليفزيوني عربيا؛ فقد سبقتها العراق والجزائر ولبنان، إلا أن الريادة كانت لها في إطلاق هذا الزخم الدرامي من المسلسلات الإذاعية والتلفازية، ومن أوائل المسلسلات المصرية والعربية في الإذاعة مسلسل "عائلة مرزوق أفندي" حيث بدأ بث أولى حلقاته عام 1959 على الإذاعة المصرية من خلال برنامج “إلى ربات البيوت” التي كانت تعده الإعلامية المصرية صفية المهندس، وأتى في صورة حلقات متتالية إلا أن موضوعاتها منفصلة، اهتم مضمونها بالشأنين المصري والعربي معا باعتبار الإذاعة مصرية لكنها تتحدث العربية وتخاطب العرب.

كان التليفزيون المصري في أول إرساله يعتمد على بث السهرات التليفزيونية التي يستغرق زمن عرضها الساعة أو الساعة ونصف الساعة، ويعود الفضل للسيناريست الراحل فيصل ندا الذي قرأ رواية الأديب ثروت أباظة "هارب من الأيام" وحولها لمسلسل في ثلاثين حلقة، الأمر الذي رفضته مراقبة التمثيليات بالتليفزيون لكونها لا تنتج مسلسلات، وطلبوا تقديمها كتمثيلية سهرة، لكن آزره في موقفه مراقب عام التمثيليات ـ آنذاك ـ المخرج نور الدمرداش وتحمس للتجربة الجديدة، وعرض الموضوع على وزير الإرشاد القومي، ووافق عليها لتشهد الدراما العربية عهدا جديدا مع المسلسل التليفزيوني، كما تشهد للسيناريست فيصل ندا ريادته في إرساء قواعد وأسس الكتابة للأعمال التليفزيونية أيضا وهو لم يزل طالبا في كلية التجارة جامعة القاهرة، وريادة الإخراج التليفزيوني لفن المسلسلات للدمرداش، وقد تم بث هذا المسلسل في الثالث والعشرين من شهر يوليو عام 1962م بعد عامين من انطلاق التليفزيون المصري في عام 1960م، في شهر رمضان تحديدا، وقد كان هذا حجر الأساس للدراما الرمضانية من تاريخه وحتى الآن.

لقد نجح مسلسل "هارب من الأيام" إلى الدرجة التي كانت شوارع القاهرة تخلو من المارة الذين يتجمعون أمام شاشات التلفزيون لمتابعة المسلسل، على الرغم من أن أغلب الأسر المصرية لم تكن تمتلك تليفزيونا، وتم التغلب على هذا بالتجمع فى المقاهى، أو عبر الأكشاك التي بها تليفزيون، تلك التي أنشأتها وزارة الإرشاد القومي في الحدائق لهذا الغرض، وقد كانت تدعو بعض الأسر التى تملك جهاز تليفزيون بعض الجيران ممن لا يملكونه لمشاهدة حلقات المسلسل الذى كان يُعرض بواقع حلقة مدتها نصف الساعة كل يوم جمعة.

استثمر فيصل ندا هذا النجاح وعرض على الدمرداش أن يعملا مسلسل الأجزاء، وهو ما دونه التاريخ لهما بالريادة أيضا، حيث نجحا في تقديم رواية الأديب عبد المنعم الصاوي وكيل وزارة الإعلام الأسبق "خماسية الساقية" إلى ثلاثة أجزاء: "الضحية"، و"الرحيل"، و"النصيب"، ثم توقف إنتاج باقي الأجزاء: "التوبة" و"الحساب" بعد اعتلاء الصاوي كرسي وزارة الإعلام، وآثر أن تتوقف الخماسية حتى لا يتهمه أحد باستغلال منصبه في نشر وإنتاج أعماله الأدبية.

أسامة أنور عكاشة من الأدب للسيناريو:

عرفت مصر والعالم العربي "ثلاثية القاهرة" للكاتب العالمي الراحل نجيب محفوظ باعتبارها من روايات الأجيال، ويظن كثير من القراء أنها العمل الأول في هذا النوع من الروايات في أدبنا العربي المعاصر، غير أن محفوظ نفسه يحكي عن تأثره وتفكيره في كتابة الثلاثية بعد أن قرأ رواية "شجرة البؤس" لعميد الأدب العربي دكتور طه حسين، وهو ما يعني أن الريادة لم تكن لمحفوظ، على الرغم من كونه عميد الرواية العربية على الإطلاق وحتى تاريخنا الراهن؛ فهو الذي نقل الأدب العربي إلى العالمية بعد حصوله على جائزة نوبل للآداب، كما أن هذه الثلاثية تحديدا تركت أثرا كبيرا، ولم تزل، في كثير من الكتَّاب المصريين والعرب، ومنهم السيناريست والروائي والمسرحي والقاص أسامة أنور عكاشة، والذي كان يعلن عن تأثره هذا كثيرا ودون مواربة وبكل فخر، على الرغم من كونه قد قرأ معظم كتب الأدب العربي القديم والمعاصر، بل الآداب الغربية بنفس العشق والشغف.

أصدر أسامة أنور عكاشة مجموعته القصصية الأولى ”خارج الدنيا” في عام 1967، إلا أن الفضل يعود للكاتب والروائي الكبير سليمان فياض في تحويل مجرى موهبة عكاشة نحو كتابة الدراما بعدما قرأ مجموعته القصصية، وأعد إحدى قصصها لتقديمها في سهرة تليفزيونية، وهي ـ في الأغلب ـ "العائد.. وأشياء أخرى"، ثم اتفق فياض وكرم النجار على تحويل قصتين من قصصِ المجموعة إلى سهرتين تليفزيونيتين، وهو ما دعا عكاشة أن يتجه نحو الكتابة التلفازية وبدأ بسباعية "الإنسان والسراب".

لم تكن البداية الحقيقة لعكاشة مع المخرج إسماعيل عبد الحافظ، بل سبقتها مع المخرج فخر الدين صلاح صديق عكاشة في الجامعة الذي قدم لعكاشة مجموعة من النصوص التلفزيونية وأرشده لكيفية كتابة الدراما بعد أن وجده تائها في مصطلحات السيناريو فكتب سباعية "الإنسان والحقيقة"، ثم كتب مسلسل "الحصار" ثم كتب مسلسل"المشربية". وأشهد أنني حين رأيت الحصار ثم مسلسل "أبواب المدينة" وهو أول عمل درامي يتم إنتاجه في جزئين، أحسست أن لهذا الكاتب مذاقًا خاصا، ثم اكتشفتُ أن هذا الإحساس قد عرف طريقه لعدد كبير من الأدباء والمثقفين، وكانت هذه الخطوة الواسعة في مشوار عكاشة الدرامي.

يمكن القول بشئ من اليقين ودون المجازفة أن النجاح الجماهيري الكبير لعكاشة بدأ مع مسلسل "الشهد والدموع"، الذي كتبه في مطلع الثمانينيات من القرن الماضي ولم يكن أجزاء بل كتبه في جزء واحد، غير أن المشاكل الإنتاجية التي واجهته جعلت منه جزأين، ذلك أن المنتج أراد أن يتوقف المسلسل عند نهاية العصر الملكي وبداية ثورة 1952، وألا يمتد لما بعد ذلك، خوفا من تعرض المسلسل للهجوم والرفض بسبب ما فيه من سياسة، وأيضا لوشاية وصلته بأن الكاتب والمخرج شيوعيان وسيرفض التليفزيون المصري عرضه مما سيعرضه لخسارة كبيرة، لكن ما أن تم عرض الجزء الأول منه وكان (16) حلقة فقط، بدأ الجمهور في المطالبة بعرض الجزء الثاني، وبسببه تم استرداد عكاشة وعبد الحافظ للإنتاج المصري بعد أن كان الجزء الأول منه يتم تصويره في إستديوهات "عجمان" بالإمارات.

وهنا يأتي وقت السؤال الذي يشغل أذهان من يقارنون أسامة أنور عكاشة بغيره من السابقين عليه والمعاصرين له من كتاب الدراما العربية التليفزيونية: لماذا أصبح هو عميد، وفيلسوف، وفارس، وأسطورة، ومحفوظ الدراما العربية التليفزيونية؟! وقد كان عكاشة يرفض هذا اللقب الأخير على الرغم من اعترافه بتتلمذته على الروائي العالمي نجيب محفوظ، وكان يعتقد أن التشابه وبصمات محفوظ أثرا في فهمه العميق للحارة المصرية، غير أن ما يتميز به عكاشة ولعلها تعطيه سببا في تميزه عن أستاذه أنه ساح في البلاد والأحياء المصرية والقاهرية وعايشها معايشة تامة سمحت له بأن يكون عقله وقلبه مكتبة كبيرة تتسع لصنوف من الشخصيات المصرية المتباينة، ومخزنا عميقا استوعب التراث والأحداث المصرية عبر امتداداتها المتجذرة في التاريخ.

وهو الأمر الذي جعل عكاشة غير متحمس للفرد الفذ أو البطل الدرامي الأوحد لأعماله، فقد كان يفضل تقديم وتجسيم البطولة الجماعية مع كونه لم يتخلَ عن البطل الذي يؤثر في من حوله ويرتفع بهم، ولذا لم يكن يتعب في استجلاب الشخصيات وتفاصيلها وكلماتها وتعبيراتها بحسب السياق الدرامي، وهو ما يستطيع القارئ/المشاهد أن يلحظه ـ بغير تعب أيضا ـ في كافة أعماله دون تفصيلها.

وعلى الرغم من أن عكاشة كان قارئًا نهمًا للتاريخ، إلا أنه يرفض في أعماله أن يكون مؤرخا، كما يرفض أن يكون محكوما بما قرأ أو سمع، أو بما عاصره ورآه بنفسه، بل وعايشه مثلما عاش في "حي الحلمية" فيه خلال دراسته الجامعية، وافتتن بالكثير من شخصياته، وأعجبه التطور الاجتماعي الذي شهده الحي الذي عانقت فيه عبق أنفاس الماضي أنفاس الحاضر في تناغم وانسجام، وهو ما سمح له بالاستفادة من حكايات أهله وما كان يشاهده ويراقبه ويحلله ويدونه في ذاكرته.، وينثره على الورق سيناريو بروح القاص.

غير أن عكاشة ليس من هواة مقولة الحياد في الفن، إيمانا منه بأنه كاتب وليس عليه إلا أن يختار موقفا يعمل من خلاله في صياغة الواقع المعيش في اعتدال وموضوعية يجعل منه مجرد شاهد من خلال رؤيته في العمل الفني الذي يترك للقارئ أيضا حرية الاتفاق معه أو الاختلاف، ذلك أن عكاشة لم يكتب ما كتب مستهدفا وضع اسمه على خريطة الدراما جنيا للمال، أو كسبا للشهرة، بل هو كالنائحة الثكلى أو النذير العريان الذي يرصد قضايا الوطن، ويحاول أن يجعل من أعماله سياجا تحمي الهوية، أو بوصلة تهدي المواطن العادي والمسئول أيا كان موقعه إلى ما يجب عليه تجاه التراث والمعاصرة؛ فهما الوطن، الأمس واليوم والمستقبل.

وكان من دأب عكاشة ألا يمجد الرجل بوصفه صانعا للتاريخ دون أن يقرن معه المرأة "السند" في حياته أو من بعده كما في مسلسل الشهد والدموع، أو المرأة "الند" كما في بعض أجزاء مسلسل ليالي الحلمية، مع كونها حاضرة بتلوناتها المكانية والثقافية والطبقية والقوية والضعيفة والأخلاقية بدرجاتها في أغلب أعماله أو في داخل العمل الواحد.

لقد شكلت "ليالي الحلمية" ملحمة وأتت على رأس أعمال أسامة أنور عكاشة، لكن الحق يقال أنها ليست فقط الملحمة الوحيدة، فأغلب أعماله ـ إن لم تكن كلها ـ تحتاج لقراءة جديدة ومشاهدة ثانية، ولقد ظهرت بوادر مذاق جديد للدراما التليفزيونية الجديدة مع حلقات الجزء الأول من مسلسل "أبواب المدينة" الذي أخرجه فخر الدين صلاح، الذي سبق "الشهد والدموع"، وهذا العمل هو أول أعمال عكاشة ذات الجزئين، وكتبه من أول حلقة وهو يعلم أنه من مسلسلات ذات الأجزاء، كما كان لمسلسل "الحصار" مذاقا مختلفا وإن كان قد أحس به أكثر من لهم شغف بالأدب والفكر من المثقفين قبل العامة، وأشهد الله أنني رصدت حرفية وتكنيك وخلفية عكاشة الثقافية والسياسية وتفرده عن غيره من كتَّاب السيناريو عند مشاهدتي لهذين العملين.

ولهذا اعترف السيناريست الكبير خلقا وفنا "محسن زايد" بأن أسامة أنور عكاشة حوَّلَ كاتب السيناريو بشكل عام وفي التليفزيون على وجه الخصوص إلى "نجم".. وهو الأمر الذي أكده كاتبنا الكبير المتواضع جدا .. نجيب محفوظ، وقد أثبت هذه الشهادة السيناريست سمير الجمل في كتابه: "السيناريو والسيناريست .. في السينما المصرية"، ولم يعترض على الرغم من أن كتابه قد احتوى شيوخ هذه الصنعة من الكبار في القيمة والقامة عبر الأجيال، بل تضمن فصل "مشاهد من أفلام ومسلسلات شهيرة": الجزء الثالث من مسلسل "ليالي الحلمية، الحلقة رقم (30)، والمشهد رقم (13) من مسلسل "ضمير أبلة حكمت".

بل أن هناك الذي رصد منهج عكاشة في الدراما التليفزيونية حين قدم مسلسل “عصفور النار” (1987)، وما يتميز به من رسم شخصياته بامتياز، محدثًا التحولات في مساراتها في كل معرفة جديدة، وبراعته في استخدام تقنيات الاستدعاء، والاتكاء على التراث، واستخدامه للجمل الشعرية في حواره وهي من السمات الرئيسة عنده، كما يرى أحمد عادل عمار في دراسته المعنونة "نحو منهج لدراسة أدب الدراما التليفزيونية: عصفور النار لأسامة أنور عكاشة نموذجا، حيث أن جمله تحمل الصورة والمجاز والإيقاع في آن واحد.

يقف وراء تفرد أسامة أنور عكاشة وتميزه بين أقرانه في أدب الدراما التليفزيونية أن بداخله طاقة ضخمة للحكي والسرد سواء التلفزيوني أو الروائي أو القصصي أو المسرحي، ففي الوقت الذي قد يكتفي بعض كتاب السيناريو بكتابة أعمال قليلة بين التلفاز والسينما، لا يتوقف هو عن إصدار العديد من الأعمال المطبوعة في الرواية والمسرح وغيرهما، ومع هذا يقرر أن ما قدمه من أعمال أقل بكثير مما في داخله ولم يفلح في تقديمه بعد، ولعل هذه المواهب الأدبية في هذه المجالات هي التي جعلت لأعماله مذاقا مختلفا؛ إذ كانت تدور في فلك مشروع درامي أدبي متواصل لا تقطعه فواصل كالسيل المنهمر لأفكاره التي يؤمن بها، ومبادئه التي يضخها في أعماله بنفس العزم والإقبال والتحدي في غير تكرار أو إسهاب بل يكتب مشتاقا للبوح والإفصاح.

لقد نجح عكاشة عبر مسلسل ليالي الحلمية في تجسيد السيناريو الذي يعالج موقفا اجتماعيا أثر في نسج الأحداث والقضايا، حتى تفاعل المضمون في هذا العمل مع الشكل، بل ارتبط كل منهما بالآخر بتفاعل جدلي صادق، كما ترى دكتورة نسمة أحمد البطريق في كتابها "نصوص السينما والتليفزيون والمنهج الاجتماعي"؛ فقد كمنت قيمة العمل في قدرته على التفاعل مع الشخصيات في المكان والزمان، وتفاعل تلك الشخصيات مع الموقف الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والفكري والأيديولوجي، ومن خلال الحوار والإيقاع والموسيقى والمواقف والأحداث والديكور، كما أضاف عكاشة قيمة فنية وفكرية لهذا العمل ليس فقط من خلال المعنى المباشر لتفاصيل العمل وإنما من خلال الأثر الذي يتركه في مجمله موزعا على حلقاته بالتتالي.

تكمن أهمية أسامة أنور عكاشة في أن فكرته الأصلية عن ليالي الحلمية ـ كما يرى غالي شكري في مقاله "ليالي الحلمية" ـ هي نفس فكرته عن ليالي مصر القديمة والجديدة معا .. عندما استحضر عكاشة في الجزئين الأول والثاني من العمل وجه مصر في ثلاثة عقود .. وجه متعدد المستويات والملامح والأقنعة والألوان.. وجه الريف ووجه المدينة ووجه الباشوات ووجه الفلاحين ووجه البكوات ووجه العمال ووجه الأفندية ووجه المثقفين.

لقد تمكن عكاشة بوعي مرهف أن يختار من بين مئات الوجوه أكثرها تعبيرا وتفردا وخصوصية، ومن بين آلاف الخطوط استطاع أن يلتقط قلة قليلة تدل على النسيج بأكمله، لم تستدرجه الزحمة فلم يختنق ولم يخنقنا معه، لم تستدرجه السياسة ولا الميلودراما، كما استطاع في براعة أن يولي الأحداث وجهتها التي يريد لها أن تكون، بوعي في الأسلوب وتماسك في البناء الدرامي المتنامي، والذي وزعه بحكمة وعدالة وفطنة توزيعا ديمقراطيا دراميا على شخوص مسلسله الفذ انطلاقا من إيمانه بجماعية العمل.

لهذا فلم يحس المشاهد عبر المقاطع السردية بأن هناك شخوصا رئيسة وأخرى ثانوية كما هو المألوف، بل لكل شخصية لغتها وتعبيراتها الحوارية والجسدية التي انتزعها من واقع عاشه الكاتب ولم ينحته من خياله أو يقحمه على العمل إقحاما فاستحق أسامة أنور عكاشة أن يكون "أميرًا" للدراما العربية كما بايعه أهل فن السيناريو عن رضا وقناعة عبرت أيضا عن وجهة نظر المتفرج العربي الذي أصبح يطمئن لوجود اسمه على تتر المقدمة على جودة ما سيرى، وبالتالي منح الثقة أيضا لكل فريق العمل؛ فلم يصبح الفنان في المقدمة بل الكاتب أيضا.

كان من العدالة والإنصاف أن نثبت الريادة لأصحابها، ونثبت العمادة لأصحابها، وأن نصوب ما اصطلح الناس على تثبيته من أن الكاتب الكبير أسامة أنور عكاشة هو أول من وضع "مسلسل الأجزاء"، وأن الريادة لم تكن لعميد الرواية العربية نجيب محفوظ في "رواية الأجيال"، وهذا منهج انتهجته في كل أعمالي التي تتصل بالتأريخ الديني أو الفني من خلال كتبي ودراساتي أو من خلال حضوري في البرامج الإذاعية والتليفزيونية لأنه من مقتضيات الأمانة العلمية والتاريخية، ولو لم يطالبنا بها أحد، لكونها مستقرة في النفس على المستوى الأكاديمي والمهني والأخلاقي؛ أن لا نهضم حقوق السابقين، ولا أعتقد أن هذا سيزيد في تاريخ اللاحقين، وهم الذين اعترفوا بتتلمذتهم على من سبقهم من الرواد، فاستحقوا معا الريادة والعمادة.​

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى