المعارض السياسي علي فاضل: لا يوجد في الجزائر حزب اسمه الإخوان المسلمون

شهادة معتقل سياسي سابق حول الحياة في المعتقلات

طالب المعارض السياسي علي فاضل المحسوب على الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة الرئيس عبد المجيد تبون بإطلاق جميع المعتقلين السياسيين من التسعينات إلى يوم الناس هذا، من أجل لم الشمل الجزائري ، مشيرا بأن هذه الشريحة هي جزء من الجزائر و كل السجناء و المعتقلين أبناؤها قبل كل شيئ، و خاطبه قائلا: إننا لا نحيد عن الحق قدر أنملة و المجد و الخلود للشهداء و تحيا الجزائر

---------------------------------------

الحديث عن حياة المعتقل و السجون و التعذيب حديث ذو شجون و ما يحدث للمعتقلين من حالات قهر فهم بين اليأس و الأمل، منهم من ينام و يستيقظ على الكوابيس و يكاد أن يطرق باب الجنون و منهم من يلجأ إلى الإضراب عن الطعام ، يروي محدثنا كيف كانت الحياة داخل السجون و بالأخص السجن العسكري ورقلة و كيف كانت التضييقات داخل زنزانات مظلمة لا يوجد فيها إنارة ، نقص في التغذية و التداوي كل المرئيات العنفية تسبب لهم اضطرابات عقلية و نفسية، و الشيخ علي فاضل واحد من المعتقلين السياسيين الذي عاش تجربة السجون هي تجربة تحفر في الذاكرة حول ظروف المعتقلين و ما قاسوه داخل السجون، و لا شك أن هذا الحوار سيلقي الضوء على جوانب كثيرة من تجارب الاعتقال السياسي، التقينا بالشيخ علي فاضل بمدينة عناية و هو معتقل سياسي سابق، إطار دولة ، أعيد له الاعتبار مؤخرا بعودته إلى منصبه كمساعد مدير المالية و المحاسبة بالمؤسسة المينائية لعنابة ، فالحديث معه أعاد إلى الذاكرة ما مرت به الجزائر من أيام سوداء، أراد لها أعداؤها أن تخرج عن مسارها الحضاري، في هذا الحوار نتعرف على شخصية معتقل سياسي اضرب عن الطعام مرتين و هو داخل السجن لمدة ثمان سنوات و ظل صامدا إلى أن أطلق سراجه و أعيد له الإعتبار

من هو الشيخ علي فاضل؟ و ماذا يفعل في الحياة؟

الشيخ علي فاضل هو أبو يعقوب علي بن أحمد بن الطيب بن الشريف بن شريف فاضل العنابي الجزائري، من مواليد 27 سبتمبر 1959 بمدينة عنابة من عائلة فقيرة محافظة و ثورية، حامل شهادة ليسانس علوم تجارية ومالية فرع محاسبة مالية خريج المدرسة العليا للتجارة الجزائر العاصمة دفعة 1981، عملت أستاذ التعليم الثانوي تقني تسيير بمتقن عنابة السنة الدراسية 1981-1982 و بمتقن أبي مهاجر دينار سوق اهراس خلال الفترة 1982-1983 و 1985-1987 حيث قمت بتدريس مادة المحاسبة ، الرياضيات المالية، القانون، الإحصاء و الاقتصاد باللغتين الفرنسية و العربية، الآن اشغل منصب مساعد مدير المالية و المحاسبة بالمؤسسة المينائية لعنابة براتب مساعد الرئيس المدير العام للمؤسسة، متزوج و لي أربعة أولاد ، كنت من بين المعتقلين السياسيين و زد فبي في السجن بالمركز الأمني سعيد عتبة ورقلة ماي 1992 بحيث قضينا وقتها ثماني سنين و ثلاثة شهور بالسجون العسكرية ( ورقلة ، بشار و قسنطينة) حين حكم علي بالمؤبد ابتداءً و بعد الاستئناف حكم علي بسبع سنوات، و بما أني لبثت في السجن 08 سنين و 03 شهور أفرج عني بتاريخ 10 ماي 2000 و ليس لهذا علاقة بالمصالحة و لا الهدنة و لا الوئام المدني، لقد كانت محاكمة خاصة.

363844074_1015059352825837_3371239521449233730_n.jpg


معروف عنكم الانتماء إلى التيار الإسلامي كيف ترون واقع الحركة الإسلامية في العالم العربي و الإسلامي و في الجزائر بالخصوص؟

هو واقع مرٌّ و لا شك، لما يشتغل بالخلافات الهامشية التي لا تسمن و لا تغني من جوع و يرمي بعرض الحائط المشروع الإسلامي والذي غايته المنشودة إقامة شرع الله و لا الدولة الإسلامية و على أساس الوسطية الحقة التي وصفنا بها المولى عز و جلّ في كتابه لما قال: "وكذلك جعلناكم أمّة وسطا لتكونوا شهداء على الناس و يكون الرسول عليكم شهيدا"، فقد نختلف في المفهوم لكن نجتمع على الغاية و هذا شيئ لم يحصل بعد ، فالاختلاف في عهد النبي كان موجودا ووقع اختلاف بين الصحابة في غزوة الخندق ( الأحزاب)، وهذا الإختلاف لم يُنَفِرّ بعضهم بعضا، و لكن وقفوا صفا واحدا لمقاتلة اليهود، فأين الحركة الإسلامية في البلدان العربية و الجزائرية من هذا؟ فماهي إلا استعراض للعضلات، و كلٌّ منها يدّعي أنّه على حق، ولكن الحق في التأسّي بمنهجِ تغييرٍ وضع النبيّ أسسه و اقتفى آثاره الصحابة و هم خليق ان نقتدي بهم ، كيف لا وهم الذين مدحوا قبل أن يُخْلقوا في مثل قوله تعالى في أواخر سورة الفتح: "محمد رسول الله و الذين معه"، فالحركة الإسلامية في خلاف و عليها نبذه و لا يتعصب كلّ برأيه، أما واقع الحركة الإسلامية في الجزائر فشيء مؤسف لوجود الصراعات الهامشية و ذلك منذ تأسيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ ذات المشروع الإسلامي الحضاري الرشيد التي كانت تريد جمع كل من يحمل المشروع الإسلامي على كلمة واحدة، و لكن لمّا كان كل رؤوس الحركة في الجزائر من يريد الزعامة وقع ما وقع، فبعد نجاح الجبهة الإسلامية للإنقاذ في الانتخابات البلدية ظهرت رؤوسا لتؤسس كلّ من حماس و النهضة، هي أحزاب البطاحية التي أوصلت الحركة الإسلامية إلى ما عليها الآن ، و قد ذابت بعد تطبيق سلطة الأمر الواقع، سياسة تكميم الأفواه و القمع و الاستبداد و هو الواقع الذي نعيشه اليوم.

هل ما حدث من اضطرابات في الساحة العربية كان سببه وجود فجوة أجيال أم تعنت أنظمة أم غياب الوعي السياسي أم هو راجع إلى نوعية الخطاب الديني؟
أجيب من الأخير.. الذي يريد أن يفصل الدين عن السياسة لا يفقه في السياسة شيئا، لأن السياسة في الإسلام هي سياسة تدبير الأمور، سياسة رحمانية مبنية على قال الله قال الرسول، فأول عدالة اجتماعية حُقِّقَتْ في تاريخ البشرية حققها النبي ( ص) لمّا آخى بين المهاجرين و الأنصار، تلكم هي السياسة الرحمانية التي نصبو إليها ، أما من حيث تعنت الأنظمة فهو واضح جليا، فالأنظمة العربية باعت القضايا العادلة من أجل مصالحها الشخصية و هي البقاء في السلطة و لا تهمها مصالح شعوبها، أما من حيث غياب الوعي السياسي فهو يختلف من بلد إلى بلد، و وعي الشعب الجزائري قد فاق كل الشعوب بحراكه السلمي الذي أبهر العالم بأكمله.

ألا تلاحظون أن ما وقع من أحداث في الساحة العربية غذّته مصطلحات و مفاهيم ابتكرها محللون و نقاد كالإسلام السياسي، الإسلاموفوبيا و الإسلاموية؟ و هل يؤمن علي فاضل بما بعد الإسلاموية؟

هذه المفاهيم كانت وراء تعقد الأمور جعلت الصراع يشتد أكثر بين الأنظمة والحركات الإسلامية، أوضح هنا أنني لست من الدعاة و لا من الذين يزكون مبتكري هذه المصطلحات لأنها دخيلة علينا فيكفينا التعبير القرآني، عن نفسي أنا أنبذ هذه المصطلحات، لأن الله قال على لسان أبي الأنبياء سيدنا إبراهيم "هو سمّاكم المسلمين من قبل"، و مصطلح الإسلاموية دخيل علينا، أنا أؤمن بالمشروع الإسلامي الوسط الذي حثّ عليه القرآن الكريم و وضع اسسه النبيّ و الذي فيه تعايش المسلمين و غير المسلمين المسالمين، فالسياسة الشرعية لها ضوابطها و لا داعي لتغيير المصطلحات عسى أن نجلب كثير من السواد، و قد كتب في ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رسالة لطيفة موجزة و جامعة سمّاها "السياسة الشرعية في إصلاح الراعي و الرعية" علينا تبسيط مفاهيمها و خلق وسائل تطبيقية لها، أما واقع الجزائر و تضارب المفاهيم فمن الصعب تحقيق ذلك على الفور، لابد من التدرج في التغيير.

هناك تناقضات في الخطاب الديني و السياسي ، فهناك اصوات تنبئ بظهور مرحلة ما بعد الإسلاموية مثلما نراه في ما بعد الحداثة؟
ليس هناك خطاب ديني و سياسي، يوجد في الدين السياسة و الاجتماع و الثقافة و الأخلاق، كما أنه ليس هناك إسلام أصولي و إسلام عصري يستعمل أيّ وسيلة يراها مناسبة لتحقيق النتيجة و لو بالتنازل على بعض الثوابت، فالدين واحد و الغاية لا تبرر الوسيلة و قد قال الله عزّ و جلّ " إن الدين عند الله الإسلام"، كما أن العمل الصالح لا يُعْرَفُ بنتائجه بل يُعْرَفُ باستعمال الوسائل المشروعة و قد لا تحقق النتائج، فالنبيُّ نوح مكث في قومه 950 سنة دعوة، تروي كتب التفسير أن في رواية استجاب له 08 نفر فقط ، و رواية أخرى تقول 48 نفر، فقد تتغير الوسائل لكن لابد أن تبقى تحت الدليل العام بما يسمى في الفقه بالمصالح المرسلة، و أسوق في ذلك مثالا: جمع القرآن يبقى محفوظا و دليله العام: "إنّا نزلنا الذكر و إنّا له لحافظون" و قوله عز وجلّ: " إنّا علينا جمعه و قرآنه"، أما الحداثة ، حتى لو كانت في سياق السؤال إن لم تكن لها صلة متينة بشروط التمكين فلن تمكّنّ لهذه الأمة أبدا.

لنعد إلى الجزائر النموذج، عاشت بلادنا مرحلة قاسية جدا حينما اصطدمت بظهور الأحزاب الإسلامية في إطار التعددية كيف تفسرون ذلك؟
أولا لم يكن هناك حزب في الجزائر اسمه الإخوان المسلمين، بل كانت جماعة من الدعاة ينشطون في إطار غرس الوعي الإسلامي بالمساجد و إلقاء المحاضرات عندما تكون هناك معارضة إسلامية و تعليم الناس دينهم و تحفيزهم على العودة إلى الأصل، فكانت جماعة واحدة، إلى أن بدأت تظهر بعض الأفكار في وسائل التغيير و إنهاض الأمّة من سباتها و إرجاعها إلى رشدها ، فانقسمت الجماعة إلى جماعات، فكانت جماعة الإصلاح بما تسمى بجماعة الجزأرة، و قد تكفلت هذه الجماعة بنشر فكر مالك بن نبي رحمه الله في التغيير، و جماعة الإخوان المسلمين المستنبط فكرها من جماعة الإخوان المسلمين بمصر، بحيث انقسمت إلى شقين: جماعة الشيخ محفوظ نحناح و التي أعطت ولاءها المطلق إلى المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين بمصر و الممثل في شخص الشيخ السالف ذكره، كانت هذه الجماعة مقتنعة بعالمية دعوتها فسميت العالمية، ثم جماعة الشيخ عبد الله جاب الله الذي كان مقتنعا بفكر جماعة الإخوان بالإقليم، بمعنى نشر الفكر الإخواني عبر إقليم الجزائر فسميت بالإقليمية

ماذا عن الرجل الثاني في الفيس الشيخ علي بنحاج؟
بالنسبة لعلي بن حاج فك الله أسره من المضايقات، هناك أتباع أو متبعي للشيخ علي بن حاج و ليس جماعة، كانوا يرون أن المنهج الحق للرجوع إلى الإسلام الحق هو منهج الصحابة في التغيير و الرجوع إلى الله، لأنهم سلفنا و لأنهم عايشوا التنزيل، فكلما استشكل عليهم أمر من أمور الدين إلا و سألوا فيه النبيّ فيجيبهم فَيُزَالُ الإشكال، و هذا المنهج هو الذي تبنته الجبهة الإسلامية للإنقاذ في مشروعها عند تأسيسها كحزب سياسي بعد نهج السلطة الفعلية وقتها سياسة التعددية الحزبية و فتح مجال للنشاط السياسي في عهد الرئيس الشاذلي بن جديد رحمه الله الذي كان يلقب بأبي الديمقراطية، فالدعوة الإسلامية في عهده بلغت أوجه العطاء و الشاذلي رحمه الله كان يسمح للمتطوعين أن يعطوا دروسا في أيّ مسجدٍ ، أشير هنا ان ذلك وقع بعد أحداث 05 أكتوبر الدامية و التي سمح الشاذلي بن جديد بخروج العسكر إلى الشارع و بتصريح منه في قناة الجزائر التلفزيونية، ثم ظهرت الجبهة الإسلامية للإنقاذ بعد اعتمادها في سنة 1989 بقيادة الشيخ عباسي مدني و نائبه علي بن حاج، فالتف حولها الشعب الجزائري ، فكانت جبهة الشعب الجزائري، ولما فازت الجبهة في الانتخابات المحلية أغاض ذلك المتأخرون عن الركب، فأسس محفوظ نحناح حزب حماس و أسس عبد الله جاب الله حزب النهضة، لم يضعف ذلك من شأن الجبهة الإسلامية للإنقاذ فكانت التجمعات تلو التجمعات عبر مدن الجزائر كلها لنشر الوعي، و التعريف ببرنامجها الرشيد مما جعل السلطة وقتها تقنن قوانين تضيق به على البلديات، فجاء الإضراب العام الذي أقره مجلس الشورى للوطني، في الأول كان لمدة 03 ايام فقط و لما كان له صدى أصبح غير محدود، لكن تم توقيفه عنوة و بالقوة بخروج القبعات الزرقاء و الخضراء إلى الشارع و ضرب المعتصمين بالرصاص الحي بشوارع العاصمة و سوق اهراس و مدن أخرى و تم بعدها اعتقال الشيخ عباسي مدني و علي بن حاج.

في رأيكم من هو المتواطئ الرئيسي في عملية الانقلاب على الفيس؟
ظلم السلطة للجبهة الإسلامية للإنقاذ ( الفيس) كان بتواطؤ الأحزاب العلمانية و أشدها حزب التجمع من أجل الثقافة و الديمقراطية ( RCD) بقيادة سعيد سعدي الذي أعلنها جهارا في لقاء تلفزيوني جمعه بعباسي مدني و قال له: "ما نخليوكمش تفوتوا" كانت له ضمانات العسكر الذي كان يخشى على مصالحه و هو السبب في كل انتكاسات الجزائر، دون أن ننسى الأيادي الخارجية وعلى رأسها فرنسا التي تركت أذنابها بعد الإستقلال، فنحن اليوم نعيش استعمارا جديدا بثياب و بدلات جزائرية.

كنتم من ضمن المعتقلين السياسيين، لا شك أنكم ذقتم مرارة السجن و التعذيب، نعلم أن الموقف صعب جدا عندما يعاد المشهد أو الشريط لكن ماذا تقولون في ذلك؟

تم اعتقالي مرتين الأولى في عهد الجبهة الإسلامية للإنقاذ بعد انقلاب السلطة على إرادة الشعب فكان اعتقالي يوم 11 فيفري 1992 يومين بعد إعلان حالة الطوارئ و زُجَّ بي في معتقل سعيد عتبة ورقلة، فكان التعذيب المعنوي و المادي و لبعض البارزين، و بعد سنة من الاعتقال تم إدانتي بتهم عدّة منها رئيس عصابة مسلحة داخل المركز الأمني، الحرق و التخريب العمدي داخل المؤسسة الأمنية ، فحكم عليّ ابتداءً بحكم المؤبد في أفريل 1994 و بعد الاستئناف تمت محاكمتي في 09 ماي 2000 بالمحكمة العسكرية بقسنطينة مع مجموعة من المعتقلين السياسيين فحكم علي بـ: 07 سنوات سجنا نافذا، وبالنظر لمكوثي بالسجن لمدة 08 سنوات و 03 شهور أطلق سراحي، الاعتقال الثاني كان في ظل الحراك الشعبي السلمي الذي بدأ في 22 فيفري 2019 كنت يومها متواجدا بساحة الثورة و تم توقيفي عنوة و بطريقة قمعية تم اقتيادي إلى مقر أمن الولاية و لما لم يجدوا ما يدينني حولوني الى أمن الطارف بعد وشاية من أحد الموقوفين و أخبرهم أنيّ كنت عضوا ناشطا في الجبهة الإسلامية للإنقاذ ، خاصة و أنا كنت أؤدي خطبة الجمعة في التسعينيات، و خلال تواجدي في المدة الأخيرة بسجن الحراش كنت مكلفا بأداء خطبة الجمعة.

هل وجهت لك تهما جديدة؟
نعم وجهت إليّ تهمة الانتماء إلى حركة "رشاد" كجناية و ثلاث جنح: ( تلقي أموال من الخارج، المساس بالوحدة الوطنية، و التحريض على التجمهر الغير مسلح)، أودعت سجن القليعة لمدة 07 أشهر بتاريخ 30 أفريل 2022 و لما تمادى القضاء في التحقيق معي في الموضوع باشرت في إضراب عن الطعام لمدة 10 أيام ، ثم قيامي بإضراب ثاني عن الطعام لمدة 10 أيام بتاريخ 18 جويلية 2022 رغم أني مريض مزمن ( السكري)، إلى أن تم إسقاط عني الجناية، و سأركز هنا على تهمة الانتماء لحركة رشاد، كان هناك أخذ و رد بيني و بين القاضي، الذي سألني: ما رأيك في حركة رشاد؟ فكان ردي و بكل جرأة : سؤال غير وجيه، فغضب القاضي و لكني وضحت له أن قاضي التحقيق غرفة رقم 01 لمحكمة سيدي امحمد أحالني على محكمة الجنح و أكدت عدم انتمائي الى هذه الحركة ، و قد رافع في القضية 07 محامون و بعد أسبوع استفت على حكم البراءة و تم إطلاق سراحنا يوم 01 ديسمبر 2022 ، و في هذا أقول: نحن نرفض سياسة تكميم الأفواه إذا كان بلدنا الجزائر شعاره الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية.

يقال ان مشروع المصالحة الوطنية فاشل و لم تكتب له الاستمرارية بدليل ان السلطة تستمر في تعنتها و ترفض الإفراج عن سجناء التسعينيات و هناك من توفوا داخل السجن بدون تهمة واضحة، في المقابل هناك من ينتقد لقاء سانت إيجيديو ما هو موقفكم من هذا كله؟
هي المصالحة الوطنية المبتورة بدليل أن سجناء التسعينيات لا يزالون يقبعون في السجون و هناك من أعرفهم شخصيا بالسجن العسكري ، منهم ابراهيم بوعام من تندوف اعتقل في سنة 1993 ، و ليتيم ميلود و شيخاوي عبد الناصر من النعامة، و أنا أعتبر نفسي ضحية هذه المصالحة الوطنية المبتورة فلم يتم تعويضي عن السنوات الثمانية التي قضيتها في السجن بعيدا عن أسرتي، و لذا تأخرت عن دفع ملف التقاعد، أما عن تعنت النظام فهو متجذر و لا يمكن قلعه بسهولة، فهو يملك كل الوسائل لبقائه في السلطة و التغيير لا يصبُّ في مصالحه المادية و هو يعي أن التغيير حق و تحقيق دولة العدل و القانون تجعله على الهامش، أما من ينتقد لقاء سانت إيجيديو، فأنا وقتها كنت في السجن و لا أعلم عنه إلا القليل وهو كان يصبّ في جمع القوى الفعالة لخروج الجزائر من الأزمة آنذاك، لكن تعنت النظام دائما حال دون تحقيق ذلك و نحن الى اليوم ندور في حلقة مفرغة.

هناك تناقض في الأفكار بين التيارات الإسلامية في الجزائر خاصة في مسالة الديمقراطية، كان من المفروض ان يكون توافق بين عباسي و بن حاج و نحناح باعتبار أن حزب الإخوان و الفيس كان له صدى في الساحة كيف توضحون ذلك؟

الجبهة الإسلامية للإنقاذ لم تكن يوما تؤمن بمصطلح الديمقراطية المزعوم، فكانت توثر أن مصطلح الشورى هو الأنسب لما فيه من وصف الله للمؤمنين ( و أمرهم شورى بينهم) و هذا ليس بتناقض و لكن اختلاف في الفهم جعل الشيخ محفوظ نحناح يخرج لنا بخرجة خارقة للعادة بمصطلح "الشوراقراطية" جعل النظام يخرج العسكر لمصادرة الانتخابات، حيث قال: يجوز خروج الجيش لحماية الديمقراطية، و الجبهة الإسلامية لم تنبذ مصطلح الديمقراطية على الإطلاق و لكن لما يكون فيه إعطاء الحرية للشعب في الإدلاء برأيه، شريطة أن لا يصطدم ذلك بمقومات الشخصية الجزائرية المبنية على الدين الإسلامي.

ماهي الصورة التي يرسمها الشيخ علي فاضل عن الديمقراطية ؟

الديمقراطية بمفهوم حكم الشعب هي غائبة و غير موجودة في الجزائر بدليل أنه لما خرج الشعب الى الشارع يوم 22 فيفري 2019 مطالبا بتنحية بوتفليقة ثم المطالبة بتطبيق المادة 07 و 08 من الدستور التي فيها السلطة للشعب، لم تسمع السلطة الفعلية له و رمت بمطالبه عرض الحائط و هي الآن تجني ثمار غلق كل المنافذ على الشعب و استعمال سياسة تكميم الأفواه و القمع، فنحن في طريق مسدود و ليس هناك ديمقراطية في الجزائر.

كلمتكم الأخيرة

أخاطب العقلاء في الجزائر الحبيبة تعالوا لإنقاذها بالتعاون و نضع اليد في اليد، فالجزائر لا تخلوا من المخلصين، نحن ننقد الخطأ فقط و لسنا أعداءً للجزائر ، فالجيش جيشنا و أبناؤنا منخرطين فيه، مهمته الدفاع عن الحدود، و الشرطة شرطتنا و غيرها من الأجهزة الأمنية، فلنصغي إلى صوت الحق، و أوجه شكري لمجلة الأنطولوجيا ىالتي استضافتني في فضائها و ما تبذله من جهد لتنوير القراء في ظل الحصار الإعلامي الذي تواجهه الأسرة الإعلامية في الساحة العربية

حوار الكاتبة الصحافية علجية عيش الجزائر

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى