قصة ايروتيكة قصة إيروتيكية : بكر حمّادي - طفولة أيروسية

في برَّاكة عمّي بَراكة

فُتحت البوّابـة القصبيّة ببطء، وخرج عمّي بَراكة مائلا يقدّم جذعه الأيسر من جسمه، ضيّق كرشه المنتفخة ليتسنّى له النّفاذ والخروج بسهولة، ثمّ صرخ في وجوهنا يطالب بتسوية الصّفوف والتزام الصّمت.

كان متفانيا في مهامه كرائد جيش، يوصينا بالتحشدّ تحت شجرة «التُّــغـزاز» المجاورة لمنزله مباشرة بعد ساعة الإفطار، نجلس وعمود الكهرباء منطفئ، عيوننا مشتعلة كفـوانيس نحاسية تتلألأ، تتطاير كـيراعات مضيئة في الفضاء، أي حماس ثوريّ زرعه فينا عمّي براكة !؟

كلّ يوم من رمضان نلملم «الآلفــات والدّوميلات» لنظفَـر بليلة حميمية في بيته، نرتدي قشاشيبنا وعرّاقياتنا لنوهم آباءنا بذهابنا مبكرّا إلى المساجد، كنّا نسبغ وضوءنا في منازلنا ونتعطرّ بالمسك، نسبّح جهرًا في الطريق لنلفت أنظار الكبار إلينا، ولمّا تقلّ الحركة ننعطف سريعا تجاه منزل البركات حيث المكان الوحيد الذي تعرضُ فيه الأفلام الإباحية.

كان عمّي براكة يشغلّ لنا كولكشن من الفيديوهات القصيرة المتنوّعة، يحمل في يده عصًا طويلة يجول بيننا كمعلّم صارم، لايتجاوز مبادئه بتاتا، يُخفض من صوت التلفاز احتراما لدروس الإمام قبل العشاء، ويحرص جيدًا على مراقبتنا، فإن هو رأى أحدنا يضع يده على ذكره لاستشعار اللّذة، طرده خارجا واصفا إيّـاه بقليل الأدب.
كانت أعمارنا تترواح بين التاسعة والعاشرة تقريبا، اكتشفنا ذلك العالم الأنثويّ الخفيّ مبكرّا. نعيد إسقاطَ المشاهد الخليعة في اليوم الموالي على زميلات المدرسة، كلّ واحد منّا يحددّ طلباته للعمّ براكة على حسب معشوقته في القسم، وبصراحة كان يترك لنا حرية التعبير في ذلك، ومن نقودنا يشتري أشرطة فيديو جديدة.

كانت تدرس معنا فتاة تدعى «أم الفضل» نمـا لها صدرها قبل رَبَّـاعية فمها، تحدّق فينا بغضب كلّما تهامزنا عليها. تستفسر عن سرّ همسنا المريب، فنجيب أننّا رأيناها ليلا في مكان ما، تستغرب ذلك بشدّة مبررّة عدم خروجها من البيت قبل صلاة المغرب.

وسعتنا بركة عمي براكة في تثقفنا جنسيًا منذ الصّغر، بقينا عل هذه الحال طيلة شهر رمضان وليلة «العيد الصغير» و«بين لَـعياد» حتى اكتشفَ أمرُنا وأغلقت مصالح الأمن برّاكة عمي بركة وانتهى الحلـم فجأة ولكـن.. هيـــهات!

السّاسلية .. المزار الغامض

وصلتنا معلومات تفيد عن تواجد مكان آخر أكثر أمانا وأكثر واقعية عن بيت براكة، اتفقنا جميعا على التوجّه إلى مرقد السّاسليـة قدّس الله سرّها.. ذهبتُ مع «سرعوفة» من أقراني نحو الولية الصالحة السّاسلية، مرورًا بمقبرة سيدي بن هيبة، سيقاننا سالت دمـًا حين ركضنا بجانب الأشواك و«الحُـرّيق»، كنا نرتدي «شورطات» موّحدة اللّون، انطلقنا بالـزّيّ نفسه كأننا فريق كرة قدم متكامل الدّفاع والهجوم، نسير بثبات نحو الهدف، قفزنا فوق قواديس الصّرف الصّحي بمهارة، لطالما سمعنا تحذيرات أمهاتنا من السّقوط داخل إحدى البالوعات، وبالفعل في تلك المغامرة سقط واحد منا فيها فانطلى جسده بمخلّفات أهل القرية ومخلّفاته، عاد أدراجه يبكي متخيّلا طرق التّعذيب التي سيتعرّض لها من طرف والده، أكملنا نحن مسيرنا فخسارة جنديّ لا تعني خسارة المعركة.

كان الجوّ ربيعيا مشمسا ممّا جعل النّسوة والشّابات يفدن إلى مزارهن المفضلّ، حيث تُقام مهرجانات التعرّي التي لم يشهدها العالم بأسره.

السّاسلية ولية صالحة أحرقتها صاعقة رعدية حين لمع خيط اللّويـز في رقبتها، الجميع يحترمها ويقدّسها لدرجة أنهم يزعمون أنها تطفئ الرصاص والحروب، يشهدون أن الاستعمار لم يقدر على إطلاق رصاصة تجاهها وتجاه بني عرشها، كذلك في العشرية السّوداء أحبطت الوليّـة الصالحة كمينا إرهابيا وأسكتت قنبلة تقليدية كانت ستريب القرية عن أكملها.. كلّ هذا وهي قد ماتت منذ قرن ونصف القرن!

على العموم، انتصرت السّاسلية في إخماد لهيب الموت فهل ستنجح في إخماد نيراننا و شهواتنا؟ كنا نسترق السّمع في مجالس النسوة، وتأكّدنا أن للسّاسلية حكمة وقدرة على حلّ مشاكل العاقرات، ماعليهن فقط إلا أن يعلّقن ملابسهن الداخلية في المقام ويقمن بـحكّ أعضائهن بالّتراب والحجر المنتشر حوله.
السّاسلية – واللّه يقوّي الحرم – هي إله الإخصاب عندنا، يفد إليها الحجيج من كل فجّ، يزيدون سنة وراء سنة.

رافقنا من هو أكبر منّا سنّا وأكثر منّا خبرة، أوصانا أن نعسكر وراء السّدرة العظيمة لنشاهد تفاصيل حقيقية أوفرَ صدقا و بركة مما يحصل داخل برّاكة عمّي براكة.

ما هي إلا لحظات حتى لمحنا فتاة تتبعها عجوز حدباء الظهر، أظّنها صديقة قديمة للمرحومة السّاسلية أو تكون قد عايشت مرحلتها على الأقل.
السّدرة مقابل باب المقام، زاوية النّظر مريحة ومناسبة للتأملّ والتدبرّ، رفعت الفتاة تنّـورتها بحذر والخلخال يتمايل في قدمها ارتجافا وخوفًا، الأمر أقرب للعار والخطيئة، ترددّت قليلا فرفعت العجوز عنها ما تحجبّ ورفعت عنّا نحن حجاب البصر، فجأة صرخ أحدنا دون وعي : «آه يا ڨلـيع أبّـا»..!

كُشف أمرنا وبدأت العجوز تولول وتقنبل كلاما نابيا أجبرنا على التقهقر والتراجع.

عدنا بخفيّ حنين بسبب رعونة صديقنا وتهوّره، سلكنا طريقا آخر في اتجاه القرية، مررنا على مياه الصّرف وسقطنا جميعا هذه المرة، فاض «البوخرارب» كنهر النّيل فوقنا، لا ندري حتى الآن هل هي لعنة السّاسلية أم لعنة العجوز الحدباء، أم هي لعنة صديقنا الذي جُلِـد ولم تقترف عينه إثم الزّنا.

الرّڨاصة والشيوخ

بعد أيام من التفكير بهمّنا والتّكفير لبعضنا، كل واحد منا كان يحملّ الآخر مسؤولية الوقوع في هذا الإدمان المبكرّ، أصبح المحظور شغلنا وشغفنا، كلّ الأشياء نراها بيضوية، متموّجة، نشكلّ النهود والأرداف في السّحاب وفي الزخارف.. أيّة باريدوليـا هذه التي سرقت منا صوابنا ؟!

بالطبشور نصوّر أعضاءنا التناسلية في حائط الجار اللّئيم انتقاما منه على تقطيع المئات من الكرّات التي نلعب بها في الحيّ..

أيّة ساديّة تلك التي جعلتنا نتفنّن في الرّسم لأول مرة في حياتنا ؟!

ذات صباح، سمعنا أن زفافا سيُقام في أحد الأحياء الخالية، سينشطّه الشيخ التينتو والرڨـاصة فافـا، اسمها الفني «فافا» تصغيرا لاسم فتيحة أمّا هو فـلقبّ بالتينتو لعشقه للخمرة الحمراء.

الرڨاصة صيغة مبالغة لراقصة، وهي التي لا تتوقف عن الرّقص حتى تتوقف روافد المال والتبراح، سمعنا أن فافا هي أصغر الرڨاصات عمرا، والأكثر بينهن طلبا، والأجمل وجها وحضورا، والأتمّ قامة وقدّا، والأشهر شبقا وخبثا، والأمهر رقصا وهزّا، هي الفهيمة التي تجيد نظم الشّعر الملحون وتحترف اصطياد العقول، الفتيلة التي تشعل الشّجار الدّامي واليد التي تدق طبول الحرب تحت أقدام الرجال.
بعد العشاء انطلقت السّهرة فتقدّم الشّيخ التينتو بميكروفونه وقال:

«حيّيلي النّاس الحاضرين وحيّيلي مولاي السلطان.. الناس الزينين العاقلين اللّي يحصولها ويعرفولها.. ماراناش ناس زفّافة.. والصّوف تنباع ظرافـة.. هادي من عند اختكم فافا.. رانا سهرانين حتى القلوب تتصافا»..

رددّ الجميع وراءه: «صافية لبن يالتّينتو»..

كان هذا الخطاب الملقى من عند الشيخ التّينتو تهدئة للنّفوس العطشى، وبذرا لأزهار المودّة والتراحم، لكن هيهات!.. فعيون الذئاب جليّة تلمع وراء المصابيح الخافتة، والأنياب كُشّرت قبل أوانها، سمعت أحدهم همس في أذن صاحبه:

«شفته!.. جا لبلاد القرودة وبغا يقردّ»..

توسّطت فافا الحلقة، حيث سُلّطت عليها المصابيح الكاشفة، بثوب قصير يرفرف كراية الاستقلال، استقلال شعب عانى ويلات الكبت واحتملَ العُقد الجنسية بأنواعها، حزام مذّهب يطوّق خصرها الأسطوريّ ولثام فوق عصبة الأنف يظهر عينيها الكبيرتين فقط، حينها استوعبتُ العلاقة الترابطية بين عين المرأة وعين الفنجان.

اخترنا أنا وشلّتي مكانا تحت الكراسي البلاستيكية التي خصّصت لأغنياء القرية دون صعاليكها الجالسين فوق «المادري»، تلك الأسماء الرنّانة التي تشتهر بحكايا التبراح الفاحش فوق صدور ومؤخرات الرّاقصات، أردنا أن نظفَر بـموقع استراتيجي بجانبهم لاستعادة أمجادنا الضائعة.

اقتربت فافا من رجل خمسينيّ لا يسعه كرسيّه، نفث في وجهها دخان سيجارته وقذف من فوقها مالاً كثيرًا، اقتربت منه تسحَره بحركاتها وتلولبها، كلّما رفع سقف تبريحته رفعت هي سقف ثوبها وارتفع بدوره سقف السّيروتونين بداخل أجسامنا.

اشترط أن تصاحبه إلى مخدعه مقابل المبلغ الذي تريد واقترح أن تكمل إحدى المسّنات العجائز بقيّة السّهرة، ممّا أدى إلى سخط الجميع وتكالبهم عليه، تعالت الأصوات والشتائم، وأُرسل فجأة أوّل كرسيّ في الهواء معلنا عن «دبزة» طاحنة تكهنّ بها الشيخ التينتو وافتقدتها القرية من سنين.

أين إنت يالسّاسلية لتخمد نار الفتنة.
هربنا من ذاك الجحيم الذي كاد يودي بنا تحت حوافرهم، ركضنا يومها ولا زلنا نركض باحثين عن مشهد إيروسيّ ينتهي بسلام.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى