موسى شعيب - غزل الكادحين

مـن ورود الروض فـي الأسحـار فرعـاء نديَّه
من ذيول السحب في الإصـبـاح بـيضـاء نقـيَّهْ
من رؤى عينين لم تعرف - عدا الرؤيا - خطيّه
من فؤادي من سهـادي، مـن ظنـونـي القـرويّه
حلوتي موهوبة العيـنـيـن مـن دنـيـا شهـيّه
ألف حـب وتحـيـه لك يـا أحـلى صـبـــــيّه
إن فـي عـيـنـيك للأحـلام واحـاتٍ قصـــيّه
فيهـمـا قـد جـمع الرحـمـن أحـلام الـبريّه
آه لـو كشّفت فـي عـيـنـيك أسـرارا خـفـيّه
آه لـو ضمّ هـوى عـيـنـيك أطمـاعـي الفتـيّه
لقتلـتُ الشكَّ، أخرست سؤالاتـي الغبـــــيّه
لـو عبرتُ الـدرب لـو حطمت أسـوارا عتــيّه
أنا يا حسناء من هذي الـمـلايـيـن الشّقـيّه
لا تقـولـي ابن مـن أنـت، ومــن أي هُويّه؟
أنـا زادي حـبِّيَ الطفل وروحـي الشـاعــريّه
أنـا لا أمـلك قصرًا وضـيـاعًا يـا صـبــيّه
بحكـايـات عـن «الشـاعـر والـبنـت الثريّه»
جَعبتـي مـلأى بآلاف الأسـاطـير، غنــــيّه
هـي مـا دنسهـا لـحنٌ فتبـدو أجنـبـــــيّه
عـربـيُّ أنـا، والكِلْمَةُ عـندي يَعـرُبـــــيّه
وضمـيري ابن شعب جـاء للفقـر ضحـــــــيّه
إنها بنتُ ضمـيري الـبكر لـيست بـالـبـغـيّه
ويشـيل الطنّ مـن أجل لقـيـمــــــات زريّه
عـاش يستجـدي الـحذاءات وكـم كـانـت وفـيّه
والجباه الشـامخـات السمـر والنفس الأبـيّه
إخوتي العمال أصحاب الزنـود العـنـتـريّة
غزلـتهـا جـدتـي والخـيـط والآه الشجــيّه
فكرتي بنـتُ الجـراحـات استلاذت بـالـتقـيّه
كل يـومٍ يـقتل الـحـرمـانُ فـيـهـا عبقـريّه
والدي الفلاح أوهن المعول الحر يديه
و الهجير البكر القى وهجه في مقلتيه
كان يعطي الحب مغموسا بحبات فؤاده
كان يعطي النوم للسيد من ليل سهاده
أرضه السمراء روّاها بما جاد جبينه
و غذاها عرق منه شكاواه أنينه
ظل يدحو الصخر حتى مثله جفت يمينه
والدي الفلاح اوهن المعول الحرّ يديه
و الهجير البكر القى وهجه في مقلتيه
أرضه جادت على الدنيا و ما جادت عليه
أنا يا حسناء من هاذي الجراحات السخية
أنا يا حسناء من هذي المآسي الوقعية
أنا في عينيك ألقى بسمة الفجر النقية
أنا في خديك ألقى طلعة الصبح البهية
فاذا دربي ما كانت بعينيك سوية
وأساءت يدي الشوهاء تقديم الهدية
فلأني بعد فلاح أمانيا غبية
لم أزل فظا بليد الذوق مثقال التحية
بسمتي تخنقها العبرة لا تبدو جلية
غزلي يصبغه الفقر بلون الهمجية
والدي بالذل أوصاني وقد خنت الوصية
عذرا مولاتي .. فما أكثر ما تجني الرعية

موسى شعيب

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى