المحامي علي ابوحبله - الاحتجاجات الطلابية في أمريكا هل ستنهي هيمنة و سطوة اللوبيات ؟؟؟؟؟

ينظر صانع القرار الأمريكي والأوروبي للاحتجاجات الطلابية بأنها وفي حال استمرارها قد تغير الكثير من المفاهيم والمصطلحات السياسية وأن ارتداها سيكون له وقع خطير على إسرائيل التي ينظر قادتها لهذه الاحتجاجات وامتداداتها بعين الريبة وهو ما دفع رئيس حكومة الاحتلال الصهيوني نتنياهو قوله " إنه "يتعين بذل المزيد" للتصدي لاحتجاجات مؤيدة للفلسطينيين انتشرت في الجامعات الأميركية في الأسابيع القليلة الماضية.

وفي كلمه مسجله قال نتني اهو "ما يحدث في جامعات أميركية مروع"، واتهم "غوغاء معادين للسامية" بالسيطرة على الجامعات البارزة ،وأضاف أن هذا "غير معقول. ويتعين وقفه وإدانته، إدانته على نحو لا لبس فيه...

تصاعد الاحتجاجات ضد تصرفات إسرائيل في غزة في مقار جامعات أميركية في الأسابيع القليلة الماضية مع دخول حرب غزة شهره السابع يزعج الاداره الامريكيه ويربك حسابات حكومة الحرب الصهيونية في استمرار الحرب على غزه ، وتدعوا احتجاجات طلاب الجامعات الامريكيه والاوروبيه إلى وقف إطلاق النار وسحب استثمارات جامعاتهم من شركات لها علاقات بإسرائيل.

تدرك الاداره الأمريكية ومعها حليفتها إسرائيل الدور الذي يمكن أن تلعبه حركة الاحتجاجات الطلابية على صانع القرار في أمريكا وارتداده على إسرائيل ، وهناك دور تاريخي للحركات الطلابية ، فقد لعب طلاب الجامعات الأميركية دوراً تاريخياً في النضال الوطني لتغيير واقع متعلق بقضايا داخلية وخارجية، واعتصموا مراراً داخل الحرم الجامعي أو انتفضوا في الشوارع لتحقيق مطالب يرونها عادلة، وكان أشهر حركات الكفاح الطلابية، الاحتجاجات التي قادها طلاب جامعة "هوارد" عام 1968 على الحرب في فيتنام والعنصرية ضد السود، والتي أدت إلى اقتحام ألف شرطي حرم الجامعة، واعتقال 700 شخص، وشمل الحراك حينذاك، شريحة واسعة من فئات الشعب الأميركي، وأنتج ثورة وطنية عارمة، أدت في نهاية المطاف إلى الرضوخ لمطالب المتظاهرين

وبرز في الحراك الطلابي كذلك: تظاهرات طلاب جامعة "هارفارد" عام 1969، التي نجم عنها تغييرات، تضمنت إنشاء قسم للدراسات الأفريقية- الأميركية. وأدت تداعيات أحداث جامعة ولاية "كينت" عام 1970، والتي قُتل فيها أربعة طلاب على يد قوات الأمن إلى إضراب عام في صفوف الطلاب، كان له تأثير كبير على سياسات البلاد. وفي عام 1985، أدت احتجاجات الطلاب في حرم جامعة "كاليفورنيا بيركلي"، إلى سحب استثمارات مليارية من حكومة الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.

وفي هذه المناسبات وغيرها ، نجحت حركة الاحتجاجات الطلابية في تشكيل ضغط حقيقي، دفع الحكومات الأميركية في وقتها إلى الرضوخ للمطالب الطلابية، لذلك تنظر إدارة بإيدن إلى الحراك الحالي بعين القلق، وهو ما دفعها إلى اتخاذ إجراءات حازمة، وصفت بأنها مبالغ فيها، وترقى إلى مستوى القمع وتكميم الأفواه، وذلك للحيلولة دون تحول التظاهرات إلى ثورة اجتماعية وسياسية شاملة لا تقف عند التعاطف مع غزة، ولا تقتصر على طلاب الجامعات.

ويعد الحراك بيئة خصبة، يمكنه اجتذاب جماعات طلابية أخرى تحمل توجهات سياسية يسارية، أو انضمام الحركات المناصرة للقضايا الاجتماعية والبيئية مثل الحركات النسوية وأنصار البيئة، أو أن يكون منطلقاً للأقليات التي تعاني من التمييز العنصري ، وغيرها من فئات الشعب التي تحمل مبرراً للتظاهر والاحتجاج.

كان التظاهر الذي قام به طلاب جامعة "كولومبيا" احتجاجاً سلمياً بكل المقاييس، وأثار إرسال شرطة مكافحة الشغب المسلحة إلى الحرم الجامعي، واعتقال الطلاب، وإن تم الإفراج عنهم لاحقاً، غضب الرأي العام، الرافض للقمع الطلابي ومنع حرية التعبير، ودفعت الأحداث باتجاه تداعيات أوسع، تعدَّت الجامعة ومدينة نيويورك، واستنفرت الأحداث الدوائر الرسمية الحكومية على المستويات كافة.

الاحتجاجات الطلابية واتساع رقعتها تشغل دوائر صنع القرار الأميركي، ووصلت إلى رأس السلطة، ومن البيت الأبيض أصدر الرئيس الأميركي، جو بايدن بياناً بمناسبة عيد الفصح اليهودي، ندّد من خلاله بالاعتصامات التي تقام في الجامعات، وعدَّها دعوة إلى العنف ومعاداة السامية.



ومعاداة السامية لم تعد لتنطلي على العديد من أصحاب الرأي والفكر ، السيناتور الأمريكي بيرني ساندرز، إن المظاهرات التضامنية مع قطاع غزة الذي يواجه حرباً إسرائيلية مدمرة ليست "معاداة للسامية"، الذي يحاول نتنياهو صرف الانتباه عن جرائم حكومته المتطرفة.

هناك تخوف حقيقي لدى السلطات الامريكيه من تعاظم التيار الليبرالي في الجامعات، لا سيما في جامعات النخبة، وكانت التحقيقات تدور حول التعدي على ممتلكات الغير والمزاعم المتعلقة بمعاداة السامية، لكن الكثير من التركيز كان متجهاً نحو المتظاهرين المؤيدين للقضية الفلسطينية.

الاحتجاجات الطلابية و الحراك الذي تتسع قاعدته مؤشر على تحوّل في الرأي العام الأميركي، الذي سيشكل مستقبل الولايات المتحدة، وربما في غضون سنوات سيكون هذا الاتجاه هو السائد في الولايات المتحدة الأمريكية ودول الغرب بحيث سيكون بمقدور الشباب صنع قرارهم بناء على الحقائق التي تبدّت أمامهم، بعيداً من هيمنة وسطوة اللوبيات، وخصوصاً اللوبي الصهيوني المتجذر في دوائر صنع القرار الأميركي.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى