كان في دفتر الحياة ما لا يحصى من خيانات:
راديو ينقل أخبار الحرب بينما يد ترفع الراية البيضاء
وقتلى من الأحلام
دم يخرج من جسد الصبوات
بيت بعيد تصعد إليه من زاوية يحرسها النهر...يخون
صالون تتوسطه مائدة عليها تنام القصائد سكرى...تخون
ستارة بيضاء يدخل منها الضوء ويسطو على وِضْعَةِ الحب...ضوء يخون ومطبخ، منه تعبر إلى فضاء العناق على مرأى من الكتب التي على الرف...كتب تخون
غرفة نوم، تسهر على جنباتها فراشات اللذة...سَهَرٌ تخون
مخدتان، شاهدتان، سفيهتان، تنقلان أخبار الرعشة إلى ملاءة بدورها تغار...رعشة تخون
مصباح ضوء، لا يضيء إلا عند انطفاء الجسد...يخون
صباح غير مرغوب فيه... يأتي مسرعا يذكر بفرائض الوضوء... صباح يخون
خيانات... خيانات...
2
حتى الأحذية في دولابها رصدت خيانات بلا عدد
صراصير كانت تتجول في بهو الحمام، نقلت أخبار الخيانات على الهاتف
على القميص
على اللحاف
في جيب السترة
خيانات بلا رائحة، لكنها خانقة
خيانات على الجدران
على الطلاء
على المناديل الورقية
على ربطة العنق
خيانات في شق النافذة تخرج من عين تغازل عينا في المعبر الآخر
خيانات في التحايا
خيانات تحت الدوش
في التوسلات
في الفراق العالية أسواره
في مدن
في أدْيِرَة
في قاعات انتظار الجنة والنار
خيانات على مر الطريق الصعب
خيانات شاهقة
متوحشة
نَزِقَة
تسري في المدينة، في الحي، تحت باب العمارة، في الشقق، في الأشباح التي تسكن الشقق
خيانات تتسرب من أنابيب الغاز
من الشرفات المطلة على الورد، على القمح، على الصبار، على زهرة الدفلى، والأكياس البلاستيكية السوداء
تتسرب من علب الأدوية المسكنة للآلام
من علب الليل، من علب عود الثقاب، من علب الطماطم المصبرة، من علب السجائر والعلب السوداء في طائرات مفخخة
خيانات تتزحلق فوق الثلج
وترقص على خشبة القلب
تخرج إلى الشارع لتنتفض، وتترشح للانتخابات الرئاسية
ترفع الشعارات مع المعطلين، رغم أنها تشغل أعلى المراتب
خيانات مفترسة، تلوك مصائر العشاق والضعفاء
وتقضم بأسنانها حبات الحمص واللوز المقلي في شارع الغرام
خيانات تدوس قلبا تلو قلب
وتسحق وَلَها تِلْوَ هُيام
وتتوزع في كل أرجاء العقل محرضة على مزيد غدر... مزيد شتات...
وأنا فوق ركام الخيانات:
أُشهِرُ منجلا وسيفا
جرحا ونزفا
نشيدا وعزفا
وأخون :
وجهي في المرآة
جسدي على سرير الموت
زمني المنسوج من خيوط الأخطاء
أخون فرحي، وأضحك عاليا من فرط الألم
أخون وجه الذين أحببتهم بصفعة نسيان
الذين أحبوني بأنْ سجلتهم في لائحة ضحايا حرب الماغول
الذين خانوني بأن أسقطتهم في طاحونة قمح كهربائية
الذين ضغطوا على أنفاسي بوجيب الحب، بأن سحبتهم إلى هاوية هناك
أخون العالم بضربة حذاء موجعة على رأسه، فيتحول الرأس إلى نافورة دم... دم العالم
أخون الحياة مع عشيقها الموت
أخون نفسي مع القلق
أخون السماء باختراق ثقب الأوزون
أخون الوحوش في أدغال خيالي مع ملائكة الشعر
أخون خطوتي بخطوة إلى الوراء
أخون الوراء مع الأمام
أخون الأمام مع الغيب
أخون الغيب مع اللامبالاة
وأضحك
أضحك
وأنضمُّ للغابة...بكامل أناقتي..
وعلى المدخل - مدخل الغابة-
أضع كعبيَ العالي
كي لا أُزْعِجَ العصافير :
أول الخونة.
* نشر في بيان اليوم يوم 23 - 04 - 2014
راديو ينقل أخبار الحرب بينما يد ترفع الراية البيضاء
وقتلى من الأحلام
دم يخرج من جسد الصبوات
بيت بعيد تصعد إليه من زاوية يحرسها النهر...يخون
صالون تتوسطه مائدة عليها تنام القصائد سكرى...تخون
ستارة بيضاء يدخل منها الضوء ويسطو على وِضْعَةِ الحب...ضوء يخون ومطبخ، منه تعبر إلى فضاء العناق على مرأى من الكتب التي على الرف...كتب تخون
غرفة نوم، تسهر على جنباتها فراشات اللذة...سَهَرٌ تخون
مخدتان، شاهدتان، سفيهتان، تنقلان أخبار الرعشة إلى ملاءة بدورها تغار...رعشة تخون
مصباح ضوء، لا يضيء إلا عند انطفاء الجسد...يخون
صباح غير مرغوب فيه... يأتي مسرعا يذكر بفرائض الوضوء... صباح يخون
خيانات... خيانات...
2
حتى الأحذية في دولابها رصدت خيانات بلا عدد
صراصير كانت تتجول في بهو الحمام، نقلت أخبار الخيانات على الهاتف
على القميص
على اللحاف
في جيب السترة
خيانات بلا رائحة، لكنها خانقة
خيانات على الجدران
على الطلاء
على المناديل الورقية
على ربطة العنق
خيانات في شق النافذة تخرج من عين تغازل عينا في المعبر الآخر
خيانات في التحايا
خيانات تحت الدوش
في التوسلات
في الفراق العالية أسواره
في مدن
في أدْيِرَة
في قاعات انتظار الجنة والنار
خيانات على مر الطريق الصعب
خيانات شاهقة
متوحشة
نَزِقَة
تسري في المدينة، في الحي، تحت باب العمارة، في الشقق، في الأشباح التي تسكن الشقق
خيانات تتسرب من أنابيب الغاز
من الشرفات المطلة على الورد، على القمح، على الصبار، على زهرة الدفلى، والأكياس البلاستيكية السوداء
تتسرب من علب الأدوية المسكنة للآلام
من علب الليل، من علب عود الثقاب، من علب الطماطم المصبرة، من علب السجائر والعلب السوداء في طائرات مفخخة
خيانات تتزحلق فوق الثلج
وترقص على خشبة القلب
تخرج إلى الشارع لتنتفض، وتترشح للانتخابات الرئاسية
ترفع الشعارات مع المعطلين، رغم أنها تشغل أعلى المراتب
خيانات مفترسة، تلوك مصائر العشاق والضعفاء
وتقضم بأسنانها حبات الحمص واللوز المقلي في شارع الغرام
خيانات تدوس قلبا تلو قلب
وتسحق وَلَها تِلْوَ هُيام
وتتوزع في كل أرجاء العقل محرضة على مزيد غدر... مزيد شتات...
وأنا فوق ركام الخيانات:
أُشهِرُ منجلا وسيفا
جرحا ونزفا
نشيدا وعزفا
وأخون :
وجهي في المرآة
جسدي على سرير الموت
زمني المنسوج من خيوط الأخطاء
أخون فرحي، وأضحك عاليا من فرط الألم
أخون وجه الذين أحببتهم بصفعة نسيان
الذين أحبوني بأنْ سجلتهم في لائحة ضحايا حرب الماغول
الذين خانوني بأن أسقطتهم في طاحونة قمح كهربائية
الذين ضغطوا على أنفاسي بوجيب الحب، بأن سحبتهم إلى هاوية هناك
أخون العالم بضربة حذاء موجعة على رأسه، فيتحول الرأس إلى نافورة دم... دم العالم
أخون الحياة مع عشيقها الموت
أخون نفسي مع القلق
أخون السماء باختراق ثقب الأوزون
أخون الوحوش في أدغال خيالي مع ملائكة الشعر
أخون خطوتي بخطوة إلى الوراء
أخون الوراء مع الأمام
أخون الأمام مع الغيب
أخون الغيب مع اللامبالاة
وأضحك
أضحك
وأنضمُّ للغابة...بكامل أناقتي..
وعلى المدخل - مدخل الغابة-
أضع كعبيَ العالي
كي لا أُزْعِجَ العصافير :
أول الخونة.
* نشر في بيان اليوم يوم 23 - 04 - 2014