محمود صفوت الشهير بالساعاتي - سفح الدموع لِذِكر البانِ والعلمِ

سفح الدموع لِذِكر البانِ والعلمِ ..... أبدى البراعة في استهلاله بدمِ
وكم بكيت عقيقا والبكاء على ..... بدرٍ وتوريتي كانت لِبدرِهمِ
وذيّل الدّمّ دمع العين حين جرى ..... كما سرى لاحق الأنواء في الظُّلَمِ
تسيل عيني لتلميح البروق لها ..... بما جرى من حديث السّيل والعرمِ
ورُبّ ريمٍ كريم القوم طرّفني ..... بسهم لحظٍ وغير القلب لم يَرُمِ
فعِطْفه فاتنٌ للسّمر نِسبته ..... وطرفه فاتِكٌ للباتراتِ نُمي
من معشرٍ إن نضوا أسيافهم ورنوا ..... راعوا نظير المواضي من جفونِهِمِ
أقمار تِمٍّ تعالوا في منازلهم ..... فالصّبُّ مدمعُهُ صَبٌّ لبعدهِمِ
لا غاض إذ غاظ يوم البين شانئهم ..... دمعي ولا زان لفظي غير ذكرهمِ
أنا ابن أوسٍ بمدحي المعنويِّ لهم ..... فليت لي ابن عطاءٍ من خيالهمِ
أريد بالمدح فيهم نيل مكرمةٍ ..... لكي تجانس معنى حسن وصفهمِ
ويل اللوائم كم لجّوا فلمتهمُ ..... فاستدركوا لومهم لكن بلؤمهمِ
أَدْمَجْتُ في معرض المدح الهجاء لهم ..... وقلت أنتم ولا فخرٌ ذوو شَممِ
إني أنزّهُ قولي عن مذمّتهم ..... والجهر بالسّوء فاعلم ليس من شِيمي
قالوا تفنّنت في قولٍ بموجِبِهِ ..... قَلوْك قلت على نيرانِ حُبِّهِمِ
دعوا انتقاد كلامي إنّ حبّهُمُ ..... لو لم يكن مذهبي بالمدحِ لم أَهِمِ
قالوا اسْلُهُم قلت أشواقي تراجعني ..... قالوا ارتَقِب قلت إسعافاً بقربِهِمِ
إن رُمت تلفيق أعذاري وهان دمي ..... فلن يلاموا على قتلي وهان دمي
أغابر الناس في بُغض الحياة إذا ..... بانوا وأهوى حِمامي بعدَ بُعدِهِمِ
تركي بهم قول قاليهم يهون على ..... سمعي لتركيبه من مطلق الكلِمِ
لم يجلبِ الحُبّ إيجاب الصّدود بلى ..... قد يسلب النوم من عيني فلم أنَمِ
تخيروا لي الضّنى والسُّقْم إذ هجروا ..... فصِرت من حرِّ ما بي زائد الضّرَمِ
أن أحرقت نار وجدي في الهوى جَلَدي ..... على اسْتِعارةِ ثوب الصّبر لم اُلَمِ
ما حيلةُ العبد والأقدار جارية ..... إذا توارد دمعي بعدهم ودمي
يستطرد الدمع شوقي حين أذكرهم ..... طرد السّوابحِ في مضمار سَبقِهِمِ
قد طابقوا صِحّتي بالسُّقمِ حين نأوا ..... ولو دنوا لشفوا ما بي من الألمِ
كم اكتفيت بتصدير الدموع ولم ..... أبُح بِسرِّ غرامٍ في الفؤادِ كَمِ
لو لم يكن ذِكرهم يشفي العليل بما ..... يسليه ما طاب تعليلي بِذِكرِهِمِ
وعارفٌ كُنه حالي قد تجاهله ..... وقال لي بِك عِشقٌ أم ضنى سَقَمِ
ورُبّ لاحٍ عليهم لا التفات لهُ ..... لا درّ درّك دعني من أذى الكلمِ
أبهمت قولك للمضنى لترشِدهُ ..... قَد كِدْتَ لكنّهُ في حَيّز العَدَمِ
دعِ التّهكُّم وانصح ما استطعت وقُل ..... إني سأصغي لنصحٍ منك متَّهَمِ
واريت في اللوم عن عُذرٍ وإنَّك ذو ..... حَزْمٍ هُديت لِحُبٍّ فيك ملتَزِمِ
هازلتني بكلامٍ قد أرّدْتَ بِهِ ..... جِدّاً وقلت قتيل العشق لم يلمِ
سدّدت قولك أم سمعي إليك فدع ..... تسهيم لومك إني عنك في صمم
أوجز أطِل أرضِ أغضِب عادِ والِ أعِنْ ..... أُكتم أَّذِع وشِّ فوف إسع نُمْ لُمِ
فسوف تُفحم مثلي في مناقضةٍ ..... إن شِبت أو شَبّ ماء البحر بالضُّرمِ
عَدل المؤنِّبِ عَذلٌ حين صحّفه ..... نسخ تحريقه في الحُكمِ بالحِكَمِ
يا حاديَ العيس ذرها في ترادفها ..... واقصِد بها منزل التنزيل من أضَمِ
هلُمّ إنّ إماما ما نأمله ..... وعكسنا مستحيلٌ بعد أمّهمِ
وكيف يعكس من أهدى لِسادته ..... نظم البديع بديع النظم في الكلِمِ
عُجْ بي على دارهم علّي أنال يداً ..... فللعطاء اتّساع في ديارهِمِ
فإنهم وشعوا فينا مكارمهم ..... بِذاخر الوافرين الفضل والكرمِ
إذا تمكّن منك الخوف فادعُ بهم .....لكي تحِلّ من التأمين في الحرم
ولا يكون رجوعٌ حين نقصدهم ..... بلى يكون عن الأوزار والجُرُمِ
يا نفس حتى متى طال العتاب أما ..... قد آن ويحك إقلاعٌ عن اللمَمِ
لقد تفنّنت في اللذاتِ منطلقاً ..... لكنني الآن في قيدٍ من النّدَمِ
إن أوثقتني ذنوبي ليس يضمن لي ..... حسن التّخلّص إلا سيّد الأمَمِ
محمد ابن عبدالله ابن أبي ال ..... بطحاء غوث البرايا في اطّرادِهِمِ
إذا جنيت فجاوزتُ الرجاء عفى ..... عني فزاوجت فيه المدح للعِظَمِ
أرجو تعطّفه يوم المعادِ كما ..... ترجوه كل البرايا يوم حَشرِهِمِ
مؤمّلٌ مُنعمٌ يرجى فآمله ..... متى يصله يصله منه بالنعمِ
عمَّ العباد بمعروفٍ يوزِّعه ..... عليهم بالعطاء الواسعِ العمِمِ
برٌّ رؤوفٌ رحيم للإله دعى ..... تشريعه مستقيمٌ واضحُ اللقَمِ
لم ينْفِ عفواً بإيجاب العقاب ولم ..... يعاقب الفضل والإحسان بالندمِ
ألمصطفى صفوة الرحمن من لِسنا ..... أنواره انشق بدر التِّمّ في الظُّلَمِ
مُهذّبٌ ربُّهُ في المهد أدّبه ..... مذ كان طفلا وقد آواه في اليتُم
فالشمس طلعته والنور غرّته ..... ترشيحه في الضحى والليل كالعلمِ
في كفه لجج في وجه بلج ..... في ثغره فلجٌ تسميط منتظِمِ
شبّهت شيئين في الهادي بمثلهما ..... يمينه والنّدى كالبحر والدّيَمِ
مؤلفٌ معنييْ في سطا وعطا ..... فهو المنى والمنى في الحرب والسّلَمِ
ذلّت لِعزّته الأعداء حين رأوا ..... محو الصّحيفة عنواناً لمحوِهِمِ
لو أنهم فعلوا ما يوعظون به ..... في النور لاقتبسوا نور اهتدائهمِ
الظالمون النفس عدوانا وما ظُلِموا ..... والظلم للنفس تعريضٌ إلى النّقَمِ
أوهامهم خيّمت فيهم وقد زعموا ..... أن لا يحلّ الرّدى يوماً بِخيِّهِمِ
فجائهم بأسودٍ في سيوفهم ..... تصريع ما نظّموهُ من صفوفهِمِ
وكل طرفٍ إلى الغاياتِ حافِرُهُ ..... يسابق الطّرف منه في اتّباعهمِ
وأوجز القتل فيهم بعد ما ظلموا ..... بِحدّ منتهب الآجال مخترِمِ
كالقوس منه سهام الموت مرسلةٌ ..... له اختراعٌ بدا في هامِ كلّ كمي
يشكوا الصدي فيه ماءٌ لا يسيل وقد ..... عماه طول البكا من جفنه بدمِ
أدار فيهم كؤوس الموت مترعةٌ ..... فما اهتدوا لنجاةٍ في مجازِهِمِ
وكم لهم صفقةٌ في الشِّركِ خاسرةٌ ..... في الشّرك بالله لا في البيع والسّلَمِ
كم أوغلوا في السُّرى من بأسه فرقاً ..... وحدّهم كان حدّ الصّارِمِ الخذِمِ
لو أنهم بلغوا نسر السّماء سما ..... إليهمُ بعقابٍ صاحب العلّمِ
وكلّما حملت بالخيل طائفة ..... منهم تولّد منها حمل سبيهمِ
والضّرب يمشق نوناً فوق أعينهم ..... ونَكْتة الطّعن تتلو نَكْتة القلمِ
والسّيف كالسّيلِ في تفريق ما جمعوا ..... والخيل كالسّيل أودى جريها بِهِمِ
فكاد يغرق من أبقت صوارمه ..... لولا السّوابح بحرٌ من دمائِهِمِ
يُقَسِّم الجمع من أعداه يوم وغاً ..... فالهام للسّيف والأجسام للرّجَمِ
كم أمّهم بصناديدٍ صوارمهم ..... كالبرق في عارضٍ في الأُفق منسَجِمِ
كأنهم وهم لا شئ يشبههم ..... كواكبٌ حول بدرٍ في مسيرِهِمِ
والكلُّ مُتّسق الأقوال متّسِق ال ..... أفعال مستبق الأفضال ذو همَمِ
يطوي وينشر بالتجريد مقتضباً ..... للبيد والخيل والأسياف والقِمَمِ
يعلوا بذي شَطَبٍ للهام مقتضِبُ ..... تشطير مقتسمٍ بالعدل مُتّسِمِ
بيضٌ صوارمهم حمرٌ مدبّجةٌ ..... زرق الأسنّةِ سود النّقع واللممِ
ما قابلوا مقبلاً في عِزّ مقتحِمِ ..... إلا انثنى مُدبرا في ذُلِّ منهزِمِ
كم مثّلوا بالعِدا في كلّ معتركٍ ..... والأُسْد تفترسُ الأوعال في الأجُمِ
وقسّموا القتل في الأعداء حين بغوا ..... رمياً وطعناً وضرباً في رقابهمِ
وفرقوهم بأطراف الأسنّة إذ ..... ضلوا السبيل وداموا في اشتباههِمِ
واستعرضوا بالقنا والنّصر قائدهم ..... جيش الذين تصدوا لاعتراضِهِمِ
واستتبعوا بالمواضي من طغى فمحوا ..... ليل العجاجة محْوَ الظّلْمِ والظُّلَمِ
يجزون بالبغي من يبغي مشاكلة ..... من غير جورٍ عليه لاحتراسِهِمِ
عَرض بذمّ الأعادي في المديح لِمن ..... لا عيب فيهم سوى الإيثار في العَدَمِ
واجمع لمؤتلفٍ فيهم ومختلِفٍ ..... من البديع وزِد في مدح شيخِهِمِ
لم يحصر المدح ما تحوي شمائلهم ..... بل في المديح إشاراتٍ لفضلهِمِ
كُلٌّ صفيٌّ لِعزّ الدين مستبق ..... أحسن بتوجيه مدحي في تقيِّهِمِ
ما السّحب جادت بتفريع النّدى سحراً ..... على الرياض بأندى من أكفِّهِمِ
علوا محِلاً كما سادوا عُلاً وسموا ..... هام السِّماك وحلّوا عاطِل الهِمَمِ
والله أكمل إذ أوفوا العقود لهم ..... ديناً وأحسن بالتتميم للنِّعَمِ
والنّظم والنثر والآيات بينةٌ ..... ملئ المسامع في ترتيب مدحِهِمِ
لله منهم سيوف حين جرّدها ..... لنصرة الدين أفنت كل مجترِمِ
يرون صعب العلا سهلاً لأنهم ..... أنصار خير نبي ثابت القدَمِ
باكي السِّنان ضَحوك السِّن آمله ..... تُغْنيهِ كنيتُهُ عن إسمِهِ العَلَمِ
أردى البُغاة وأرضى المبتغين بما ..... أبدى وأبدع من حُكْمٍ ومن حِكَمِ
واستخدم الشُّهْب في الأعداء مُسرجةٍ ..... ترمي الشياطين ردّاً لاستراقِهِمِ
فالسابقات وبيض الباترات وســمـر الـخط جمعا له من جملةِ الخدَمًِ
قالوا هو الدّهر قلت الفرق متّضِحٌ ..... في الدهر غدرٌ وهذا حافظ الذِّمَمِ
ساوى النبيين تشريعاً وسادهُمُ ..... بمحكمٍ ناسخٍ أحكام شرعِهِمِ
ذو البيّنات التي تفسير معجزها ..... نور البصائر والكشّاف للغمَمِ
لا تطلبوا مثلاً في المرسلين له ..... هيهات ما الشمس في الإشراق كالنّجمِ
فهو العزيز على الله العزيز وفي الـ.....ــذكر العزيز له الترديد بالعِظَمِ
كم أودع الله من أسرار مِلّته ..... في غير أُمّته من سالفِ الأُمَمِ
وهو الذي لم يفه في حلّ مشكلةٍ ..... إلا وأوضح منها كلّ منبهِمِ
قد وافق الإسم منه وصف أُمّتهِ ..... فكلُّهُم شاهدٌ للهِ ذي القِدَمِ
لا مكّنتني المعاني من شوارِدها ..... إن لم أبرّ بمدح المصطفى قسمي
من لم يكن مدح خير الخلق هِمَّته ..... فجمْعُه القول لم ينسب إلى الهممِ
جمعت في مدح طه كلّ شاردةٍ ..... يبدي لها كلّ سمْعٍ ثغْر مبتسِمِ
أضربت عن كلّ ممدوحٍ بمدحيَ خيـ......ر الرُّسل بل خير خلق الله كُلِّهِمِ
أرجو بحسن بياني في مدائِحِهِ ..... تخلُّصاً من عذابٍ دائم الألمِ
عدَّدْتُ وصف نبيٍ لا شبيه له ..... في العزم والحزم والإقدامِ والقِدَمِ
كرّرت مدحاً له تحلو مذاقتُه ..... تحلو مذاقته في مسمعي وفمي
جاريت بالمدح فيه كلّ ملتزمٍ ..... مستعصمٍ ببديع النّظمِ معتزِمِ
وشَّحتُ نظمي بِدُرِّ المدحِ في قمرٍ ..... بالحُسنِ مشتملٍ بالنور مُلتَثِمِ
مُرصِّعٌ لبديع النطقِ مُحتشِمٌ ..... مشفّعٌ في جميع الخلق محتكِمِ
أهديت من كَلِمٍ كالدُّرِّ منتظمٍ ..... تسجيع ملتزمٍ للمدحِ مغتنِمِ
أوزان قولي ومعناه قد ائتلفا ..... كما تألّفت الأرواحُ في القِدَمِ
واللفظُ مُؤتلِفٌ باللفظ منتظم ..... من جوهر النطق في سلكٍ من الحِكَمِ
والوزن يألف ألفاظاً قد انسجمت ..... في مدح سيِّد أهل الحِلِّ والحرمِ
قولي وتطريزه والمدح منتظمٌ ..... في حسن مُنتَظَمٍ في حسن مُنْتَظِمِ
أنشأت من كلِمي ما شِئتُ من حِكمي ..... جزّأتُ منتظمي أنبأت عن لزمي
جزئيُّ مدحيَ بالكلِّيّ ملتحقٌ ..... في واحدٍ هو كل الخلق في العِظَمِ
لفظي ومعناه في مدحي له ائتلفا ..... من لؤلؤ الوصف في سمطٍِ من الشِّيَمِ
وما تغاليت في مدحٍ يكاد إذا ..... تلوتُهُ أن يقيني صولة العَدَمِ
أحكمت نظم القوافي وانتخبت لها ..... فرائداً تزدري في النظم باليتمِ
عمّت فواضِله جلّت فضائله ..... من ذا يُماثله في العُرْبِ والعَجَمِ
يا شامِل الجمع من جودٍ ومن كرمٍ ..... تفصيل مجمله بالوصف لم يُرَمِ
ذيّلت ما طال من مدحي إليك بما ..... أرجوه منك ومن يرجوك لم يُضَمِ
وإنّ مثلك تغنيه براعتُهُ ..... يا منتهى طلبي عن ذِكْرِه بفمي
وفي مديحك أدمجت المرام عسى ..... أرى بجاهك دهري ملتقى السّلَمِ
فابسط إلى أمل الفضل العميم يداً ..... تفيض بالجود فيض الوابل الرَّزِمِ
فما استهلَّ يإخلاصٍ براعتهُ ..... إلا وأمّل فيها حُسْنَ مُختَتَمِ

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى