حيدر عاشور - صوت منامي.. قصة قصيرة

أعلم أن هذا الصوت قريب مني يناديني ،وان هناك حدثا رهيبا ينتظرني ،هل بوعيّ التام أم بقايا سهرتي تنوح برأسي الكبير وتثقله وتجعل مسامعي تسمع أصواتا غرائبية تتشابك وتتلاحم وتؤثر على منامي وتقلق راحتي ،يمكن أن تكون أضغاث أحلام أو هستيريا الصحوة وانفكاك رأسي من نديمه الذي يرافقه طوال الليل ويفقد حواسه حتى يهنأ بنوم عميق لا جدال فيه ولا هوس ولا أحلام ترعب منكبيه ولا استذكار لما يمر عليه من حالات المرض والموت والحروق الصعبة نتيجة الانفجارات الدامية التي ابتليت بها (بغدادي) الجميلة ... إذن أنا نصف صاحٍ وعليّ أن اكتشف ذلك الصوت الذي دمر منامي رغم ثقل رأسي وما يحمله من هموم وأوجاع ..نهضت من فراشي بصعوبة ابحث عن أي بصيص للضوء .. غرفتي أشبه بقبر كبير خفت لأول مرة كان حولي ملائكة أو شياطين تدفعني نحو باب متلامس الأشياء بأناملي وأخطو كالأطفال حديثي المشي والظلام يجعلني أعمى تماما ويعتم عليّ كل الأشياء إلا صريخ القادم من وسط الدار ... لم اعتد الصحو مثل هذا الوقت ولا اعرف هكذا ظلام وكأنني بحلم أو في عالم أخر تذكرت قداحتي التي تحوي على مصباح صغير فرجعت خطوات الى مكان منامي وتلمست جانب رأسي وعثرت على ذلك المصباح الذي أنار الغرفة وهدم الظلام القاتل وقع بصري على زوجتي الحبيبة وهي في سابع نومها فخرجت من الغرفة باتجاه الصوت وبهتت عيني لمنظر رهيب,, قطة تولد وحول عنقها الحبل السري يكاد يقتلها وصغارها بدون وعي هرعت الى ماكينة الحلاقة وانتزعت منها (الموس) شفرتها وحرقتها بالنار وأخذت اقطع الحبال السرية من جميع القطط الصغار وأنقذت الأم التي استسلمت لعمليتي الجراحية دون صوت او ضرب أو عض وكانت النتيجة موت نصف القطط خنقا وأخذت القطة الأم تنظف المكان وتنقل قططها الميتة الى خارج الدار وانتظرت عودتها عسى أن تنقل الباقيات من القطط الإحياء ولكن طال انتظاري وأنا أشاهد هذه القطط تتداخل مع بعضها لتصبح شبيهة بكرة ملونة وبكيت بشدة وبكائي ليس له سبب وبدأت اصرخ واصرخ حتى أحسست بأنني أقع من مكان مرتفع انظر تحتي أرى بيتي يعلو ويتهدم وأنفاس ناس حولي تحاول إنقاذي وصوت زوجتي يناديني بجميع الكنى ففتحت عيني وأنا مغرق بالدموع وجسدي الثقيل مرمي الى جانب السرير وقد أرعبت زوجتي من صياحي وتدخل الجيران وكأنني احتضر وبكى أطفالي عليّ بشدة وحين انكشف عني حدث النوم ابتسمت وتأسفت ،فربت على أطفالي واحتضنتهم بشدة وصورة القطة علقت بذهني ونهضت وعيني بعين زوجتي التي تعرف آثار هذا الوجع اليومي الذي أخافه وينتقل الي كأضغاث أحلام ولكن هذه الليلة كان اشد من سابقتها ...

*حيدرعاشور
* قصة قصيرة من مجموعة (زَهَايْمَرات)

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى