عبدالكريم هداد

نبي يحمل صليبه والمذبح في غزة أعده القياصرة عالم قبيح جداً سقطت ألوان أخلاقه المتبرجة في هذا الخريف كأوراقِ الشجرة سقطت ورقة ورقة وهو يتفرجُ مباشرة على الهواء كأية مباراة للرهان الأطفال يقتلون أمام بيوت الله في باحات المدارس عند شباك المخبز الوحيد أمام مدخل طواريء المشفى وقرب طاولة...
كل سنيني -وسلك الهاتف– امتدت من وطني لآخر ميناء في أرض الله حينها... تمنيتٌ الروحَ ظرفَ بريد ينفتح عند بيتنا المفقود خبزا قبلات وهدايا طفولة. وحدهُ صوتُ أمي جاءني من البعيد نثرَ الأثيرَ حنيناً طهرني... وارتعشتُ بومضة قصيدة تلكَّأً الفرح حزنا وهفهفات السعف وشوشت لحنا عراقياً... يا نخل السماوة...
في ما مضى أناس ماتوا... وأوراقهم مزورة قلة شربوا قهوة العزاء. موتى لم يحققوا َأحلام الصبا انتظروا كل العمر ورحلوا بهدوء وبكل هدوء أنتظر وأوراقي... قلة سيقرأونَ سورةَ الفاتحة. 23-9-1993
فجأة استيقظ من نوم الوجع كان ثقيلاً كالحديد الصدئ في ورشة قديمة تمنى طلاء برطوبة الطين، زيتاً لم يخطُ على هتافاتٍ خرفَة ذلك الكذب الذي نبتَ على عيون حالمة ومازال الكذبُ يكذبُ صدقاً. فجأة استيقظ... فسرقَ طفولة الماء للحدائق العامة ولأوراق الشعر ضحكةَ ثوب العروس وثمّة أشياء يخفيها... طرقَ...
أيها الربُّ متى أعلن ُ نبوءتيِ في سواد الكوفة؟ وأنا المتوضِّئ بملح ِ الضوءِ ومؤتمن على أسرار الزهر... والبحرِ... و... أيها العاشقون هذا يومي..! أيتها الشمعة المختبئة في خثرة الدم اشربي حزنَ النهرِ ودمعة الغريب يا ظمئي المنحني على طاولة ِ الشعر... فج َّ الجرح ُ مسامات الفخار وعبقت شفة اللحن بورد...
في ما مضى أناس ماتوا... وأوراقهم مزورة قلة شربوا قهوة العزاء. موتى لم يحققوا َأحالم الصبا انتظروا كل العمر ورحلوا بهدوء وبكل هدوء أنتظر وأوراقي... قلة سيقرأونَ سورةَ الفاتحة. 23-9-1993
هذا الباب أمامي مغلق لكن شيئا–يشبه الضوء– يهربٌ بضيق من فتحات هاجرتها المسامير حاولت بأصابعي مسّه لم أجد ذراعي حاولتٌ بشفتي لثمهٌ كان اللسان حجريا حاولت الخطى... هربت قدماي حاولت الزحفَ...ِ اندلقت أحشاء البطن والصدر حاولت بعيني... انغلقَ الظلام وشوشت للروح أبَت... أن تتركني وهذا الباب المغلق...
وحدَكَ كالبحرِ تبقى تنتظرُ الأنهارَ على حافاتِ جزيرةِ نائية. وحدَكَ كطينِ الساقية الغافي بطعمِ الرشاد وأشواكِ أزهارِ الربيع الماضي. وحدَك كغُبارِ القمر في ازدحامِ الظلِ الأسود. وحدَكَ كالشراع الأزرق البعيد في لجة الصبر انتظاراً. وحدَكَ كقميص العشقِ مثقلاً بالنسيان ورائحةِ الشمعِ المنطفيء...
الغصنُ ارتشف ظلالَ الطير الذي هاجر الطفلةُ تركتْ لعبتَها في الجادةِ أمام الباب إختبأتْ الضفائرُ ونحور الصبايا، أكهلتها الأردية القاتمة حتى العشبُ، تنحى عن حديقته غيمة بيضاء كان الرصيفُ وصورةُ الرمل تخطو هشّةً تحت القدمين سماءٌ تهبطُ من دونِ شمسٍ بيضاء والزجاجُ يلتصقُ سارقاً نطفةَ الدفءِ لم...
شذرةُ خاتمِ أمي بقايا وشمٍ سومري من مجرةِ الإخضرار لم أجدْهُ حينَ قَبَّلْتُ يدَها بعدَ مفازةِ غياب وخيبات ها هو زمني لا يتنفسُ النهار والندى خوف في عُتمةِ الذبول دونَكَ التيه حتى آخرَ ما تراه خيطُ أفقٍ هو ذلك لا يرتقُ سرابَ الرؤيا وإنْ منحكَ الفلاسفةُ جميعَ دفاترِهم ما منْ مُستطاعٍ...
توصلتُ عبر البريد هذا الصباح بهدية ثمينة من صديقي الشاعر العراقي الراقي عبدالكريم هدّاد المقيم بالسويد، كانت جواهر ولآلئ مبثوتة في مجموعة من دواوين الشعر، وبساطا مزركشاً بكلمات مضيئة يمتد من بلاد الثلجَ إلى أرض الشمس والواحات. بعيدا هناك حيث تنحني الأرض على الفراغ الأبيض البارد، يفتح الشاعر...
مازالَ يتساقطُ على شكلِ بكاء...! لم يبقَ شيء من ذلك الجدار لأقفَ عندهُ... وليس من شيءٍ يستحَق، أنْ أمدحَ منْ هم بين قوسين "..... " أقولها هنا بتهكمٍ كبير..! ربما هو تشبيهٌ لغوي مجرد لكني أستعيرهُ للضرورةِ كما يخطر في مخيلتي الآن دون أن يفقد بيانَ مصداقيتهِ على أقل تقدير وأن لا تنتهي صلاحيتهُ...
لم ادخل قفصاً ذهبي بل خبأتني في قلبها الطيبِ العذبِ ما أسعدني.. ما أجملني.. ما أروعني.. فمن عثرةٍ في منفاي تمد لي يدها، وتنهض بي كأني أمتلك الكون حينها وبوجودها هي السماء مطر، لأزهار تُرَبي ما أبهجَ بَوْحي من غير تَكَلُّمٍ هي الفيض ومن نبعِها قصائدي هي في كتبي أريج الهوى وجنتي حيثما أنتِ صلاة...
بين عينيكِ خيطُ نعاسٍ وحنينٌ ونبؤة ووجدي همسُ مطرٍ ينقرُ عذوبَتهِ على غفوةِ غابةِ الصفصاف في حضنِ صلاةِ صيفٍ يأتي لاهباً.. أرفعُ كأساً يفيضُ منهُ عطشي في نهاراتِ المدينة وأوشحُ قلبي بنمنماتِ ظلِ أناملكِ الناعِمات وهي تعزفُ أغنيتي الصافية على مقامِ الحجاز وأنا أنثرُ مواقيتٓ...
لَسْتُ عابراً لهذهِ البلاد... كما عَبرَها الأمويون بغنائمِهم من قبل... كانتْ بعيدَة عن طرقِ التوابلِ القادمَة من البصرَة لم يسجلْها التاريخُ في دفاترِهِ... عَبرُوها حاملينَ بقايا السيوفَ الدمشقيَة صقلَتْها معاركُ قبائلَ الغنيمَة عَباءاتُ الريح صهيلُ خيلٍ متعبَة على مَشارفِ خلافةٍ أرهقَها عِطرُ...

هذا الملف

نصوص
17
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى