ديوان الغائبين ديوان الغائبين : علي محمد جواد بدرالدين - لبنــــان - 1949 - 1980

علي محمد جواد بدر الدين
1949-1980

في بلدة حاروف، وفي عام 1949م، أبصر السيد علي بدرالدين النور، نما وترعرع في ظل أسرة متواضعة، تعتمد في عيشها كما سائر الأسر العاملية على الزراعة والفلاحة...
أبوه محمد جواد بدرالدين، من أصول دينية، وأمه فاطمة حرقوص جاءت من أسرة محافظة، وقد كان لتربية الوالدين أثر كبير في حياته..

عاش طفولته بين أترابه، " لكنه كان يتميز عن كثير منهم، وعياً وإدراكاً وحدة ذكاء، فقد كان بطبيعته ودوداً مسالماً لمن حوله، يؤثر الخير، يشارك أقرانه في اللهو البرئ، ويمتنع عنهم إذا ما تنادوا لعمل غير مستحب "...
تلقى دروسه الأولى في مدرسة البلدة، ثم انتقل بعد إنهائه المرحلة الابتدائية إلى مدرسة النبطية، لاستكمال تعليمه في المرحلة المتوسطة، وقد كان عمره آنذاك إثني عشرعاماً..

" أحبه معلموه وأساتذته لذكائه الحاد وإحساسه المرهف " ، " كانت ملامح الشاعرية تبدو عليه منذ الصغر، فيستهويه حفظ القصائد والأشعار، وكثيراً ما كان يخوض مع أبناء جيله من التلامذة مباريات في الإلقاء، فيحتل المرتبة الأولى بلا منازع ".

عاش شبابه في أكناف العلماء والفقهاء، القاطنين في منطقة النبطية. يخالطهم ويأخذ عنهم في الفقة واللغة والأدب، أما في حاروف فلم يكن بعيداً عن عمه السيد أمين قاسم بدرالدين المعروف بذائقته الأدبية، فكثيراً ما كان يعرض عليه أشعاره البكر ينقحها له ويضبطها، والعم يتوسم له مستقبلاً زاهراً في الإبداع والنظم...
في العام 1969م، قرر الذهاب إلى النجف الأشرف طالباً للعلوم الدينية، وهناك تفرغ لدراسة الفقه على أيدي أساتذة كبار أمثال السيد أبو القاسم الخوئي، والسيد محمد باقر الصدر، إلا أنه ورغم إنهماكه في الدراسات الدينية، فإنه لم يتنكر لشاعريته، بل منحها قسطاً وافراً من الوقت، حيث انتسب إلى الرابطة الأدبية في النجف الأشرف والتي كان يرأسها العلامة السيد مصطفى جمال الدين. وفي الرابطة الأدبية ومن خلالها، كان السيد يتواصل مع الأجواء الأدبية والشعرية، قولاً وحضوراً وإنتاجاً، حتى ذاع صيته في الوسط النجفي، فغدا إلى كونه عالماً، شاعر متميزاً وأدبياً بارعاً...

في الفترة الطويلة التى عاشها في النجف، كان يتردد لماماً إلى وطن الأهل في جبل عامل، وزياراته - على قلتها - لم تكن من أجل النقاهة أو الإستجمام، وإنما كانت لتعميم ما اكتسبه من معارف وعلوم، ولا سيما في أوساط الشباب من الجيل الصاعد... وكثيراً ما كان يشارك في اللقاءات الفكرية والأدبية التي كانت تنعقد في النبطية وصور وصيدا، وغيرها من قرى الجنوب وبلداته...

إستأنف دراسته الفقهية التي كان يعتبرها ضرورة من ضرورات رجل الدين المبلغ، و" كان يرى أن الدعوة إلى الله تستلزم مستوى جيداً من الوعي والمعرفة، لأن إنتفاءهما يعكس آثاراً سلبية تسئ إلى الدعوة والرسالة ". كانت تربطه بالسيد محمد باقر الصدر علاقة قوية، تجاوزت علاقة الأستاذ بالتلميذ، وكثيراً ما كان سماحته ينيط به أموراً ومهمات شتى...

راعه ما حلّ بالعالم العربي والإسلامي من مآسٍِ وويلات، وآلمه واقع الهزيمة المرّ، ولا سيما ما حلّ بالأقصى وفلسطين، فكان ديوانه " سيدي أيها الوطن العربي" سجلاً يحكي فيه آلامه وأشجانه، ويعبر من خلاله عن آماله وتطلعاته...

وفاته:
وفي مطلع عام 1980م، عاد السيد إلى وطنه، ليمارس دوره بين أهله وبين أبناء مجتمعه كإمام لبلدته. لكن الأعداء كانوا له بالمرصاد، ففي التاسع عشر من شهر رمضان الموافق 26 آب من عام 1980م، أُختطف السيد وهو في طريقه إلى المسجد لأداء صلاة الفجر، ثم وجد بعد أيام عدة جثة هامدة، في أحد أودية الجنوب، حيث دفن ليلاً في قريته، في الحادي والعشرين من الشهر الفضيل.... وقد كان لنبأ إستشهاده أصداء حزينة، خيمت في أجواء الجنوب وجبل عامل، وبكاه المحبون والعارفون، كما أقيم مأتم تأبيني، شارك فيه عدد غفير من الناس، وأبّـنه علماء وأدباء وشعراء.

ِلملمت ذكرى لقاء الأمس بالهدب
ِورحت احضنها بالخافق التعب

أيدٍ تلوّح من غيب وتغمرني
ِبالدفء والضوء.. بالأقمار بالشهب

ما للعصافير تدنو ثم تسألني
ِأهملت شعركِ راحت عقدة القصب

رفوفها وبريق في تلفتها
ِتثير بى نحوها بعضا من العتب

حيرى أنا.. يا أنا والعين شاردة
ِأبكي وأضحك في سري بلا سبب

ُأهواه من قال إني ما ابتسمت له
ِدنا فعانقني شوقا إلى الهرب

نسيت من يده أن أسترد يدي
ِطال السلام وطالت رفة الهدب

حيرى انا يا انا أنهد متعبة
ِخلف الستائر في إعياء مرتقب

أهوى الهوى.. يا هلا..إن كان زائرنا
ِيا عطر خيم على الشباك منسكب


****

أنا يا عصفورة الشجن

ِأنا ياعصفورة الشجن
ِمثل عينيكِ بلاوطن

بك ما بالطفل تسرقه
ِأول الليل يد الوسن

واغتراب بى وبى فرح
ِكارتحال البحر بالسفن

ٌأنا لا أرضٌ ولا سكن
أنا عيناكِ هما سكنى

أنا يا عصفورة الشجن
انا عيناكِ هما سكنى

ٍراجع من صوب أغنية
ِيا زمانا ضاع فى الزمن

ُصوتها يبكى فأحمله
ِبين زهر الصمت والوهن

من حدود الأمس يا حلما
ِزارنى طيرا على فنن

ِأى وهم أنتَ عشتَ به
ِكنتَ فى البال ولم تكن





بدر  الدين.jpg

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى