محمد محمود غدية - ثنائية الجرح والفرح

امتلأ ميدان التحرير عن آخره، شباب وشابات شيوخ وأمهات وأطفال، لافتات تحمل عناق الصليب والهلال، سيمفونيات من التآخى والحب، مكبرات الصوت تذيع أغنيات الشيخ امام واحمد فؤاد نجم :
مصر يامه يابهية يام طرحه وجلابيه، الزمن شاب وانت شابه،هو رايح وانت جايه، هرج وتدافع كأنهم فى ساحة معركة، خيول وجمال تجرى فى كل الاتجاهات، سيوف وعصى تضرب المتظاهرين فى وحشية، يتساقطون تحت سنابك الخيل والجمال، رصاص حي من بنادق قناصة فى أعلى البنايات المطلة على ميدان التحرير يصوبون على رأس وعيون المتظاهرين، يتساقط الجرحى والموتى مجزرة مروعة، أطلقوا عليها معركة الجمال، وسط صرخات الشباب : سلمية سلمية لكن هناك من
لا يريدها سلمية،
المستشفى الميداني إمتلأ عن آخره بالجثث والجرحى، على كرسي جلس حازم ينزف الدم من رأسه، الطبيب أوقف النزيف صارخا : دم آى متبرع فصيلة دمه O
تقدمت فتاة شمرت عن ساعدها، تم غرس إبرة وأنبول بساعدها الموصول لحازم، الذى أفاق بعد غيبوبة على إبتسامة المتبرعة وهى تقول : حمد الله على السلامة، شكرها على تبرعها بالدم، وهى معربة عن سعادتها : أن ماقدمه للوطن من تضحيات ودماء أكثر،
غابت الفتاة بعض الوقت، لتعود ومعها عصائر إشترتها من مكان قريب للمستشفى الميداني، وزعتها على كل المرضى حتى وصلت لحازم قائلة له وهى تناوله العصير، هيا يابطل كلانا محتاج لبعض الراحة قليلا وطمئنة الأهل، بعد أن عرفت منه أنهما من حي واحد، خريج حقوق يعمل محاميا تحت التمرين، وهى بكالريوس اعلام لا تعمل،
فى منزله وجدت أمه تشبه أمها المهمومة دائما باابنائها، شعرت معهم بحميمية وألفة وكأنها فى منزلها، الجميع أحبوها، أكلت عيشهم وملحهم وتبادلا أرقام الهاتف وتعددت بينهم اللقاءات، نجحت الثورة وحققت أهدافها، بعد أن قدمت الكثير من الشهداء والتضحيات، إحتفلا معا بنجاح الثورة،
أشار الى الجرح فى رأسه قائلا : إن هذا قليل أمام ماقدمه الشباب من أرواحهم الذكية،
- قالت : هذا الجرح وسام لا يحمله الكثيرين، ينبغى أن تفخر به لولاه مالتقينا، أحبها وأحبته إتفقا انه فى الخامس والعشرين من يناير القادم، ترتدى فيه ثوب العرس الأبيض فى لون ثورتهم، ليحصدوا معا ثمار ثورتهم فى فرح تباركه السماء .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى