شهادات خاصة طارق البكري - سيرة ذاتية في ادب الطفل

د. طارق البكري يكتب عن تجربته في أدب الأطفال

عدد كبير من قصص الأطفال هي حصيلة سنوات طويلة من العمل في مجال أدب الطفولة، كتابة، وبحثاً وتدريساً.. حيث يبدأ الإنسان عادة بالعمل بعد الدراسة، أما أنا فقد بدأت بالعكس.. أحببت أدب الأطفال وعملت في مجاله، وكتبت الكثير من القصص، ولم أتوقف عند المهنة والعمل، بل توجهت للدراسة والتخصص في هذا المجال فكانت الماجستير في أدب الطفل، وفي الدكتوراه في صحافة الطفل.
وأرجو في البداية أن نتفق على أنني لا أدعي منازل من يستحقون الكتابة عنهم.. ولهذا قد يكون وجيهاً إنني أكتب اليوم عن نفسي..
وللحقيقة؛ فإنا لم أدَّعِ يوماً أنني كاتب متفرد في فنه، متميز في إنجازاته..
كما أني لم أجرؤ على إحاطة نفسي بهالة الأديب..
فضلاً عن كوني لم أطلب ذلك من أحد.. ولم أسع، بل حتى إني لم أتمن، ولم أتوقع على الإطلاق.
وليس فيما سبق تواضع كهل موهوم، ولا اجتراح آمال كاتب منسي مغمور، يستدر عطف قارئ مجهول أو معلوم.
وفي الواقع لا أملك الشيء الوفير لأقوله عن نفسي، ولا أجد فيما مضى مني ما يستحق أن يروى، وربما قد يكون هناك لاحقاً ما يروى عن كتبي وقصصي..
أما دعوة مدير التحرير الدكتور الفاضل علي عاشور جعفر لكي أدون بعض الصفحات عن تجربتي في عالم الكتابة للطفل فهذه دعوة كريمة منه، بل كرم وافر كبير، يضعني أمام امتحان عسير، بل ربما يكون هذا الطلب من بين أكثر الطلبات صعوبة فيما واجهت في حياتي منذ نحو ربع قرن من الزمان، تاريخ صدور أول قصة لي في دار الحافظ الدمشقي لصاحبه هيثم الحافظ، وكانت عبارة عن ثماني قصص متفرقة في مجموعة واحدة تحت عنوان (العلماء الصغار).
ربما تكون البداية الفعلية هنا.. من بوابة دمشق عاصمة سوريا، بل عاصمة بلاد الشام التي نحب ونعشق، وتحديداً من دار الحافظ الدمشقية العريقة..
وكما أن لكل أمر إرهاصاً.. فإن لهذا الفن عندي شيئاً من الإرهاص.
تبدأ "القصة" منذ طفولتي الأولى، حيث كنت أختلق المواقف الوهمية وأرويها لأمي وإخوتي.. كما كنت أحكي في روضتي ما يشبه القصص، وأنسج لأمي عندما أعود ألواناً من الوقائع والخيالات التي لا يمكن أن تحدث.
وتعود بداية تجربتي الحقيقية في الكتابة للطفل منذ انتقالي إلى دولة الكويت في عام 1993، حيث شهدت جريدة الأنباء الكويتية المرحلة النشطة الأولى لهذه التجربة. فقد لاحظت رئيسة تحرير جريدة الانباء يومئذ الزميلة الفاضلة بيبي المرزوق، وبعد أسابيع قليلة من وصولي الى الكويت، اهتمامي بالكتابة للطفل، فطلبت مني إعداد صفحة جديدة للأطفال بعنوان (ممنوع على الكبار)، وكانت عبارة عن نصف صفحة يومية وصفحتين كاملتين في صباح يوم الخميس من كل أسبوع، واستمرت هذا التجربة الثرية نحو خمس سنوات كنت أكتب فيها وفي أكثر الأيام قصة قصيرة، وخلال تلك الفترة أعددت صفحة أخرى أسبوعية للأطفال أيضاً بعنوان: (مدرستي)، تدور رحاها في رحاب مدارس الكويت، إضافة إلى صفحة أسبوعية أخرى خاصة بأنشطة الأطفال المتنوعة.
وفي تلك الفترة صدرت لي أول مجموعة قصصية عن دار الحافظ، تلاها مجموعة إصدارات عن الدار نفسها، ثم تعرفت بصاحب دار الرقي اللبناني المتخصص بقصص الأطفال السيد أنيس سعد، حيث صدر لي أول مجلد للأطفال بعنوان (50 قصة قصيرة للأطفال) كنت كتبتها في جريدة الأنباء، ثم جمعت قصصا أخرى نشرتها في الجريدة وأضفت إليها قصصا جديدة ونشرنا بعد ذلك وعلى مدى عدة سنوات ستة مجلدات كل مجلد 50 قصة، تحت العنوان نفسه.
وخلال تلك الفترة قام دار الحافظ بترجمة مجموعة قصص الى اللغة الفرنسية، كما قام دار الرقي بترجمة مجموعة أخرى الى اللغة الإنجليزية، فيما قام صديق العمر الفنان الفلسطيني الراحل إياد عيساوي الذي رسم معظم ما صدر من قصصي، بإنشاء دار جديد أصدر مجموعة من قصصي ترجمت الى الروسية، واستمرت شاركتنا منذ تعارفنا حتى وفاته رحمه الله في عام 2016.
وهناك مراحل أخرى ربما لا يمكن ذكرها كلها، منها مرحلة مجلة (براعم الإيمان) ومجلة (أسرتي) ومجلة (أولاد وبنات)، ومركز ثقافة الطفل... وخلال تلك الفترة ازدادت وتيرة قصصي المطبوعة للأطفال، وشاركت في تحكيم عدد كبير من المسابقات والجوائز في العالم العربي إلى أن حصلت في نهاية عام 2014 على جائزة الملك عبدالله الثاني للإبداع في مجال أدب الطفل عن جميع أعمالي باعتبار ذلك إنجازاً للعمر.
وفي السنوات الأخيرة انضممت إلى قسم التحرير في وكالة الأنباء الكويتية (كونا) وتوليت لاحقاً إدارة تحرير مجلة (كونا الصغير) التي تصدر فصلياً من عام 2014. وصدر منها لغاية شهر فبراير 2018 نحو 15 عدداً. كما عادت جريدة الأنباء لتصدر منذ عام 2015 بصفحتين أسبوعيتين للأطفال.
وأشير هنا إلى أني لا أحصي بدقة عدد القصص التي كتبتها للأطفال، ومنها كثير مما نشر في صحف ومجلات عربية مختلفة وإصدارات متفرقة، ولعل أبرزها ستة مجلدات بعنوان (50 قصة للأطفال)، أي في كل مجلد 50 قصة، بمجموع إجمالي 300 قصة، صدرت في بيروت عن دار الرقي، كما صدرت نفس المجموعة في مجلدات متعددة في جمهورية الجزائر بدعم من وزارة الثقافة الجزائرية، كما صدر مجلد كبيرة عن دار المكتبي الدمشقي لصاحبه الدكتور غياث مكتبي حمل عنوان (سأحكي لكم)، تضمن أيضاً 50 قصة، فيما أعاد دار المكتبي نشر مجموعة أخرى مختارة من 50 قصة بعنوان (أحمر الشفاه)، ومجموعة أخرى بعنوان (حكايات عربية). كما قام دار إشراقات في الكويت بإصدار سلسلة تربوية بمشاركة الخبير التربوي الشهير الدكتور مصطفى أبو سعد، تتضمن مجموعة كتب، كل مجموعة تتكون من عدة قصص، لتصل بمجملها إلى نحو مئة قصة متفرقة، منها ما نشر سابقاً وتم انتقاؤه ليتناسب مع هذه السلسلة التربوية الجديدة.
وهناك محطة مهمة أيضاً وهي محطة التعاون مع اللجنة الوطنية للوقاية من المخدرات (غراس) حيث قمت بالتعاون معها بنشر رواية شبابية تهتم بالتوعية من المخدرات، كما كتبت العديد من القصص بطلب مؤسسات مختلفة، منها كتاب كبير بعنوان (مدرستي الخضراء) بالتعاون مع جمعية البيئة الكويتية وبمشاركة الدكتور عبدالله بدران، كما كتبت قصصا لمؤسسات بترولية تهتم بالبيئة، فضلاً عن قصص إسلامية متنوعة، منها مشاركة طيبة مع مبرة الآل والأصحاب، تضمن الكثير من الجوانب المضيئة في العلاقة الطبية بين آل النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام طبعت عشرات آلاف النسخ، كان منها طبعة خاصة على نفقة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في الكويت.
ولعل الجانب الأهم في كتاباتي للطفل تجلت في المرحلة الفارقة التي بدأت فيها بالكتابة لليافعين، وهذه الكتابة بدأت قبل نحو عشر سنوات، بدأت بقصة (صانع الأحلام وفراشة الغابة الغريبة)، واتبعتها بعدد روايات قصيرة، أو هي قصص طويلة، إلى أن كتبت قصة (سر الحقيبة والمغامرة العجيبة) في جزئيها الأول والثاني، وسجلت هذه القصة نقطة تحول كبرى في مسيرتي في مجال قصص الأطفال، وبدأت أكتب قصصاً طويلة، أو ما يمكن أن يسمى روايات للناشئة واليافعين.. وكتبت بعدها روايات: (البوسطة) و(لغز المدينة المسجونة) و(وجه القمر)، ثم طورت الرواية الأخيرة وأضفت إليها جزءاً ثانيا وصار اسمها (للقمر وجوه كثيرة)، ثم أدخلت عليها بعض التغييرات والإضافات لاحقاً وسميتها (للقمر وجه واحد) طبعت أخيرا في الامارات في (دار مكتبي) الذي قام بطباعة مجموعة أخرى من الروايات منها: (رحلة إلى ماليزيا)، (مغامرات بونزي)، (كوابيس نورة) (عناقيد الكرز)، (منير.. الأبيض لا يليق بكم)، ومجموعة قصصية لليافعين بعنوان (نفاذة الفرح) وغيرها كثير من القصص المتفرقة.
وأشير هنا إلى أن رواية (الأبيض لا يليق بكم) طبعت نحو 8 طبعات، منها طبعتان في بيروت عن دار الرقي، وطبعة في الأردن عن رابطة الأدباء الأردنيين، وثلاث طبعات في الكويت، وأخرى في الجزائر إضافة إلى طبعة الإمارات.
ولا أنسى أن أعود إلى دار الحافظ الدمشقي لصاحبه هيثم الحافظ رئيس اتحاد الناشرين السوريين الذي نشر لي من بين ما نشر رواية فكاهية بعنوان (سباق في الزقاق) قدم لها الكاتب الكبير يعقوب الشاروني حيث قال كلمة جميلة قال فيها: هذه الرواية: رواية وفكاهية.. واستجابة لطلب شاب صغير، يحكيها أستاذ في فن الحكي... كل هذه مفاجآت تــضاف إلى ما تحفل به القصة من مفاجآت وضحكات، تتعايش خلالها مع أعماق النفس البشرية، التي يؤمن المؤلف بانتصار جانبها الحافل بالخير، والتعاطف والرغبة في التواصل، على أية جوانب قد تشوب أحياناً علاقات بعض الناس ببعضهم..
هذا التفاعل بين الكاتب وجمهوره، بين المبدع والمتلقي، جعلنا نقرأ "رواية" تشق طريقها بنجاح بين صور متعددة من أدب الأطفال العربي، لم تكن، فيما سبق، تعطى الاهتمام الكافي لروايات الشباب الصغير.
"وفكاهية"، وهو مطلب أصبح رئيسياً بين ما يطلبه الأطفال والشباب الصغير فيما يقرأون.. وبطل الرواية أو الشخصية الرئيسية التي تدور حولها الحكاية، والكشف عن أسرار دوافع سلوكها وتصرفاتها، هو المحور الذي تدور حوله روايتنا، بدلاً من مجرد الاعتماد على تسلسل الأحداث وتشابكها.. كل هذا جعل لهذه الرواية الجميلة مذاقها الخاص، وخصوصيتها الجذابة، بين أبدع ما قدمه المؤلف القدير، لعالم أدب الأطفال العربي.
فيما كتب الناقد جميل السلحوت (شخصية القدس الثقافية) عن رحلة الى ماليزيا: إبداع جديد ومتجدد للدكتور طارق البكري في إصداره الجديد (رحلة الى ماليزيا) يؤكد من جديد، أن لدى المؤلف الكثير الكثير ليقوله للأطفال ولليافعين، فيأتينا بجديد يدهش الكبار قبل الصغار، وما يكتبه ليس من باب التسلية فقط، بل يحمل في ثناياه قيماً تربويةً وتعليمية.
وروايته هذه تعج بقيم إيجابية جاءت من خلال القص المشوق دون مباشرة أو خطابية، مما يرسخها في ذهن القارئ المتلقي بيسر وسهولة.. ومن هذه القيم: أن الانسان في جوهره لا في شكله الخارجي، وأن الأطفال يدركون الأمور على عكس ما يعتقد الكبار. وأن المطالعة تغذي العقل وتزيد المعرفة، وبما أن الأطفال يتأثرون بالكبار ويقلدونهم، فهناك أهمية لوجود مكتبة في البيت يطالع كتبها الكبار والأطفال. وعلى الأطفال أن لا ينزعجوا من مراقبة ذويهم لهم، ففي مراقبتهم منفعة لهم.
كما أن الرواية تعلم متلقيها أهمية التسامح وأدب الاعتذار عن الخطأ، والاستئذان عند الحديث، وآداب الطريق، واحترام تراث الآباء والأجداد. لا ينسى الدكتور البكري الأمور الصحية، فيحذر من الأطعمة المعلبة والجاهزة، ويدعو الى تحضير الأطعمة وطبخها في البيوت، وعلى الأبناء أن يقبلوا بشهية كل ما تطبخه أمهاتهم لهم.
وفي الرواية معلومات قيمة منها: اتساع البحار وعدم محدوديتها، وأن في جنوب الكرة الأرضية وشمالها قطبين متجمدين، وأن السحب محملة بالمياه، وأن الماء عماد الحياة، لذا يجب الاقتصاد في استهلاكه مهما كانت ثروة البلاد المائية. وأن الشمس كبيرة الحجم، وأن ضوء القمر انعكاس لأشعة الشمس، وأن الكرة الأرضية والقمر تدوران حول الشمس، وتلفت الرواية الانتباه الى أهمية الرحلات الداخلية والخارجية، ففي الرحلات ترفيه للنفس وترويح عنها، وقضاء نافع لأوقات الأعياد والعطل المدرسية وغيرها، واكتساب معلومات ومعارف جديدة، كما فيها دعوة للأطفال ولليافعين في كيفية قضاء أوقات فراغهم وعطلهم المدرسية، من خلال المطالعة في كتب مفيدة، أو العمل في أماكن تتلاءم وقدراتهم الجسدية، كالعمل في المكتبات مثلاً. واللافت في هذه النص أن صاحبه روى عدة حكايات وقصص، وحبكها مع بعضها البعض بسلاسة فائقة، لتشكل روايةً متكاملةً، يمكن الزيادة عليها، أو اختصارها دون التأثير على حبكتها الروائية، وهذا دليل على قدرة أديبنا على الابداع الروائي، ويلاحظ – كما يضيف السلحوت أن الدكتور البكري يستعمل لغةً انسيابيةً سهلةً على المتلقي، وهي لغة مشبعة بعنصر التشويق، الذي يجبر القارئ على متابعتها، وهو سعيد ومستمتع بذلك، وهذا من صفات الأدب الجيد بشكل عام، وأدب الأطفال بشكل خاص. وأخيراً فإننا نشجع فتياننا العرب وكل من قرأ العربية في العالم، وندعوهم إلى قراءة هذه الرواية المتميزة بأسلوبها وفنها وأهدافها، باعتبارها نموذجاً فريداً لأدب رفيع لليافعين في عالمنا المعاصر (أ.هـ).
ولو أردت حقيقة تصنيف ما كتبت، لما خرجت عما كتب السابقون، فما يكتب للأطفال يدور في دوائر تربوية وبنائية محددة، ولكني حاولت أن أكرس نفسي لهذه الكتابة، وقضيت وقتاً طويلاً في لك، وبدون أهداف مادية شخصية، ولعل السبب الرئيسي الذي حفزني على ذلك هو حرصي على أن يكون المستقبل أفضل، وبالطبع لا أقول ذلك من باب المبالغة، لأني أعلم يقيناً أهمية أدب الطفل في التوجيه والبناء والإرشاد، وقد لا تكون النتائج سريعة ولا واسعة، ولكن وكما يقال فإن إضاءة شمعة واحدة أفضل من أن ألعن الظلام.
عموماً؛ فإن كل ما كتبت تركز على بناء الإنسان الصغير، وما خرج عن ذلك هو استثناء، أما النظر بنوع ما أعمل فهو من الوظائف التي هي مصدر للرزق، وحتى أتمكن من هذا الرزق من متابعة الطريق بالكتابة.
وقد كتبت لجميع المراحل، من الروضة حتى الثانوي، وهناك قصص كانت عبارة عن قصة قصيرة، لكني طورتها وأضفت عليها بعض التفاصيل والأحداث والمواقف حتى أصبحت قصصاً طويلة، ومنها رواية (عناقيد الكرز) التي كانت بدايتها قصة (الأميرة كهرمان)، ومثلها أيضاً رواية (البوسطة)، ففيها مجموعة من القصص التي كتبتها متفرقة، منها مجموعة (عندما) المكونة من نحو ثماني قصص متوسطة الطول، تمثل قصصاً حقيقية حدثت معي في طفولتي، منها: (عندما أدخلت البقرة إلى البيت)، و(عندما رفعت علم بلاي)، و(عندما سافر أبي)، و(عندما حصلت على أول سيارة)، و(عندما مات أخي)، و(عندما وضعت النعجة بالسيارة).. وغيرها من القصص، علما أن بعض أحداث هذه القصص الطفولية حدثت عندما كنا نعيش الحياة القروية في قرية (لالا) البقاعية اللبنانية، بعيداً عن العاصمة، حيث مسقط رأس جدتي لأمي، وربما هذه الطفولة التي نمت بين التلال والوديان والجبال والسهول، وبين الطبيعة الساحرة حيث كنا نقضي شهور الصيف في القرية، اختزنت في ذاكرتي أحلام الطفولة وأحداثها وتفاصيلها، وتجلت في الشباب قصصاً طفولية كانت تسعدني، على أمل أن تكون هي أيضاً سبباً لإسعاد الأطفال الأعزاء.
ومن جانبي فإن أكثر القصص التي كتبها تمثل جزءاً مهماً بارزاً من مؤلفاتي، رواية (منير.. الأبيض لا يليق بكم)، هذه الرواية التي طبعت كثيراً، وفي كثير من المدن والعواصم العربية، من الكويت إلى الجزائر إلى عمان وبيروت والشارقة ودمشق، فهي ضمت مرحلة صعبة جداً من حياتي، كتبتها عن تجربة شخصية مع ولدي (منير) رحمه الله، عن رحلة طويلة مع المرض امتدت شهوراً عدة، قضى منها سبعة شهور في المستشفى، أردت أن أجسد تلك المرحلة في هذه الرواية التي حازت على إعجاب وتقدير النقاد والباحثين والقراء، حتى قال بعضهم عنها: إنها أعظم الروايات الإنسانية التي قرأها.
وكتبت جريدة الإنباء الكويتي بتاريخ 13 – 4 – 2016: ضمن فعالياته المميزة احتفل ملتقى المحروسة الأدبي بإطلاق وتوقيع رواية (منير.. الأبيض لا يليق بكم) للأديب والروائي الزميل د. طارق البكري، بحضور السفير اللبناني ماهر الخير وسفير النوايا الحسنة للسلام بالأمم المتحدة الحاج حسان حوحو وعدد من أعضاء الجالية وأركان السفارة اللبنانية، حيث قدم الاحتفالية الشاعر عبدالله صبري. ويتحدى البكري في روايته الجديدة واقع القراءة المستجد، يستهدف من خلالها اليافعين من منطلق الإيمان بأهمية توفير ثقافة بناءة وهادفة لأجيال المستقبل. وبدأت الاحتفالية بكلمة المحامية ليلى الراشد التي أشادت بدور البكري في إثراء الواقع الثقافي العربي والمكتبة العربية بعشرات الكتب للأطفال وعدد من القصص والروايات.
وأضافت الراشد أن الرواية تعكس واقعا مؤلما في حياتنا من بعض أشخاص يمتهنون مهنة الطب ويسيئون إلى سمعتها وهم أقلية في مجتمعاتنا، مؤكدة أن الطب مهنة إنسانية وجدت لمساعدة البشر وللأخذ بأيديهم ليعيشوا بلا آلام ولا أنات، لكن أن تتحول إلى مصدر للأحزان والدموع، وأن تفقدنا أغلى الناس عندنا وتحرمنا منهم إلى الأبد نتيجة إهمال أو خطأ طبي فهنا تنحرف المهنة عن أهدافها السامية، وهذا ما عبرت عنها الرواية والتي تعد رسالة سامية إلى كل المجتمعات في كل أنحاء العالم، فهذه الرواية وإن كانت تحاكي الواقع المرير الذي نعيشه راجية أن تكون هذه الرواية سببا لإعادة الطب إلى مساره الصحيح.
من جانبه قال رئيس ملتقى المحروسة الأدبي الشاعر أشرف ناجي أن البكري كان يقول عن نفسه في معترك الأزمة التي كانت تمر به بسبب مرض فلذة كبدة منير (أنا أب بقلب أم). بدوره قال حوحو نقدر جهده الفكري وإبداعه في كل مجالات الكتابة ونستهل هذا اللقاء لنبارك له على هذا الإصدار الرائع وروايته الجديدة منير التي تفتح آفاقاً جديدة نحو الكتابات الإنسانية.
فيما قدم الناقد د. مصطفى عطية قراءة في الرواية معتبراً أنها من أعظم الروايات الإنسانية التي قرأها، وهي نوع من الكتابة يجعله في مصاف العالمية، فرقي الفكرة وجمالها وروعة الأسلوب وبساطته، كل هذا يضاف إلى الرواية، مشيرا إلى نماذج حية وواقعية مما تعكسه تلك الرواية في واقعنا الذي نعيشه، مبيناً أن جميع الإسقاطات التي استخدمها الدكتور البكري في روايته هي انعكاس لهذا الواقع ولا تنفصل عنه، داعياً كل الشباب والحضور إلى قراءة هذه الرواية لأنها بحق جديرة بالقراءة.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى