نصيف الناصري - انتشار الشائعة في ظهيرة المتحفّزين

1

تلحق هورمونات البلوغ ضرراً فادحاً بذرّيتنا، وتشعرها بالاهانة
في انتظامها لممارسة العادة السرّية. الانفعال والخصومة للمحرّم
يعيقان القفزة الجنسية ويخرجان الشاب والشابّة عن طورهما، ولا
يسعنا في محاكاتهما لأنفسنا أن نفصل الفن عن الشُعل الكاملة
للغريزة. كلا الجنسين يتعاطفان فيزيقياً في سنوات محنتهما تحت
الفرن الحامي للرغبة، والفعل المماثل لكليهما ينتج عنه تدمير الشهامة
في المستقبل. تخفي الطبيعة مشاقاً كثيرة عن المراهقين، لكنّها تمكّنهم
من تنحيتهم للأعباء في قذفهم المتكرّر للحجارة على فضيلة القناعة.

2

يعانون من شظف عيشهم بين حقول أرضهم التي تفيض عسلاً
وزيتاً، ويندبون حظوظهم في سرقة أسيادهم لخبزهم وعافيتهم.
والأكثر جموحاً في تذمّره، يشارك الموتى صمتهم وأمالتهم ندى
الفطائس على ليلهم. سطوات فظيعة يجترحها السادة الطغام
ويدخلون الروع على الشعوب المتدلية في هاوية بؤسها، والدين
لا يراعي في تحالفه مع السلطة، البشرية الفقيرة وهي تموت في
ذروة صلاتها الى الآلهة. أثرياء نهب يدفعون احساسنا الى عدم
اللحاق بالوفرة التي تمنحها الشجرة للجائع والمتشظّي في ظلمة
نهاره. تعداد دائم للكوارث نقوم فيه في كلّ حينٍ، وأسيادنا الذين
جاءوا من زمن السفاح، يضاعفون علينا مصائبهم البلاغية،
وينمّقون قرابتهم الى الله.

3

ميتة معاكسة لما أردناه، ذهبت بالزمن الذي انتصب بأنقاضه فوق
جسور حلمنا بأرض أكثر شغفاً بالوئام، لكنّ الذين فوّضناهم السهر
على صوامع غلالنا وأمننا الشخصي، هيّجوا الفتن القديمة وهيمنوا
على الغنائم التي نسيها أسلافنا في تصدّعاتهم وهم يتقاتلون فيما بينهم
في كلّ عصر وواقعة. انتشار الشائعة في ظهيرة المتحفّزين. إلحاق
الأذى ورمي السهام على أكواخ العبادة. خلط الإيمان بخراء السياسة.
فجائع متتالية في زمننا الأعمى وتفلت من كلّ التعازيم.

4

يكلّفنا ترحابنا في الضيف وشكرانه على قدومه الينا وتحمّله لأخطار
الرحلة، خسراننا لغدق كثير من ما ينفجر في النجوم. نفرش له فوق
الشجرة الشابة التي تزوّجت للتوّ، والتي نخفي فيها بخورنا لآلهتنا،
ونجنّبه الهزّات المؤلمة في الحلم. الرغبة في أذية طرائدنا التي نعدها
لاطعامه، والقوارير المخطّطة والمشبوهة للخمور التي نهرقها على
شرفه في الليل، أشياء ضروريه لاعلامه بحسن نيّتنا في مصاهرته،
ولا نأسى على الحثالة التي تنصاع لزمر البخلاء والمنحطّين وهم
يضمرون غير ما يعلنون في ضخامة حوض اقتصادهم ووضاعتهم
الاجتماعية. الكلام الهامشي والعائم في فهاهته بحضور الشخص الغريب
والنبيل، يحطّم القيّم التي آمنا بها ونحن نترنّح في العيش الأمثل للجمال
الانساني.

5

نقصّر أو نتزلّف في ارضاعنا للصبية النحلة في عملنا بالمناجم والحقول،
لكنّنا لا نستنكف من مواساة المرضعة التي تنغصّ علينا معيشتنا بين الأطلال
المفعمة بالظلمة، ومحونا في المساء لما يتجافى مع أغاضتنا لخصومنا، يحبّب
الينا أولئك الذين أنطنا لهم مهمة الطيران فوق قبور الذين أسرناهم في العام الذي
ولّى. الحاجة الى تخمير النبيذ وتغطيته برأفة، وتقديمه الى أضيافنا في ليل
زفافنا وجنائزنا، رياء يحرّرنا من البخل والطمع في مناصفتنا للموتى إرثهم.

6

تتنامى بين أمثالهم عصبية مقيتة وخُيلاء، وفي حشرهم لأنفسهم
فيما لا يعنيهم، يخضعون للغازي وينعتقون من ارومتهم، والتماسهم
للعفو في نكوصهم صوب سفالتهم، يفرغهم من تراجيديا ذوبانهم في
المعاصي. شعوب أخرى تعانق الأسلحة النجمية للعالم، ولا ترضح
للمتجبّرين والطغاة والذين يشاركون العطّار نصيبه من الخسارة.
درب الميت طويل وينقصه الرضاب الأزرق للثمرة، لكنّه في دمجه
لماضيه بفحش قبره، يلحق بالأسر النبيلة ويجد له زوجة نحلة.

7

أعددنا خططاً أخرى لأسر حمامهم الزاجل بالبراري،
ولتخليص نجومنا من التضارب فيما بينها، أحضرنا
ذبائح لآلهتنا التي تنام على جنوبها في الظهيرة ولا
تجهد نفسها في دفع العون الى الهالكين. تجسّسهم علينا
في نفخهم لطيورهم واطلاقها صوب مراصدنا ونقاط
الحراسة، يسهب في تقريب جنائزنا الى نهاية الطريق،
ونحن لا نريد لمن يحتضر في أول شبابه، أن يضخّم
منيته ويطري ساعة موته. في البقية من العمر أشياء
سارّة، ونرغب بتوسيع الكوّة التي نحدّق فيها الى موتنا.

8

عصبة سوقية لا تُحتمل في فجورها وتعدّيها على الناس،
تستعرض نفسها في أحلامنا وتنهب ما نخفيه بين
الغُصينات الرطبة التي ننسج فيها لحظة استحمام الميت
وهو يتأهب لطمر بئره. إكرام المتغطّرس في لؤمه، فعل
محفوف بالمكاره، وتلزمنا الحصافة أن نتعظ مما يغيظنا
في الحاضر والماضي. صناديق نفيسة استبدلناها مع الذين
كمنوا لطرائدنا في المروج الكظيمة، ونالنا ندم عظيم في
خلعنا لأبواب الحيطة منهم ومن حيّلهم الملتحية بالأسرار.
يحتاج المتغطّي في كفنه تحت نير أنينه، الى تسليات والى
مواساة في وزنه لعبء حياته، ونحن تعوزنا الخبرة في ثقتنا
بأنفسنا. نخلع أقنعتنا ونقنعه في الرحيل بكلمات عادية.

9

يستمدّ كل شخص طاقته في لعقه لندى جرحه، من إيمانه
بميتته المحتومة، وكلّ مأرب في الحياة عدا الصداقة
الحميمة للأنقاض، رغبة منمقة تتناثر فوق المراكب المبحرة
الى الأرض الأمومية للصقيع. المتملّقون والذين يجاهرون
بالحادهم عند الملك والكاهن، نضفي عليهم أهمية عظيمة
وهم يخفّفون عنّا جهدنا الانساني في الافلات من الغاية التي
تغري بالانصياع الى الدكتاتوريين.



9 / 7 / 2013

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى