حسين عبروس - كم موجع هذا اليتّم يا اللّه...

إلى حبيبي حسام في الخالدين


كلّــما عاودتنـي ذكــرى الثالـــث مـــــن شهـر دسمـــبرمـــن كـــــلّ عــــام أحــــسّ باليــــتّــــم المـوجـع،يتّّــــــم لا حــــــدود لمساحــته،ولاعــدد لـزوايا تذكّــــره،فقــد ليس كـكلّ فــقد،يختلـــف كثـــيرا عــن فـقـــــد الوالـد،وعـن فقـد الوالـدة ،ولكـلّ يتّـم وجعـه الخاص ،فلا أدري هل جرّبتم يتّمكــــم الخــاص؟ وهل تحـدّرتم من قممكم الشاهقــة ؟كـي تلـقون حتفكم الذي يظــلّ يرافقــكم فــي عمــركم الأبـديّ ،هكـذا يتجـــلّى لـي يـــتّمي الـذي مـايـــزال يـــــرافقـــني حينـما يتجلـــىّ لــي طيــــفـك شاخصــــا فــــي الصـورة،والمكــــان ، وفـي تفصلـيك الصغيــرة والكبيـرة،وأنا أعــــدّ السنـوات والشهـــــور والأيــــام والساعـات،والـــــدقـائـق واللحظـات التي مـرت علـى فراقـك،ولكنـني لــــــم أزل أسمـع همـسك يمـلأ المكـان حـولي، غرفتـك..سريرك..كتبك دفاترك التي خطّتها أناملك الصغيرة، ومازلت في حيرة من أمري كيف لا يتأثر القوم في وطني الكبيـر لفقـــد أولئـــك الأطفــــــال فـي غ.زة،وبخاصــــة ممــــن ينتصبون فـــوق رؤوسنـا حـرّاسا علـى الأوطان،ولكنهم لا يشعرون بيـتّم الآبـاء والأمـهات فـي فقـد فلذات أكبـادهم، ياالـله.ما أعظمه مـن يتّم ومن وجع لا ينتهي ..
أيّها الحبيب الغائب الحاضر في عيني ،وفي قلبي ووجـداني وفي فكري،لم تغب عنّـي أبدا، فكم كبر أقرانك من بنين وبنـات ،واستقـلوا بحياتهـم ،فمنـهم مـن أصبح مـن صنّاع تفاصـيل الحـياة فـي هذا الوطـن الكبـير،ولكننّـي ما زلـت أتصـوّرك طفـلا وديعـا هادئــــــا ،وجميـلا،ومـــازلت كلّمـا مـررت بممـرّ أو منعطف أحسّك برفقتي تحدثني همسا لا يسمعــه أحـد غيري ..أنا وحدي من يسمـعك ويجيبك عن كلّ تساؤلاتك..،وماتــزال والــــدتك تهفـو لبسمـتك ،ولقبلتـك ولعنـاقـك الحـار عـنـد كــــلّ غـياب وكــــلّ الذيــن أحبــوك،فمــعـذرة إن أنــــا أوغلــــــت فـي الهمـــس إليــــك،فكثـيـــر مــــن أهلـنـا فــي هـــذا الــوطــن تدمــــع عيـــونـهــم لملثــل هــذه الكلـمـات الحــــــارة إنّنــي لا أرثيـــك بـل أرثـي نفســي فـي فقـدك،وأرثـــي أمـــة فقــدت أطفـلها عنوة تحت وابـل الرصاص،وتحــــت وقـــع القـنابــل الحـارقة،وأنـا فقــــدتـك في لحظــة إغفــــــاءة عـــن عينـــي فـي ليـــلـة بـاردة ماطــــرة كلـمّــا تذكـرتها صفعـتنـي بـرودة موجـعـــة أبـــديـة فســـلام اللـه عليـك فـي العـالميــــن، وسلام على كلّ الغائبين في الخالدين ..

تعليقات

رعى الله قلبك الطيب النابض بوهج الإنسانية الراقية،ستظل جراحنا تكبر مع كل مصاب،وليس لنا غير الملاذ بربّ كريم ..تحيتي لك أختاه شكرالك على تفاعلك الجميل..
 
أعلى