محمد آدم - رحلة صيد السمك أو الفوضوي رجــل البنـك

الفوضوي
رجل البنك
الذي يقبض على قططه في المساء
ويجلس إلى شموعه السوداء
ليأكل لحم امرأته في النهار
هل يزيف ميزانيته
أم يضحك على الهواء وهو يمر من خلال أنبوبة ماصة
على الجدران ؟!
رجل البنك الذي يضبط النقود
متلبسة
وهى تمارس البغاء في بئر السلم
وفى الليل يعلق ملابسها الداخلية على الشرفات
وفى أعلى نقطة فوق السطوح
والعمارات
وذلك بدلا من علم الدولة الرسمي
وبعد أن يفرغ من كل ذلك تماما
يجلس إلى عادياته
وموداته
ليقرأ نهج البلاغة للإمام على
وشرح بن أبى الحديد
ورأس المال لكارل ماركس والفتوحات المكية
ومقاتل الطالبيين وألف ليلة وليلة
ورجوع الشيخ إلى صباه
الخ ..الخ
وعندما يخيفه النعاس أو تأخذه سنة من النوم
لا يجد ما يفعله أو يعوّل عليه
سوى أن يربط حذاءه
إلى رجل السرير
خشية أن يفقده في الصباح
وهو واقف على محطة الباص العمومية
في انتظار حافلة تقله إلى السماء السابعة !!
رجل البنك الفوضوي الذي يعرف أنه لا ينقصه الغرام
أو الميكروباص
لكي يؤسس لدورة رأس المال
وأثرها الحاسم في لعبة التاريخ
والجغرافيا
الفوضوي
ابن ماء السماء
الذي ينشر ميزانياته
ودفاتر حساباته على الأرصفة
والجدران
و فوق أسطح البيوت المتآكلة حتى لا تصيبها العتة
أو تأكلها الفئران
من فرط ما أعمل فيها مصباحه الذي يكاد زيته يضيء
ولو لم تمسسه النار
رجل البنك الفوضوي
الذي يولم لكتائب الغبار أمنياته
وملابساته التي لا تنتهي إلا عند حدود الرأسمالية المتوحشة
والأصولية الجديدة
وحروب الردة
وكتائب الرب المقدسة
وهى تدافع عن الإله الجديد
في إدارة الأصول
وتخلى الدولة عن دورها الحاسم
لصالح مجموع من الفئران الضالة
والكلاب المتوحشة التي تنام في مراحيض السلطة ليل نهار
فيما تبحث لنفسها عن موطئ قدم
تحت أحذية اليانكى
وأعلام البيت الأبيض
التي ترفرف دائما
على مؤخرة رؤساء العالم الثالث
وعملاء الCIA فيما العلوج الأمريكان يشعلون الحرائق المدوية
في قبة الإمام على
والأهواز
ومدينة الرشيد
ويستبدلون الكتاب المقدس
بوثيقة الدم
والفاصوليا
ما الذي يفعله الرجل البنك الفوضوي
سوى أن يجلس في ركن الغرفة ليعوى كالكلاب
والقطط
بينما العاهرة زوجته
تأخذ في تلوين فخذيها بالبطاطس واللفت
وكافة العملات الأجنبية
ثم تبدأ في التمرين اليومي على ضرب صورته التي تنام على أرضية الغرفة
ذات الرائحة الزنخةبالأحذية
والقباقيب لا لشيء
إلا لتتعلم كيف تمارس اليوجا
بعد أن فقدت الاتصال
الجنسي بالتاريخ
والجغرافيا
فيما تضع في سوتياناتها المزركشة
أوراق الدولار المزورة
وتمسح بها مراحيض السكك الحديدية
انتقاما من الحراس الجدد للهيكل
وعملاء ال CIA
وجنرالات أمريكا المتوحشة
اللبؤة
رجل البنك الفوضوي
الذي يضع التعاليم المقدسة
للسيد لاو تسو في كفة
والأصول والخصوم في كفة
ويغلق عليها في الخزينة المسلحة بالمفاتيح
خشية أن يسرقها اللصوص مع العملات الورقية
ولا يفرج عنها إلا بقسيمة الصادر
والوارد
بانتظار أن يفتح جنته الموعودة
لرجال الأعمال
والشركات متعددة الجنسية
على أن يصدر مرسوما إلهيا في نهاية الأمر
بطرد الفقراء والمعوزين من جنته الموعودة هذه
رجل البنك
ذو العوينات
الذي يضع المونوكل على طرف أنفة لكي ينظر إلى العالم
من خلال ماضيه الذي أكلته الصدقات
والتبرعات
ولا يبصر إلا تلك المخلوقات الرثة التي تسير في الشوارع الجانبية
كالأوبئة والأرانب المجففة وهى تفتش في صناديق الزبالة
عن لقمة سائغة أو وجبة دسمة من وجبات أبناء الذوات
اللصوص الجدد للوطن
والخونة
الجواسيس
رجل البنك الفوضوي
الذي يسكر في المساء على طاولة من قش وخيانات
ويحلم بنساء جويا الأسطوريات المختنقات
بالشهوة
و الزنوجة
و لا يضع في ثلاجاته الأمريكية الأتوماتك
إلا صورة أرنستو جيفارا أو موتسي تونج
وهو مسجى على طاولة من خشب و حنانات فيما يبك الدم من رئتيه كالخناجرِ
وحول فتحتي الأنف الرصاصيتين
حتى لا تقلقه الكوابيس
ولا يتسنى له النوم إلا بعد أن يتناول كأسين من الفودكا الملوثة بالأرغفة الجائعة
وحليب الأمهات
فيما يعيد تخطيط العالم بحيث يجعل الأعالي أسافل !
لمَ لا يحبس رجل البنك الفوضوي
كافة كوابيسه التي تطارده على العشاء في قفص من الحديد والرخام
ويلقى بها تحت أرجل المارة
وينزل بالمايوه والسوتيان لكي يمارس رياضة
العدو والسباحة فوق بحيرة من الأحلام الكرتونية
التي قنصها من القيمة المضافة للعدالة
والديون المعدومة
وأصحاب العملات المضروبة
وتجار المخدرات
وكافة غاسلي الأموال على مستوى العالم
لكي لا يصاب بعسر في الهضم
أو التبول اللاإرادي أو حتى
تطاله النوستالجيا
رجل البنك الفوضوي
الذي يضع النهار – أخيرا – في سلة جانبية على مائدة القمار
ويمسك بسكينه القوية
ثم يقطع رقبته قطعة قطعة
ولا يترك سوى بيوضه التي تتعفن كقطعة خردة
أو يعلقها على عمود نور في وسط الشارع
حتى لا يعود ذلك النهار قادرا على المواجهة
أو الصراع الطبقي
ولا يشير إليه إلا بسبابته التي تتآكل كقاتل
ولص
وسوف يقلب الليل في أول مقلب زبالة يصادفه
الليل ذلك المجهول ذو العتمة والقبعات
الذي يتهدده دائما بالكوابيس
والسجن
فيما يترك لرغباته الورقية التي تظهر وبضراوة على مؤخرة كارل ماركس
ومارتن لوثر كنج
والسيدة مريم المجدلية
وسوف يضع آلاف الدولارات المزيفة كذلك
بين شفتي رائعة ليوناردو دافنشى – الجيوكاندا –
حتى لا تعود تغمز له بعينيها اللعوبتين كمحترفة دعارة رسمية
ولكي يضع تلك الابتسامة اللعينة تحت حذائه وليبصق على العالم من بين سرواله
وشرفة مؤخرته
لمَ لا يجرب رجل البنك الفوضوي
أن يضع آلة عد النقود أمام سلفادور دالي والكتاب المقدس
وأن يضع المكنسة الكهربائية فوق رأس هيجل
والقديس بولس الرسول
ولمَ لا يجرب أن يصنع من النهر قطعة فلين تطفو
على سطح الذاكرة
ولمَ لا يجفف تلك الزهور الإصطناعية
التي تنبت على المائدة إلى جواره
ويجعل منها شوارع وأبنية تصلح لإيواء القطط الضالة
وأبناء الكلاب
بكافة فيروساتهم الملوثة بفقر الدم
و الغرغرينا
لمَ لا يقول إن هذه الحياة صندل
وأن الليل عدة مقاه
على قارعة البيمارستانات
أو جورب بثمانية أزواج
وسروال
هل له أن يقلق نفسه أخيرا بكل تلك الأكاذيب الملونة
عن العدل
والحرية
وتدخل الله الحاسم في التاريخ
لمَ لا يقول لنفسه وهو يربط حذاءه
أنا – هو – أنا
وكما قال الرب لموسى وهو يناوله التوراة
أهيه الذي أهيه
لمَ لا يجرب رجل البنك الفوضوي كذلك
أن يصنع من الكرسي آنية للزهور
ولم لا يجفف الشمس التي تتسلل إليه من فرج البيوت
تحت مخداته
وفى الليل يقف على الأرصفة المبللة بالخيبة ليبعها كتاجر خردة
أو يجعل منها امرأة تتبول على الرصيف
الفوضوي رجل البنك
الذي يرى أن العالم لا شيء سوف يزرر ياقة قميصه بعنكبوتات ضخمة
وسلاحف
وينزل إلى أرض الشارع ليبشر بحضارة
الأنقاض
و التآكلات
رجل البنك
الفوضوي
الذي يقبض على قططه في المساء
ويأكل لحم امرأته في النهار
وعندما تحين ساعته سوف يهتف
يا لها من نهاية تعسة
لمسرحية لا تريد أن تنتهي
وربما يعدّل من وضع العالم
ليضع الموت قدام الحياة
أو يصر الماء في صرة
وسوف يطلع إلى السماء السابعة في عربة من زجاج
وقش
وتجرها ثلاثة خيول
وحوذي أعمى
لا لشيء إلا ليزن الأرض عن بعد بقصبة من هواء
ويقيس المسافة ما بين المجرة والمجرة
بقلم رصاص
وعدة مكعبات من نشارة وفحم
ليكتشف في نهاية الأمر
أن السماء صندل
والليل جورب
بثمانية أرواح !!

محمد آدم

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى