زيد الفقيه - رأس خارج القانون.. قصة قصيرة

هذا رأسي الذي اصطفيته لنفسي ذات مرة. إنه يؤلمني. يوخز ألمه في أوردتي، يحجب عينيَّ عن نور الشمس، يثيرُ في جمجمتي الزوابع. يلكز بسفَّود ألمه ذاكرتي ليفرغها من كلِ الصور التي التقطتها عيناي طوال سنين عمري.

لِمَ يفعل ذلك؟ لا أدري.

آهٍ من رأسي إنه يحكم قبضته على عنقي لا يترك لي حرية الالتفات يميناً، أو يساراً، أو النظر إلى الأعلى أو الأسفل. إنه يحاول الإطاحة بجسدي الذي يحمله على كتفيه، وجسدي يحاول التخلص منه لأنه لم يعد صالحاً لهذا الكيان العصري المتطلع.

رأسي ظلّ كما هو منذ تعرّفت عليه وقد وُضِعَ فوق جسدي، لم يتغير لم يستجب للتغير البشري الذي أوجبه القرن الحادي والعشرون. إنه يزيد من بث الآلام في نفسي وفي جسدي، فيشحذ فيَّ الإصرار على الإطاحة به! وتخليص كتفيَّ من حمله الثقيل، كانت تسوِّل لي نفسي أن أبتره عن عنقي خلسة وأخلص من زوابعه المؤلمة التي يثيرها في دماغي، كان يبادلني نفس الشعور اكتشفتُ ذلك حين (فززت) من النوم وقد أطبق بألمه على خناقي؛ لكني رأيت أن هذه الطريقة غير مجدية للطرفين. فاقترحت على رأسي المعطوب: أن نتوافق ونتصالح على أن يكفَّ عني ألمه الشديد، في نفس الوقت أنزله منزلة حسنة تليق برأسِ ظل متعايشاً معي طوال (…) عام.

لكنه ـ كما يبدوـ مصرٌّ على بقائه فوق هذا الجسد المحطم، وأفعاله تدل على أنه ينوي تحطيمه أكثر ومن ثمَّ فالقرار بيده! إن أراد أن أرفعه عن كتفيَّ بكفي الأيسر.. وأرفع له قبعتي بكفي الأيمن.


زيد الفقيه

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى