سوسن دهنيم - سعيد العويناتي شاعر النخلة صوت الكادحين

أطلت ذكرى استشهاد الشاعر البحريني سعيد العويناتي هذا العام في فترة حرجة تعاني منها البلاد كثيراً ويعاني فيها أهل البلاد أكثر، فما القصص التي نسمعها عن المعتقلين السياسيين وعن التعذيب إلا إحالات لماضٍ لم ينتهِ بل ظل مستمراً متجدداً مع اختلاف الشخوص والرموز.

سعيد العويناتي
الذي قرأته في «إليك أيها الوطن إليك أيتها الحبيبة» والذي عرفته من خلال أصدقائه الذين عاصروا عذاباته وأحلامه وطموحاته وانشغالاته من خلال عملي في الصحافة، حيث أفردتُ له ملحقاً كاملاً في إحدى الصحف التي كنت أعمل بها سابقاً، وخلال هذا العمل التقيت الكثير من أصدقاء حلمه، بعضهم استمر في نضاله ضد كل ما من شأنه أن يحط من كرامة المرء وصورة الوطن، وبعضهم الآخر تراجع عن هذا الحلم وبات رقماً في معادلة هذا الهدر لكرامة الإنسان والأرض.

سعيد العويناتي الشاعر الذي شكل الفقر والمعاناة محوراً مهماً في شخصيته ونضاله وكتاباته الشعرية، فكان صوتاً شعرياً متميزاً في الحركة الشعرية الجديدة آنذاك، فهو الذي كتب عن الريف ليفتح صفحاته المطوية في ذهن الإنسان وصفحات التاريخ، وليواصل ما بدأه الشاعر يوسف حسن قبله، إذ كتب عن معاناة الفلاحين والفقراء والبسطاء من أبناء القرى من خلال الواقع الذي عاشه فأراد التمرد عليه باستخدام النضال السياسي الذي غيبه عن الشعر قبل أن تتبلور تجربته وتتنقح وتنمو في طريق النجاح.

في شعره كما في حياته وممارساته، كان العويناتي يحلم بالوطن الحر الذي يحتضن أبناءه وصلته الكلمة إلى عمق الإحساس بها فتبناها وعاشها، وكيف لا وهي التي كانت رسوله إلى الناس ورسول صوته إلى الآخر المتشبث بالقمع والظلم.

لقد اتسم شعر العويناتي بالمشاعر الفياضة وبأحاسيس الحزن الشديد، والسوداوية، فهل تراه كان يرثي نفسه قبل أن يرثيه غيره، وهو الشاعر الذي عانى النسيان والتجاهل من قبل المسئولين والنقاد إلا من عاصره في الاهتمامات النضالية، أو من السياسيين الذين مازالوا يقيمون له حفلات التأبين مقدرين إبداعه ونضاله. هل كان يعرف أن الموت سيختطفه شاباً معذباً في السجون، ولهذا كتب كل ذلك الهم من الحزن واللوعة حتى يشعر به من يقرأ نتاجه في فترات لاحقة؟
سوسن دهنيم

صحيفة الوسط البحرينية
أعلى