سنية صالح - شام أطلقي سراح الليل

خرجت تقود قطيعاً من اللعب
والأطفال العراة
إلى النوم
'ماريا، أرى أطفالاً يتضوَّرون
تريّثي
ها هو خبز الله
ولا تنسي
سيخرج القمر ليباركهم'
فيا له من قمر يبدد ليل الولادة
أيتها اللؤلؤة
نمتِ في جوفي عصوراً
استمعت إلى ضجيج الأحشاء
وهدير الدماء
حجبتك طويلاً.. طويلاً
ريثما يُنهي المحاربون العظماء حروبهم
والجلادون جَلدَ ضحاياهم
ريثما يأتي عصر من نور
فيخرج واحدنا من جوف الآخر
ها هُوَ حصانُكِ الثلجيُّ يطير
مجنوناً بنار المستقبل
تلمع عيناه ببريق الدهشة
شيءٌ ما يغريه في المضي
شيءٌ ما يمنعه ويشد لجامه
.. وعندما تحاصرك الرياح السوداء
يحاصرك الأولياء الشرسون
أَسرجي خيولك للفِرار
نامي في العراء
حيث نار الحقيقة تضطرم
حيث تقلُّبات الزمن، بخطواتها الخرساء
تذهب وتجيء
كنمر يلتقط الأرض بأقدامه المخملية
.. في الجسد تضع الروح بُيُوضَها
فيخرج أطفال شُقرٌ، زُرقُ العيون
يلعبون مع البحر
يبنون له قصوراً من الرمال،
ويُغرونه بالدخول
ولكنه أذكى من أن يُخدع
لماذا تركُضين وكأنكِ تطيرينَ
تتبعُكِ جدائُلكِ وذيلُ ثوبكِ؟
مهلاً
إنه يقترب
ذلك الملاك الذي تَسعَينَ جاهدةً لرؤيته
ولكن حذارِ من الفِرار معه
دعيني أرى
رائع
رائع
كدمية من القطن
ليس كأولئك الذين ينتظروننا في القبور
يغتالوننا بِرُمحِهِم الإِلهيّ، ويَفِرُّون
.. ماريا
إن قلبك يضرب بقوة
أَخفي صغارك في جوف الوسائد
أو في ثَقْبٍ دافئٍ من بيوت الطين
ماريا
لا تنسَي أن توصدي الزرائب
كي لا تُذعَرَ صِغارُ الماشِية
.. ما لكَ صامت أيها النهر
إرفع عقيرتك.. ليطرب صغاري
.. ماريا
منذ متى يحمل وجهُكِ كلَّ تلك الغُصونْ؟
منذ متى يجدُّ الخريف في أثرك؟
وتجدُّ الكلاب التي تعوي
والذئاب التي تنهش؟
.. ماريا الخجولة كان إسمها منذ سنين
مع الأيام صار شيئاً آخر
ربما شام
ماريا
لماذا تُخَبّئين اسمكِ الحقيقي؟
إنّ فيه بحاراً وأقماراً
إنّ فيه أفلاكاً لا تعرف الهدوء
ترفرفين بغدائرك الذهبية
بين قطيع من اللعب ذات الفراء
وهي تهز ذيولها الجميلة
وتعوي عواء مسلياً
من يستطيع أن يُلجِمَها؟
من يستطيع أن يُلجِمَ خيولك الزرقاء الشاردة بين الغيوم،
ويعيدها إلى زرائبها؟
إنها تبحث عن أبواب حقيقية
لتنطلق
خارج العال
يا صغيرتي
عيناك زرقاوان كاللانهاية
كالأبد
أيها الطائر الذهبيُّ
لمن تتركين ظلالك في المرايا
المرايا الموزعة في قُبّة الليل؟
وتنظر ماريا إلى البعيد
حيث يلهو خيال طفلة
عندما تنطلقين خارج ذراعيّ
أخشى أن يَفِرَّ بك الزمن
أو يَحني ظهرك الصغير
وأنت ترسمين خطوطه
وأن ترسمين خطوطه وتعرجاته
فترتفع سحابة الروح
ويعلق الجسد هناك
بين تلك القضبان الشرسة والمتشابكة.
ماريا
انهضي
إنها فرصتك كي تصرخي
سنية صالح

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى