محمد مزيد - أغنية البحر

الحياة عبارة عن امرأة نزقة، جسدها جميل، بشرتها ملساء، ناعمة مثل الحرير، من عاش فيها، وقد ركبها بلا مبالاة، ألقته بسهولة في البحر ، اذا كان غير قادر على السباحة ، فيسغرق في مياهها بسهولة، يضيع في وهادها وجبالها ووديانها ، سيعوم متشبثا بالقشش ساعيا للوصول الى الضفاف البعيدة ، واذا اخذه الكبر، فانه سيتخلى بسهولة عن السباحة ، ليسمح بتيارها الهادر أن ياخذه الى اعماقها بعيدة الغور ، الحياة عبارة عن حروب طويلة ، حروب شنها طغاة لا قلوب لهم ولاضمير، أنت فيها وقودها ، فمن سار في طريق الموت ظانا انه سيصل الى الامان، فقد هلك، ومن سار على حافات الطريق نجى ، من الصعب ان تتخلى عن ركوب امواج الحياة ، لانك ستبقى معزولا تأكل نفسك في ليالي الشتاء ، وأن ركبتها ، ستزج نفسك في حروب لا طاقة لك فيها ، ولا فائدة ، وأن لم تركبها ستسير وحدك في صحراء، كما لو كنت تسير خلف غانية ، وكلا الطريقان، فأنت هالك ، فمن الافضل لك أن تجلس على تلة صغيرة، تراقب الناجين من الغرق في بحر الحياة، ومن الناجين من السير في رمال الصحراء التي تشبه الغانية ، الناجون من الغرق سيشاركونك الاغاني التي رددها بحارة، عرفوا كيف يلوا اذرع العواصف التي اعترضت طريقهم .. الحياة عبارة عن امرأة جميلة ، ستتخلى عنك في الصباح ، وتبقى وحيدا .. وحيدا لا قدرة لك أن تتذكر اغاني البحارة الذين نجوا من العواصف ، او الذين غرقوا في بحرها الهائج .. انت الان تجلس في مدينة بعيدة، لا وجود لها على الخريطة ، تنادي العابرين ولا احد يسمعك ، يكرهون لغتك ، بكرهون ضحكاتك .. يريدون لك أن تستمر في السباحة في بحر الحياة لوحدك ، وقد اخذك الكبر .. الحياة عبارة عن بحر عاصف ، عبارة عن امرأة جميلة الملمس ، عبارة عن غانية تشبه الصحراء .. وانت وحدك تحارب الاوهام .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى