عبد الحليم قنديل - ماتت سمر..!

كلمتان فقط كأنهما الدهر كله.
«ماتت سمر».. الضوي.
كان صوت زميلي اللامع عنتر عبداللطيف مختنقا، وكأنه يحدثني من بئر سيدنا يوسف، وفي ذهول هادئ مزلزل، جعل الليلة كلها سوداء، وجعل طريقنا إلي الصبح مليئا بأهوال يوم القيامة.
ماتت سمر، ولم يمت مبارك، ماتت الوردة المتفتحة، ولم يمت العجوز الرازح، ماتت سمر في حادث طريق عبثي علي كورنيش المعادي، ماتت سمر الطيبة المتفائلة، النشيطة، الذكية، الشابة، المتجددة، النقية كينابيع النهر الأولي.
ماتت سمر دون أن تخبرنا، ودون أن تحذرنا، ودون أن تترفق بأحزاننا، دهستها سيارة طائشة، ودهسنا خبر موتها، بغير تمهيدولا إنذار، وبغير انتظار لسؤال ولا لجواب، فلا فرصة لإسعاف ولا لعلاج، ولا لكلام ولا لسماع، ماتت وانتهي أمرنا.
ماتت سمر خلسة، ماتت وتركت رقم تليفون لايرد، ماتت، وخلعت عنا بهجتها، ماتت دون أن تريد، ولا نحن أردنا، لكن الله أراد، ولا راد لقضائه وأقداره.
ماتت سمر دون كلمة وداع، ماتت سمر الخفيفة، اللطيفة، المنطلقة كفراشة مهاجرة إلي الحقيقة، ماتت، وتركت لنا حزنا تنوء بحمله الجبال والأرض والسماوات.
ماتت سمر وتركتنا يتامي متلهفين إلي جواب، غافلتنا وطارت إلي حيث لا تطير السحاب.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى