علي عبدالأمير عجام - في يوم الشعر العالمي.. حرية وجمال بهوى من بلاد الرافدين

في العام 1997، انعقد بفرنسا مهرجان "ربيع الثقافة الفلسطينية"، ومنه وجّه الشاعر محمود درويش (1941- 2008) رسالة إلى المدير العام لليونسكو آنذاك، حملت عنوان "الشعر روح الإنسانية، الشعر جسد العالم"، من أجل اعتماد يوم عالمي للشعر. وفي السنة التالية تبنى رئيس "بيت الشعر" في المغرب الشاعر محمد بنيس تلك الدعوة التي اثمرت يوماً عالمياً للشعر في سنة 1999 اعتمده المؤتمر العام لليونسكو، خلال دورته الثلاثين المنعقدة في باريس، وفي 21 آذار/مارس من كل سنة.
الاحتفال باليوم العالمي للشعر هو لتعزيز القراءة والكتابة ونشر وتدريس الشعر في جميع أنحاء العالم، فهو "أحد أشكال التعبير وأحد مظاهر الهوية اللغوية والثقافية، ومن أغنى ما تمتلكه الإنسانية، فمنذ قديم الزمان عرفت كل القارات بمختلف ثقافاتها الشعر، إذ أنه يخاطب القيم الإنسانية التي تتقاسمها كل الشعوب، فالشعر يحوّل كلمات قصائده البسيطة إلى محفّز كبير على الحوار والسلام".
الشعر ليس شكلاً قديماً من أشكال الفن
وفي رسالة بمناسبة اليوم العالمي للشعر 2017 كتبت المديرة العامة لليونسكو، السيدة ايرينا بوكوفا بـ "الشعر تنفتح نافذة لرؤية التنوع الإنساني المدهش"، ووفقا لمغزى الاحتفال بيوم عالمي للشعر، فـ "الهدف الرئيسي من ذلك هو دعم التنوع اللغوي من خلال التعبير الشعري، ولإتاحة الفرصة للغات المهددة بالإندثار بأن يُستمع لها في مجتمعاتها المحلية. وعلاوة على ذلك، فإن الغرض من هذا اليوم هو دعم الشعر، والعودة إلى التقاليد الشفوية للأمسيات الشعرية، وتعزيز تدريس الشعر، وإحياء الحوار بين الشعر والفنون الأخرى مثل المسرح والرقص والموسيقى والرسم وغيرها، كما أن الهدف منه أيضا هو دعم دور النشر الصغيرة ورسم صورة جذابة للشعر في وسائل الإعلام بحيث لا ينظر إلى الشعر بعد ذلك كونه شكلاً قديماً من أشكال الفن.
وتشجع اليونسكو الدول الأعضاء على القيام بدور نشط في الاحتفال باليوم العالمي للشعر، سواء على المستويين المحلي والقطري، وبالمشاركة الايجابية للجان الوطنية والمنظمات غير الحكومية والمؤسسات المعنية الخاصة منها والعامة مثل: المدارس والبلديات والمجمعات الشعرية، والمتاحف والرابطات الثقافية، ودور النشر، والسلطات المحلية وغيرها.
الشعر هوى رافديني جارف
لا يذكر الشعر وتحولاته الأساسية إلا وتذكر بلاد الرافدين وبصمتها القوية في ذلك الفن الرفيع. *يعود تاريخ الشعر إلى الحضارة السومرية، وتحديداً مع "ملحمة جلجامش" التي تعود للألفية الثالثة قبل الميلاد، حيث كُتبت بالخط المسماري على ألواح الطين، ثم كُتبت على ورق البردي، كما ظهرت في تلك البقعة الخصيبة أول أغنية حب مكتوبة شعراً في التاريخ.
وثمة براهين كبرى على ارتباط الشعر ببلاد الرافدين:
*لا يذكر أكبر شعراء العربية على مدى قرون، إلا ويذكر أبو الطيب المتنبي (915 - 965)، ابن مدينة الكوفة العراقية الذي صار "شاغل الدنيا ومالئ الناس".
*قبله كان لا يذكر ميزان الشعر العربي وقواعد موسيقاه، إلا ويذكر الفراهيدي (718- 786) الذي اقترن وجوده في مدينة البصرة بالتأسيس لـ "علم العروض".
*من مدينة النجف خرج "شاعر العرب الأكبر" محمد مهدي الجواهري (1900-1997).
*من البصرة، خرج بدر شاكر السياب (1926-1964) ليعلن تيار الحداثة في الشعر العربي.
*ومن بغداد خرجت نازك الملائكة (1923- 2007) لتكون أول شاعرة حداثة في تاريخ العرب المعاصر.
*ومن كردستان العراق خرج أكبر أسمين في تاريخ الشعر الكردي المعاصر: عبد الله كوران (1904-1962) وشيركو بيكه س (1940-2013).
*مثلما عرفت بلاد الرافدين بتعددها القومي واللغوي، فقد كان الشعر مصدراً مهماً في دراسة الإرث الروحي لقوميات وطوائف عاشت في تلك البلاد، أثرت فيها وتأثرت أيضا.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى