ماجد سليمان - محاولات مُتقطِّعة

هناك كُتب أعتبرها رفيقة درب، تُقرأ باستمرار لثراء مادتها، وإخلاص ضبط كاتبها، وحسن تناولها لموضوعاتها، ومرونة أفكارها، فدائماً تبقى العبرة في جودة المقروء.
*​
الكتب، خمر العزلة، وجليس السّهر، وليتني أعرف كيف يعيش من لا يقرأ، ومن لا تربطه بالكتب علاقة مهما كانت صغيرة، الكتب، الصوت العالي الذي يضج في فضاء أنفسنا: دونكم الورق والمحابر، فامضوا في سبيل العقول والقلوب، وانشروا سحائب الخيال، وتدفّقوا كالأنهار، وتجاوزوا ما تقرؤون، لتثقلوا الميزان.
*​
القراءة والكتابة عملٌ أخلاقي، والممتع أن القراءة وقود الكتابة، وآلة الاستمرار لكل بليغ، ليتجلّى ذلك الإبداع في حرير البيان، إن الكتابة الإبداعية ليست تلقّياً أو عِلماً يُكتسب، بل هي حالة معجونة في فطرة المبدع ومبذورة في نفسه مركزها الاستعداد الذّاتي والتأهب الروحي، بل الكتابة الإبداعية الحقيقية، خاضعة للإلهام، متى جاء الإلهام جاء العمل الأدبي في أبهى صورة، نابضاً بالحياة، وزاخراً بالحيويّة الدائمة.
*​
لا تنمو المجتمعات دون فهمٍ لغيرها، وهذا لا يثمر دون تعزيز ثقافة الحوار الجاد، الركن الرئيس في منزل الثقافة عامة، والقائم على ترتيب منزلها، وتهيئة نوافذه لهواء تتنفسه الأجيال.
*​
مؤهلك التعليمي لا يثبت علمك ولا ينفي جهلك، لأنه طريق إلى الوظيفة، التثقيف الذاتي والممارسة المستقلة، والبحث الدائم رأس المعرفة، كذلك هي مدرسة الحياة، تُعزّز ثقة الإنسان، وتبني مداركه، وتُغذّي تجاربه، وترفع تفكيره، وتُحرّره من التلقين، وتُقوّي مناعته الذّاتية .. من لم يدخلها لم يتعلم.
*​
رئة المبدع المسكون بالفن لا تتنفس من خلال ثقافة المؤسسات: المدرسة/ الجامعة/ النادي .. لأنها تشوش ذوقه بالابتذال والتقليدية، وتمارس معه دور الشرطي، ولا أصعب من أن يفقد المبدع الإلهام، ويعيش يتيمه، وفقيده، ومقطوعه، فلا معنى لكتابة بلا إلهام لأنها تكون متكلفة جافة حتى لو استخدمت أرقّ الألفاظ وأكثر الكلمات أناقة، الكتابة نهر جارٍ بين القلب والروح يُجريه الصدق، ويُنقيه الخيال الخصب.
*​
الذي لا يكتب غير الشِّعر، فقط لا غير، سيبقى في طَورٍ أوّليّ، كاتبٌ بدائيّ، لأنّ الكتابة الجادّة لا تكون إلا في النَّثر الأدبي، الذي يدفعك لأن تتنوَّع، والجاً كل مرّةٍ أرضاً، مُختبراً القريحة في ميادين أوسع، وسَلالم أطول، ومراحل أكبر وأعمق، مانحاً الخيال لياقةً أكثر حريّة وفرادة.
*​
أرحني من قولك: قال فلان، وأخبر فلان، ويرى فلان، كُن حُرّاً وقُل ما تراه وتؤمن به أنت.
*
المكتبة جنة الدنيا، تدخلها آمنا مطمئنا، تنظر إلى الأرفف الرفيعة والقريبة بعينين مفتونتين، لتدير ظهرك لضجيج الحياة، سابحاً في أسفار الأولين والمعاصرين، مُصغياً إلى أصواتهم الناعسة، وطائراً مع أفكارهم الملوَّنة، ساقياً شغف القلب، ومشبعاً جوع العقل بشهية مفتوحة على المستويين الأكبر والأعلى.

*​
سألني بـحماس: من أيّ طائفةٍ أنت؟
أجبته ببرود: من طائفة الأدباء .

2012م ــ 2017م

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ماجد سليمان، أديب سعودي
صدر له حتى الآن أكثر من 20 عملاً أدبياً
تنوَّعت بين الشعر، والرواية، والمسرحية، والقصة، وأدب الطفل.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى