محبوبة عطية خليفة

كنت أجلس بمواجهة جمال لا يقارن بشيء ولا بأي جمال تعرفونه، كانت ممددةً بغنج وبها بعض انتفاخ، وجهها كسته حمرة وكأنه تعرض للفحة لهب فبدت كخد جميلة وقد تلون بحياءٍ فشعَّ حُسنها… الخطوط المُحَدِدَة لملمسها واضحة ولا تفسير لها سوى مزيد الإغراء. وسيرتها في هذا المجال لا تخفى على أحد فلا صنعة لها إلا...
تسللن بعد أن ودّعنَ الرجل وحفيدته شاكرات الصحبة والصدفة، وغادرن بهدوء. قالت لرفيقتها وهي تمسح دمعاً قد جرى من مقلتيها حباً وقلقاً وشوق: سبحان الله نهرب من طاريها* فنجده عند (شايب)* يجلس بجوارنا في كنيسة في لا (بلاكا) في أثينا في اليونان… ما إن أكملت كلمة شايب حتى انتبهت لخطوات لاهثة ومناداة صوت...
أيام طبرق1941 وضعت (عويشة) آلامها جانباً وأقفلت أبواب قلبها مؤقتاً، وتناست أو ادّعت تناسي (حَمَدّ) وجمعت صبايا العائلات المعروفة -أصحاب الحقاف*- لتجهيز بعضها لاستقبال العائلات القادمة من طبرق تقول عويشة: نحن في الخوف وفي المشقة واحد نقتسم ما نملك معهم حتى تنجلي هذه الغمة. هذا صباح مختلف على...
صباحاتها الرومانية لها طعم الكورنيتو* ورائحة الاكسبريسّو ومذاق الحياة المتجدُّد والمختلف والمبهر في معظم أحواله... تخرج مشرقةً، تشبه شمس روما وهي ترسل خيوطها الأولى على تلالها السبع الحاضنة لسيدة المدن، الرفيعة الشأن، الموغلة في التاريخ، القديمة أحيانا، وإبنة يومها في كل حين… تدفع أمامها عربة...
بغداد ذات ربيع نام الصبي عفياً ولطيفاً وبهي القسمات وكان منامه هادئاً كعادته لولا هذا الإصرار على أن يمسك بيدي طوال فترة نومه فيتجمد بدني على وضع واحد لاأغيره حتى لا ينزعج فيحترق قلبي. غير أن تلك الليلة كانت اليد التي تحضن قلبي ساخنة فانتبهتُ ومسستُ الجبين الوضّاء فاذا بلفح اللهب وإذا بي أقفز...
كان صباحاً بغدادياً بحالات طقسه الغريبة في ذلك الوقت من السنة وكنا بمنتصف اكتوبر حيث يتبدل فجأة من طقس قاسٍ شديد الحرارة الى طقس بارد بل شديد البرودة. كنت اتأمل منظر الحديقة وقد اكتسى عشبها بغطاءٍ شفاف من الزجاج، هكذا بدا لي المكان. كنت اتأمل مذهولة، ظل البدن واقفا هناك، بينما القلب يتجول في...
كنت أتأمل المكان وأعجب كيف يسكنونَه. كنت أراه بعين طفلة، كلما وقفتُ في تلك البياتسا الصغيرة (الميدان) أتوجه بوجهي مباشرة لهذا الجبل المرتفع المأهول يسمونه (باطن بو منصور)، تسكن في بعض مناطقه المنخفضة عائلات من المدينة وبينهم بعض مدرساتٍ لنا ولاعب كرة شهير وبعض أفراد فرقة موسيقية من الرجال، التي...
وقف الصبي في منتصف الزقاق ليحدِّد مجال رؤيته جيداً وليتأكد ويعود ليخبرها بما رأى. كان النهار ساكناً لا ريح فيه، وكان الوقت شتاءً. شتاء هذا العام يشبه خريفه، مزن خلَّب وسحاب ركامي بلا مطر وسماء في معظم الوقت صافية زرقاء، والراية ساكنة تلتف حول العصاة القصيرة في خمولٍ ودعة لا تشي بشيء. ‎هذا الحال...
لم يفتح الباب بمفتاحه كما تعود أهل بيته، طرقه طرقاً ضعيفاً بيدٍ واهنة وجسد خذل صاحبه. اسرعت إبنته لتفتح بقلبٍ متوجس حذر ، راقبت من العين السحريةوأدركت أن أمراً غير طبيعي يحدث. إنه والدها سريع الحركة قوي البنية،يدخل هذه المرة مجرجراً قدميه ويجلس على أول كرسي يصادفه في صالة البيت المقابلة للمطبخ...
تفتح الباب الرئيسي المطلُّ على الحديقة الخارجية لـ (بارتو) 50* وتدخل الممر الفاصل بين الغرف المفتوحة والمليئة بالزائرات.. تُسمِعُ متعمدةً صوت خشخشة مفاتيحها وكأنها طبول حرب توشكُ أن تندلع!! ثم تتابع بحركةٍ تعرفها أغلب المترددات على المكان، فترفع يدها لتصل إلى زجاج الإضاءة في الجزء الأعلى من...

هذا الملف

نصوص
25
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى