أبو يوسف طه

لما أخلي سبيلي توجهت الى مقهى الكتبية، طالعت بعض الصحف، واستمتعت بسماع أغاني أم كلثوم . كان النادل كعادته يوزع الطلبات في انحناءة وابتسامة معهودين. شربت فنجان القهوة ودخنت بضع سجاير ثم انصرفت الى المنزل على بعد خطوات. فوجيء ابراهيم الذي كان مستلقيا على السرير بعودتي . قام وضمني الى صدره بقوة ثم...
في المنزل الصغير/ الدويرة/ برأس درب سيدي مسعود ولدت، والدي وقتئذ ينتصب أمام فوهة الفرن الحامية، ملتقطا من الألواح المقرص، والباريزيان المستطول المعدمن لدن العجانين، يحشو الفرن الملتهب ، ويخرج خبزا في لون الذهب. تعاونت جدتي زهرة وزوجة عمي على التوليد . كنا عائلة صغيرة... والداي وعمي وزوجته...
يداوم حٓمٌٓادة رفقة أصدقائه الجلوس في " البحراني" المجرى المائي الذي يتناوب القرويون علي سقي أراضيهم منه ، كان المكان مناسبا للمحادثة والسمر لكونه معشوشبا على الدوام ، تظلله أغصان شجرة صفصاف ضخمة ، ويشرف على ساحة كبيرة يتوسطها بئر يُستسقي منه للشرب وسد مختلف حاجيات الأهالي ، وتعد أسعد اللحظات...
دسّ الحمار الرماديّ أنفه تحت منبت ذيل الأتان ورفع رأسه في انتشاء؛ فتح منخريه، نهق نهيقا متواصلا ثم ضرط تباعا مما أجفل طفلي ذي الخمس سنوات، وكان على دنوّ منه فجرى هاربا ليتعثر ويسقط و يصرخ. أنذاك كانت بقعة دم صغيرة على خده مثل حبّة كرز تهرأت فوق كويرة قشدة، هرعت نحوه فأمسكت بيده، كان مرتعبا جدا...
اعتدت حين مروري نحو سكناي بالبادية أن أصادف راعيا نحيلا قاعدا على ضفة ساقية ، وأغنامه ترعى في مجراها ، لاحظت أنه يلمحني بعينيه الكبيرتين كعيني البقرة ثم يغضي سريعا ، بذرت رؤيته الغريبة الشك في نفسي ، وحدث أن وجدته مرة يطل من حافة السور على الداخل ، ثم سار ليجلس بجوار شجرة سدر ضخمة ، ذهبت إلى...
نمت ممددا على ظهري، بدأ سرب من أشخاص أعرفهم محمولا في سحابة رمادية باهتة في شفافية البخار، حين تدنو من فوقي يميل منها شخص لايبدو منه إلا وجهه ، فمه مفتوح وعيناه مغمضتان ثم يتبدد فيخلفه شخص آخر، ينتهي المشهد بأن أراني طافيا فوقي شخص آخر. أستيقظ فزعا كآخر الموتى . حدث هذا في الليلة الأولى التي...
آثرت سها الانزواء السالب عن الحياة ،تظل ساهمة لاتكلم أحدا .بدأت تلك الفتاة الدائمة المسرة التي تشع كالبدر وسط قريناتها، وتفوح عطرا ، تخبو وتذبل ، حينما تسير في الشارع ، تسير موقعة الخطو ، تجب ما حولها كأن العالم خلق من أجلها، تأسر بيفاعتها وحيويتها النظرات الولهى المتوسلة .كان كل ناظر يمني النفس...

هذا الملف

نصوص
38
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى