هوشنك أوسي - لستُ مسؤولاً عن نصوصي

قُلتُها، وأكرِّر:
لا شرقَ للمتوسِّط، لا غربَ للعِشقِ.
تطمئنُّ إليَّ أشجارُ التّينِ الأسود،
بالرُّغمِ مِن أنَّ جدَّي كان نجَّارًا،
يصنعُ الصُّلبان والتّوابيت.
لستُ شغوفًا، ببحرٍ لا يبرحُ خرائطَهُ.
بحرٌ لا يبحرُ في مجازِ النّساءِ، لا يعوَّل عليه.
لا أتحمَّلُ مسؤوليّةَ نصوصي.
عِشتُ كربلاءاتٍ كثيرةً،
قُطِعَتْ فيها رأسي مِرارًا على أسرَّةِ العشيقات.
نِمتُ مُشرَّدًا في شوارعَ تقاتلتْ على أسمي.
شوارعٌ يتَّمتها مُدُنُها،
رَسَمَها قراصنةٌ، لا أعرفُ مِن أينَ اقتحموا طفولتي؟
***
قُلتُها، وأكرِّر:
"تشي جيفارا سطَّرَ قرارَ إعدامي رميًا بالرّصاص،
بقلمِ رصاص.
على يمينهِ جلسَ "بابلو نيرودا"، وعلى يساره "ناظم حكمت".
لم يشفع لي عندهم؛ كلاميَ الأحمر،
خياليَ الأحمر، وأفكاري الحمراء.
لم يدافعْ عنّي رفاقي القُدامى والجُدّد.
عشيقاتي القديمات والجديدات، تجاهلنني.
الوحيد الذي حال دون انغراس الرِّصاص في جسدي،
ضبابٌ محترمٌ وجميلٌ، يُقالُ له: النَّدم.
لذا، ترونني مَدينًا لهُ بحياتي.
اتَّخذهُ رُبَّانًا وبوصلةً،
حين أباشرُ الإبحارَ نحوَ امرأةٍ أخرى.
***
قُلتُها وأكرِّر:
لستُ جبانًا، لكنّني أخافُ الكلابَ.
حينَ كُنتُ مِحبرةَ الشّيطان،
أدوِّنُ مذكّراتهِ وأدوزنها على مقام النّهاوند،
كانت الذِّئابُ تهابني، تحترمني جدًّا، وتدعوني إلى العشاء،
طيورُ النِّساءِ وأعشاشُها لا تغادرُ فراشي،
كرومُ الزّيتونِ والعنبِ، تُدلّلني، وتغنّي لي،
تَدلُّني على أوكارِ السّاحراتِ، وفخاخهنَّ الرّائعة.
نهرٌ مِن الهَمَساتِ يمرُّ هادئًا مِن تحتِ وسادتي،
عندما كنتُ محبرةَ الشّيطان.
اليوم، وأنا اقتربُ مِن التّقاعد،
صارَ الليلُ يهدِّدني، ويبشِّرني القمرُ بالقتل.
تتّهمني أشجارُ اللّوزِ بالغدر.
تناديني أرصفةُ الوقت، بأسماء قَتَلَتي.
تعقُدُ مُدني الصَّفقاتِ مع أعدائي.
مدنٌ كثيرًا ما صادفتُ أطفالي، مشرَّدين مثلي، في أزقتها.
***
قُلتُها ولن أكرِّر:
مَنزِلَتُكِ مِنِّي، بمَنزِلَةِ المَجدَليّةِ مِن المسيح،
وكمَنزِلةِ زليخة مِن يوسف.
لكن، لا نبيَّ مِن بَعدي، يُخفِّفُ عَنكِ كآبتكِ والهزائم.
لا وادٍ، مِن بَعدي، يأخذُ بيدك،
كيتيمٍ يُمسكُ يدَ فتاةٍ يتيمةٍ، ويراقصها.
لا داعي لكلِّ هذا النّحيب الفاجر.
لهذا البكاءِ الدّامي،
ولهذا الكلامِ – العذاب، المسموم.
لا شرقَ للمتوسِّط، ولا غربَ للعِشقِ.

هوشنك أوسي
أوستند – بلجيكا

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى