لم أتوقع أن يعلن تمرد داخل سيارة تحتوي على أكثر من عشرين راكبا بذلك الصباح التموزي الذي توقفت السماء عن الحراك نهائيا ولا ذكر لنسمة هواء, الكل ينزٌّ عرقا وكأنهم في حمام لتخفيف الوزن (ساونا) ... الانتظار قاتل والسيطرة تتحكم بمرور السيارات بعنق زجاجة، ولا مجال لمرور سيارتين فتشكل السيارات علامة عشوائية باتجاه السيطرة... تتسابق كالسلحفاة من اجل المرور ... تذمرت تلك السيدة بتمرد أثار انتباه الجميع وهي تفتح باب السيارة وتنظر إلى الأمام والى الخلف وجدت طابورا من السيارات لا يعد ولا يحصى قال لها احدهم وهو رجل مسن نظيف الملبس: أين تذهبين ونحن على جسر سريع . جابته بسرعة والعصبية واضحة على محياها التي تتجاوز العقد الخمسين بوضوح .
- أين هو السريع لقد تحول الى سيطرة عسكرية لا تحل ولا تربط كل هدفها تأخير الموظفين وأصحاب الرزق اليومي عن وظائفهم وأعمالهم في هذا الصباح الجامد في كل شيء .
سادت لحظة صمت والسيدة تقف على حافة الباب تراقب السير حتى قال لها شاب في ربيع عمره .
- سيدتي تحملي قليلا ,اليوم غريب من أوله (سيطرات) في كل مكان أكيد تبحث عن مجرمين وإرهابيين لقد سمعت أن قتلة مأجورين قتلوا ضابطا مهما على هذا الجسر قبل هذا اليوم.
ارتبكت السيدة من قول هذا الشاب وصعدت فاغرة فاها وهي تنظر اليه بتعجب وأثار هذا الحديث راكبين يجلسان معا ودار حديث القتل والانتقام وكأنهما برلمانيان أو يعملان في دوائر حساسة فكان حديثهما نقطة تحول الركاب إليهم ،حين قال احدهم :
- نحن نعيش أزمة كبيرة وهو التخلف في كل مقاييسه ,وأصحاب السيطرة جهلاء لا يفقهون من العمل الأمني شيئا أنهم أرقام فقط في سجلات أسيادهم فالسيطرة تختلف مناطقيا حسب توجه تلك المنطقة وانتماءاتها الحزبية والكتلية وغيرها من التجمعات والتيارات التي تتنافس على قيادة البلاد فكلام هذا الشاب صحيح الاغتيالات بكاتم الصوت مشاعة الآن في كل مكان تستهدف الشرفاء الذين يخدمون البلاد بدون مقايضات مادية أو طمع في شهرة أو سلطة.
أجابه صاحبه:
- إذن نحن في خطر محتم مثلا هذه السيطرة التي تخنق مئات السيارات من المحتمل أن يخرج الآن علينا الإرهابي أو المأجور ويحدث ما يحدث.
السيدة بصوت مرتفع:
- يا ستار، يا ستار استر ؟!
أكمل ذلك الشخص حديثه :
- سيدتي الأقدار بيد من وجدها ولا حيلة لتغيير القدر إذا تحتم وقوعه .
جاء صوت من مؤخرة السيارة ليقول:
- نحن شعب غريب الأطوار ليس له هدف محدد يقبل بكل الأوضاع التي ترسم له .
وقال آخر:
- صحيح كلامك والدليل أكلنا أنواع الحنطة الفاسدة والسمراء وطحنت تلك الحكومة مختلف الحبوب واكلها الشعب وصبر وتحمل وجرع المر.
جاء صوت آخر يضحك باستهزاء:
- في ذلك النظام الفاشي كانت تعمل السيطرات لقتل علمائنا وشيوخنا وينسبونها الى قوى عظمى وألان هدفها عرقلة حركة السير وتأخير العاملين عن كسب رزقهم من اجل التمايز الطبقي الجديد ... عجيب بائع لبن عضو برلمان كنت يوميا اشرب منه كأسا من اللبن انتعش به من حرارة الصيف واليوم يشرب شعبٌ كؤوسا من الصبر وقوة التحمل.
تعالت أصوات الجالسين وهم يضحكون مما كسر جو التوتر في السيارة . وأردفت السيدة قائلة :
- لماذا لا نتعلم الشجاعة ،شعبنا يتظاهر أسبوعيا والحكومة صامتة لا تحرك ساكنا .. شعبنا يقتل دائما باسم شخص إرهابي مجهول ... شعبنا يقاسي الحرمان وحكومته تتنعم بثراء فاحش .. كل القادمين ينهشون بلحمه ...هذه سيطرة بسيطة ألا كان من الأجدر بنا أن ننزل ونهتف بوجوههم ونشجع باقي السيارات لتحرك ساكنا باسم الشعب ونطالب الحكومة أن تقوي جهازها الاستخباراتي وغيره لكشف القتلة دون سيطرات تقتل فينا العزم والإخلاص لخدمة بلدنا ... أنهم ينمون الإجرام في نفوس الضعفاء من الفقراء بهذه الأساليب غير المشروعة .
هنا تدخَّل سائق السيارة ليقول :
- كفى فلسفة ،نحن في قلب السيطرة... لا أريد مشاكل مع الحكومة .
المثير للجدل ان السيطرة عبارة عن صناديق وحجارة وإطارات سيارات وصفائح معدنية تعيق السير باتجاه فتحة صغيرة تشبه عنق الزجاجة يقف الى جانبها جندي يحمل موبايلا يتكلم به رافعا يده يلوح بسير السيارة التي تعجبه ويحاسب السيارة التي تبدي انزعاجها يرسلها الى جندي في جانب الطريق للتفتيش ... وعندما شاهد السائق يرفع صوته حتى لوَّح له على طريق التفتيش فقال الجندي وهو ينظر من النافذة الى داخل السيارة:
- من منكم يحمل السلاح ؟
جاء صوت موحد فيه الخوف والتردد واضح ... من الجندي الذي صمم تأخيرهم ...
- لا احد يحمل سلاحا.
نظر الى السيدة وهي ترمي ثقل رأسها الى الأمام كي لا تقع عيناها بعينيه فقال:
- سيدتي هل تحملين معك زجاجة عطر.
أجابت مسرعة بكلمة نعم خائفة وهي تخرج زجاجة العطر من حقيبتها وتمد يدها المرتعشة اليه ... ابتسم الجندي اليها بكل أدب وقال للسائق :
- انطلق
نظر الركاب احدهم الى الآخر وهم يوجهون إيماءاتهم باتجاه السيدة الخائفة ... فضحك السائق بصوت منخفض مليء بالخبث... لتتعالى أصوات الركاب بالضحك ضاربين الكف بالكف ....
- أين هو السريع لقد تحول الى سيطرة عسكرية لا تحل ولا تربط كل هدفها تأخير الموظفين وأصحاب الرزق اليومي عن وظائفهم وأعمالهم في هذا الصباح الجامد في كل شيء .
سادت لحظة صمت والسيدة تقف على حافة الباب تراقب السير حتى قال لها شاب في ربيع عمره .
- سيدتي تحملي قليلا ,اليوم غريب من أوله (سيطرات) في كل مكان أكيد تبحث عن مجرمين وإرهابيين لقد سمعت أن قتلة مأجورين قتلوا ضابطا مهما على هذا الجسر قبل هذا اليوم.
ارتبكت السيدة من قول هذا الشاب وصعدت فاغرة فاها وهي تنظر اليه بتعجب وأثار هذا الحديث راكبين يجلسان معا ودار حديث القتل والانتقام وكأنهما برلمانيان أو يعملان في دوائر حساسة فكان حديثهما نقطة تحول الركاب إليهم ،حين قال احدهم :
- نحن نعيش أزمة كبيرة وهو التخلف في كل مقاييسه ,وأصحاب السيطرة جهلاء لا يفقهون من العمل الأمني شيئا أنهم أرقام فقط في سجلات أسيادهم فالسيطرة تختلف مناطقيا حسب توجه تلك المنطقة وانتماءاتها الحزبية والكتلية وغيرها من التجمعات والتيارات التي تتنافس على قيادة البلاد فكلام هذا الشاب صحيح الاغتيالات بكاتم الصوت مشاعة الآن في كل مكان تستهدف الشرفاء الذين يخدمون البلاد بدون مقايضات مادية أو طمع في شهرة أو سلطة.
أجابه صاحبه:
- إذن نحن في خطر محتم مثلا هذه السيطرة التي تخنق مئات السيارات من المحتمل أن يخرج الآن علينا الإرهابي أو المأجور ويحدث ما يحدث.
السيدة بصوت مرتفع:
- يا ستار، يا ستار استر ؟!
أكمل ذلك الشخص حديثه :
- سيدتي الأقدار بيد من وجدها ولا حيلة لتغيير القدر إذا تحتم وقوعه .
جاء صوت من مؤخرة السيارة ليقول:
- نحن شعب غريب الأطوار ليس له هدف محدد يقبل بكل الأوضاع التي ترسم له .
وقال آخر:
- صحيح كلامك والدليل أكلنا أنواع الحنطة الفاسدة والسمراء وطحنت تلك الحكومة مختلف الحبوب واكلها الشعب وصبر وتحمل وجرع المر.
جاء صوت آخر يضحك باستهزاء:
- في ذلك النظام الفاشي كانت تعمل السيطرات لقتل علمائنا وشيوخنا وينسبونها الى قوى عظمى وألان هدفها عرقلة حركة السير وتأخير العاملين عن كسب رزقهم من اجل التمايز الطبقي الجديد ... عجيب بائع لبن عضو برلمان كنت يوميا اشرب منه كأسا من اللبن انتعش به من حرارة الصيف واليوم يشرب شعبٌ كؤوسا من الصبر وقوة التحمل.
تعالت أصوات الجالسين وهم يضحكون مما كسر جو التوتر في السيارة . وأردفت السيدة قائلة :
- لماذا لا نتعلم الشجاعة ،شعبنا يتظاهر أسبوعيا والحكومة صامتة لا تحرك ساكنا .. شعبنا يقتل دائما باسم شخص إرهابي مجهول ... شعبنا يقاسي الحرمان وحكومته تتنعم بثراء فاحش .. كل القادمين ينهشون بلحمه ...هذه سيطرة بسيطة ألا كان من الأجدر بنا أن ننزل ونهتف بوجوههم ونشجع باقي السيارات لتحرك ساكنا باسم الشعب ونطالب الحكومة أن تقوي جهازها الاستخباراتي وغيره لكشف القتلة دون سيطرات تقتل فينا العزم والإخلاص لخدمة بلدنا ... أنهم ينمون الإجرام في نفوس الضعفاء من الفقراء بهذه الأساليب غير المشروعة .
هنا تدخَّل سائق السيارة ليقول :
- كفى فلسفة ،نحن في قلب السيطرة... لا أريد مشاكل مع الحكومة .
المثير للجدل ان السيطرة عبارة عن صناديق وحجارة وإطارات سيارات وصفائح معدنية تعيق السير باتجاه فتحة صغيرة تشبه عنق الزجاجة يقف الى جانبها جندي يحمل موبايلا يتكلم به رافعا يده يلوح بسير السيارة التي تعجبه ويحاسب السيارة التي تبدي انزعاجها يرسلها الى جندي في جانب الطريق للتفتيش ... وعندما شاهد السائق يرفع صوته حتى لوَّح له على طريق التفتيش فقال الجندي وهو ينظر من النافذة الى داخل السيارة:
- من منكم يحمل السلاح ؟
جاء صوت موحد فيه الخوف والتردد واضح ... من الجندي الذي صمم تأخيرهم ...
- لا احد يحمل سلاحا.
نظر الى السيدة وهي ترمي ثقل رأسها الى الأمام كي لا تقع عيناها بعينيه فقال:
- سيدتي هل تحملين معك زجاجة عطر.
أجابت مسرعة بكلمة نعم خائفة وهي تخرج زجاجة العطر من حقيبتها وتمد يدها المرتعشة اليه ... ابتسم الجندي اليها بكل أدب وقال للسائق :
- انطلق
نظر الركاب احدهم الى الآخر وهم يوجهون إيماءاتهم باتجاه السيدة الخائفة ... فضحك السائق بصوت منخفض مليء بالخبث... لتتعالى أصوات الركاب بالضحك ضاربين الكف بالكف ....