حوار مع الكاتب مولود بن زادي في مجلة AWB/ أجرته: هجيرة نسرين بن جدو

⚫ مقابلة مع الكاتب مولود بن زادي في مجلة AWB/

مولود بن زادي: "الكتاب العرب يتفوقون في الفوز بالجوائز الأدبية لكنهم غير قادرين على تحقيق الاعتراف العالمي!"

الحوار أجرته: لطيفة محمد حسيب القاضي

مولود بن زادي، روائي وكاتب مقالات ولغوي ومترجم وناقد وباحث بريطاني جزائري، وهو شخصية بارزة من أدباء المهجر الثقافي العربي. بفضل أصوله الجزائرية وروحه المتأثرة ببريطانيا العظمى، فإن براعته الفكرية لا تعرف حدودًا. من خلال الخوض في الفروق الدقيقة للإنسانية وتعزيز الانسجام الثقافي، فهو منارة تنويرية في عالمنا المعولم. في هذه المقابلة الحصرية، نستكشف عقل مولود
بن زادي الآسر وهو يشاركنا أفكاره وإلهاماته وتطلعاته من أجل عالم أكثر ترابطًا.

□ في مراجعة حديثة لكتاب نشرته عن "Spare"، لاحظت أن الأمير هاري يناقض نفسه فيما يتعلق بموضوع الخصوصية. هل يمكنك تقديم مزيد من التوضيح؟
■ بالتأكيد. أعرب الأمير هاري باستمرار عن مخاوفه بشأن تدخل وسائل الإعلام في خصوصيته وعائلته. لقد اتخذ إجراءات قانونية ضد صحف بريطانية بارزة مثل "ذا صن"، و"ديلي ميرور"، و"ميل أون صنداي"، بالإضافة إلى وكالة أنباء التقطت صورًا جوية غير مصرح بها لمنزلهم في كوتسوولدز، مما أدى في النهاية إلى قرارهم بمغادرة المنزل. ومع ذلك، فإن قصته الرائعة "Spare" تشير إلى أن الأمير هاري يواجه الآن اتهامات بمناقضة نفسه أو إظهار النفاق. وعلى الرغم من شكاواه بشأن انتهاكات الخصوصية، تقول بعض الصحف إن نشر مذكراته "Spare" التي حظيت بتغطية إعلامية واسعة النطاق، قد يُنظر إليه على أنه انتهاك لخصوصية عائلته.

□ ذكرت في مقابلة حديثة أن الكتاب العرب ماهرون في الفوز بجوائز أدبية ولكنهم غير قادرين على تحقيق الاعتراف العالمي. كيف تفسر هذا التناقض؟
■ يسلط هذا البيان الضوء على جانب قد يكون من الصعب على الكتاب العرب قبوله: التحدي المتمثل في تحقيق الاعتراف العالمي. إن العالمية، التي تعني الاعتراف الواسع النطاق والتوزيع العالمي، غالبًا ما تكون بعيدة المنال بالنسبة للكتاب العرب. تميل شهرتهم إلى أن تكون مقيدة داخل بلدانهم الأصلية والمنطقة العربية، وغالبًا ما تتضاءل بمرور الوقت مع ظهور شخصيات أدبية جديدة.
علاوة على ذلك، فقد أساء الكتاب العرب في بعض الأحيان فهم الطريق إلى تحقيق العالمية. يعتقد البعض خطأً أن المشاركة في الفعاليات الدولية، أو الفوز بجوائز مرموقة، أو ترجمة أعمالهم إلى لغات أجنبية تؤدي تلقائياً إلى الشهرة العالمية. ومع ذلك، فمن الصعب المطالبة بالاعتراف الدولي عندما تكافح الكتب العربية لتحقيق مبيعات كبيرة خارج العالم العربي. فكيف يمكن أن نتحدث عن العالمية والأدباء العرب ما زالوا مجهولين نسبيا على الساحة الأدبية العالمية؟!

□ بالحديث عن الترجمة، أثناء العمل في هذا المجال، ألا تساعد الترجمة الكتاب العرب على تحقيق العالمية من خلال وصول أعمالهم إلى الجماهير الناطقة بلغات أخرى؟
■ تتيح الترجمة إتاحة العمل بلغة أخرى، ولكنها لا تضمن الاهتمام أو المشاركة الأجنبية. غالبًا ما تكافح الأعمال العربية المترجمة لجذب الجماهير الأجنبية أو اكتساب شعبية كبيرة في جميع أنحاء العالم، مما يؤدي إلى بقائها على الرفوف إلى أجل غير مسمى. تساهم عدة عوامل في ذلك، بما في ذلك وقوع الكتاب العرب أحيانًا في فخ الانغماس في الذات والتركيز فقط على الموضوعات المحلية أو الإقليمية لإرضاء لجان الجائزة وأنفسهم، بدلاً من التفكير في جاذبية أوسع. غالبًا ما تفشل هذه الأعمال في إثارة الاهتمام بين القراء العالميين الذين لديهم مجموعة واسعة من الأعمال الأدبية تحت تصرفهم. ومن المثير للسخرية أن الكتاب العرب ماهرون في الفوز بالجوائز الأدبية، لكنهم لا يستطيعون تحقيق الاعتراف الدولي ويظلون مجهولين في جميع أنحاء العالم!

□ برأيك، كيف يمكن للكتاب العرب تحقيق العالمية؟
■ في رأيي أن الخطوة الأولى نحو تحقيق العالمية للكتاب العرب هي التحرر من هاجس الفوز بالجوائز الأدبية والبحث عن الشهرة. ومن المؤسف أن الكتّاب العرب غالباً ما يمنحون الأولوية للفوز بالجوائز على الاستيلاء على قلوب الجماهير المعاصرة والأجيال القادمة بأعمال إنسانية ذات تأثير عالمي. إن استثمار الوقت والجهد في السعي للحصول على الجوائز أمر غير مؤكد، لأنه لا يضمن الاعتراف الدائم، حتى لو كان يوفر شهرة إقليمية فورية. ولهذا أقترح أن نطلق على هذا العصر من الأدب في العالم العربي اسم "عصر الجوائز الأدبية"، بدءا من عام 1988، عندما توفي ميخائيل نعيمة وفاز نجيب محفوظ بجائزة نوبل، إلى أن يأتي وقت في المستقبل يتحول فيه الكتّاب عن اهتمامهم بعيدا. من هذه الأوسمة والبدء في الكتابة خارج حدودها واحتضان موضوعات عالمية.
سبب آخر لضعف إنجازات الكتاب العرب على الساحة العالمية هو ميلهم إلى الكتابة وهم يفكرون بلغتهم الخاصة وبمنطق لا يفهمه إلا مجتمعهم. ومن الأهمية بمكان أن ندرك أنه للوصول بفعالية إلى الجماهير في العالم الناطق باللغة الإنجليزية، يجب علينا أن نتعرف على طريقة تفكيرهم والكتابة باستخدام المنطق الذي يمكنهم فهمه والتفاعل معه. لقد تعلمت هذا من تجربتي الخاصة في بريطانيا. عندما نشرت اقتباساتي العربية المترجمة إلى الإنجليزية، لم يلاحظها أحد لأنني كتبتها بعقلية عربية. ومع ذلك، عندما نشرت اقتباسات من كتاباتي باللغة الإنجليزية، والتي تم صياغتها بإطار منطقي باللغة الإنجليزية، تجاوزت النتائج توقعاتي. حظيت اقتباساتي باللغة الإنجليزية باهتمام واسع النطاق في جميع أنحاء العالم. لقد حفزني هذا الإنجاز على الكتابة باللغة الإنجليزية، وأنا الآن أشجع العالم العربي على التفكير في هذا النهج. إنه يمثل طرحا رائدا في تاريخ العالم العربي، وأناشد الأجيال القادمة أن تفكر فيه. ولعل كتاباتي باللغة الإنجليزية ستكون بمثابة نموذج ودليل على إمكانية النجاح في الكتابة باللغة الإنجليزية، اللغة العالمية.

□ تندرج رواية "أنجلينا: فتاة من النمسا" ضمن أدب السيرة الذاتية. وتدور أحداثها في بريطانيا والنمسا وجزر الكناري وسلوفينيا. ماذا ينقل للقارئ؟
■ هذه الرواية هي قصة رومانسية تدور أحداثها حول الحب المستحيل بين شاب عربي وفتاة نمساوية. يأخذ الكتاب القراء في رحلة عبر شوارع لندن النابضة بالحياة ثم ينقلهم إلى الحدود النمساوية السلوفينية، ويغمرهم في نمط الحياة المحلي. وفي نهاية المطاف، تقودهم القصة إلى جزر الكناري الخلابة. تصنف هذه الرواية ضمن أدب السيرة الذاتية، وقد وصفها النقاد بأنها عمل استفزازي بسبب مشاهدها الجنسية الصريحة وما تقدمه من أفكار وتأملات غير تقليدية، نابعة من البيئة الجديدة، على عكس ما هو مألوف ومقبول في العالم العربي. وأخبرني الناشرون أنه من أكثر الكتب مبيعاً في معارض الكتب العربية.

□ تعكس رواية "عبرات وعبر" "دروس واستنتاجات" بوضوح الجهد الهائل الذي بذل في تأليفها. هل يمكنك مشاركة الإلهام وراء ذلك؟
■ تحكي هذه الرواية الجذابة قصة عائلة متواضعة في إحدى ضواحي العاصمة الجزائرية الفقيرة. تدور أحداث الفيلم خلال فترة الاحتلال الفرنسي وحرب التحرير (1954 - 1962)، وهو مستمد من روايات حقيقية، مما يجعله خيالًا تاريخيًا. إنه خيار رائع لمسلسل تلفزيوني يعتمد على أحداث حقيقية. لكن إنشاء هذا لم يكن سهلاً؛ لقد تطلب الأمر جمع القصص من أشخاص مختلفين وإجراء بحث تاريخي شامل. في جوهرها، هذه الرواية هي نتيجة سنوات من العمل الجاد والتفاني من العديد من المساهمين.

□ مولود بن زادي شخصية ثقافية عربية بارزة في المهجر. وهو روائي ومترجم وناقد وباحث في اللغة والأدب. إلى جانب اللغة العربية، هل يستطيع إيصال أفكاره باللغتين الإنجليزية والفرنسية؟
■ بعد قضاء وقت طويل في بريطانيا، أدركت قيمة فهم المنظور البريطاني وتعديل كتاباتي وفقًا لذلك. لقد قادني انغماسي في المجتمع البريطاني إلى أن أكون أول كاتبة عربية تدافع ليس فقط عن فهم عقلية المجتمعات الناطقة باللغة الإنجليزية وأسلوب كتابتها، بل عن الكتابة باللغة الإنجليزية أيضًا. وأنا أشجع الكتاب العرب على النظر في هذا الاقتراح بعناية. وإذا اختاروا عدم القيام بذلك، فإنني أترك الأمر للأجيال القادمة لتقييمها واتخاذ القرار بشأنها. التاريخ يدعم هذه الفكرة. ولنتأمل هنا شعر عمر الخيام، الذي نجح فيما فشلت العديد من الأعمال الشرقية الأخرى في اكتساب الشعبية عند ترجمته إلى الإنجليزية. كان المفتاح هو إدوارد فيتزجيرالد، المترجم الدقيق الذي قام بتكييف النص ليتوافق مع أنماط الفكر الإنجليزي، مما نال إعجاب الجماهير.
مثال آخر هو نجاح كتاب مثل جبران وميخائيل نعيمة، الذين أسروا العالم بكتاباتهم الإنجليزية، بينما ناضل كتاب شرقيون مشهورون مثل نجيب محفوظ ومي زيادة لتحقيق نفس الاعتراف في الترجمات الإنجليزية. بالإضافة إلى ذلك، تتم مشاركة اقتباساتي باللغة الإنجليزية على نطاق واسع على منصات مختلفة، على عكس اقتباساتي المترجمة باللغة العربية. وهذا ما شجعني على كتابة روايتي الأولى باللغة الإنجليزية، وأدعو زملائي الكتاب العرب والأجيال القادمة للانضمام إلى هذا المسعى. تجدر الإشارة إلى أن الاقتباسات من روايتي القادمة قد تم اختيارها بالفعل من قبل العديد من مواقع الاقتباسات وتكتسب شعبية على منصات مثل Twitter وTikTok وInstagram قبل إصدار الكتاب، وهو ما يملأني بالتحفيز والتشجيع.

□ وماذا عن حضور المرأة في رواياتك؟
■ قد لا تصدقين ذلك، لكن النساء حاضرات في كل رواياتي، من "دروس واستنتاجات" إلى "أنجلينا فتاة من النمسا". ويمكنكم أن تتوقعوا حضوراً نسائياً قوياً في روايتي الإنجليزية القادمة!

□ عندما تكتب، من تتخيل أنه الرقيب الداخلي لك؟ ومن هو أول شخص تطلب منه آراءك فيما يتعلق بكتاباتك؟
■ في عالمي الأدبي، لا يوجد مجال للرقابة. رواياتي ومقالاتي تنتقد بلا خوف الممارسات المختلفة داخل المجتمعات العربية. في حين أن العديد من كتاب الشتات غالباً ما يناصرون القومية، إلا أنني أتخذ طريقاً مختلفاً من خلال انتقاد القومية والوطنية. وبدلاً من ذلك، فإنني أدافع عن ثقافة عالمية مشتركة تعكس الجوانب المتعددة الأعراق والثقافات في المجتمع البريطاني. وهذا المجتمع لا يرتبط بالهوية، بل باللغة الإنجليزية المشتركة والثقافة المشتركة. أحد الأمثلة البارزة على ذلك هو إبداعي العفوي لرواية "أنجلينا، فتاة من النمسا"، والتي لم أتخيل أبدًا أنها ستصبح رواية صادمة في العالم العربي.
أما القراء فكتابتي لا تستهدف قبيلة أو أمة معينة، بل هي موجهة للعالم كله. أنا أقدر وأستمع إلى مدخلات القراء من جميع أنحاء العالم.

□ قبل أن ننهي هذه المقابلة، هل هناك أي شيء آخر ترغب في التعبير عنه أو أي أفكار نهائية ترغب في مشاركتها مع القراء والجمهور؟
■ لقد تأثرت بشدة ببيئتين مختلفتين، واليوم أنا حريص على احتضان الجانب البريطاني واستكشافه بشكل كامل. طموحي هو المساهمة بشكل كبير في الأدب الإنجليزي من خلال إنشاء أعمال تتجاوز الحدود الوطنية. إنني أؤكد على القيم الإنسانية العالمية والحب العميق لوحدة الإنسانية، وهي وحدة يجسدها المجتمع البريطاني بشكل جميل، حيث أقيم الآن.
منذ بضع سنوات، اتخذت قرارًا بالابتعاد عن المشهد الأدبي العربي الذي يهيمن عليه نخبة مختارة من الكتاب المخضرمين، وهو القرار الذي أعتبره دائمًا وغير قابل للتغيير. ومع ذلك، فإنني أظل ملتزما تماما بتعزيز العلاقات الإيجابية والبناءة مع زملائي المحليين. أستطيع أن أشارك في الجهود التعاونية عن بعد، وأدافع عن الأدب والتسامح والإنسانية، وكل ذلك أثناء بناء جسور الصداقة والمحبة بين الناس في جميع أنحاء العالم.
إن خبراتي المتنوعة والواسعة في الجزر البريطانية تحمل إمكانات كبيرة لإفادة زملائي في العالم العربي. ومن الجدير بالذكر أن تفكيري غير التقليدي جاء بتكلفة شخصية، بما في ذلك التهديدات من زملائي في بلدي الأصلي بسبب وجهات نظري المختلفة ودعوتي للغة مختلفة. ومع ذلك، فحتى عندما أتوخى الحذر عند عودتي إلى وطني، فإنني أحتفظ بإيمان قوي بالسلطات هناك.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى