حيدر عاشور

كانت يتيمةَ الأبوين، تعيش في كنف عمِّها وزوجته، صغيرةً تقترب من ربيعها الخامس عشر، قرّر أنْ يتقدم إلى خِطبتها وفي أعماقه تموجُ مشاعرُ إحسانٍ ورأفةٍ إزاءَ هذه الفتاة الصغيرة في عالمٍ لم يعد يتحمل أحدٌ أحدًا إذا ما غاب الأبوان، ومما شجّعه على اتخاذ هذا القرار بعد عزوبيةٍ اقتربت من الأربعين،...
الشائع لدى قراء الشعر ومتذوقيه كشف المهيمنات الاسلوبية، والبحث عن البصمات الجمالية لأسلوبهِ الخاص ضمن مبدأ التنوع الصوري في قصائد أي الشاعر. وقصائد فراس الاسدي.. (يا لك منْ مُستفز أبيضْ) تتحرك اسلوبياً على أكثر من منطقة شعرية كونها تنتقد الهم الوطني، وتتحدد بالحسّي، والتعبيري، والرؤيوي...
طوالَ الليل لم يتركوني أنام. هو يفرغ فيّ كل تعب النهار، والأطفال من حولي نصف يقظين أو يدعون النوم.. أرفع رأسي خِفيةً، أحدق بعينين حذرتين، وقلبي متألم غير دارٍ لتعاسته، منتظرة ساعة انتهاء نشوته المثابرة غير -الشبعية-.. متلهفة، مستلبة الإرادة. أصغي إلى لهاثهِ، لكل قلقه، أشمّ رائحة الخمر.. أعرف أية...
لم تكنْ طفلة شقيّة، ولا تُشبِهُ الأطفالَ في هوسِ التخريبِ واصطناعِ المُشاغباتِ والحيَلِ على كِبارِ السنِّ. بل علّمَها فقدانُها المُبكِّرُ لوالدِها الانطواءَ على نفسِها، فهيَ لم ترَ من هذه الدُنيا غيرَ وجهِها البريء المُمتلئ بالحِرمان، ولم تعرفْ في الحياةِ غيرَ الوحدةِ والدموع. كانتْ تشعرُ أنّها...
المفرح في أن تجدّ ابداعاً يستحق القراءة، رغم هذا الكم الهائل من الاصدارات. والمأساة في أن تصغي وتضع الشمع على أذنيك، وتلبس نظارة سوداء حول الاخوانيات، والمصالح التي تقتضي ان ترفع الغث، وتترك السمين.. على الرغم مما احرزه المثقف –الشاب- العراقي من تقدم هائل في حقول مختلفة، خاصة بالنسبة للعلاقات...
لم يكنْ في تاريخِ حياتِها ما يُلفِتُ النظر، ولا هيَ من حَمَلةِ الشهاداتِ العُليا، ولا شيءَ يدلُّ على أنّها ستعيشُ غيرَ المُدةِ التي حدّدها الأطباء. وما زالتْ تملكُ ذلكَ السحرَ في جمالِها ومنطقِها الجذّاب، وبراعةَ أساتذةٍ في الإقناعِ لكُلِّ من يعرفها. مرضُها الخطيرُ قد أصابَها بعدَ ولادةِ طفلِها...
لم أكن محظوظاً، فمازلت – حتى الآن- أندهش، استغرب من تصرفاتها. موقف أتفق معها، فالحياة غالية وكورونا قاتلة في التلامس والتنفس. ازددت اقتناعاً، من خلال اصابتي بالفايروس، بفكرةِ أن كل من ما حولي في حالة خوف من الاصابةِ. كافحت طويلاً ضد الشعور بالاشمئزاز، واقتنعت أنني جرثومة خطرة على الجميع. وها أنا...
راودتها الأفكار والأوهام وهي مستلقية على ظهرها شبه عارية محلقة في سقف غرفتها المتصدع من رطوبة الشتاء الذي نخره تماما كجسدها الذي هاجرته اللذة الحقيقية منذ أن تركها وحيدة تعاني الم الفراغ وسط هذه الجدران الآيلة للسقوط بأي لحظة، نفثت أخر نفس من سيكارتها بحسرة ووجع، وهي تتابع صعود الدخان من فوقها...
كرسَ ما تبقى من عمرهِ كي يمحو الماضي، ويزيل من ذاكرته اسماءٌ قبيحة ويحتفظ بآخرى. لم يكن كاتبا ابدً، ولم يدع أنه ناجحا في مسيرته مطلقاً. لكن حروف كلماته كانت تشكل رؤية خاصة به يفتقدها الكثيرون، ويتحسسها أصحاب الذوق الرفيع. يصدم احياناً من سخرية من يحبهم ويعدهم اصدقائهِ حين يعتبرونه ضعيفاً ولا...
صوتُ أمِّها أجملُ أرثٍ بقي لها يُحيط بها كالهواء. بقيت وحدها تصارع الحياة، بلا جرأة ولا خبرة، بعد أنْ غادرت أمُّها إلى مليكها المقتدر. البطولةُ الجميلةُ التي قدّمتها، قد تكون ساذجةً، لكنّها تشعر أنّها حققت رسالةً ستفتخر بها عند من لا يضيع عنده عمل عامل. فكيف إذا كانت خدمتها لمن كانت الجنة تحت...
سياق قراءة أي مجلة يبدأ المتلقي المتذوق في التصفح السريع أو قراءة عناوين من خلال الفهرست .. للبحث عن غايته التذوقية كي يمتع بصيرته وينور عقليته بالجديد الذي تطرحه المجلة من أسماء متخصصة في تصنيفها الأدبي والثقافي،ولكن حين أمسكت بيدي العدد الخامس من مجلة (المسرح الحسيني ) التي تصدر عن شعبة النشر...
صوتٌ يصرخ من داخلي، سمعته مرات عديدة كأنه يحتويني يحاصرني يضرب طوقا من الاسلاك الشائكة حول قلبي اليافع. لم أعد اسمع غير صوته يناديني اينما أصوب نظراتي، وملامحه تطاردني تدور في راسي تشبعه انينا. كنت اشعر بغموض انه قريب ويراني رغم بُعد المسافات. ابحرت في الخيال ودفنت راسي بين صفحات الكتاب ابحث عن...
كتب الكثير عن مجموعة ( سقوف) للشاعر هادي الناصر، بأساليب اجرائية في تحليل النصوص ، لم تكن ذات نظرة نقدية واضحة عما يروم قوله الناصر في مجموعته الاخيرة ، وهذه النظرة السطحية في القراءة النقدية لم تطبق القوانين العامة للشعر ولغز شفرات المفردة ، ومعاصرة حدثها او تطابقها عما غيرها من المفردات التي...
اتسعتْ لها اخيلته وتصوراته، وانبرى اليها بكل حذر وتوأدة ، وتسمرت حدقتا عينيه في تحديقها، تحدوها رغبة جامحة في معرفتها وتفحصها، وما عليه الا أن يكون حذرا حتى يتخلص من الاحراج الذي وقع فيه وهو غارق في تخيلاته، بعد ان سحبته من بين اصدقائه وامسكت يده بقصد وتعمد لتقرأ له المستقبل من خلال باطن كفه...
خذ قرارك وافتح الباب، قد تجد بعدها ما تريد ان تعرفهُ، وربما تجد صديقا صادقا او قرين طريق يطفئ لهيب النار في قلبك... أنتبه لا تقترب أكثر هناك ظلمة تتكتك، تطفئ نور انسانيتك، لا تجني منها سوى الريحُ الصفراء تتحسسها ولا يمكن ان تلمسها، تعذبك ببطء وتضحك في وجهك، ولكن في وسعك ان تسمع صفيرها احيانا،...

هذا الملف

نصوص
87
آخر تحديث
أعلى