محمد الطنجاوي - تصريح لِمَنْ يهمه الأمر

-1-
لَمْ يقطفوا أزهارَ الياسَمينِ…
يوماً
ولا جَلَسوا تحتَ دَوالي الكَرْمِ…
أو قَطَفوا…
من ثغورِ الأطفالِ وهُمْ يمرحونَ
في البراري…
باقة حبٍّ يغتسلونَ بهِ…
أو يفرحونْ..!
ولا علَّقوا أطواقَ الفرحةِ…
على صدرِ الصبيان
أو لَوّحوا…
بمناديلِ البَسْمةِ يومَ العيدِ…
وقبلَ بزوغِ الفجرِ…
أو نفحوهم فُلُساً وقالوا:
إفرحوا اليوم ولا تختصموا…
فالعيد لكم… ولنا الغفران
ولاَ وزَّعوا بعد صلاةِ النَّحرِ
زكاةَ التوبةِ…
واغْتَسَلُوا…
مثلَ عبادِ الله منَ العصيانْ!
ولا افتَرَشوا مثلَ الفقراءِ إلى اللهِ…
مِنَ المُعْدَمين...
مِنَ المُتْرفينَ…
حُصُراً حَاكَتْهَا أكُفُّ القَانعينَ
بلُقمةِ خبزٍ…
مُبَلَّلَةٍ بِسُلاَفِ الزيتونِ..
وكأسِ الشايِ..
وإيمانِ المتَّقينْ!
والْتَحَفُوا …
بالأُزُرِ البيضاءِ من المهدِ إلى اللَّحدِ
والرحلةُ بينهمَا…
صُعُداً لِِلأَكَمَاتِ…
وأحداقِ الأقحوانْ!
-2-
ولا نفحوا دِرْهمَ شكرٍ..
لفقيهِ الكتَّابِ…
حينَ يَزُفُّ إلى والديه:
أنَّ الفَتَى يستَظْهر آياتِ القرآنْ
ترتيلاً بقراءةِ ورشٍ…
وفي أسفلِ اللَّوحِ متونَ الحافظينِ.!
ولاَ لقَّنوا أبناءَهمْ...
الحِكَمَ المُلْقَاةَ على أرصفةِ التائهينْ...
وزجاجةَ مصباحٍ تُوَشِّي بالسَّنَا...
حاملَ المصحفِ بين يديْ
حكماءِ الجَلْدِ...
ترفُسُهُ أرجُلُهمْ...
في أقبية الدَّباغينَ...
بصبرِ الصابرينْ!
وحكاياتُ الجدَّاتِ...
يكتَحلُ الأطفالُ بِهَا...
فيَصحُون على الصَّوتِ الشجيِّ:
خيرٌ من النومِ صلاةٌ
في صفوفِ الأوَّلينْ...
يَدْفُقُ الثديُ بينبوعٍ...
فتُسقَى الطفلةُ... والطفلُ...
حليبَ المؤمناتِ...
وحَنَانَ المؤمنينْ!
-4-
لا تعجبوا...
ربَّما ينبُتُ الشوكُ بأذقانِ الملتحينَ...
إذا سمعوا الشعرَ بَكَوا...
خوفاً من تعاويذِ الشيطانِ!
والموسيقى تُوقِرُهمْ بالهَذَيَانْ!
وإذا اشتدَّ الإعصارُ...
وتحوِّلُ مجراهَا الأنهارُ
ويقذفُ موجُ الغضب الجبَّارِ...
بأرجلهمْ فوق حقول القمحِ
أو تَسَّاقَطُ كالأنجُمِ والمرجانْ
رُطَبٌ...
تَرَاهُمْ يفزعونْ...
يسألون الساحرة الشوهاءَ:
مَنْ علَّقَ فوقَ الأغصانِ...
تعاويذَ...
شكْلُها يُشْبهُ حبَّاتِ الرُّمانْ...
مَنْ أرسَلَ في الأفقِ الرَّحبِ
سُحُباً...
تحجبُ عَنَّا شكل الألوانْ...
وتكشف أوجهنا بين الدخان؟
مَنْ قالَ لأتباعِ الحجَّابِ
مَنْ ألقى في رَوْعِ البُسَطَاءِ... قنابلِنا
وصفوفِ الفقراء على أبوابنا...
أن الله يحبُّ الإنسان؟
بلا واسطةٍ مِنَّا...
وأن الله يُحبُّ التَّوابَ...
بلا دَعْوةٍ منَّا...
وأن اللَّهَ قريبٌ...
خارجَ حَضْرتِنَا...
وخَلْوتِنَا...
مَنْ قال لهمْ هُوَ...
أقربَ مِنْ هُدبِ العينِ... إلى العَينِ...
يُبسِطُ واسعَ رحمتِهِ...
لمَنْ شاءَ... سريعُ الغفرانْ!
-5-
حفاةُ الوجهِ...
وسُعَاةُ الفقهِ...
إلى خلواتِ الهذَيانْ!
يمشونَ عرايا فوق حقول البسمة والألوانْ
يرمون إلى جوف التِّنِّينِ الأسودِ...
بالعدلِ الإلاهي...
وحقوقِ الإنسانْ!
احتلُّوا كلَّ مساحاتِ الحُلمِ...
والرحمةِ...
بصدورِ الفقراءِ... وإرهاب "الإحسانْ"!
وقالوا... نحنُ..
إنطلقوا.. آمينْ.. !
وأطفئوا ومضاتِ العقلِ...
وقناديل الإيمانِ..
لإرادتنا...
وإلا... الطوفان!
-6-
خبِّرني.. يا إمامَ المسجدِ...
يا فقيه الكتَّابِ الأحمدي
في حيِّنا...
مَنْ بشَّرنا بالجنةِ...
بعد نصوحِ التوبةِ منَّا واليقينْ..
مَنْ كانَ إذا يسعى...
حول الكعبةِ...
أو فوقَ أديمِ الأرضِ..
حافياً... يمشي الهُوَيْنا...
لصلاةِ الجمعة
بلا تصريحٍ يعلنُه التُّبَّاعُ:
إفسحوا "للشيخ" طريقاً...
واصطفُّوا يميناً.. وشمالاً
واخفضُوا صوتكُمُ..
لإمامِ "العدل" المعصومِ
إنْ أردتمْ منهُ البركةْ!
خبِّرني يا إمام المسجدِ...
يافقيه الكتاب الأحمدي
في حينا...
هل كان إسمُهُ أحمدُ...
أمْ في زَمَنِ الفتنةِ...
صَارَ اسمهُ... ياسين؟
هل كِتَاب العدلِ قُدَّاسٌ
وبخورٌ... ومسوحٌ
ومشَاكِي يحمِلُهَا في المحفلِ...
في غفلَتِنَا...
وفي بؤسِ مشاعرنا...
وكُسَاحٍ بأرجلنا...
ورُعافٍ أخْرَسَ أَلْسنَنَا...
تُبَّاعٌ كقطيع التيهِ...
وأتباعُ الصائحين!
أم كتابٌ من الله لكل المؤمنين!
بلا رقمٍ مرموزٍ... ولاهُمْ يحزنون!
-7-
وهلِ "الإحسانُ" نداءٌ
مُرْسَلٌ في شبكات الإنترنيتْ...
لهواةِ الكلماتِ المسهمَةْ
وسماسرةِ الأسْهُم في أحلامنا..
نحنُ أطفال العولمَة
أم نَبَأُ الجهلِ...
وإشعال الفتنةِ بين الآمنين؟
وهل النصحُ خروجٌ...
عَنْ صفوفِ البيعةِ
وصِراط الأمَّةِ...
وَوِثَاق الوحدةِ...
يا فقيه الخارجينْ؟
كيف توصِمُنَا بالعَمَى...
كلَّنا...
وتزعم أنك مُهدينا إلى التربيةْ
وكأنَّا قد وُلِدْنَا اليوم...
أو خرجنَا اليومَ...
من ظلماتِ الجهلِ...
لِكهوفِ الصوفية؟
-8-
أَحفَظُ مَا لقَّنْتني...
يا إمامَ المسجدِ... وسميرَ المُتعبينْ
صوتُك في جوفِ المحرابِ
خفيضٌ كالنَّدَى
ينسابُ الصَّدَى
منكَ... إلينا... للمَدَى
رقيقُ البسمةِ...
فوق حصيرِ الطاعة...
وأنوارُ السَّمتِ... مِشكاةٌ مباركةٌ أنوارُها
تَرْضَى بالكِسرة والزيتِ...
يا خيزران العفَّةِ...
يا فجرَ الحائرينْ...
خلفَكَ قبلَ الكُتَّابِ
نصلِّي ركعتينْ...
نَتَهَجَّى الحزبَ...
نَنْحتُهُ كاللآلي بين أعيننا
نكتبُ اللَّوْحَ... ونمحوهُ...
ونَسعى... لرضاءِ الوالدينْ
-9-
حَفيفُ الخطوِ...
ينبؤُنا بمجيئك صَمْتُ الدّربِ
ووقارُ الوجهِ... وسماحتُهُ
ومخاضُ الشيبِ بأطرف الذقنِ...
وبراءتُهُ...
وإشراق التقوى بأعماقِ الهُدبِ
وإطراق الخاشعينْ
كنتَ لا تعلو بجناحِك للأفقِ..
إذْ تعلِّمُنا...
كنت لا ترقى لسنامٍ فوقَ سحاب البرقِ...
أو ترى فينا قطيعاً إذْ تهذبنا..
أو تفتح الجنة.. والنارَ..
لِمَنْ شئت من الخلقِ...
أو تُجلدنا بالكلماتْ!
تطوي سِفْرَ التفسيرِ...
وشَرْحَ خليلٍ
والمُوَطَّا لإمام المغرب والشرقِ
وتختمُ:
أنا لا أعلمُ شيئا
غيرَ مَا وفَّقني اللهُ إليهِ
مِن هَدْيٍ أرجوهُ لطريق الحقِّ...
وتقولَ: إعلَموا:
أن قِوامَ الطاعةِ للخالقِ...
ونبراسَ الراحة للناس جميعاً...
أن تَسْتَفْتي قلبكَ...
فهو مصباحك في دياجي الحَيرةِ...
إنْ شئتَ يقينَ التوبةِ والصدقِ
والختم دعاءٌ لأميرِ المؤمنينْ

محمد الطنجاوي





تعليقات

يعتبر الشاعر والاعلامي المغربي محمد الطنجاوي من الرعيل الاول للادباء المغاربة.. شغل مناصب مهمة وعمل في عدة منابر اعلامية.. قصائده الغنائية البديعة ترنم بها كبار الفنانين والمطربين.. وخلف تراثا ابداعيا حري بالقراء من الاجيال اللاحقة التعرف عليها وقراءتها..
الشكر العميم نهديه لنجله البار الاستاذ قيس بن محمد بنيحى الطنجاوي على لطفه وكرمه وتعاونه من اجل التعريف بهذا العلم الكبير
 
أعلى