الدكتور /محمد عباس محمد عرابي - ملامح وصف المكان في قصص الأديب خالد همام (الأماكن المفتوحة والمغلقة أنموذجًا )

ملخص الدراسة: هدفت الدراسة إلى التعرف على ملامح وصف المكان في قصص الأديب خالد همام (الأماكن المفتوحة والمغلقة أنموذجًا)، وقد اتبعت الدراسة المنهج التحليلي الوصفي وقد اشتملت على مقدمة ومبحثين وخاتمة وفيها عرض لنتائج الدراسة:

المبحث الأول: الأماكن المفتوحة التي تناولها الأديب خالد همام في قصصه.

المبحث الثاني: الأماكن المغلقة التي تناولها الأديب خالد همام في قصصه

تبين من خلال مبحثي الدراسة أنه: تناول الأديب خالد همام في قصصه الأماكن المفتوحة والمغلقة أن تصوير المكان في القصة ليس الحيثيات الجغرافية، وإنما رصد لشيء خاص من وجهة نظر خاصة، مع الحرص على الوصف الدقيق للمكان.

وصف الأديب خالد همام في قصصه المكان بشكله المحض، مع الوصف التصويري الذي يتلمس جمال المكان.

وظف الأديب خالد همام في قصصه المكان لإبراز الحدث الذي تدور حوله القصة.

*تناول الأديب خالد همام في قصصه الأماكن المفتوحة الحارة: محافظات مصر وخاصة القاهرة ومحافظات الصعيد، وتحدث عن بعض دول الغرب مثل لندن.

*تناول الأديب خالد همام في قصصه الأماكن المغلقة الكنيسة القديمة بالحي العتيق في قاهرة المعز لدين الله الفاطمي، المطبخ، المقهى، أريكة صالة المنزل، شواطئ الساحل الشمالي، عيادة الدكتور ومعمل التحاليل والصيدلية



المقدمة:

للمكان أهمية كبير في النص السردي نظرا لكونه عنصر مهمًا يتكون منه فضاء النص، كما أنه يشكل مع الزمن إطارًا خارجيًّا للفضاء القصصي والروائي كما أنه يختزل العديد من القيم الاجتماعية والثقافية والايديولوجية والمعرفية (1)

وتتمثل أهمية المكان أيضًا في كونه يرسم الفضاء الذي تدور فيه الأحداث، وفيه تتحرك الشخصيات،وتعد رؤية القاص هي الأساس في صناعة المكان، واختيار الكاتب لمكان معين في قصة ما يرجع إلى رؤية المكان بوصفه الأبرز دلالة في القصة مع كونه قد لا يكون الفضاء الكلي الفني للقصة الذي تدور فيه الأحداث، بل يكون جزءًا من أماكن متعددة في فضاء القصة (2)

ولقد حدد (غالب هلسا) ثلاثة أنواع للمكان، ميز فيها المكان بحسب علاقته ودوره في الرواية وهي: (3)

1-المكان المجازي: يمثل هذا النوع من المكان (رواية الأحداث)، ولا يعبر عن تفاعل الشخصية والأحداث مع المكان.

2-المكان الهندسي: وهو نوع من المكان تصوره القصة بدقة محايدة، فينقل بجزيئاته، وتعيش الشخصية مسافاته من دون أن تعيش فيه أو تشعر به.

3-المكان بوصفه تجربة معاناة الشخصيات وأفكارها ورؤيتها للمكان، ويثير خيال القارئ، فيستحضره بوصفه مكانا خاصا متميزا، ففي هذا النوع من المكان نلمس اشارة واضحة للمكان النفسي أي بوصفه معطى نفسي وله أبعاد وتأثيرات شعورية على الشخصيات المتفاعلة معه.

وتتطلب شعرية المكان في القصة القصيرة إبصار وتحليل هذا المكان من خلال الرؤية التي تتخذها الشخصية القصصية، ويُعاش المكان في ضوء الفضاء القصصي الذي تتم وتحدث فيه الأحداث، وتتحرك فيه الشخصيات

ويعد الوصف نوعًا من التصوير، ووصف المكان يعتبر شكل إنشائي يتناول وصف الأشياء الواقعية في مظهرها الحسي، وانطلاقًا من ذلك اهتم الأديب خالد همام في قصصه بشعرية المكان وبيانًا لذلك كانت هذه الدراسة: ملامح المكان في قصص الأديب خالد همام: (الأماكن المفتوحة والمغلقة أنموذجًا )

منهج الدراسة:

اتبعت الدراسة المنهج التحليلي الوصفي الذي يقوم على تحليل النصوص القصصية معتمدًا على الاستقراء، وتأويل دلالة المكان فيها مع العناية باستعراض آراء الباحثين والنقاد. (4)

أسئلة الدراسة:

تجيب الدراسة عن السؤالين التاليين:

السؤال الأول: الأماكن المفتوحة التي تناولها الأديب خالد همام في قصصه؟

السؤال الثاني: الأماكن المغلقة ة التي تناولها الأديب خالد همام في قصصه؟

ويتم إجابة هذين السؤالين من خلال مبحثين:

*المبحث الأول: الأماكن المفتوحة التي تناولها الأديب خالد همام في قصصه:

من الأماكن المفتوحة التي تناولها الأديب خالد همام في قصصه: الحارة، محافظات مصر وخاصة القاهرة ومحافظات الصعيد، وتحدث عن بعض دول الغرب مثل لندن

محافظات مصر: القاهرة ومحافظات الصعيد

تحدث الأديب خالد همام في قصصه عن محافظات مصر: القاهرة ومحافظات الصعيد ففي الحديث عن محافظة القاهرة وبني سويف حيث تحدث عن ذكرياته الجميلة هناك

يقول في قصة "مسعود في بني سويف ... "

أقبل الخميس ومسعود قابع في حارته الضيقة بقاهرة المعز المترامية الأطراف يشعر بالحنين لرؤية خالته (انشراح) المقيمة بمحافظة بني سويف في شمال صعيد مصر الطاهر حيث وصله الخبر بمرض خالته الشديد.

طافت ذكريات الصبا أمام بصر مسعود وبقلبه ...

كيف ينسى تلك الأيام القليلة الجميلة التي كان يقضيها ببيت خالته في كل أجازة صيفية

وبعد المغرب استقلت باتعة وبحوزتها مسعود القطار الروسي ٩٦٦ في طريقهما إلى بني سويف."

فالمكان هنا بني سويف رمز لذكريات جميلة مما جعل الشخصية الرئيسة في القصة تستعجل في العودة إليه مرة ثانية.



انتشار الخيام الرمضانية في قاهرة المعز:

تحدث الأديب خالد همام في قصة "مسعود في ليلة القدر" عن انتشار الخيام الرمضانية في قاهرة المعز حيث يقول:"مع شروق شمس الخميس قبل الأخير من رمضان المعظم صعد مسعود السطح وبدأ يحملق في عنان السماء يتفحصها جيدا باحثا عن ليلته الصفيَة التي ينتظرها كل رمضان ....

ليلة في ميزان الخالق العظيم تعدل 1000 شهر من شهور الدنيا في حجم عطاياها ونفحات خيرها ...

ثم أمسك بآلته الحاسبة وقسم 1000 على 12 فكان الناتج أكثر من 83 سنة ...

أذهل الرقم مسعودا فتمنى وتمنى وهو موقن بأن الوهَاب كريم وعظيم!

فاق من خلوته التعبَديَة الحسابيَة على صوت زوجته (باتعة) التي صعدت خلفه السطوح لتسرد له قصة جارهم المحظوظ والذي وجد فرصة عمل بإحدى الخيام الرمضانية بقاهرة الأغنياء

القاهرة عاصمة أفريقيا قديما

يبين الأديب خالد همام في قصة " مسعود في نهاية الخدمة .."أن القاهرة عاصمة أفريقيا قديما حيث يقول :"أشرقت شمس أول خميس من نوفمبر ٢٠٢٢ ...

السحب الرمادية مازالت متفرقة في سماء القاهرة عاصمة أفريقيا قديما ... وراجية العون والقرض حديثا!

مدت باتعة يدها لتدير الراديو القديم على إذاعة القرآن الكريم في تمام السابعة صباحا لتنال الأسرة بركة وهدوء ولذة القرآن الكريم بصوت المرحوم ( محمد رفعت ) العميق الحنون"

بساطة الحياة في بعض بيوت قاهرة المعز:

تحدث الأديب خالد همام في قصة " مسعود في ٦٧ " بساطة الحياة في بعض بيوت قاهرة المعز

حيث يقول: "هبط ظلام ليل الخميس على قاهرة المعز بعد آذان مغرب ١٩ يناير ٢٠٢٣ ...

ها هي باتعة الزوجة المجاهدة المحتسبة ترسم بيتها البسيط بكل ألوان البهجة المتاحة لديها ...

فقد صنعت من ثلاث بيضات وحفنة دقيق وقليل من السكر والزيت قالبا من الكيك لأفراد أسرتها وفي مقدمتهم حماتها العجوز (أم مسعود) ...

جلست باتعة تطعم حماتها من صينية الكيك والعجوز تدعو لزوجة ابنها بالستر والسعادة وتحكي لها عن ذكرياتها مع والد مسعود في عهد الراحلين (عبد الناصر والسادات)"

الحارة: تحدث الأديب خالد همام في قصصه: الحارة في مواضع كثيرة مذكر منها على سبيل المثال:

* حارة العيش والملح: أشار الأديب خالد همام في قصة" مسعود في مقابر التربية والتعليم ..."عن حارة العيش والملح حيث يقول: "جلس مسعود على أريكة الصالة ينتظر قدوم عديله الرجل التربوي الحميم ...

بعد ساعتين ونصف وصل التوك توك يحمل الأسرة المباركة إلى حارة العيش والملح.

بعد السلامات والطيبات اعتذر الأستاذ مطاوع عن التأخير بسبب غياب أحد عمال محل الكشري الذي يعمل به اخر النهار مما أدى إلى تأخره عن موعد الزيارة المحدد بالتليفون."



ويقول أيضًا عن حارة العيش والملح في قصة "مسعود في حصة الحساب ... :"في منتصف نهار الخميس وأمام أعين الجميع وصل عدد من الغرباء حارة العيش والملح ...

تلك الحارة القابعة في منتصف المدينة وكأنها الوتد في جسد أرض مترامية الأطراف تعجب الناظرين وتجلب الطامعين ...

هرول سكان الحارة وعلى رأسهم باتعة وخاصة بعد سماع الجميع لصراخ السيدة العجوز الست (أم شمروخ) ...

الجميع في صوت واحد:

في إيه يا خالتي أم شمروخ ؟!

بعد أن ابتلعت العجوز صراخها وحاولت جمع ريقها المنعقد على مرار السنين أشارت إلى هؤلاء الغرباء وقالت:

مش عارفة يا حبايبي وأهلي وناسي البهوات دول عايزين إيه ؟!

دخلوا بيتي وحطوا دفاترهم وقاعدين يكتبوا كل حاجة في البيت وشمروخ ولدي بيكلمهم بالهمس وعينه مكسورة ومش سامعة من همسهم حاجة"

حاجة ...

اعملوا معروف انجدوني وفهموني دول مين وبيعملوا في بيتي إيه ؟

وسط دهشة الجميع وصل مسعود من عمله تدق أقدامه رصيف الحارة المتعرج واقترب من الجميع ...

عندها مال شمروخ على إذن مسعود العريضة وبث فيها كلام كثير ...

صمت مسعود طويلا وكأنه يبحث في كل قواميس لغات العالم الحية عن ألفاظ يشرح بها ما يحدث الآن بين شمروخ وهؤلاء الغرباء ...

طالت لهفة أهل الحارة لمعرفة التفاصيل بلسان مسعود وعيون العجوز المرتعشة تنسكب على فم مسعود بكل ما بقي لها من نظر وأمل وخوف ورجاء .

لم يجد مسعود مفرا من المكاشفة المرة ولكنه يبحث عن كلمات مغلفة ببريق يقلل من آثار صدمة ستقع على رأس العجوز فقال :

يا خالتي أم شمروخ ... ابنك الغالي شمروخ استلف من الجماعة دول شوية فلوس ... والحمد لله ربنا كرمه واشترى بيهم سيراميك وشاشة كبيرة وصالون محترم يقابل فيه الضيوف و كمان عمل وش البيت كله طوب فرعوني وبيتك القديم أصبح تحفة

تجول الباعة في الحارة:

تحدث الأديب خالد همام في قصة" مسعود على الميزان "عن تجول الباعة في الحارة، واجتماع السيدات حوله للشراء منه حيث يقول: "استيقظ مسعود صباح الخميس على صوت زوجته (باتعة ) وهي تناكف بائع الكرنب الذي دخل الحارة ليعرض كرنبه الأخضر على ستات الحارة بعدما فشل في بيعه بالسوق .

اجتمعت نساء الحارة حول البائع القروي المسكين يعرضن عليه أبخس الأسعار وهو يصرخ مقسما بأغلظ الإيمان بإن سلعته تخسر بسبب غلاء تكلفة زراعة الكرنب والري والسماد والإيجار و.... و....."

*حارة الغلابة :

تحدث الأديب خالد همام في قصة" مسعود في ليلة العيد ...

"عما يتم في حارة الغلابة ليلة العيد حيث يقول:" مع آذان مغرب يوم التاسع والعشرين من رمضان جلس مسعود بجوار أمه وزوجته (باتعة) وأولادهما على الطبلية والأجواء محمَلة برائحة عيد الفطر المبارك وهاهي قيثارة الشرق ( أم كلثوم ) تشدو برائعتها الخالدة ( يا ليلة العيد آنستينا .وجددتي الأمل فينا ... يا ليلة العيد .... هلالك هل لعنينا... فرحناله وغنينا .. ).

غمزت باتعة بعينها الضيقة لمسعود فتبعها لغرفتهما حيث طلبت منه 20 جنيها لتذهب للفتاة الصينية التي استقرت في الحارة منذ يومين واستأجرت غرفة في أول الحارة ووضعت بها جهاز سشوار وأشياء أخرى لتزيين النساء والفتيات على سبيل محل الكوافير الشعبي....

أعجب مسعود بفكر الأخوة والأخوات الصينيين والصينيَات وكيف تمكنوا من الاستفادة من كل شبر في بلادنا العربية غنيِها وفقيرها

حصلت باتعة على العشرين جنيها وطارت بها كالطفلة الصغيرة لتلحق دورها في جهاز السشوار الأول والأخير في حارة الغلابة"

تكاتفت أهالي الحارة: حيث يقول في قصة "مسعود في المقاومة ...

عاد مسعود من عمله الحكومي فوجد حارته الضيقة القديمة على قلب رجل واحد ...

الرجال والنساء والأطفال ... الكل متكاتف في تشييع جنازة سيدة عجوز يطلقون عليها (أم الشهيد) ...

إنها السيدة (رقية) أم الشهيد (عبد الجواد) والذي استشهد على أرض سيناء الحبيبة الغالية وهو يدافع عن عرضنا وترابنا الوطني في حرب التحرير ... السادس من أكتوبر المجيد

من عادات الحارة المنسية في قاهرة المعز القديمة

تحدث الأديب خالد همام في قصة "

من عادات الحارة المنسية في قاهرة المعز القديمة

تحدث الأديب خالد همام في قصة" مسعود في العدس ... حيث يقول:"

قاربت شمس الخميس على الغروب ومسعود يكد ويكدح في طريقه إلى الحارة المنسية في قاهرة المعز القديمة ...

على غير العادة لم تعثر أنف مسعود الحادة على رائحة التقلية التي اعتادتها أنفه مساء كل خميس ...

سأل زوجته ( باتعة ) عن السبب فأخبرته بنفاد مصروف البيت ولم تجد ثمن اللحمة والبصل وتصرفت بحكمتها وصنعت لأسرتها شوربة عدس صفراء جميلة تسر الناظرين

*المبحث الثاني: الأماكن المغلقة التي تناولها الأديب خالد همام في قصصه:

من الأماكن المغلقة التي تناولها الأديب خالد همام في قصصه: الكنيسة القديمة بالحي العتيق في قاهرة المعز لدين الله الفاطمي، المطبخ، المقهى، أريكة صالة المنزل، شواطئ الساحل الشمالي، عيادة الدكتور و معمل التحاليل والصيدلية

الكنيسة القديمة بالحي العتيق في قاهرة المعز لدين الله الفاطمي ...

تحدث الأديب خالد همام عن الكنيسة القديمة بالحي العتيق في قاهرة المعز لدين الله الفاطمي ...حيث يقول في قصة: "مسعود في الواجب ":

اقتربت شمس الخميس قبل الأخير من أغسطس الثقيل على الغروب ومازال مسعود يشعر بالقلق على ابن خالته (محمد) الذي أصيب أثناء إنقاذه للأطفال والنساء الذين احتجزتهم النيران داخل الكنيسة القديمة بالحي العتيق في قاهرة المعز لدين الله الفاطمي ...

جلست باتعة بين نساء الحارة تحكي عن بطولة ابن خالة زوجها وشهامته التي ورثها من عائلته العريقة التي تمتد جذورها إلى عرب صعيد مصر وأهله الطيبين

المدرسة الابتدائية:

تحدث الأديب خالد همام عن المدرسة الابتدائية حيث يقول في قصة " مسعود في محراب التربية"تدفق مساء أول خميس من سبتمبر الفاتح ٢٠٢٢ على عقل مسعود وقلبه الأصيل ...

فها هو يتذكر معلمه الأستاذ (شكري) بمدرسة الإخلاص الابتدائية المشتركة والذي أحبه التلاميذ والتلميذات حتى نال لقب المعلم المثالي على مستوى القطر المصري وتم تكريمه في يوم عيد العلم ...

المطبخ:

بين الأديب خالد همام في قصة "مسعود في المطبخ العربي ..."أن المطبخ في عيد الأضحى مصدر من مصادر البهجة حيث يقول:" هل خميس الثاني من أيام التشريق للحج الأعظم من عام ١٤٤٤ لهجرة الحبيب (محمد) الذي أضاء الدنيا بنور الحق والإنسانية ...

وصلت اللحمة لكل بيوت الحارة..... عبق المرق والسلق والتحمير والشواء لف بيوت البسطاء قبل الأغنياء.

هدايا أصحاب الأضاحي دقت على قلوب الصغار والكبار.

ها هي باتعة في مطبخها تترنم بأغاني العيد وهي تجهز لطبق الفتة المزين باللحم والثريد ومسعودها يقف أمام مرآة الحمام يعدل من وضعية شاربه المبعثر تحت نظارته المقعرة.

كل المؤشرات تدل على ليلة هانئة تضمن شبع القلوب بعد البطون وربما تبعث في العقل لمحة من تاريخ عظمة وقوة حضارة المسلمين في عهد هارون الرشيد.

وقد يكون المطبخ مصدرا للضيق كما في قصة " مسعود في صينية الكوارع ..." حيث يقول:"وسارت الأحداث على هوى المسعود حيث وافق مديره المباشر على انصرافه المبكر وهرول مسرعا لبيته حيث سمع صوت الباتعة تغني في حمامها القديم فأسرع للمطبخ يستكشف صينية الكوارع ...

وجدها بالفعل كوارع ولكنها كوارع الفراخ البيضاء ( رجول فراخ )عندها شعر بخيبة أمل وإحباط"

البيت العتيق:

تحدث الأديب خالد همام في قصة " مسعود في نهاية الطريق" حيث يقول:"في غروب أخر شمس خميس في أغسطس ٢٠٢٢ رجع مسعود إلى بيته العتيق بالحارة بعد أن زار عمته (منصورة) ذات التسعين خريفا ...

العجب يملأ رأس مسعود الصلعاء فمازالت عمته تملك ذاكرة فولاذية فهي تحدثه عن عهد الملك فاروق الأول وكأنه بالأمس القريب ...

بل وتذكر له وجبات الطعام الساخنة التي كانت تأكلها في مدرستها الابتدائية قبل أن يجبرها والدها على ترك المدرسة لتتزوج من ابن عمها (مهران) الموظف بمحلات عمر أفندي."

أريكة صالة المنزل:

وردت أريكة صالة المنزل في العديد من قصص الأديب خالد همام منها ما ورد في قصة " مسعود في الأردن"



في مساء الخميس تزينت وتجملت باتعة ككل نساء الأرض العاقلات احتراما وتقديرا لزوجها المطحون في معارك الحياة خارج جدران البيت ...

فلسفة باتعة بسيطة جدا ومستمدة من خبرات أمها الفلاحة وجدادتها السابقات الصابرات المؤمنات بأن الزوجة هي السكن الهاديء المريح للزوج الذي يحفر في الصخر من أجل توفير حياة كريمة لأهل بيته ...

جلست باتعة على أريكة الصالة بعد أن أشعلت عود البخور وغرسته في أحد ثقوب الحائط العتيق تشاهد بتركيز على إحدى الفضائيات مراسم فرح ابنة ملك الأردن

*المقهى:

تحدث الأديب خالد همام في قصة" مسعود في عيد العمال ...

"عن المقهى ومكان يجلس فيه البعض لتمضية أوقات الفراغ يقول في قصة "مسعود في عيد العمال ... "

في صباح كل يوم لاحظ مسعود أن جاره الأسطى (إبراهيم أبو شنب) يجلس على المقهى بدلا من الذهاب لعمله بمصنع الغزل والنسيج ...

دارت برأس مسعود عدة أفكار منها:

ربما تقاعد الرجل لظروف صحية ...

ولكنها فكرة مستبعدة فالأسطى إبراهيم يتمتع بصحة تنقل الجبال وعضلات مفتولة ودوما زوجته الست (مديحة) تتفاخر أمام باتعة بقدرات زوجها الذي يزن ألف رجل من رجال الوظائف الكتابية أمثال مسعود.

جلس مسعود على المقهى ليطمئن على جاره القاعد عن العمل وبعد حوار طويل عرف مسعود أن كل عمال المصنع لا يذهبون للعمل.

فالمصنع توقف عن الإنتاج منذ شهور وتتم عملية التجهيز لبيع المصنع ورواتب العمال توضع على بطاقاتهم البنكية كل شهر حتى يتم البيع.

*وبين الأديب خالد همام أن المقهى مكان لمشاهدة المباريات الرياضية حيث يقول: في قصة "مسعود في كأس العالم " جمعت باتعة كل نساء الحارة لمساعدة أرملة في تجهيز عرس ابتها ...

بينما تجمع كل رجال الحارة في قهوة المعلم ( زيطة ) لمشاهدة مونديال كاس العالم بقطر ٢٠٢٢ عبر الشاشة المصنوعة بتوكيل سامسونج في قاهرة المعز

شواطئ الساحل الشمالي

تحدث الأديب خالد همام في قصة" مسعود في الساحل الشمالي" عن شواطىء الساحل الشمالي حيث يقول:

أشرقت شمس الخميس على منظر عجيب ...

ها هو المواطن مسعود (الموظف المصري البسيط) وبجانبه زوجته باتعة يجلسان في الصف الأمامي بأحد شواطىء الساحل الشمالي والذي يضم أثرياء مصر والعالم ...

من فرط الجمال كادت باتعة أن تذوب !

همست باتعة في أذن مسعود العريضة:

شوف عدل ربنا يا سي مسعود ! وضع الحنية في قلب الحكومة واختاروا من كل حارة أسرة تروح تصيف في مصايف الناس الغنية ... وكمان نطلع أحنا في القرعة !

سبحانك يارب ... جبرت بخاطرنا ... نفسي ازغرد يا سي مسعود

عيادة الدكتور و معمل التحاليل والصيدلية

تحدث الأديب عن عيادة الدكتور و معمل التحاليل والصيدلية حيث يقول في قصة "مسعود في الخميس الصعب ... " حيث يقول :

أشرقت شمس القاهرة بحلول خميس منتصف ديسمبر ٢٠٢٢ ومازالت باتعة تضرب أخماسها في أسداسها ...

ماذا ستطعم أسرتها ؟

وكيف ستنعش ليل زوجها ؟

كل الحلول التقليدية باتت صعبة المنال ... مرض ابنتها والذهاب بها لعيادة الدكتور ثم معمل التحاليل ثم الصيدلية نسف ما بقي من راتب مسعود المحفوف بالمخاطر والديون ...

حساب البقال والجزار والفكهاني وقسط الثلاجة كلها ديون مؤخرة منعت باتعة من الذهاب لكل هؤلاء الديانة...

بدأت تفكر في طرق جديدة لجلب احتياجاتها الأساسية...

الحديث عن بعض دول الغرب مثل لندن:

حيث يقول الأديب خالد همام في قصة " مسعود في لندن ...

أشرقت شمس لندن ... ...

ومازال مسعود ينتظر شروق خميسه المنتظر

خاتمة: كشفت الدراسة عن النتائج التالية:

لقد تبين من خلال مبحثي الدراسة أنه تناول الأديب خالد همام في قصصه الأماكن المفتوحة والمغلقة أن تصوير المكان في القصة ليس الحيثيات الجغرافية، وإنما رصد لشيء خاص من وجهة نظر خاصة، مع الحرص على الوصف الدقيق للمكان.

وصف الأديب خالد همام في قصصه المكان بشكله المحض، مع الوصف التصويري الذي يتلمس جمال المكان.

وظف الأديب خالد همام في قصصه المكان لإبراز الحدث الذي تدور حوله القصة.

*تناول الأديب خالد همام في قصصه الأماكن المفتوحة الحارة: محافظات مصر وخاصة القاهرة ومحافظات الصعيد، وتحدث عن بعض دول الغرب مثل لندن.

*تناول الأديب خالد همام في قصصه الأماكن المغلقة الكنيسة القديمة بالحي العتيق في قاهرة المعز لدين الله الفاطمي، المطبخ، المقهى، أريكة صالة المنزل، شواطئ الساحل الشمالي، عيادة الدكتور ومعمل التحاليل والصيدلية

المراجع:

عبد الله بريمي، السيمائيات الثقافية (مفاهيمها – وآليات اشتغالها: المدخل إلى نظرية بوري لوتمان)، عمان: دار كنوز المعرفة ،2018م

الجحدلي راوية عبد الهادي: المكان في القصة القصيرة بعد حرب الخليج الثانية، الرياض، النادي الأدبي بالرياض،2013م

(1) عبد الله بريمي، السيمائيات الثقافية (مفاهيمها – وآليات اشتغالها: المدخل إلى نظرية بوري لوتمان)، عمان: دار كنوز المعرفة ،2018م، ص108

(2) الجحدلي راوية عبد الهادي: المكان في القصة القصيرة بعد حرب الخليج الثانية، الرياض، النادي الأدبي بالرياض،2013م، ص13

(3) غالب هلسا: المكان في الرواية العربية، دار ابن هانئ، دمشق – 1989، ص: 8-9.

(4) الجحدلي راوية عبد الهادي: المكان في القصة القصيرة بعد حرب الخليج الثانية، الرياض، النادي الأدبي بالرياض،2013م، ص19

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى