عامر سلمان - رجل من بلاد ألف ليلة وليلة.. قصة قصيرة

كان محنيا قامته مطئطئاً راسه فوق حفرة ترمى فيها القمامة وكافة الفضلات الاسنة القادمة من البيوت المجاورة وغير المجاورة وكذلك علب صفيح المشروبات الغازية وهياكل لعب الاطفال بعد استهلاكها يحمل كيس التبضع العفن اليومي الذي يضعه قربه على شفا الحفرة المكتظة بالفضلات تراه منشغلا يوميا في جوف القمامة يحمل في يده اليمنى قضيبا معدنيا ينبش فيه القمامة ليجد ضالته ورزقه المعتاد عليه منها، يلتقط ما تشمه الكلاب والقطط والجرذان هدية الدهر بالمجان اليه،غير آبه بكل المحاذير الصحية ومن جميع الامراض التي يتعرض لها الانسان فتصيب الجسد فتنتزع منه السلامة والعافية، فبؤسه كان مناعة اقوى من المرض وانسانيته فلم يعد يفكر في الزمن وسويعاته وايامه وسنينه، ومن المفارقات المحزنة كان اسمه (غني) يحيا تحت درجات الفقر، نحيف البنية، ذو لحية بيضاء كان طيب القلب بان التعب عليه في خطواته البطيئة على الارض لا يهمه شيا في الدنيا لا ذهبا ولا نحاسا خالي من الطمع تماما يعيش في حي فقير مرهق مجاور منطقة شعبية فقيرة يسكن في غرفة من صفيح الزيت المعباة بالاتربة بدل الطابوق والاسمنت، شحذت طاقتي الفكرية علي اجد حلا لهذا (الكهل) الذي جاوز الستين من عمره، فلم اجد حلا وعزفت لان المعذبين من امثاله قد بلغوا الذروة افتراشا للارض بلا هوادة، لشدة العوز والحرمان والظلم، والعديد من هؤلاء متزوج ولديه اطفال يعانون معه، في انتزاع رمق العيش من الحفر الوسخة، على الاقل مهنة ارفع درجة من (الجدية) التي لها طابور من الفقراء لا يستهان به، سالت العم (غني) لماذا تقول ، وما هو السر في قولك النفط خطر على الغير وخير عليك فاجاب متبسما لان سراقه سيشوون به في نار جهنم وسيثيبنا الله على صبرنا، وقال لا يفرق الله بين عبيده وخلفائه في الارض الا من حيث الظالم والمظلوم، ولكنا سعداء جميعا لو لا الظالمين بفضل الله ورحمته ولا تنسى وساخة القمامة انظف واطهر من الظالمون، والامر غدا محسوم بقضاء الله للفقراء الاخيار، لا ينسى فضله الا الظالمين والطاغون الذين تستحوذ على نفوسهم وضمائرهم شرور الفراعنة والقياصرة والجبابرة وخونة الاوطان.



عامر سلمان – بغداد

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى