كتاب كامل مصطفى الحاج حسين - (جدائلُ الأرضِ).. - مجموعة شعريّة

* تمزّق..
مَعَ أيّ قتيلٍ أنتَ؟!
إلى أيِّ قاتلٍ تنحازُ؟!
هذا قتلَ أخاكَ
وذاكَ ذَبحَ ابنَكَ
الأوّلُ هَدَّمَ بيتَ أبيكَ
والثّاني نسَفَ بيتَكَ
والاثنانِ قطعا رزقَكَ
وشرَّدا أسرتَكَ
في كلِّ اتّجاهاتِ الغربةِ
تنافسا على تدميرِ الوطنِ الواحدِ
والأجدى كانَ أنْ يتّفقا
حملُ السّلاحِ جرِيمةٌ
في وجهِ الياسمينِ الأعزلِ
لا مسوّغَ لقتلِ فراشَةٍ
أو تدميرِ عشِّ العصافيرِ
يتبادلونَ التّهمَ بجدارةٍ
العمالةَ الخيانةَ التَّطرفَ
الطّائفيّةَ
وغيرَها من مسمّياتٍ
الكلُّ يستقوي بالأعداءِ
لا أحدَ تهمَّهُ سوريّة
غيرُ السّوريّ
ولا أحدَ سيضعُ حدَّاً
إلَّا السّوريّ
إلامَ هذا الموتُ؟!
وعلامَ هذه الاستطالةُ؟!
إنَّهُ الدَّمارُ
والانتحارُ
إضعافُ سوريّةَ لأجلِ الصّهيونيّةِ
وَمَنْ حذا حذوَها
مِنَ الدّولِ الطّامعةِ
أأبكي على أخي؟!
أم على ابني؟!
وَمَنْ منهما الشّهيدُ؟!
أأحزنُ على بيتي؟!
أم على بيتِ أبي؟!
وَمِنْ دونهما
أينَ سأقيمُ وأسكنُ؟!*
إسطنبول
* قبرُ الغمامِ..
يموتُ الغمام
تحتَ حوافر اليباس
يرتعد الهواء الباكي
ويختنق الماء
يطفو على وجهِ الظّمأ
والملح يستغيث بالجرح
ينزف اكتواءه
الأفق مربوط بحبلٍ
الحبل بيد الهاوية
والصّمت سحيق النّظرات
مزراب النّجوى
سدّ بأحشاء الدّمع
والوقت مبلّل بالرحيل
راعف وجع الجّهات
والدّروب خارت بامتدادها
هي فاجعة الأمد
الطّامة الكبرى للحلم
احتضار الضّوء
على جدران السّدى
والشفق يلفظ أنواره الأخيرة
جبال من الاحتباس
سهوب من الجثث
وديان من الانتحار
عويل من الحجر
والشمس أكلتها الخفافيش
القمر بترت أقدامه
يتعكز على شهقتنا
تصدّعت مرايا السّماء
تبعثرت شظايا المدى
انداح البرق على الارتماء
الرمل يثغو
الشّجر يتعلق باللهب
والفراشات تتمسّك..
بجدائل القيظ
النّدى يتفقّد أنفاسه
والأرض..
تثب من حضنِ الكون
تخلّت عنّا الحياة
نواجذ الموت تشرأب
سدّت علينا دهشتنا
وكان العدم يتأملنا بضراوة
ويضحك منّا الفناء بشدّة
يقهقه صرير الغبار
حين يتثاءب العالم
فوق قبر الغمام.*
إسطنبول
* لَو كُنتُ عندكِ..
آهٍ لو كنتُ عندكِ الآن
آهٍ لو كانَ وجهُكِ أقربَ
ويدايّ كانتا ضمنَ روحِكِ
لاحتضنتُ فيكِ نبضَ الأبدِ
يا مهجةَ التَّكوين أنتِ
يا وردةَ اللهِ نبتَت على عرشِهِ
تختالُ في جنَّاتِهِ كقصيدةٍ
ملكةٌ على الحورِ البيضِ
تسعى إليكِ الملائكةُ مِن كلِّ صوبٍ
لِتَستَرِقَّ النَّظرَ إلى عينيكِ
تنوئينَ بالنّورِ المقدّسِ
لا شيءَ يشبهُكِ إلّا ظلّكِ
تجري من تحتِ قدميكِ الأنهارُ
ويتظلّلُ المدى بفيءِ عطرِكِ
يا واحةَ الأناهيدِ والتبتّلِ
يا شمسَ ذي الجلالةِ والسّديمِ
يا حبّيَ الأوحد
على مدارجِ الشّفقِ
إنّي أحبّكِ
أكثرَ ممّا كانَ عليهِ الحبُّ
يتعلّمُ الحبُّ منّي الحبَّ
وكيفَ يكونُ حالُ العاشقِ
أشهدُ أن لا هوى في الهوى
سوى هواكِ
يا نسغَ الزّمانِ الطّاعِنِ في الجّمالِ
ولحاء الأزل الغارق بالندى
على أذيال فتنتكِ يصلي الأمد
حورية النجوم أنتِ
سماء التائهين في البراري
وملاذ البهاء والحيرة
جبال الاشتياق الوارف بالحنين
تنحني لكِ هامة الغمام
يرفع الوجد لكِ قبعته ابتهالا
للسوسن المطل من سفوحكِ
يا مدماك التاريخ السحيق
سأقبل جبهة قلعتكِ
السامقة بالافتخار والضوء
لو كنتُ عندكِ
يا حلب.*
إسطنبول
* أطرافُ الحلمِ..
أبتغي من الهوى نافذة
لأطلّ عليكِ
وأحلم باحتضانِ النورِ
من وجهكِ
و بلثّم السّماءِ على جبينكِ
حاجبين مقوسين كالهلالِ
يشعّ منهما ندى الفجر
وعيناكِ يصلّي القلب فيهما
سألمس أصابعكِ ببوحي
وأبكي على عمرٍ
ضاع حافياً من الهناء
سأغسل روحي من طهركِ
وأشرب من لدنِ الدّفءِ
أحتاجكِ كي لا أموت
يحتاجكِ النّهار
لأنكِ شمسه
ويحتاجكِ الليل
لأنّكِ قمره
ويحتاجكِ الورد
لأنّكِ عطره
ويحتاجكِ قلبي
لأنّكِ دمه
وتحتاجكِ قصيدتي
لأنّكِ المعنى
وتحتاجكِ الجنة
لتترصع بكِ
يا فتنة التكوين..
يا بيت روحي
ونسغ الأمنيات في مهجتي
أحبّ فيكِ كلّ تفاصيلِ الكون
أنتِ أساس المدى
الممتدّ من قلعتكِ إلى أوردةِ الوجود
خارج أنوثتكِ تنعدم الحياة
حيث لا شيء يدعوني للموتِ
لا شيء يشعل فتيل الدهشة
ولا صوت يوقظ أنفاسي
أحبّكِ..
أكثر من حجمِ الحب
بآلاف الأغاني
سنلتقي..
على أطرافِ الحلمِ
ونباغت عيون المستحيل
حبيبتي حلب.*
إسطنبول
* يا عذابها..
يا عذابَها كم أحبُّكَ
تعوَّدَ قلبي عليكَ
منذُ أن أحببتَها
وأنتَ لم تبارحني
صديقاً وفياً لم تتخلَّ عنِّي
يا عذابَها كم أشتهيكَ
آلمتني حتَّى سكنتَ فييَّ
أبكيتني
حتَّى اختطفتَ بصري
وجرَّحتني
حتَّى نزفَت مساماتي
وكنتَ طوالَ اللّيلِ
تسهرُ على قتلي
بلا كَلَلٍ تسحقُ لي روحي
آهٍ يا عذابَها
ما أعذبَ الاختناقَ براحتَيكَ
كم مرَّةً فقأتَ لي
عيونَ أحلامي؟!
وسرقتَ لي قصيدتي؟!
زرعتَ أوجاعكَ بصدري
و اختطفتَ الضّوءَ من بسمتي
تهديني الشّحوبَ والجّنونَ
يا عذابَها
أسكنتكَ مهجتي
وتنازلتُ لكَ عن لغتي
حطَّمتَ عزيمتي
وارتميتَ
زاحفاً فوق آهتي
مشنوقَ الفؤاد
متكسّر الخاطر
وأنت ما تنفكّ تزودني
بالآلامِ وسكاينِ القهرِ
لا أحد يهتم بي
إلّا أنتَ يا عذابَها
لا أحد يهاجم وحدتي إلّاكَ
صديقي أنتَ
لا تتركني ليلة واحدة
أحبك يا عذابها الأثير
بقدر ما أحبها وأكثر
من أجلها
فتحت لك الأبواب
شاركتك سريري
وأطعمتك دمعي
يا عذابها
أنت صديقي
وأميري.*
إسطنبول
* في غَفلَةٍ مِنِّي..
آتٍ من أوجاعِ قصيدتي
هاربٌ من زحمةِ الأسئلةِ
كلُّ سؤالٍ مرتبطٌ بألفِ جرحٍ
والجرحُ يجرحُ دمعتي
وَيُشعِلُ في داخلي ملحَ الحزنِ
آتٍ لأطردَ عنّي انتظاري
وأخبّئُ أجنحتي عن شهوةِ الرَّحيلِ
سأخفي الدّروبَ عن أعينِ خطوتي
ألتمُّ مع الجهاتِ لنفترقَ
لا جهةَ تأتي صَوبي
لا غيمةَ تظلِّلُ انكفائي
هو الوقتُ
سرقَ منّي الوقتَ
وارتحلَ
إلى جهةٍ غيرِ موجودةٍ
لا وقتَ عندي
لأفتِّشَ عن وقتٍ أعيشُهُ
ذهبَ العمرُ
من غيرِ أن يستأذنّني!
والقلبُ التاعَ بنيرانِ العشقِ
في غفلةٍ منّي
في غصّتي مدى أسودُ
في ضحكتي خفافيشُ البكاءِ
وصمتي صارَ جحرَ الأفاعي
يلدغُ أشجانَ الذّكرياتِ
آهٍ لو كانَ للرّوحِ جيوبٌ
كنتُ أخفيتُ فيها
بعضَ النّدى
ووردةً واحدةً تكفيني
لأغفو في حجرها
كلَّما ضيّعتُ نفسي
آهٍ
لو أحيا بعمرِ الموتِ
الذي عشتُهُ.*
إسطنبول
*لو كنتُ..
لو كنتُ بصحبتِكِ الآن
كنتُ سأطلبُ من الفراشاتِ
الابتعادَ عنكِ قليلاً
جاءَ دوري باقتطافِ رحيقِكِ
وسأرجو النَّسمةَ
لا تخطفُ منِّي رائحةَ شذاكِ
عطرُكِ اليومَ لي وحدي
لا أريدُ للدّروبِ أن تشردَ بِهِ
وسأتوسَّلُ للشَّمسِ
أن لا تتزوَّدَ من ضوئِكِ
طالما نحنُ نغطُّ في عناقِنا
عليها مؤقَّتاً الاستعاضةُ بالغيومِ
وسأقبِّلُ أيدي العصافيرِ
لكي لا تثيرَ الضّجيجَ من حولِنا
وتلفتُ أنظارَ الوقتِ
وسأتضرَّعُ لله بخشوعِ العاشقِ
أن يوقفَ الزّمنَ
لأجلِ أن لا تقولي:
- تأخرتُ عن البيتِ
سأعملُ جاهداً على إقناعِ الشَّجرةِ
كي لا تسمحَ لِظلِّها الوارفِ
أن يغادرَنا
وإن داهمَتنا الظُّلمةُ سأطردُها
حتى لا تنتابَكِ الوحشةُ
وسأصرخُ بوجهِ القلقِ
إن حاولَ المساسَ بِكِ
وأقاتلُ جنونَ الشّوقِ
إن تلكّأَ عَنِ احتضانِكِ
وأزجرُ روحي بقوةٍ
إن كَفَّت عَنِ الموتِ في حضورِكِ
سأهزمُ كلَّ الحزنِ من قلبي
وأطفئُ نارَ الاشتهاءِ في دمي
أروي ظمأَ الحنينِ
سأنهشُ الأرضَ إن تململَت
وأخمشُ وجهَ الفِراقِ إذ جاءَ
لَن أسمحَ لهذا اللّقاءِ أن ينتهيَ
أدفعُ حياتي ثمناً
لهذا البقاءِ
لو كنتِ بصحبتي الآنَ.*
إسطنبول
* لسورية أصدقاء..
دوَّى انفجارُ الموتِ
في بلدي
وتراكضَت أممٌ ودولٌ
لتنهلَ من دمنا!
وَتُزهِقُ أرواحَ البهاءِ!
واعتلى الدَّمارُ فوقَ صراخِنا
يقتلُنا مَن كنَّا نأملُ ،
منهُ الاحتضانَ والإنقاذَ!
ويفترسُ صرحَ حضارتِنا!
القاتلُ مسنودٌ،
بألفِ أخٍ وصديقٍ لنا!
تدعمُهُ دموعُ مَن يتباكى علينا!
نموتُ على أيدي مجلسِ الأمن!
تذبحُنا احتجاجاتُهم!
وهذا القلقُ الوسخُ!
قد أسرفوا في صمتِهم!
وفي استقبالِنا كطرائدَ!
يولمونَ علينا بلحمِ أولادِنا!
ويتكرَّمونَ بسحبِ جنسيّاتِنا،
من الكرامةِ!
يركبونَ أوجاعَنا
بنصفِ الأجرِ!
وقد يسرقونَ منّا بطونَنا الخاوياتِ!
تآزروا على تدميرِ البلدِ!
لِلطاغيةِ الأخرقِ يحكمُنا
أو اللا أحدَ!
ولا أحدَ يُخمِدُ النّيرانَ في وطني!
لا أحدَ يبلّلُ عطشَ الرّعبِ!
يتسابقونَ
على اجتثاثِ الأرضِ من دمِنا!
دمُنا الذّكيُّ وقودٌ لحقدِهِم!
استبدلوا أشجارَنا بالصّواريخِ!
ونسيمَ المدينةِ برائحتِهم الكريهةِ!
أعطَوا للطّاغي وقتاً
ليتخلَّصَ منّا!
ألفَ عامٍ من المهلةِ مبدئيَّاً!
وألفَ عامٍ من الهُدَنِ للتّجربةِ!
لكنَّ العربَ وللتّاريخِ نعترفُ
لم يقصّروا معنا بحبّاتِ التٌمرِ!
أغدقوا علينا بالأكفانَ الملوّنةَ!
وحفّاراتِ القبورِ الشّرهة!
العرب
يذكروننا بنشرات الأخبار!
وكيف أميرهم المفدى
يتصدق علينا بشيء من تأففه!
عرب يتلون القصائد
عن أمير أشفق على نازحة منا
فضاجعها
مقابل أن تدعو له
بطول العمر والإمارة!
عرب يمجدون خصيتي الخيانة!
تذوقنا كل أصناف الموت!
عماراتنا التهمت كل أنواع الصواريخ
وبراميل الرحمة!
وبعدهم لم يتخلوا عنا!
هم أوفياء لأصدقائهم لا يخونون!
يقدمون الفنادق الفاخرة للمتفاوضين
بأجر مخفض!
وطاولات الحوار المستديرة النخرة!
يصورون جثث قتلانا
وأحشاءهم بألوان زاهية!
لم يبخلوا على ثورتنا بالاختناق
والالتفاف والمماطلة!
صفقي لهم يا شام
وهللي يا حلب.*
إسطنبول
*عيناكِ..
أحاورُ سهوب عينيكِ
وأتركُ قلبي كطفلٍ يلهو
عندهما
تحت ظلال النّورِ
يقطفُ الأشواق
من أشجارِ الرؤى
وينشدُ لكِ بفرحٍ
قصيدة اغتيالي
أموتُ فوقَ حضنِ ضحكتكِ
من خمرةِ الضّوءِ
فيهما
وأنادي على جرحي المبتهج
ليستحّم في طهرِ المقل
ريحانة الهناءة أنتِ
صفصافة امتشاق القبل
أرى بعينيكِ الأفق غافيا
وتجلّي الحنين الهائم
على سعة الروح فيكِ
معجزة الله بعينيكِ
ترفرف
تخترق قلبي بنظرة حالمة
سأمكث عندهما ألف عام
أتعبّد الوميض الوارف
على خلجان روحي
وستهتف لهما جوارحي
من بحار الظمأ
في عشقي لنارِ
مياههما
عيناكِ يا بوح دمي
يا واحة الهوى في قلبي
أحبّهما
أحبّهما
أحبّهما.*
إسطنبول
* ضياع الرُّوح..
يأكلني الارتباك الملظّى
يقضمني الوقت المنسرب
ويسرق مني الانتظار انتظاري
أقف على بوابة الانزلاق
أرقب عودة عمري الذي ارتحل
أفتّش صناديق الهلاك عنٌي
منذ برهة كنتُ هنا
من أخذني من نفسي؟!
دون أن أحسّ أو أن أراه!
كنتُ أرتدي حلمي
وأصطحبُ أوراق أوجاعي
ودفتراً يثبت أنّي حيّ
هل أسمّي غيابي اختطافاً؟!
أبحث عنّي في كلّ القبور
وفي أقبية الحزن المعتق
لا أثر يدلّ عليّ في هذا الزّحام!
كنتُ أخبّأ في صدري قصيدة
لم أجدها!
وكان لي قلب ينبض بالحبّ ضاع
وروح تحفظ للسعادة عدة أبواب
توارت
كانت لي عينان تباركان الجّمال
يبدو لي أصابهما العماء
ولي يدان تسقيان الورد
فقدتهما
لا شيء منّي يبدو لي تبقّى!!
أصرخ على صوتي علّيٌ أجده
أتحسّس وجهي لا أجد سوى العراء
أتلمس قدميّ لا ألقى غير عكازتي
نخرها التّراب
رأسي ضلّ عنّي
أنفاسي تقطّعت أوصالها
واختنقت
لا أبصر ملامحي في هذا الكون
هل كنتُ مجرّد وهم؟!
هل كنتُ اللاشيء المطلق؟!
ولكن لم تهاجمني الذّكريات؟!
كنتُ أدقّ الأرض بخطواتي
أصارع الآلام بقوةٍ
ما الذي سرق منّي تواجدي؟!
وتركني بمفردي في غربةٍ قاحلة!
ضمن كلّ الناس لا أراني!
ولا يبصرني أحد
مهما كلمتهم لا يسمعوني
لا أحد يسألني عن هويتي !
أو يكترث بلغتي
لغتي ما عادت تفهمني
أو تلزمني
أسأل السماء عن وجهي
تشيح.بوجهها تمطر دمعتين
هل تعرفني يا قمر؟!
كنتُ أشبّه وجه حبيبتي ببدركَ
لا يلتفت إليّ القمر!
والليل يأبى أن يدخلني إلى حجرته
والماء لا يشرب من عطشي!
حتى الخبز لا يمضغني!
كلّ ما هو كائن وموجود
يؤكّد لي أن لا وجود لي
أسأل المرايا عنّي
يقهقه الميت المطل على خوفي
بلدي..
ما عاد يرسل خلفي
ويستدعيني
وأشواقي تقع في الأسر
إن أرسلتها
لا شيء منّي يتذكر شيئاً عنّي!
كأنّي لم تلدني أمّي ذات يوم
وترضعني القدود الحلبية طوال تربيتي
وكأنّ لا أباً لي علمني مهنة البناء!
كنتُ معه نشيد المباني والمدارس
أحجارها تعرفني
أحجارها أكلت من كتفيّ وظهري
اسألوا أحجارها عنّي
وعن رائحتي
اسألوا السقالات
والسّلالم الخشبيّة
والأدراج التي صعدت عليّ
وأكياس الإسمنت التي جبلت من عرقي
اسألوا الرافعات
والقرميد
وعمال البناء الطيبين المتعبين
حلب..
وحدها تعرفني وتتذكرني
هي تحفظ اسمي عن ظهر قلب
تميز رائحة عرقي عن بعد
هي أمّي التي لا تنكرني
مهما بعدت
تعرفني حتى لو تفسخت جثتي
واهترأت عظامي
تعرفني من قلبي
ومن دمعتي
سأعود إليكِ ذات حلم
وأتنفسُ
من تحت ترابكِ
يا حلب.*
إسطنبول
*أقزامُ الفتنةِ..
هم صدأُ الفكرِ
قيءُ الحضارةِ
حثالةُ الظّلامِ الكريه
أوساخُ العهرِ وعفونة الكفر
دخلوا علينا من بوابةِ الإسلام
وهم أجهل من أبي جهل!
قيح القرف هُم
أشكالهم ترعب الوحوش
نهشوا لنا قلب ثورتنا
وتآمروا على الفجرِ الذي طلّ
سرقوا منّا نسغ الحلم
وتوزعوا على حواكيرِ الورد
الله يشهد أنهم خونة
والعصافير اكتشفت نذالتهم
يذبحون النسمة
في خدمةِ النجاسة
لا تزهوا لهم الحياة
إلّا بالأنفاقِ والعتمة
العِلمُ شيطان يمقتوه
والضّوء إلحاد وردّة
عقيدتهم سبي الفراشات
واغتصاب الريحانة
انتقاماً من شذاها
ألعوبة بأيدي الحاقدين
على نضارةِ مدينتنا
ركبوا فيلة إبراهام
وأشهروا السيوف على السلام
لكن الفرح من سيهزمهم
والإيمان بالندى الحالم
لا يمكن للكلب
أن يخطفَ قلبَ الأميرة
وخيوط العناكب
لا تمسك عجلات الأرض.*
إسطنبول
* هذيان قلب..
هي فرحة أرعبتني
أبكت شهيق القلب
واعترى دمي اضطراب
ما كانت روحي تستوعب
لماذا السماء ألقت بكاهلها
على صدري؟!
لماذا أطبق الاختناق
على دمي؟!
نفحة من حلم
لا أحلمه
لا أجرؤ أو أتمادى
أن أطلق عنان الخيال
لهذا المستوى الضارب بالمستحيل
فأعطني الفرحة على جرعات
وردة ثم تلويحة
أو بسمة وبعدها همسة
كي أتوازن مع جنوني
قلبي معتاد على أشواك حبكِ
واكتفى بالقليل منكِ
هو راض ببعض من اهتمامك
من كل حدائقكِ وجنائنكِ
كان يكتفي بوردة واحدة
أو بشذى كلمة
فهل أشفق الندى
على الحلم المجفف بأشواقه؟!
دمعتي اختطفت فرحتي
وحنيني أوصد عليّ الكلام
سلام لرائحة الأرض
التي شهدت خطوتكِ
سلام لآفاق صمتكِ
الذي أورقت حروفه
علميني
كيف أصدق أنك تذكريني
كيف أتأكد
بأني مازلت أحيا؟!
أنتِ ما فوق ذرا الخيال
فلا أصدق بابي
لو أنكِ طرقتهِ.*
إسطنبول
* ندى عمري..
في لغتي أسمُكِ أوَّلُ الكلمات
وما أنتِ كلمةٌ أو نجمةٌ
أسمُكِ في روحي آيات
موجودٌ في دمي منذُ خُلِقتُ
وإلى آخرِ اللَّحظات
لا أعرفُ إلَّا أنتِ
ولا أهوى سوى عينيكِ
مهما عشتُ وطالَت بي الحياة
سأبقى أحبُّكِ وأعشقُ طيبَكِ
وأقبِل ذكراكِ بعدَ الممات
حبيبتي أنتِ غَصبَ غربتي
فاتنتي ومهجةُ أحلامي
مهما توسّعت وامتدَّت بيننا المسافات
لَم أجد غيرَكِ لأعشقَها
لا بديلَ عنكِ
بينَكِ وبينَ قلبي ذكريات
سأظلُّ أناديكِ وأكتبُ عنكِ
أغنّي أشواقي دمعاً وآهات
أنتِ للضَّائعِ منارةٌ
وللمتيَّمِ اليائسِ الحائرِ صلاة
أحكي عنكِ للضَّوءِ إن أظلمَ
وللبحرِ لو تيبَّسَ موجُهُ
وللّيلِ لو ضاقَت عليهِ السَّاعات
جلُّ وقتي وكلُّ نبضي
ومعظمُ صمتي وسائرُ بَوحي
عَن موعدٍ من صوبِكِ آت
هيهاتَ أنسى وجهَكِ
قريباً ألقاكِ وأغمرُكِ بالقبلات
حلبٌ أنتِ
مدينةُ السّحرِ والأمنيات
أسمِعي روحي صوتَكِ
عطشَ قلبي أحييهِ بالأغنيات
أنتِ ندى عمري وأوجاعي
مهما حالَت بينَنا السنوات.*
إسطنبول
* مجيء الدّروب..
أنسابُ إلى دفءِِ الهوى
أتضوع عطر الأرض
وأشحذ الضّوء من عنقكِ
لأتوضأ بأنفاسكِ المعبّأة بالنّقاءِ
وأدور على مساحاتِ ظلكِ
أتفيأ تحتَ ظلّ حنّاء الرّوح
وأبوح لأنوثتكِ المشتهاة
ببعضٍ من تعويذاتِ الدّم
أنا ارتحالكِ إلى ملكوتِ الحلم
أفترش غمام الشوق
لأريح دقات القلب من النّجوى
أراهنُ على الموتِ
في حضرةِ بهائكِ
وأنتِ تشعلينَ لي فتيلَ العناق
فأنسكبُ في هسيسِ النّدى
قصيدة من فضاءٍ أزليّ الحنين
إلى عينينِ من بريقِ الانهمار
على ولهٍ مجنونٍ بالفتنةِ
منزاح لمجرى السّهوبِ الغافيات
في وقتِ الالتفافِ
حول روعة التّكوينِ فيكِ
وأمدّ شغاف القلب
لأقبل جيد الأصابع
أسقط على ترابِ مهجتكِ
مخضباً بدمِ الأنينِ الحار
فأهز إليكِ بجذعِ اللّوعةِ
ليتساقط عليّ انغماركِ
فلا أبرح تواجدكِ إلّا وقتَ الموت
وأشاهد من شقوقِ السّراب
قلبي يغتسل بشهدِ الجّمال
ساطع هذا البرد
تحت شرفة الغياب
وأنتظرُ مجيء الدّروب
لتوصلني إلى عليائكِ
فأنتِ سدرة الحبّ
في برقِ الانتشاءِ
في شتاءِ الأبجديةِ الورقاء
لا سيدة على القلبِ إلّا أنتِ
لا ملكة على الرّوحِ
إلّا جلالة عشقكِ
لا موتَ يُحيِني من شحوبِ العمرِ
إلّا بسمة الاقتراب.*
إسطنبول
* قامةُ الضّوءِ..
ضمّي إليكِ عذاباتي
ودعيني أغفو تحت تعريشة راحتيكِ
تعب الليل من سهري!
وخارت روحي من أوجاعها
سيسند قلبي جبهته على كتف أنوثتك
وأتركُ أصابعي تشهق ببكائها
لحظة تنساب على شعركِ
دعيني أشكوكِ لعينيكِ
لماذا لا تهدهدين لي صوتي؟!
لماذا لا ترشقين الندى على قلبي؟!
لماذا تمنعين القبلات عن وردي؟!
وأنا لا أشكو إلّا لمعذبتي
سأنام ملء النبض في حضنكِ
أتنفس عطركِ سعة الرّوح
وأغفو دهراً على أنغامِ صمتكِ
أترك الأشواق تناجيكِ
وتناديكِ أيامي التي ضاعت
كانت على دربكِ تسعى
أعطت للحلم عناوينكِ
وما انفكت جوارحي تهفو
لقامة الضّوء في روحكِ
حلمتُ بصحبةِ أسفار غيابكِ
في غربةِ الغيم عن الشطآن
شوقي إليكِ أشرعتي
ناري تستصرخ ماءكِ
على الأشجانِ علّقتُ بسمتي
ما عاد الحزن بحاجتها
ولا ظلت ضحكتي تعرفني
غابت روحي عن جسدي
ضيعتُ خطوتي في الدّرب
واكتظت الريح بصراخي
أناديكِ..
ما زال في الغصّة متّسع
وبعده القلب يلهج بعهده
لا حبّ يسكنه..
إلّا إذا باح له باسمكِ.*
إسطنبول
* جدائلُ الأرضِ..
انهارَ عليَّ حائطُ الضّباب
كسّرَ رؤايَ وجرّحني
تهشّمتْ قناديل كلماتي
وتشوّهتْ لغتي
والليلُ ما عادَ ينيرُ لي
حُلُمي..
تزاحمَتِ الهواجسُ علىٰ فضاءِ حزني
وصارَ النّهارُ يسرقُ ظلّي
وتتفيّأُ الجبالُ بآهاتي
تهربُ منّي الدّروب
كلّما لاحَتْ لها دمعتي
أتعثّـــرُ بالسّراب
يلتفُّ الرّملُ علىٰ أنفاسي
ويتراكمُ فوقَ أجنحتي لُهاثي
يا حلبُ كيف المجيءُ؟!
وشفيرُ المدىٰ يجتثُّ خطايَ
وتعوي علىٰ حنيني القفارُ
والماءُ يتصيّدُ عطشي
والنّدىٰ يلوّحُ لي بأغلالِه
تقطّعتْ أوصالُ الهواء
وتحفّرَ وجهُ السّماء
والغيومُ أثقلَها الصّراخ
أشتري من الأحجارِ حنينَها
أتسوّلُ مِنَ الأشواكِ لحافَها
أتمدّدُ فوقَ الانحدار
يتماوجُ الصّدىٰ في خاصرةَ
الفلول
ويبحثُ عنّي الموت
يوزّعُ اسمي علىٰ الجّهات
وتمدُّ لي الأرضُ ترابَها
تبسطُ لي جدائلَها
في نبضِها أقامَ أجدادي
صرحاً من المواويل
تظلِّلُ لهفةَ العائد
وَتُعطي حبالَ السّلام
لكلِّ مَنْ يعشقُ حلب.*
إسطنبول
* قلقُ الرّوحِ..
مشغولُ البالِ عليكِ
قلبي يسألُ بضراوةٍ
والرّوحُ تصرخُ بجنونٍ
أينَ أنتِ يا عمري؟!
الشّمسُ حائرةٌ مثلي
والوردُ مرتبكٌ في عطرِهِ
النّسمةُ صارَت عمياءَ
بحثَت عنكِ في الدَّمعةِ
والقصيدةُ أرسلَت لهفَتها
تفتِّشُ أنفاسَ الضّوءِ
والأحرفُ مازالَت تركضُ
تنادي عليكِ بحرقةٍ
أينَ أنتِ يا نجمة؟!
قد غابَ النّبضُ عن قلبي
وصارَ في الشَّوقِ وجعٌ
أحسُّ بابتعادِكِ عنّي
وأنا والأوقاتُ نناديكِ
تعالَي نبدأ الحبَّ
ونوقد شموعَ الحنينِ
سأضمُّ أنفاسَ نبضِكِ
وأحضنُ اللّيلَ بعينيكِ
أمواجُ الرَّغبةِ تُلاحقُكِ
وأشتهي شهقةَ البسمةِ
أحبُّ الأرضَ التي تحملُ ظلَّكِ
والغيمَ الذي يظلِّلُ نورَكِ
وأعشقُ الأنوثةَ في حضورِكِ
أنتِ كوكبُ الأماني
يجري في فلكِ دمي
أهوى الكونَ حينَ مِن راحتَيكِ يشربُ
ويطلُّ عليَّ في صمتي
ينادي زحمةَ الأحلامِ
وأنا أسألُ عنكِ
نارَ الانتظارِ.*
إسطنبول
* لن أكتبَ اليوم قصيدتي..
لا تكتب يا قلمُ
إذا احتضنَتكَ أصابعي
ولا تنفتح يا دفتري أمامَ القصيدةِ
قلبي يرغمُني على الكتابةِ
وأنا في حالةِ رفضٍ
ما عُدتُ أبغي الكلامَ عن عذابي
ما الفائدةُ من صراخِ القلبِ
في كهوفِ الحبيبةِ
لا أحدَ يقرأُ كتاباتي
سأتركُ دمعتي تغسلُ لوعتي
علَّ أحزاني تغفو برهةً
بأحضانِ النّسيانِ
لأرتاحَ من موتٍ دائماً يسكنُني
حينَها
سأكتبُ كلَّ ما حفظتُهُ من فرحٍ
وأتذكَّرُ ضحكةً كنتُ أملكُها
وَحُلُماً كانَ يناديني
اذهب من غيرِ أيِّ جرحٍ
لأحضانِ وردةٍ كانَت كلَّما صادفتُها
تومضُ لي بشذاها الخجولِ
يا أيّها الحبُّ المقدّسُ ما أعذبَكِ
أحبُّ فيكَ صفاءَ معانيكَ
عندَ كلِّ صبحٍ تسقيني
حليبَ الهناءِ
لستُ راضٍ عنكَ يا قلبي
أوقعتَني في حقولِ الاختناقِ
صارَ الظّلامُ يشربُ
من راحَتَي النّدى
علقماً كانَ اختيارُكَ.*
إسطنبول
* أجملُ القتلى..
أجملُ القتلى أنتَ يا قلبي
وهذا الوردُ يرثيكَ
كنتَ صادقاً في هواكَ
لكنَّ النّدى لَم يأبه لأشواقِكَ
فأحرقَ النَّبضَ في أمانيكَ
عِشتَ محروماً
من شذى بسمةٍ تُمَسِّدُ لكَ الطفولةَ
وتخلَّت عنكَ الشّمسُ
وكانَ البردُ يُعادي الوحشةَ في دمِكَ
أجملُ قتيلٍ يزفُّ العشقَ
اليومَ للقصيدةِ
ستحضنُكَ الكلماتُ ليومِ الانبعاثِ
وسيكونُ اللهُ في استقبالِكَ
يوم لا يبقى للعشّاقِ مأوى
يدخلونَ عليكَ يتباركونَ
فأنتَ علَّمتَ الحبَّ أبجديَةَ القُبُلاتِ
وزرعتَ في دربِ الهوى الأغاني
لَن تُغادرَ الفراشاتُ رحابَ حنانِكَ
وجداولُ الغيمِ تنبعُ
مِن أحضانِ صدقِكَ
لا تترك للموتِ بابَكَ مفتوحاً
لن يغفرَ لها الوردُ
مهما اغتسلَت بالعطرِ
لن يسامحَها الصّبحُ
وإن أوقدت للشّمسِ شموعَها
هي تخافُ الحبَّ يا قتيلاً
تظنُّهُ إثماً أو حراماً!
أو قد تكونُ
لا تملكُ من أنوثتِها
إلّا الاسم!*
إسطنبول
* وداعُ المنهزم..
عليَّ أن أودِّعَكِ
طالَ بيَ العذابُ
ما عادَ قلبي يملكُ سبباً واحداً
ليخالفَ أمري ويتبعَكِ
جرَّبَ معكِ كلَّ أصنافِ الهوى
مِن حبٍ إلى شوقٍ ودمعٍ
وأشعارٍ وشكوى
عليَّ أن أرحلَ عن رحيلِكِ
أتَّجهَ إلى حيثُ لا يبصرُكِ نبضي
ولا أسمعُ ثغاءً لصمتِكِ
وسيكتبُ التّاريخُ
بأنّي أغبى العشَّاقِ في الحقيقةِ
وأنتِ أقسى حبيبةٍ في الحبِّ
ما كانَ عليَ أن أضيّعَ عمري
ما كانَ على هذا الحزنِ أن يلازمَني
مِن حقِّكِ التَّكبّرُ
طالما قلبي الغبيُّ
تنازلَ لكِ عن نبضِهِ
وأعطتكِ روحي مساماتِها
وسلَّمتُكِ قصائدي كلَّها
بغيرِ حقٍ تملَّكتِ عليَّ أحلامي
لماذا هذا الضَّعفُ منِّي؟!
وكأنِّي محكومٌ في مؤبَّدِ العشقِ
من غيرِ رجعةٍ سأمضي
وَلَن ألتفتَ إلى أحزاني
وَلَن أرسلَ لكِ تلويحتي
وسأعملُ على أن أسامحَكِ
بعدَ أن يجفِّفَ النّسيانُ دمعتي
ويمتثلَ قلبي لِلشَّفاءِ
مِن جرحٍ لا دواءَ لَهُ
إلّا السكينة.*
إسطنبول
*حبرُ الضّوءِ..
لا أرتوي بالكتابةِ عنكِ
تضيقُ اللغةُ على حبّي
مشاعري فضاءٌ من القصائدِ
والقصيدةُ قاصرةُ
كيفَ أقولُ أحبّكِ
بطريقةٍ تليقُ بحضرتِكِ؟!
ترتبكُ الأحرفُ كلّما عرفَت
أنّها ستخصّكِ بالتّعبيرِ
قلبي لا تعجبُهُ لغتي
هي ركيكةٌ أمامَ نبضِهِ
وروحي سئمَت من هذا البوحِ
تريدُ نجوى على قدرِ المقامِ
إنّي أحبُّكِ ولغتي خرساءُ
لا تنشدُهُ الوردةُ من معانيها
ولا اللّيلُ يثملُ
أعترفُ بهذا العجزِ الدّائمِ
أنتِ قصيدةٌ كتبَها اللهُ
لا أقوى على وصفِ أناقتِكِ
ولا أجرؤُ على مخاطبةِ قلبِكِ
سأستعينُ بالبحرِ على التّرميزِ
وأطلبُ مساعدةَ السّماءِ
أريدُ أن أكتبَ عنكِ بحبرِ الضّوءِ
على صفحاتِ نسمةٍ مخاتلةٍ
أستجمعُ كلَّ العطرِ
لأذكرَ شيئاً عندَ مرورِكِ من جانبي
وأحتالُ على الموسيقى
لأعطيَ بعضَ صفاتِ صوتِكِ
وأبذلَ كلَّ ما أوتيتُ من شوقٍ
لأقفَ أمامَ ظلِّكِ البهيِّ
أتلعثمُ أمامَ صورةٍ لَكِ
كنتُ أخفيتُها في دفتري
والقلمُ يخشعُ بينَ أصابعي
لو كتبتُ اسمَكِ
بندى الاحتراقِ.*
إسطنبول
* ليلُ الشّمسِ..
الليلة..
أينَ سينام الليل؟!
قلبي مكسور شباكه
أجد حرجاً إن جاء لعندي
ما عندي لحاف أغطيه
وسجائري تكاد لا تكفيني
حتماً سيحدثني عن حبهِ
الشمس رفضت قصائده
وقالت:
- وجهه أسود
لم تتأمل داخله
أو تبصر قمراً في صدرهِ
يدقُ وينبضُ حباً
لم تتعرف على نجومِ روحهِ
قالت عنه أسود ورفضته
حتى لو أحضر لها
خاتماً من غيمٍ أبيض
وفستاناً من ندى
وحذاء من عطرٍ
الشمس لا تهوى الليل
ترفض لو مرّة تقابله
لو لاح لها من بعيدٍ تهرب
وكأنها تخشى أن يخطفها
ويصعد بها للأعلى
وهناكَ..
عند المدى الأزرق
يمطر عنقها بالقبلاتِ
ويفض لها بكارة الضوء
الليل لا يخفي عنّي حزنه
يبقى طوال الليل
يشكو لي شدة الأشواق
ويقرأ عليّ بعضاً من شعرهِ الشّفاف
عذب كالندى على غصنِ الحنين
وأنا لا أعرف كيفَ أواسيه
في قلبهِ تشبّ شمس الظهيرة
ولا ماء عندي لأطفئها
لا أملك أكثر من فنجانِ قهوةٍ
بمنديلي أمسح دمع الليل
أرشه بالماء كي يصحو من خمرتهِ
باسم الشمس يهذي
نتعاون عليه أنا والفجر
نجرّه نحو ظلال الياسمين
كي يغفو بعض الوقت
والشمس تحرق بابي
وتدخل من شباكِ قلبي المكسور
تبحث عنه بضراوة
كي تسخر من سواده.*
إسطنبول
* أشتاقُ لعينيكِ..
أشتاقُ لعينيكِ
كلّما أغمضَت روحي أجفانَها
وأغوصُ في متاهاتِ الحنينِ
كم بحرٍ بعينيكِ يتمدّدُ على الشّطآنِ
يثغو للدّفءِ في أعماقِهما؟!
ويلوّحُ للأمواجِ نبضُهُ !
يهيمُ فوقَ الرّملِ
يلوي على عناقِ النّسمةِ
التي توشوشُ ببوحِها للصّخرِ
وتكونُ النّوارسُ مشرعةً أشواقَها
لأهدابِكِ العابقةِ بالسّحرِ
تضيءُ للمراكبِ دربَ الغروبِ
أحبُّ في عينيكِ مدناً لَم أزرها
ودروباً ما وطئَتها روحي
وشموساً تناديني لأصحوَ
وبساتيناً تثمرُ عطرَ الأماني
وجبالاً شاهقةً بالسّعادةِ
وبالحبِّ النّابتِ على سفوحِ الغيمِ
سيغسلُ مطرُهُ عن قلبي أوجاعَهُ
وأعودُ معافى من شيخوخةِ الدّمِ
صارخاً بعشقٍ لن ينتهيَ
أزليِّ النّمو والتّكاثرِ
أنتِ يا لونَ البسمةِ في عروقي
حينَ ألتقيكِ
وتداعبُ خصائلُ أنفاسِكِ
وجهَ دمعتي المكتظّةِ بالعشقِ.*
إسطنبول
* مخاوف..
ما أفظعَ ذنوبي
إن متُّ بعيداً عنكِ
وكيفَ سأقابلُ اللهَ
لوحدي؟!
مَنْ سيتشفّعُ لي عندَه؟!
إنْ لَمْ تكوني أنتِ يا أمّي؟!
فمن أجلِكِ سيسامحني ربّي
ويرمي عنّي ذنوبي
لكنْ إنْ متُّ هنا
في غربتي
سأدخلُ جهنّمَ لا محالةَ
لأنَّ حسناتي وحدَها لا تؤهِّلُني
شفاعتُكِ هي مبتغايَ
طيبةُ قلبي لن تنفعَني
طالما لَمْ أَمُتْ بينَ أحضانِكِ
ولم أدفنْ تحتَ رحمةِ تُرابِكِ
وأنتِ بعيدةٌ لَمْ تذرفي عليَّ دمعةً
وتسامحيني
وتقرئينَ الفاتحةَ
حينها ستقدِّرُ الملائكةُ
ولأجلِكِ
سيتغاضونَ عن ذنوبي
ولن يسجِّلوها في دفاترِهم
سيعتبرونني
مواطناً صالحاً
لَمْ أخنْكِ يوماً
أو أدنِّسْ ترابَكِ
ولأجلِ هذا
قرَّرْتُ أنْ أؤجِّلَ موتي
ريثما أستطيعُ العودةَ
لألثمَ جبينِ ترابِكِ
وأصلّي
في محرابِ رِضاكِ
يا أمّي الحنونة
يا ذاتَ الأشجارِ الفارعةِ
بالضَّوءِ
وذاتَ الأنهارِ
الوارفةِ بالسُّموِّ
يا بلدي.*
إسطنبول
* سَأجِيءُ إليكِ..
سآتي إليكِ
حتَّى و إن نزعوا جناحاتي
وموَّهوا دربّكِ بالعتمةِ
وأغلقوا على الغيم
بَوّابةَ السّماءِ
وسدّوا على حُلُمي نوافذَهُ
سأجيءُ
لو زاحفاً على بطنِ الهاويةِ
أمشي على حافّةِ الرٌيحِ
عكّازتي الاختناقُ
أطوفُ على دمعةِ القمر
وغصّة الهواءِ الجّريحِ
التهمُ جوعَ الرَّملِ
وأشربُ حنظلَ الرّعبِ
آتيكِ
من شقوقِ الموتِ
من باطنِ الصّوتِ
وفحيحِ الوقتِ
لا يمنعُني عنكِ وحوشُ اليباسِ
ولا شدقُ الخيبةِ
أقتاتُ من وجعِ القلبِ
وأركض صوب شوق سحيق
ألملم هواجس الندى
من سفوح الروح
لأنجو من نار السقوط
وأعلو فوق كثبان الشهيق
يترنح دمي في عروق الشوك
أتقدم نحو رحيق الاشتهاء
أعبر أنفاق الصليل
لا أهتم بأسيجة العواء
أمخر عباب الوقت
متجهاً لشطآن الحنين
وعلى مدار القهر
تلوح لكِ صواري النبض
تهتف باسمكِ
حلب.*
إسطنبول
* ليلة سقوط حلب..
بصقت بوجهي قصيدتي
انتبذت
وقالت:
- لا تكتبني
وتجلب لي العار
وتخلّت عنّي لغتي
صادرت منّي قوميتي
وقالت:
- لا تلحق الخزيّ
بالضاد
أيّ عربي أنتَ يا هذا؟!
وتركتَ حلب تغتصب
ستلعنكَ حجارتها ليوم الدّين
وستطاردكَ أغانيها الخالدة
ما عاشت جوارحكَ
تباً لكَ من عاشقٍ!
تباً لكَ من ولد!
سيبكي عليكَ دمعكَ
سيهرب منكَ قبركَ
ولن تغفر لكَ القلعة
هذا التخاذل
أيها العربي الغبي
الذي لا يحسن سوى
التّشرذم والبكاء
والخيانة المجانية.*
إسطنبول
* نشوة الموت..
فكّي عن دمي أزرار الاختناق
افتحي نوافذ الغيم
رمل البكاء يطمر روحي
أطلقي البحر من شرنقةِ اليباس
وأزيحي هذا الليل
عن شمسِ الحنين
أعطي لدمعتي قبلة
من زغبِ أنفاسكِ
ودعيني أتنشق رائحة الضّوء
سأمطر جيد صوتكِ
بوابل من جنوني
أعشق نسمة
تمر بقربكِ
وأقدس ذرّة عطر
قد علقت بثوبكٍ
أصافح شجرة تظللت باشراقتكِ
أنتِ وميض الله في نبضي
شهوة التكوين في القصيدة
ضميني إلى صدر التنهدات
وادفني اشتياقي بلهيبِ موجكِ
واتركيني ألهو مع خصلةِ
من بوحِ أوجاعكِ
أنا المكان سأحتضنكِ
أنا الزمان سأعيش فيكِ
أنا البحر سأغمر أنوثة أحلامكِ
سأشيد لعينيكِ فضاءٍ من موسيقا
وأزرع في طرقاتِ المدى
أشجاراً من فرحٍ ونشوة
بداية الخلق أنتِ
ونهاية مدى الرحيل
سأموت تحت جذع حبّكِ
وأدفن تحت جذور عطركِ
سأكتب على شاهدةِ قبري
هنا يرقد عاشق سورية.*
إسطنبول
* هو.. سيد الهوى..
هو.. من أبكاني
وجفّفَ أدمعي
هو.. من اصطحبني
ثمّ رماني
هو..
من أعطاني الحبّ
وبعد زمنٍ
أدخلني.. دائرة النّسيان
لا أقدر لي على هجره.. يوماً
وما عاد..
يطلب،منّي.. حناني
ساعدني يا الله
أنا أحبّه..
ولم أملّ منه
هو.. فرحي وأنغامي
كم كان يهواني؟!
وما زلت أنا أعشقه
كم كان يتقرب؟!
وسأبقى ألا حقه
كم كان يحلو له
معانقتي؟!
ما زلت أذوب شوقا لعينيه
من يردّه لي؟
أعطيهِ عمري مرتين
من يوصلني إليه؟!
أهديه باصرتي وعيوني
ياورود الأرض..
ذكريه بعطري
يانسيم الليل..
اسأله عن دفئي
يا فراشات
يا عصافير
يا ندى الهمسات
ساعدوني
جريح أنا انظروا ضعفي
ارحموني
أخذته مني
سحابة هوجاء
غداً ترميهِ
تقذفه من بطن السّماء
سرقته بسمة ماكرة لعوب
أخشى عليه
من الغدر الرّهيب
قلبه يتحطم
على صخر الخيانة
تكتوي روحه.. بنار النّدامة
لا أحتمل حزنه
ولا انكسار عزّه
هو.. سيّد الهوى
لا يستحقّ ما جرى
هو النّجم
عليه إن يبقى .. مضيئاً
كلّموه.. حدّثوه
لينتبه..
ليس من أجلي
من أجل ابتسامته
تبقى على الكون
شمس لا تغيب.*
إسطنبول
* وانفضحت أسرار القلب..
القصيدةُ تكتبني
وتكشفُ ما خبّأتُهُ عَنِ الكلامِ
تنتهكُ خصوصيّةَ البَوحِ
وتفضحُ هواجسَ روحي
تنشرُ مذكّراتِ قلبي الشّخصيَّة
فَمَن أعطى القصيدةَ هذا الحقَّ
لتدخلَ عوالمَ الأعماقِ
وتنبشَ أسرارَ الدّمعِ؟؟!!
كانَت دمعتي لا تبوحُ إلّا لِلّيلِ
عَنِ اختناقِها
وقلبي يبقى صامتاً
في حضرةِ الشّوقِ
والرّوحُ عندي لا تُبدي حَراكاً
لو اسمعتُها موسيقى النّدى
كنتُ أكتمُ هذا الصّراخَ
الصّاخبَ بدمي أمامَ هدوئي
لا يعلمُ الوجعُ الخبيثُ
أينَ أخفي تنهّداتي؟
ولا أدلُّ الحزنَ على بوّابةِ الوحشةِ
وحدي
أحاربُ وحدتي
وأسهرُ معها
لأشغلَها عن كآبةِ العزلةِ
وبابي مقفلٌ بوجهِ عطشي
لم أكن أثقُ بالقصيدةِ يوماً
لأسلّمَها أصابعي وأطمئنَّ
وحدَها القصيدةُ تخونُ
أقلامَ العشاّقِ
وتفضحُ أسرارَ نجواهم
لم أعترف بحبّي لأحدٍ
القصيدةُ من أوشَت باللَّهفةِ
وطيَّرتِ للقمرِ خبراً
ولأسرابِ الغيمِ الثّرثارِ
سيغمرُ الأرضَ بالنّميمةِ
وتنبتُ الفضيحةُ
على السنةِ العصافيرِ الطّائشةِ
ممّا يسبّبُ الحَرَجَ لهروبي
لمّا تبدأِ الفراشاتُ الأقاويلَ
عَن حبٍّ مزمنٍ يعصفُ بخلجاني
وقلبٍ اكتوى بالنّدى.*
إسطنبول
* عيدُ الدَّمِ..
أيُّ عيدٍ يا عيدُ أنتَ؟!
قد جئتَنا ونحنُ في أسوءِ حالٍ
ما مَرَّ علينا عيدٌ
ونحنُ مثلَ ما نحنُ عليهِ الآنَ
قتلانا كُثُرٌ يا عيد
أكثرُ من نجومِ السّماءِ
ربّما بعددِ الوردِ أو أكثرَ قليلاً
ذُقنا الموتَ في كلِّ حالاتِهِ
خنقاً حرقاً ذبحاً رمياً
غدراً سَحقاً
تفنَّنَ الموتُ وأبدعَ فينا
وكانَ للموتِ خيالٌ فظيعٌ
بلادٌ بأكملِها تُبادُ يا عيد!
أسرٌ كاملةٌ وعائلاتٌ
أحياءٌ أزقةٌ عماراتٌ
وبيوتٌ شُيِّدَت من الطّينِ
وعرقِ الجَبينِ
المآذنُ الكنائسُ
والمدارسُ تهدَّمَت
وصارَتِ المشافي بحاجةٍ لمشفى
لا صوتَ يعلو فوقَ صوتِ القتلِ
يقتلُنا كلُّ مَن يتشهّى القتلَ
ما على القاتلِ إلّا أن يهوى قتلَنا
اتّضح يا عيدُ أنَّ لقتلِنا لذّةً
ما بعدَها لذّةٌ
كلُّ الجُناةِ يتبارَونَ على قتلِنا
وكلُّ الطّغاةِ شَرَّعت هذا القتلَ
مِن ساسةٍ وعلماءِ دينٍ
وصولاً إلى شعراءِ القتلِ العذريِّ
يقتلُنا يا عيدُ مَن يحبُّنا
وَمَن يكرهُنا
وَمَن هو على حيادٍ
قتلُنا صارَ مباحاً يا عيدُ
شرَّعَتهُ الأممُ المتحضّرةُ
والنَّاميةُ والمتخلّفة
وللمرّةِ الأولى يا عيدُ
يتوحّدُ العالَمُ على استباحةِ دمِنا
دمُ السّوريِّ
حلالٌ
مشروبُ العصرِ الحديثِ
لعقوا دمَنا بدأً مِنَ الجُرَذِ
وانتهاءً بالقيصرِ الدّبِّ الأبيضِ
دمُنا زجاجةُ وسكي يا عيدُ
وفودكا المرتزقةِ
لكلِّ مرتزِقٍ نصيبٌ من دَمِنا
لكلِّ غرابٍ غريبٍ أو كلبٍ شاردٍ
لقمةٌ من لحمِنا المحروقِ
جثَّةُ السوريِّ يا عيدُ
تُعَلَّقُ على مدخلِ منظّمةِ حقوقِ الحيوانِ
وردةٌ من ياسمينِ الشّامِ
وفلّةٌ من حلبَ الشّهباءَ
والعالَمُ مبتهِجٌ على ذبحِنا
يتبادلُ القادةُ التّهنئةَ
بقتلِنا
ودمارُ سوريةَ الضّوءِ
يقرعونَ كؤوسَ الدّمٍ في مجلسِ الأمنِ
يدخلونَ التّاريخَ من أوسعِ الأبوابِ
حينَ يتّفقونَ على ما تبقى منّا
الله أكبرُ
كان قتلُنا وسيلةً
لإراحةِ ضمائرِهِم
إنجازاتُ يتفاخرونَ بها
هذا القرنُ
عنوانُهُ ذبحُ سوريةَ
القفزةُ الأخيرةُ في دنيا التحضّرِ
كم كانوا يتوقونَ لِدَمِنا يا عيدُ؟!
شربوا منهُ حتّى الثمالةِ
وللجامعةِ العربيّةِ نصيبٌ من الشّراكةِ
مرحى لأمّةٍ تتآمرُ على قلبِها وتغدرُ بهِ
طوبى لقادةٍ مِنَ العربِ باعونا
أعطِنا إجازةً منكَ يا عيدُ
لا تعرِّج علينا وتُبكينا
دعنا نلملمُ أحلامَنا بلا أكفانٍ
ونضمِّد جراحَنا بملحِ الغصّةِ
كانَ يا ما كانَ
في هذا العصرِ والزّمان
بلدٌ من بلادِ العرب والإسلامِ
ينعمُ بالحبِّ والإخاءِ والسّلام
تآمرَ عليه الغُرَباءُ والحكّام
وصارَت نجمةُ الدّنيا بلادُ الشّام
في خبرٍ يا عيدُ يُدمي الوجدانَ
لكنّنا يا عيدُ مهما صارَ وكانَ
سنبقى للإنسانية عنوان.*
مصطفى الحاج حسين.
إسطنبول
الفهرس:
=======================
01 - تمزّق
02 - قبر الغمام
03 - لو كنتُ عندكِ
04 - أطراف الحلم
05 - يا عذابها
06 - في غفلة مني
07 - لو كنتُ
08 - لسوريّة أصدقاء
09 - عيناكِ
10 - ضياع الرّوح
11 - أقزامُ الفتنةِ
12 - هذيان القلب
13 - ندى عمري
14 - مجيء الدّروب
15 - قامةُ الضّوءِ
16 - جدائلُ الأرضِ
17 - قلقُ الرّوحِ
18 - لن أكتب اليوم قصيدتي
19 - أجمل القتلى
20 - وداعُ المنهزم
21 - حبر الضّوء
22 - ليل الشمس
23 - أشتاقُ لعينيكِ
24 - مخاوف
25 - سأجيء إليكِ
26 - ليلة سقوط حلب
27 - نشوة الموت
28 - هو.. سيّد الهوى
29 - وانفضحت أسرار القلب
30 - عيدُ الدّمِ
--------------------------------------------
مصطفى الحاج حسين.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى