عمر عبدالله - المتشطر.. قصة قصيرة

تمر بالمجتمعات المختلفة عبّر ودروس احيانا يستفاد منها واحيانا لا. احيانا تكون قاسية وماحقة واحيانا تكون هينة ولينة ولكن المجتمعات ، عادة ما تحتاج منه لعقود كي تعي المغزى منها.الشخوص العادية او النمطية تتفاعل وتنتج كيمياء مختلفة الالوان والمذاق. وتصبح قضايا القيّم والاخلاق والحس الوطني والفهم السليم محك تظهر فيه وتبين معادن الناس . عندما وقف امام المرآة نظر الى شعره الأسود وقرّب عينيه نحو المرآة ليبحث عن أي شعره بيضاء منفلته لم تغمرها الصبغة عالية الجودة. اطمأن الى حسن هندامه وبخ قليلا من العطر الذي يدخره لهذه المناسبات.... كان في الماضي يتميز بخلق ونقاء ولكن الآن ماذا حدث؟ هل تغير الى الافضل او الى الأسوأ؟؟ هذا السؤال لن يجيب عليه الآن؟! فهو لا يريد ان يهتم باي شئ في هذا الوقت... ظل لزمان دائم الاكتراث، بيد أنه في الاونة الاخيرة اصبح يحسب من نوعية الناس التى يهمها تنغيص حياة الناس. كان يوهم نفسه بأنه شخصية بارزة لها اسهاماتها في مجالات العمل العام.... ولكن هذا الطريق طويل ويحتاج لصبر ونفس...

بعيد قدومه لمدينة لندن في غفلة من الزمان... كان يظن انه قطع اكثر من نصف الطريق لتحقيق احلامه... وكيف لا ولندن لا يعيش فيها إلا الناس المهمين والناس الشطّار!!؟ .... عند قدومه كان يظن أن الصغير يمكن ان يكون كبيرا .... فكل شئ جائز مثل ما يحدث في أي مكان وأي زمان....

فجأة تبدلت الأشياء ...واظلم النهار وتلبدت السماء بغيوم الاحن ....فقد ظهر الغول ...خبيث الحديث... قليل المعروف كثير الضحك يفرض نفسه على الكبير والصغير. فهوالقارئ للمستقبل.... وهو الذي يفجعك بالقدر..... وهو الذي لا يعرف كيف ينزله لطفا وسلاما عليك....

إذا اصابك مكروه كان هو الناظر بغضب في كل الاتجاهات.. وإذا اعطيته ظهرك فرّق البسمات يمنة ويسرة.... وإذا عانقتك الأفراح كان هو المستاء من قدومها لك لأن فرحه كان هو الأبهى و الأسبق...

تزداد عزلته بنسجه لخيوط التآمر للغرماء.... ففي جولاته المكوكية بين علي ومعاوية يقنع عليا بقبول التحكيم ويحث معاوية على الضرب بصوارم الهند....!!

لم يفاجأ الكثيرون عندما كان يوزع بطاقات الدعوة لحضور اجتماع فرع حزب المحافظين بمدينة لندن... لم يقنع إلا حفنة من بطانته عندما اخبرهم بامكانيات الحزب المهولة.....

في حديثه مع سكرتير الفرع اخبره بانه سوف يضمن له اصوات الجالية السودانية ولكنه يريد بعض المال لزوم القيام ببعض الدراسات والاتصالات. وعندما سئل لماذا لم تفاتح سكرتير الفرعية برغبتك في الترشيح لمنصب عمدة لندن؟

قال متهكما عمدة!!.....ثم مستطردا، الزول لو داير يشوت احسن يشوت بعيد...

قال له صديقه اللدود أيمن ...( لو سرقت اسرق جمل).!....

كان تردده على بيوت الافراح والاتراح قد اصبح سمة بارزة صبغت حياته بسلبيات ما زالت تتردد في المجالس . لم تكن تهمه اقوال الناس .... فهو يعرف ان هناك من يحتاجه ويحتاج خدماته خاصة شذاذ الافاق والبسطاء من الناس... .هؤلاء هم صيده الثمين وايضا هم يحتاجونه لمهاراته في تجميل وتشذيب الرخيص و الغث.

كان انيقا يحسن اختيارملابسه الانيقة دائما. فقد كانت من أدوات الشغل الأساسية التى لا تخر المويه ... اما الباقي فقد كان يتمو خنق ساكت....

كما كان يقول دائما.

محمود صديقه تحصل على درجة الدكتوراة فلم يعجبه ذلك... ظل يردد بين الناس بعد أن نهشت الغيرة قلبه... دكتوراة ايه الجاي يقول عليها الزول ده. والله عشنا وشفنا لحم الراس والكوجين والبتاع...

انتو طبعا بتعرفو انو اي معلومات الزول بحتاج ليها ممكن يلقاها في النت... وبعدين شيل ياقطيع وشيل يارقيع ويا لصيق.. يحدي ما يبقى ليك موضوع مكرّب واكتب العنوان البعجبك... بعد داك قشه ما تعتر ليك ..بالله ده كلام ده!!.. بالله اسع انا كان جرّيت لي زول ساكت من ملجة الله أكبر.. ما بكتب احسن من كده!!.....المدهش انه يشاهد كثيرا في منزل محمود يشكو له من قلة الفئران في بيته!!؟ وزوج صديقه محمود تقوم برمي الودع له لجلب البخت وطرد الشّر وتشوف ليه الجلا ده جاي من وين!!؟؟ ..

واما عن سيرة الناس فهذا موضوعه الأثير...

اسع بالله هو قايل نفسو شنو طالع بكتاب ونازل بكتاب.. اها يا ربي بكون ماركيز. والله ماركيز ذاتو ما مضيقا كده...

يا اخي بالله قوم كده ولا كده....

والمره دي زوجها جادعا بيهنا لمتين؟؟!

اها ...طلقوها ولا لسا في حبلو!!؟

وبالله شوف الراجل ده مبشتن كيف؟؟..

اسا لو جاب مرتو واتلما ما كان احسن ليو من البهدله دي؟؟...

والاولاد ديل ما عندهم وليّ؟؟...

اهلهم جادعنهم بهنا وهم في الخليج بهناك مرطبين ما جايبين خبر..

ما عارفينهم بكوجنو في شنو بجاي..

اما عن النساء فهو يتعامل معهن بلؤم وخبث.... ولا يؤمن بحقوقهن في دخيلة نفسه ولكنه لا يجرؤ على الجهر بذلك! .. ولكن لسان حاله دائما يفضحه..لذلك انتشرت كلمة سرّ وسطهن ترصد مكان تواجده في تجمعات الافراح والمناسبات المختلفة...

اوعا المتشطر يكون موجود يا وصال ؟!.

والله كنتا عاوزة اجي حفلة التكريم لكن خايفة اجي القا المتشطر قاعد منجعص ينحسّا علينا....
إشارة الى المتشطر. فقد اصبح يطلق عليه هذا اللقب.

فترد حياة: الراجل ده متخلف ولا شنو؟.... شفتي بالله بعاين كيف للنسوان؟؟! والله انا لو كلمت ليه زوجي بياكلو نئ عديل كده........بس نسوي شنو!!!

اصبح المتشطر هادم ملذات المجتمع . خميرة عكننة.... كل شخص يريد أن يفرّ بجلده منه فرارالسليم من الأجرب .

وصاحبنا ضارب طناش...وسادر في غيه وما أن يلتقيك وإلا فتح معك موضوعا ظانا ان هذا الموضوع مثيرا لك فهو يتخيرها.. ويعرف اهتمامات كل شخص..

ولن تفلت منه البتة.. حتى إذا هنك حمار الوادي ذاتو..

اما إذا استلف منك مبلغا من المال فعليك العوض ولحس الدموع وتوحيد الدائم!!.

في يوم من الأيام قدم شخصا جديدا الى المدينة .. تبدو عليه آثار النعم والصلاح..صاحبنا ظنه صيدا ثمينا.... تقرّب منه.. اصبح ظله و دليله...

اخبره الزائر الجديد بانه يريد شراء مضادات حيوية للوطن....

هنا سال لعاب صاحبنا . و شغل هذا الأمر عليه حياته....

ففي اليوم الثاني احضر له دراسات واسعار مختلفة لهذه الأدوية من عدة دول معظمها من دول شرق اوربا والهند والصين ..ثم ابدى استعداده للمساهمة في هذا العمل الجليل حتى لو استدعى السفر..وترك مسؤولياته الجسام الى حين!!...

اخطره الضيف بعد دراسة العروض المقدمة ان معه خطابات ضمان من عدة بنوك سودانية.. قام بتقديمها له وعرضها امامه..

فرح صاحبنا فرحا شديدا . واخبر الضيف بسرعة البدء في هذا الأمر ... وعدم التردد الذي سوف يؤدي الى ارتفاع الأسعار ..

هنا اخبر الضيف صاحبنا بان اتمام هذه الصفقه سوف يعود لهما بربح كثير يمكن ان يتضاعف ويصبح شريكه اذا دفع قسطا من التمويل...

اجاب صاحبنا بلهفة ولكن كيف؟؟؟

هنا اشار عليه الضيف بالمساهمة باي مبلغ من المال في هذا المشروع.... ثمّ ما عليه الأ بتوريد امواله في مصرف الخل الوفي بالهند او في مصرف عيني باردة في الصين!!

لم يرهق صاحبنا كثيرا نفسه بالتفكير، فقد تذكر ان له شقه وسط البلد يمكنه رهنها لبنك باركليز ومن ثم يجني منها الكثير..اخبر الضيف بان المشكله حلت وعليهم الاسراع في هذا العمل.. .

اتفق الطرفان على تفضيل الشركات الصينية لسعرها الممتاز والعلاقات الحميمة بين الدولتين وسرعة انهاء الإجراءات المتعلقة بالمشروع .. وكيف لا والصين تستثمر عشرة مليار دولار في قطاع البترول فقط في الوطن ناهيك عن القطاعات الأخرى!!....

في صباح اليوم التالي كان صاحبنا قد رهن شقته واحضر الخطاب من البنك المعني وقدمه الى الضيف....

واحتفالا بهذه المناسبة اقام الضيف دعوة عشاء فاخرة في فندق الهلتون الذي يقع في ضاحية كنسجتون الراقية لشريكه الجديد ووعده بتعريفه بالجماعة هناك!!؟

وبعد أن تبادلا العناوين وارقام الهواتف ودع الضيف صاحبنا في نهاية الحفل بعد ان وقعا عقد الشراكة واخبر الضيف شريكه الجديد بانه مسافر لمقابلة شقيقته المريضة في اللكسمبرج وسيعود في اليوم التالي...

غابت شمس يومه ذاك ثم مرّ اليوم الثاني واليوم العاشر وصاحبنا ما زال ينتظر الضيف...





إنتهت



عمر عبد الله

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى